أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمد عبد المجيد - هل هناك خطوط حمراء في الحوار المتمدن؟















المزيد.....

هل هناك خطوط حمراء في الحوار المتمدن؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:50
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


قراءة في وسام الحرية

كل المطبوعات، الورقية والالكترونية، تتحدد خطوطها الحمراء في أذهان أصحابها قبل النشر بوقت طويل، بل يتم أحيانا رسم الخطوط الحمراء التفصيلية وغير المرئية في عملية رقابة ذاتية تضيق أو تتسع من مطبوعة إلى أخرى.
ومع ذلك فكل المطبوعات، أيضا الورقية والالكترونية، يدّعي القائمون عليها أنها ترتع وتلعب في مساحة خضراء من الحرية حتى لو كانت تصْدر عن مكتب الاستخبارات الملحق بأحد المعتقلات العربية المتناثرة في وطننا الكبير والواقعة معظم أجزائه على مقربة كيلومترات معدودة من قاعدة عسكرية أمريكية.
منذ أن بدأ النشر الالكتروني وأنا أحاول أن أجد لي مكانا فيه مع احتفاظي باستمرارية وانتظام صدور مجلة طائر الشمال التي أبصرت النورَ بالعاصمة النرويجية في يونيو عام 1984.
كلما نشرتُ في موقع أو منتدى ظننت مع الترحيب الدافيء لأصحابه أن هذا هو المكان الذي أبحث عنه لتُطل منه مقالاتي على الإنترنتيين الذين يزداد عددهم حتى بدا الأمرُ لي أن كل مواطن عربي سيكون لديه موقع خاص به وربما أيضا منتدى .
إنه العالم السحري الذي يجعلك تخاطب أي شخص من سكان الكرة الأرضية وأنت ترتدي ملابس النوم، وترتشف قدحا من القهوة المُرّة، ويدخل عليك ابنك الصغير عدة مرات سائلا إياك عن أمور أكثر أهمية له من شاشتك الصغيرة.
بعد فترة وجيزة يخرج مسرور السياف حاملا سيف السلطة أو متحدثا باسم السماء على الأرض أو مرتعشاً من غضب سيد القصر وأجهزة استخباراته فتظهر خطوط حمراء أكثر عددا من السجون في عالمنا العربي.
المرة الأولى التي اعتذر لي فيها صاحب أحد المواقع كانت لأن والد مصمم الموقع يعمل مع مسؤول أمني كبير في مصر مما قد يُعَرّض القائمين على الموقع للمتاعب!
وتوالت الاعتذارات في السنوات الماضية، فقد تأخذ شكل مزايدة دينية وتتولى كتيبةُ الشتائم مهمتها لأنني قلت ،مثلا، إن المسلم الشهيد الذي لم تصعد روحه إلى بارئها بعد لا يمكن أن يرى الحور العين ويقول لهن: أقبلن .. أقبلن ، ولكن المفترض أن تكون أمنية المسلم الشهيد أن يرى وجه ربه ذي الجلال والإكرام.
وقد يُجَيّش الإنترنتيون قواتهم ويشحذوا أسلحتهم التكفيرية والشتائمية لأنني قلت بأن تغطية وجه المرأة مناهض للإسلام، وأن للمجتمع وللناس الحق في معرفة هوية وتعبيرات وجه المرأة التي تتحدث أو تسير في الشارع.
ويجوس مرشدو أجهزة الاستخبارات العربية خلال الشبكة العنكبوتية للبحث عن العُصاة والمتمردين والمحرّضين الذين لا تروق لهم الطلعة البهية للزعيم، والذين يعترضون على لسعة السوط على ظهور أبناء شعبهم، وهؤلاء خبراء في كيفية التشويش على الموضوع، واستخراج دَمٍ كذب من قميصه، لكنهم حُماة السلطة، وزبانية القصر.
ولكن هناك أغلبية ساذجة وطيبة لا تعرف أنها تخدم الاثنين معا: كهنة الدين وسيد القصر، فيشاركون في حوارات سفلية هابطة لا تدري بعدها إن كنت تقرأ لصعاليك الإنترنيت أم لبلهاء الكي بورد.
كلما دخلت موقعا أو منتدى، إلا قلة قليلة، وجدتُ فيه ساحة من مجاهدين ديجيتاليين يبحثون في موضوعك عما يخالف ابن مسعود وابن عباس وابن تيمية، فيكمّمون فاك كما يفعل المحقق في مكتب أمن الدولة، أو يستعجلون حساب الآخرة في محاكم تفتيش إلكترونية .
ولكن غالبا ما أجد تلك الأغلبية التي يرتكز عليها الطغاة، فهم يبررون، ويلمّعون، ويضعون لدراكيولا أجنحة ملائكة، ويقدّمون لأجهزة الاستخبارات العربية شهادة حُسن سير وسلوك على النت وذلك بالصمت، أو الامتناع عن قراءة الموضوعات خشية أن يلتقط مكتب الأمن الآي بي فيتم وضع العضو القاريء في المترقب حضورهم لمكتب سعادته في وقت لاحق.
وقد يتبرعون بالشتائم والسباب ضد صاحب الموضوع لكي يأمنوا العودة لبيوتهم وأحضان أسرهم وأولادهم.
