|
الشطّار
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 - 09:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرون جمعوا أموالا طائلة وأثروا ثراءا فاحشا دون أن يعملوا شيئا، اللهم إلاّ إذا اعتبرنا التهريج والاحتيال عملا، فبعض الأثرياء احتال على تنظيم أو حزب ونهب ما نهب باسم النضال، وبعضهم أثرى من خلال الاتجار بالمخدرات، فأصبحوا – بعد أن بنوا العمارات الفاخرة واشتروا الأطيان – وجاهات اجتماعية يشار لها بالبنان، لكن التجارة الأكثر ربحا في الأراضي الفلسطينية تحديدا وتخصيصا، وفي بقية الدول العربية بشكل عام في ايامنا هذه هي تجارة المنظمات غير الحكومية المدعومة من دول الاتحاد الاوروبي ومن أمريكا، وهذه التجارة أتخذت تخصصات مختلفة حسب طلب "المستثمر"، لكن أشهر هذه التخصصات هي:- حقوق الانسان، التوعية الديمقراطية والمرأة والطفل. واستغل "المستثمرون" وكلاءهم المحليين في نشر افكارهم وترويجها، في حين أن الوكلاء المحليين استغلوا شعبهم من أجل الاثراء الشخصي، وفي الأراضي الفلسطينية لم يقتصر الاثراء على القائمين على هذه المؤسسات، بل امتد إلى شركائهم ممثلي الجهات الممولة الذين يظهرون كمتطوعين في الأراضي الفلسطينية، بل وإلى شركاء مماثلين في الجانب الاسرائيلي بنوا مؤسسات مماثلة كتلك العاملة في الأراضي الفلسطينية،والممولون لا يدفعون للشطار الفلسطينيين الا اذا نسقوا مع اقرانهم الاسرائيليين. ولا يفهمن أحد بشكل من الأشكال أن هذه المقالة تعني الوقوف ضد حقوق الانسان او التوعية الديمقراطية أو حقوق المرأة والطفل، وانما تهدف الى فضح الدور المشبوه واللاأخلاقي لزمرة "الشطار" الذين استطاعوا تضليل الشعب، ويسعون الى أن يصبحوا قادته من خلال الانفاق المالي وتقديم الرشوات، فانطلت حيلتهم على الشعب فاعتبرهم البعض" شطارا" مع معرفته المسبقة بلصوصيتهم، وإذا كانت كلمة "الشطار" تعني اللصوص في اللغة إلاّ أن عامة الناس تعني بها الحذاقة والذكاء والمهارة، ففي زمن الهزائم تنعكس الأمور ويصبح اللص قائدا سياسيا ذكيا ووجيها اجتماعيا نابها بدلا من قطع يده او وضع في السجن، ولا يلومنّ لائم عامة الناس لأن الشطار هؤلاء قد اشتروا ذمم قادة سياسيين وأمنيين من خلال الانفاق المالي من أموال سرقوها، وهكذا فإن الدائرة تتسع ليصبح حاميها هو حراميها، فبدلا من أن يحاسب هؤلاء القادة الشطار على ما سرقوه فإنهم يوفرون لهم الحماية مقابل ثمن بخس، وتمتد شطارة الشطار الى وسائل الاعلام التي يقدمون لها او لمندوبيها الرشاوي التي تتراوح بين وجبة وسكرة في مطعم فاخر، وبين الدفع المالي، فأصبح الشطار نجوما في وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وشرعوا يدلون بالتصريحات والخطابات الرنانة التي تلهب حماس الجماهير، فضللوا الناس ووجدوا المؤيدين، وهكذا نجح الممولون في تلميع مثل هؤلاء الشطار لاعدادهم كي يصبحوا قادة المستقبل، لأن المخططات ترمي الى استبدال التنظيمات والأحزاب السياسية بالمنظمات غير الحكومية ليس على المستوى المحلي او الاقليمي فقط وانما على مستوى العالم، وقد نجحت هذه المخططات في دول مثل بنجالادش واوكرانيا وغيرها، وفشلت في مناطق أخرى مثل فنزويلا، لكن عندنا يبدو أنها تسير بخطى واثقة نحو النجاح، وهو دور مرسوم لهم من الخارج وينفذونه في الداخل، وبالتأكيد هو ليس في صالح الوطن ولا هو في صالح الشعب، والشطارينهبون ويسرقون ولامن رقيب ولا حسيب، رغم تشكيل لجان مكافحة الفساد، لكن الأدهى ان الشطار المحليين يجدون مؤيدين لهم في الأقطار المجاورة عبر المحطات الفضائية، وهؤلاء المؤيدون إماّ هم شطار كشطارنا وممولوهم نفس الممولين أو جاهلون بما يقوم به شطارنا، ويبدو أن شعوبنا لن تنتبه للشطار إلا بعد خراب الديار وبعد أن يغرق الجميع في مستنقع الشطارة .
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القتل بدافع الشرف
-
بدون مؤاخذه: نشر الغسيل الوسخ
-
الذئاب:قصة للاطفال
-
الفدس تريد الأفعال لا الأقوال
-
هدى
-
الموقف من التراث
المزيد.....
-
لقاء بوتين وترامب في ألاسكا.. لقاءات في تاريخ القمم الأمريكي
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
السويد ـ سوريون من بين ضحايا أسوأ إطلاق نار جماعي في البلاد
...
-
عقب صلاة الجمعة.. مصابان بإطلاق نار قرب مسجد في السويد
-
نتخابات ليبيا البلدية: بصيصُ أملٍ ديمقراطي في بلدٍ منقسم
-
الأولى من نوعها... انطلاق دورة الألعاب العالمية للروبوتات ال
...
-
قمة ألاسكا: من سيخرج منتصرا في المواجهة بين ترامب وبوتين؟
-
كينيا تتورط في برنامج توطين أفريكانز جنوب أفريقيا المثير للج
...
-
الشرطة التركية تعتقل عشرات المعارضين
-
قاعدة -إلمندورف ريتشاردسون المشتركة-.. مركز القوة العسكرية ا
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|