أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إدريس ولد القابلة - عقلية -التقوليب-














المزيد.....

عقلية -التقوليب-


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 11:25
المحور: حقوق الانسان
    


انهارت عمارة مركب "المنال" التجاري بأولاد وجيه بالقنيطرة، وكانت قد سبقتها وتلتها انهيارات لبنايات أخرى، هنا وهناك، على امتداد ربوع المملكة، وكان من الأولى لنواب الأمة المطالبة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق باعتبار أن المصاب جلل، وان الفاعلين في قطاع العقار ببلادنا إما أنهم أصحاب مواقع وازنة بدواليب صناعة القرار وإما أنهم شركاء مع أصحاب هذه المواقع وإما أنهم على علاقة مصلحية وثيقة معهم.. فلو حدث ما حدث عندنا في بلد يحترم مواطنيه ويقدر حقوق المواطنة حق قدرها، لاستقلت الحكومة برمتها، لاسيما والجهات العمومية متورطة بالحجة والبرهان، لكن عندنا مع الأسف الشديد كل إجراء وكل قانون وكل مسطرة مبنية ومؤسسة على عقلية "التقوليب"، وليس على المصلحة العامة كما هو مفروض أن يكون، وطبعا لجان تقصي الحقائق عندنا لم تخل هي كذلك من تداعيات وانعكاسات هذه العقلية، إذا تعامل معها المشروع استنادا إلى عقلية "التقوليب"، بالتمام والكمال، حيث وفقا للفصل الثاني والأربعين من الدستور يجوز تشكيل بطلب من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي المجلسين (النواب أو المستشارين)، لجان تقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة.. علما أن التقصي يعني كشف خبايا الأمور (أي "التوراق")، لذلك عمل المشرع عندنا على جعله محتكرا من طرف جهات غالبا ما تسعى إلى التستر على الأمور أو الحرص على عدم كشفها كلها، وكان من الأولى، إن كانت فعلا هناك رغبة في خدمة الصالح العام دون سواه، تمكين المعارضة من التوصل بسهولة للمطالبة بالتقصي والاكتفاء مثلا بربع أعضاء المجلس أو ثلثه، لكن مادام الأمر مرتبطا بكشف ما يراد التستر عليه وإقباره، كان من اللازم اعتماد شروط عسيرة التحقيق وبعيدة المنال، لذلك، فإن رصيد مجالسنا في المطالبة بإحداث لجان التقصي لازال أقل من جنيني، هذا رغم أن الوقائع التي تستوجب التقصي كثيرة جدا ومتعددة، وبالتالي مادامت المطالبة بالتقصي بيد الأغلبية لم يعرف البرلمان إلا حالات نادرة جدا في هذا المجال.
علما أن المطالبة بتقصي الحقائق، في الدول التي ترغب فعلا في ترسيخ دولة الحق والقانون، تجعل شروط المطالبة به متيسرة وليست متعسرة أو تعجيزية.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، لأن عقلية "التقوليب" تسعى دائما لإتقان "الغرزة"، إذ أن المشرع عندنا أقرّ بعدم جواز تكوين لجان التقصي في حالة إخضاع النازلة لتحقيق قضائي، وبالتالي يمكن في أي وقت إجهاض المطالبة بالتقصي بإخضاع النازلة لتحقيق قضائي متحكم فيه، فالدستور يقرّ بإنهاء كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع، ويرى الكثيرون في هذا الإجراء آلية من آليات "التقوليب"، يمكن أن تلجأ إليها الحكومة للتهرب من كشف مثالب وعيوب تسييرها أو التستر عليها وبذلك يمكنها سحب البساط من تحت أقدام البرلمان في أي وقت، كما أن المشرع أقرّ بقانون تنظيمي لطريقة تسيير لجان تقصي الحقائق وتقنيات ضبط أعمالها والتحكم في نتائجها، وهذا كذلك يدخل في نظر البعض، في نطاق "المكر السياسي" وعقلية "التقوليب".
فكيف وجب قراءة انهيار عمارة القنيطرة التي أودت بمقتل 20 شخصا (شهداء انعدام الضمير)؟ إن هذه النازلة المؤلمة مجرد تذكير، إنها تنبيه يعكس ويختزل الوضع الذي آلت إليه بلدنا ومجتمعنا.. الغش في كل مكان وعلى مختلف المستويات.. في السياسة والاقتصاد والثقافة وتدبير الشؤون في كل صغيرة وكبيرة.. كل شيء أضحى عندنا مغشوشا. وعود مغشوشة..برامج مغشوشة.. سياسيات مغشوشة.. إحصائيات مغشوشة.. تقارير اقتصادية ومالية ومجالية وقطاعية مغشوشة.. أحزاب وجمعيات مغشوشة.. فبركة نخب مغشوشة.. وهلم جرا.
لقد تم تكريس سلوك الغش وترسخ حتى أصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة.. في كل المجالات.. فالمخزن نجح بامتياز في تأطير مجتمع بكامله وتعويده على الغش، وفي هذا الصدد يتحمل المجتمع جزءا من المسؤولية لأنه سكت عن الغش الممارس عليه، وأحيانا كثيرة يتواطأ بممارسته بدوره حتى وإن كان مكرها..
وبخصوص نازلة انهيار عمارة القنيطرة و "شهداء انعدام الضمير"، قال قائل :"لن يفعلوا شيئا مادمت المشاريع الكبرى تعطى تحت الطاولة لفلان بن فلان أخت فلان عم فلان أو فلانة.. أما الضحايا فلهم الله".
للإشارة إن نازلة القنيطرة اخترقت الحدود وأضحت فضيحة دولية، إذ انفضح أمرها بعد أن علم الكثير من الأجانب أن القطعة الأرضية التي شيدت عليها عمارة "المنال" المنهارة كانت مخصصة لاحتضان ملعب رياضي أولمبي أدمج ضمن ملف ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم لكرة القدم، وأدرج تصميمه ضمن ذلك الملف؛ وحسب مصدر مطلع، زارته اللجنة الدولية التي قدمت لبلادنا لغرض معاينة الملاعب والأوراش المبرمجة، لكن بقدرة قادر، وبفعل الغش الساري مفعوله في كل مكان وتفعيلا لعقلية "التقوليب"، أصبح المعلب عمارات كان مآلها الانهيار والسقوط كما سقطنا ورسبنا في احتضان كأس العالم، وأصاب من قال " ما تايدوم إلا المعقول".



