أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - أصل الحكاية ما تضحكش














المزيد.....

أصل الحكاية ما تضحكش


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2027 - 2007 / 9 / 3 - 10:47
المحور: حقوق الانسان
    


لأول مرة في التاريخ المصري يقف الشعبُ استعداداً لزيارة سرادق ضخم بطول الوطن السجن وعرضه، لكنه لا يعرف إنْ كان سيتلقى العزاءَ، أم سيُقَدّم العزاءَ أم أنَّ المصريين سَيُسَلّمون رقابَهم للمالك الجديد، والمستبد الشاب، والوارث رغم أنف كل منّا، والمدعوم من الغرب وأمريكا؟
كل القوى الوطنية أعطت اشارة البدء لابن الرئيس أنَّ أقفيتنا تَمَّتّْ تعريتُها، وأننا مستعدون لربع قرن قادم من المهانة والذُل والاستكانة، وأنَّ المطلوب لحفظ ماء الوجه أنَّ يغض الطرفَ عن غضبة زائفة لنا، وأننا سنرفض التوريث في عدة مظاهرات على استحياء، وبعض العناوين الصارخة لمانشيتات الصحف التي لم تطالبها إدارة التوزيع في ( الأهرام ) بالمستحقات عليها .
لهذا رفضت كل القوى الوطنية دعوتي للعصيان المدني في 2 مايو 2005 حتى أن معظم القيادات أسكتتها بالصمت والاهمال وعدم الاشارة لها.
ثم جاءت الدعوة للانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006 والتي وصلت إلى كل القوى المعارضة في مناقشات ودعوات ورسائل استمرت عدة أشهر، وخاصة في مندرة ( كفاية )، لكن من قال بأن الوطنيين في مصر يريدون تغيير النظام؟
فجأة قال النائب المعارض حمدين صباحي بأنه سيدعو وحزبه للعصيان المدني، واختار 23 يوليو 2007، وحتى يتم احتساب موقف، ولا تعترض السلطة، وينسب كل معارض لنفسه فكرة الدعوة للعصيان المدني ، قيل بأن على المصريين أن يلتزموا بيوتهم في ذلك اليوم المشهود!
ونزل الخبرُ على الطاغية بَرْداً وسلاما، فالمصريون سيجلسون في بيوتهم لعدة ساعات، ولا مانع أن ترتفع أسهم المعارضة في أنها صاحبة الدعوة للعصيان المدني.
أما التمرد الحقيقي، ورفض السلطة، والدعوة بكل الطرق في صحف يقرأها ملايين من المصريين فهي خطوط حمراء من يتجاوزها فهناك زنزانات مجاورة للدكتورأيمن تنتظر من يرفع عينيه أمام الطاغية.
مشكلتنا في مصر كما كتبتُ مرات كثيرة أن المصريين يعتقدون بأنها ليست بلدهم، وأن الرئيس ليس موظفا كبيرا يحصل على أجره في مقابل عمل إداري كبير يشمل الوطن كله، لكنه من نسل فرعون يطلب من هامان أن يبني له صرحا لعله يطلع إلى إلَه موسى.
مشكلتنا ذلك التوجس والريبة والخوف والشك الذي يحمله المصري للمصري فيظن أنه سيقوم بتسليم رقبته إلى سيّاف القصر، فجعلنا الطاغيةُ عيوناً له بدلا من أن تكون عيوننا مصَوّبة نحوه لئلا ينحرف أو يسرق أو ينهب أو يفسد.
مشكلتنا في مصر هي القدرة الشديدة على التبرير، فإن كنت اسلاميا فطاعة ولي الأمر واجبة حتى لو كان طاغية وشيطانا وابن ستين ألف كلب.
وإن كنت معارضا ومسالما فأنت لا تتعجل التغيير، وأكثر من ربع قرن من المهانة والتخريب والتدمير والأصفار يمكن أن تمتد لمثله خشية احداث فوضى في البلاد.
وإن كنت من الأغلبية الصامتة فعليك أن تلوذ بغرفتك، وتغرق وسادتك بدموع الحزن ، وتصرخ صرخات مكتومة لا يصل صداها لسيد القصر.
مشكلتنا أن بعبع العراق يلوّح بها مساندو الطاغية، ويزيّفون الحقائق، ويَدّعون خوفَهم على أم الدنيا، لكن الحقيقة أن عرقنة مصر ( لا قدر الله) هي في استمرار أسرة مبارك، الأب والابن والحفيد والسيدة الأولى .
مشكلتنا أننا لا نميّز بين النكتة والعزاء، ولا نعرف الفارق بين ابن الحلال وابن الحرام، وأننا نضحك في جنازة وطن، وأننا لا نعرف العدو من الصديق.
