أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - رفع الحصير














المزيد.....

رفع الحصير


صفوت فوزى

الحوار المتمدن-العدد: 2176 - 2008 / 1 / 30 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


زاحفاً ... بلونه الترابي وسحنته المغبرة ... يُقبِل اليوم الثالث ... ساعات ... وينفض المعزون كل في طريق ... وتُرفَع الحُصر ... وتبقي الحسرة ... جرح نازف ... ولوعة لا تطفئها الدموع .
توقف برهة أمام الباب ... غمرته رطوبة المدخل ... مشط لحيته البيضاء بأصابعه ... زفر ... استند علي الدرابزين العتيق ... وبخطوات متئدة وقورة صعد السلم الضيق يخب في جلباب أسود وعمامة سوداء منفوخة ترتكز علي أذنين نافرتين ... في فضاء الشقة التي تجردت من معظم أثاثها وفرشت أرضيتها بحصير متعدد الألوان والخطوط ... دب بقدميه الغليظتين وقد تركزت عيناه المداهنتين الودودتين علي الأطفال الذين أسرعوا يقّبلون يده الممدودة الشبعانة ... فيما كان " مينا " ابن الثالثة يمتطي صهوة جواد بهتت ألوانه في فضاء الحصير الممدود ، وانمحت بعض أجزائه كاشفة عن بلاط تآكل سطحه وإمتلأ بندوب صغيرة نصف مردومة .
في منتصف الحجرة المجللة بالصمت ، وضعت مائدة تفترشها بضع حزم من البقدونس المرشوش بالماء ، وأمامها طبق ملء حتي منتصفه بالزيت زرعت فيه سبع نتف من قطن مبروم مغموس أسفلها في الزيت ، ودورق ملء لحافته بالماء ... يُسرج الرجل القناديل السبعة فتصنع صليباً من لهب يتطاوح ضوؤه مع النسمات ... كبش بيده حفنه بخور ألقاها في مجمرته المشتعلة ... فتضوع المكان برائحة البخور وانسابت سحب الدخان تتدحرج وتلاحق بعضها وتذوب في الفضاء ... رسم علامة الصليب وفتح كتاباً عتيقاً وتلي :-
" هذه النفس التي اجتمعنا بسببها الآن ... افتح لها يارب الملكوت لتشارك جميع القديسين ، افتح لها يارب أبواب الراحة لترتل مع كافة الملائكة ، ولتستحق أن تنظر النعيم ... ولتدخلها ملائكة النور إلي الحياة ، ولتتكيء في حضن آبائنا إبراهيم واسحاق ويعقوب " .
الرجل العجوز ذو الوجه المنحوت من طين البرك ، المتدثر بعباءة كالحة منقوعة في التراب ... أخرج منديلاً مسح به الوجه المتغضن فيما صعّد عينيه في صورة " المرحوم " المعلقة علي الحائط ... تنبه " مينا " فمسح بكم جلبابه سائلاً لزجاً مائلاً للإصفرار تجمع تحت أنفه ... أنّت الأرملة الشابة فتقطّر الحزن علي الخدين ... توجّع القلب فاهتز العرش ... وراحت في إغماءة ...
من قلب الزمن الغارق في السبات ... المتسربل بالأزل ... من بين سحابات الدخان والبخور المتلوي الصاعد للعلا ... ينتصب كاهن قديم يتوسط حشد من المرتلين ، وقيثارة نائحة ... يعلو الصوت ... يتردد صداه في المعبد الذي يملأ المدي ... ينداح ... يملأ البراح ...
" قم ... إنك لن تفني ... إن لحمك لن يعتريه مرض ... إن أعضاءك ليست بعيدة عنك "
" ولو أنك ترحل ، فإنك تجيء ، ولو أنك تنام فإنك تستيقظ ، ولو أنك تموت فإنك تحيا "
" قف حتي يمكنك أن تري ماذا فعل إبنك لأجلك "
........
في صوت نحيل ولكنه واضح ، مؤلم الوضوح ... دائب لا يني ... مرتعش ولكنه مصمم ... كان الصغير " مينا " يسأل :-
هو بابا فين ؟
السماء فوقها متربة منيرة بالنجوم ، ونصف قمر منسي يريق ضوءه علي أسطح البيوت المكومة ، وضوء النجوم بريق يحترق من بعيد كأنه لهفة لا تنطفيء ... مسّدت بعينيها رأس الصغير ... ضمته في حضنها ... و ... بكت .



#صفوت_فوزى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمكة -قصة قصيرة
- الفرحة
- انسحاق -قصة قصيرة
- الغائب الحاضر - قصة قصيرة
- كبرياء -قصة قصيرة
- جدى
- انحناء -قصة قصيرة
- فاصل للحلم - قصة قصيرة
- سلبية الأقباط بين مسئولية الدولة ودور الكنيسة


المزيد.....




- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - رفع الحصير