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكتب الشريف للفوسفاط هل عملية التحويل لشركة مُساهِمة تُضْم ...
- الخوصصة هي المقصودة والصيغ الحالية هي تمهيدية ليس إلا
- استقرار أم استضرار؟
- ندوة -المشهد السياسي بعد انتخابات 2007 وآليات حماية المال ال ...
- نكافح انتشار السيدا أم نشجعه بالمغرب؟
- طرائف-البروتوكول الملكي-
- هكذا تكرس المواطنة عندنا
- مازالت أزمتنا أزمة مركبة
- برافو المخزن
- لصوص القصور بالمغرب
- هكذا كون الحسن الثاني الثروة الملكية
- حوار مع محمد الحنفي/ فاعل سياسي وجمعوي
- كان الحسن الثاني ينقل الأموال إلى الخارج
- دردشة مع فاعلين جمعويين حول تكوين ثروة الملك الحسن الثاني
- ليس تشاؤما..وإنما هي مرارة السؤال
- توزيع -تركة الوزير اليازغي
- تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تقوى عوده خلال سنة 200 ...
- ملفات غير مكتملة تنتقل إلى عام 2008
- انتشار الجريمة بالمغرب
- مختلف الطرق المؤدية إلى مراكمة ثروات الحسن الثاني


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إدريس ولد القابلة - عقلية -التقوليب-