عشرات المواقع خلال سنوات عنكبة قلمي امتنعت عن نشر مقالاتي، أو نشرت ثم حذفت، أو ألغت اشتراكي في المنتدى، أو اشترك فرسان الموقع في جهاد ديني ووطني ضد كلماتي.
ثارت الثائرة غضبا ولعْناً ضد مقالات لي كتبتها للدفاع عن الكرامة فتهم اتهامي بأنني أهينهم، وللتعريف بالتسامح في الاسلام الحنيف فقالوا بأنني متغرب وعلماني ومعاد للدين، وضد كلاب السلطة التي تنهش في لحوم أبناء شعبنا فقالوا بأنني أريد عرقنة العالم العربي وكأن دبابات اليانكي لا تحمي زعماءنا.
ولم أكترث كثيرا لعشرات المواقع والمنتديات التي تنفجر فيها مشاعر الكراهية ويسيطر عليها شباب مفخخ يفتش في الصدور قبل فحوى المقال، وأكثرهم يكتفون بثلاثة أسطر في بداية المقال ثم سطرين في نهايته قبل أن يتم رفع المصاحف أو هيبة الزعيم فوق السيوف.
ولم أكترث كثيرا لعشرات المواقع والمنتديات التي تركتها أوالتي تم الغاء اشتراكي بها، لكن حزني الأكبر كان على موقع للصفوة والنخبة والمثقفين والباحثين والأكاديميين .
ذهب الظن بي في باديء الأمر أنه المكان الذي يمشي فيه العقل ساخرا من الجهل، ويقرأ فيه العضوُ المقالَ من ألفه إلى يائه، وتبتسم فيه قيمة التسامح، وترتعش ركبتا الطاغية، وتعرف أجهزة الاستخبارات أن هؤلاء هم قادة المستقبل وأعلام الفكر .
ونشرت في وقت وجيز أهم مقالاتي:
كيف تقنع المصريين بأن لهم كرامة؟
فتاوى العلماء والفقهاء ليست ملزمة للمسلمين
حرمة تحريم الموسيقى والغناء
مبارك يصنع المرشدين من صعاليك الإنترنيت
ليلة القبض على سورية
ولكن الليبيين سعداء بالعبودية
وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك
دماء على أنياب الرئيس التونسي
سنوات الذل والمهانة في المغرب
إبليس يبعث رسالة تهنئة إلى العراقيين
حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
لماذا يربط المسلمون الدين بالقسوة والجنس؟
ومقالات أخرى كثيرة وتعقيبات وردود مني، ولكن مسرور السياف أيضا مثقف وأكاديمي واستاذ جامعي وباحث ومترجم ومناضل وطني.
وكانت المفاجأة:
لقد تم حظرك لأنك تبالغ في سب الزعماء العرب!
تهمة خارجة من مكتب تغطي كتفي صاحبه نجوم، وتزين صدّرَه نياشين.
في هذه اللحظة تذكرت ( الحوار المتمدن ) وانتابني خوف من نوع غريب، ماذا لو أن هذا الموقع الرائع الذي تحَمّلَ كل كتاباتي لأربع سنوات وجعل لها موقعا فرعيا يقرر فجأة أن يلغيها لأنني أنتقد الزعماء العرب أو أكتب عن السجون والمعتقلات أو أن تهديدا تسلمه القائمون على ( الحوار المتمدن ) كان أكبر من قدرة أصحاب الموقع على رفضه؟
في نفسي حزن شديد، ليس لأن كل صحف المعارضة في بلدي رفضت موضوعاتي لأكثر من ربع قرن.
وليس لأن أكثر المواقع والمنتديات العربية أصبحت مرتعا خصبا لمفتشي الصدور من حُماة الاستبداد باسم الوطن أو الدين.
ولكن لأن الرقابة الذاتية أصبحت أخطر علينا من نفوسنا الأمّارة بالسوء. إننا نضع خطوطا حمراء أكثر عددا من التي وضعتها لنا أجهزة الاستخبارات بل نحن نتبرع بالخوف وبصناعة زائر الفجر حتى لو لم يكن موجودا، وندخل معارك دينية مع أنفسنا لاحياء خلافات مضت عليها قرون طويلة.
أريد أن أضع وسام الحرية على صدر ( الحوار المتمدن ) رغم وجود بعض المواقع والمنتديات القليلة جدا التي تستحق أيضا أوسمة للحرية وحقوق الانسان وكرامته.
أريد أن أبعث رسالة محبة لكل القائمين على ( الحوار المتمدن ) متمنيا أن لا يأتي الوقت الذي يتسلل إليها مسرور السياف فنفقد معقلا من أهم معاقل الحرية السياسية والدينية.
ولكن يظل حزني شديدا وعميقا ومؤلما على تلك الرقابة الذاتية التي وضعها المثقف العربي على لسانه وقلمه وعقله فلم يعد الطغاة يخشون الكلمة، بل أضحى كاتبها كاتبَ السلطة ولو كان يجلس في بيته على مبعدة آلاف الأميال، فمن الشاشة الصغيرة يطل علينا المستبدون باسم الدين أو الوطن، ويشيرون إلى المقصلة، إما لأن الله منحاز إليهم ، كما يدّعون، أو لأن أمن الوطن تهدده كلمات لم تقرأها أكثر من حفنة صغيرة من الناس.