مشكلتنا أن المصريين أصبحوا كلهم فلاسفة ومحلليين ومدوّنين وإنترنتيين وأعضاء في منتديات ومواقع وخبراء في معرفة كل الشؤون والشجون.
مشكلتنا أن الكلمة أضحت عبثا، وأننا نساوي بين الجاهل والعالم، وبين المثقف والأمي، وبين التاجر والفهلوي، وبين المنبر والمقهى، وبين وجه القاضي وجزمة ضابط الأمن.
مشكلتنا في مصر تلك الكراهية التي صنعها النظام الفاشي والنازي والعنصري والحاقد والعفن والنتن والارهابي للطاغية مبارك، فبدلا من أن نوّجه كراهيتنا إليه وإلى أسرته، أصبجنا نتنازع، ونتنابز، ثم نتسابق في مزاد الوطنية، فالمصري لم يعد قادرا على أن يجد مبرراً لخطأ أخيه المواطن، ولكنه يجد سبعين تبريرا لولاد الكلب.
مشكلتنا أن من يقرأ للآخر يبحث بين ثنايا كلماته عن ثغرات فيثب عليه كما يثب جمال مبارك على ظهورنا بأمر المترجل الأب .
يلهب هذا الطاغية أقفيتنا بلسعات سوط تفلق الصخرة الصماء، فإذا قام فينا من يقوم بالتنبيه يصبح خَصَْمَنا الذي يهيننا .
مشكلتنا في مصر أننا لازلنا نضحك، ونرقص، ونشاهد أكروبات، ونكتب عن كل شيء ما عدا الزلزال الذي يضرب وطننا منذ ربع قرن.
مشكلتنا في مصر أن كل مصري يعرف أن كل مصري آخر يعرف، لذا لم يعد هناك داع للحديث والكتابة واطلاق صفارات الانذار، والحديث عن موعد الإعصار أو الطوفان أو الوباء ، فنحن لا نعرف أن ( الحكاية ما تضحكش ) .
عشرات ينتظرون انتقال الروح من مبارك الأب إلى مبارك الابن، وكل مصري لديه سيناريو لانتقال رقبته من سلسلة يمسك طرفها الرئيس المحتضر إلى سلسلة جديدة سيربطها في أعناقنا باحكام الرئيس الشاب القادم.
مشكلتنا في مصر أن المصري يضحك لدى سماعه النحيب والصراخ ولعنات ربّات البيوت والعاطلين عن العمل والمعذَّبين والمغتصَبين والسجناء الأبرياء والمرضى والملوثة أكبادهم ورئاتهم ودماؤهم.
مشكلتنا في مصر أن الدين والسياسة والثقافة والانترنيت والمدارس والجامعات والنوادي والسينما والمسرح والفنون كلها أصبحت في خدمة التخدير والتغييب الجماعي .
مشكلتنا تلك الكمية الهائلة من الغرور بالمعرفة الذي نفَخَنا جميعا فلم نعد نشاهد اللصوص يتقاسمون بلدنا، والطاغية يقرأ علينا صباح كل يوم وثيقة الاستعباد والاستحمار .
مشكلتنا في ذاكرتنا التي لا تستطع أن تُشحن النفس بالغضب لأكثر من ثلاث دقائق، ثم نستلقي من الضحك على المشهد الذي أمامنا، حتى لو كانت الحكاية ما تضحكش!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيطانان
- المطاوعة .. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
- تصفية القضية الفلسطينية في صراع الأشقاء
- لماذا لا يكترث حكام الخليج لخطر التواجد الآسيوي؟
- حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
- هل تَحَوّل الأفارقة كلهم إلى محتالين؟
- استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره
- الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد
- ليلة القبض على سوريا
- لماذا لا يؤمن المصريون بأن مصر بلدهم؟
- ارفعوا أيديكم عن المغرب
- رسالة عتاب من إبليس إلى المسلمين
- السجونُ الأردنيةُ تخرج لسانها للسجون العربية
- العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال
- التونسيون يتنفسون بأمر الرئيس
- محاولات لتخريب الشخصية المصرية
- لماذا أحلم بحبل المشنقة حول عنقك؟
- مدونة تجديد الدعوة للعصيان المدني في مصر
- المسلمون خصوم المسلمين، فكيف لنا أن نتحاور؟
- يا ولاد ستين ألف كلب


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - أصل الحكاية ما تضحكش