أنيس محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2181 - 2008 / 2 / 4 - 08:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بسم الله الرحمن الرحيم
كما أسلفت وعلمنا من كتاب الله جل جلاله، الأركان المطلوب توافرها في المؤمن والتي لا تقل عن أربعين ركن من أركان الإيمان ( إيمانا وإحتسابا وعملا صالحا )، فالإيمان هو روح وقلب وتصديق بالعمل الصالح وإحتساب، أما الكفر فهو ما يتناقض مع الإيمان تماماً، من تكذيب وإنكار وإقصاء لكل تلك الأركان الواردة سلفاً مع علمه بها، فهو يدرك تماما بها وبواجباتها ولكنه مكذبٌ ومناقضٌ ومنكرٌ لها، ولا يعمل بها لعدم تصديقه أو إيمانه بها..
كقوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ {26}
الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {27} البقرة
وقوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً {137} النساء
وقوله تعالى:
وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد{7} إبراهيم
وقوله تعالى:
مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {106}النحل
وقوله تعالى:
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ {29}الكهف
وقوله تعالى:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {12} العنكبوت
وقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{2} التغابن
وقوله تعالى:
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{22}
وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {23} لقمان
وقوله تعالى:
لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {225} البقرة
فالواضح من جميع آيات الله جل جلاله أعلاه في (القرآن الكريم):
الترابط الوثيق والنقيض فى آن واحد، بين الأيمان والكُفر...
فلا تطلق كلمة الكفر إلا على مؤمن كفر... بأي ركن من أركان الإيمان أو كلها... أو من يكفر ( ينكر أو يكذَب ) بعد إيمانه!!! ومن لم يحمد أو يشكر لما آتاه الله من فضله ونعمه... فقد كفر ( أنكر نعم الله عليه ).
فالكفر هو دليل على إيمان بالأصل، وإنكار وتكذيب بالضرورة.
فالمشرك بالله مثلا... فقد كفر!!! ولكنه فى الأصل يؤمن بوجود الله!!! ويشرك معه رسولا كان أو نبيا أو أحد عباد الله الصالحين أو مذهبا أو طائفة أو شيعة أو حزبا أو جماعة أو تشريعا أو صنما أو وثنا أو ولد... ظناً منه.. إن ذلك ليقربه إلى الله زلفا!!! وبهذا لم يكن ليتواصل مباشرة مع الله جل جلاله ولا يتوكل مباشرة عليه وحده!!! أو عظيما أو ملكا أو رئيسا... أو ليقرن إسمه ليكون نداً لله أو المقارنة مع الله جل جلاله للتعظيم كما يسمي أنفسهم الملوك أصحاب الجلالة والفخامة والسمو الملوك العظماء!!! أو ليؤمن الناس بأن فلانا لديه القدرة على النفع أوالضرر... أو وصف الرُسل والأنبياء لتعظيمهم كإظلاق مصطلح ( الرسول المُعظَم أو الرسول الأعظم ) ليفرقوا بين رُسُل الله وأنبياؤه ... الخ.
وكما أسلفت بأن الإسلام يقوم على التوحيد المُطلق لله وحده ...
لقوله تعالى:
مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة
( إياك نعبُد وإياك نستعين ), ونجد أن كثيرا من الناس يذهب لعبادة الله في المساجد ولكنه بعد خروجه من المسجد تكون تشريعاته مذاهبية بأن يقوَل غير الله في التشريعات بالإستعانة بأديان مذاهبية ( يستعين بأديان الملوك والتي ينكرها الله ... مذهب السُنة أو مذهب الشيعة !!! ), وهنا فقد أستعان بغير الله جل جلاله فقد كفر ( لعدم إستعانته بالإستشهاد بآيات الله وتشريعات الله والمنزلة في رسالة الله السماوية والمنزلة بالوحي على الرُسُل وهم أحياء يُرزقون, أو الإستعانة بأي من آل بيت الرسول ).
وتتعدد أشكال الإشراك والكفر فى الحياة العامة... وفي معظم الأحيان لا ينكر الإنسان من كونه ( يهوديا, نصرانيا, مسلما )!!! من واقع أن الإنسان قد يعود إلى ربه بالتوبة!!! والله تواب رحيم...
ولقوله تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {10} التغابن
وقوله تعالى:
اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف
وقوله تعالى:
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44 ) المائدة
وقوله تعالى:
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) المائدة
وقوله تعالى:
وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) آل عمران
وقوله تعالى:
وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {90} التوبة
وقوله تعالى:
وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ {8} إبراهيم
وقوله تعالى:
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ {28} ص
بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ {59} الزمر
أما فيما يخص المنافقين... فهم شر مكانا وأخطر عقبا من المشركين الكافرين... فالمنافق يتميز بإنعدام خُلقه وفى سلوكاته بخيلا كاذبا أشر من المشرك الكافر... وتوعدهم الله بالدرك الأسفل من النار!!! وهم من الذين لا يؤمنون بآيات الله إلا رياء !!! فهو مع المؤمنين مؤمن!!! ومع الكافرين كافر!!! ويتميز بتلون وجهه وسلوكاته العامة!!! ومن صفاته الأساسية بأنه يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف!!! وقدم الله جل جلاله المنافقين والمنافقات على المشركين والمشركات في كتابه العزيز (القرآن الكريم).
لقوله تعالى:
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة
ولقوله تعالى:
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً {145}النساء
وقوله تعالى:
إلِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {73} الأحزاب
وقوله تعالى:
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً {6} الفتح
وقوله تعالى:
إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ {1}
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {2}
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ {3} المنافقون
#أنيس_محمد_صالح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