مع كل الحب والوِدّ لــ ( الحوار المتمدن ) .
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو في 30 يناير 2008
[email protected]



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقرأ عليكم رسالة لم أتسلمها!
- الخروف والزعيم والهلال
- عشرون خطوة لتحرير مصر من أسرة مبارك
- جدار الصمت أقوى من حاجز الصوت
- الجنرال يعتقل تونس، فمتى يغضب التونسيون؟
- حوار بين وافد و ... كفيل
- ماذا لو حقن العقيدُ الشعبَ الليبي بالإيدز؟
- حياتي في الجنة .. أمنيات وتساؤلات
- مرارة التَدَيّن وعالَم الكراهية
- تقسيم العراق مفاجأة للحمقى فقط
- لماذا لا يُحاكَم مبارك بتهمة شائعة موت الشعب المصري؟
- مات .. يموت .. سيموت الرئيس! قراءة في حلم لم يتحقق
- أصل الحكاية ما تضحكش
- الشيطانان
- المطاوعة .. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
- تصفية القضية الفلسطينية في صراع الأشقاء
- لماذا لا يكترث حكام الخليج لخطر التواجد الآسيوي؟
- حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
- هل تَحَوّل الأفارقة كلهم إلى محتالين؟
- استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمد عبد المجيد - هل هناك خطوط حمراء في الحوار المتمدن؟