أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - قصة قصيرة: ربيبة السيد المسؤول















المزيد.....

قصة قصيرة: ربيبة السيد المسؤول


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2176 - 2008 / 1 / 30 - 03:11
المحور: الادب والفن
    


بيضاءُ, بيضاءٌ كالثلج, بليغةٌ الأنوثة, ضامرةٌ الخصر، هيفاءٌ القدّ، ذاتُ عينين واسعتين، ونجلاوان بحدّة عالية، تشعان بلمعة ذكية كعيني قطة كأنهما تنيران أية ظلمة. يصعد الدم إلى وجهي كلما كانت تقترب مني.. يفور في ذلك الذي أجهله, يضغطني فلا أحتمل, فأقترب منها أيضاً، مقاوماً كل ما يخيفني، فقد أشاعوا يومها بان احد مسئولي الدولة الكبار آنذاك، كانت علاقته بأمها جد وطيدة، وقد عين من بين الطلبة لمتابعتها، وكنت دائما أتحاش الاقتراب منها، ليس لأني ممتلئ من قصص الرعب التي سمعتها، عن ذلك المسئول الذي وصفوه بأخطر الإمراض السايكوباثية، وكنا نعرف بان يغار عليها كما يغار على أمها، وصرنا نهابها أكثر مما نهابه، كنت أرى بان الاقتراب منها بأي شكل من الإشكال يتركب عليه عواقب وخيمة لا يمكن تفاديها، فكنت دائما اهرب منها، أو التقرب منها رغم أن ترتيب اسمها الأبجدي يجعلها دائما بجانبي، كنت أرى فيها أنوثة طاغية، وأحاول عدم مسّ أصابعها كلما اشتركنا في تمرين (المختبر)، تتعمد الدنوّ فوق رأسي، وتسقط زفيرها في رقبتي، لانتفض ارتجافاً، أراها تتعمد أن تلامسني، فأخاف من احتكاك حلمتيها الجريئتين، وغالبا ما استرق النظر إلى فتحة قميصها خافيا شبقا دفينا بين عينين مفتوحتين خجولتين، فأجن.. إذ غالبا ما تسرحان جريا في هضاب مفرقها المرمري الذي تتيه فيه أذكى العيون..
يومها كانت تدرك باني اضطرب كلما اقتربت مني، وتهدر بي عاصفة تهدني هدّا عنيفا، فتختلط في فمي كل مخارج الكلمات التي انطقها، وتتعثر جملي، وكأني في حضرتها لا اعرف أن أقول، فلا يستقر لي تنفسي، وكأني كنت قد وصلت إليها من بعد ركض كثير، ولكني كنت على يقين بأنها تسعد كثيرا بالتمادي بعبثها معي، فتدفعني بجرأة وتهتف بصوت غنوج:
- أنت رجل رديء.
كأني اطرب لنغمتها، وأميل جانباً لدفعتها, وأبتعد في الاتجاه الذي دفعتني أليه, فقدت السيطرة على نفسي فلم أتمالك وكأني عصفور قد أطلقته من قفص، صرت أحس بأن يديها قد اخترقتاني.. كم صرت أشاركها لعبتها، واخفي اشتهائي، حاولت الغوص أكثر في سناء ما يشدني ولأثيرها كأنها تثار أكثر كلما تغاضيت عنها أكثر، وربما باتت على يقين باني قد صرت لها صيدا سهلا لتجارب هي تخوضها مع صديقاتها، اللاتي غالبا ما أراهن يختلسن النظر بحجة أو بأخرى، ليعرفن نتائجاً هنّ قد رجينّها. كنت اعرف بان اغلب قصص الحب لها بداية كهذه، تبدأ بالهزل، وتنتهي بالعشق العنيف، فضحكت وأمتد صمتي طويلاً بينما راحت عيناي تتسابقان على مباهجها الأنثوية.. كأنني في حلم, رفضت كل شيء ونهضت إليها من جديد.. تتقاسمني نوازع شتى، مغشيا أتطوح في رائحتها الذكية، أتنشقها بعمق، واقبض على أنفاس منها، متحديا أن تفلت تلك الحلاوة من رئتي، حاولت أيجاد نفسي قريباً مما يشعه جسدها السني من دفء كأنها تجذبني من كل الليل الطويل وتغرقني في ميدانها.. يتوقف زمني كله‎, فلم أعد أحتمل وقوفه، أحس بالاختناق.. الزمن كله يعدو سريعاً خارج جسدي, وتكبر الأشياء من حولي وتتقدم بينما زمني يحتضر. أتقدم منها, وصرت أخاف أن تفلت مني إرادتي فأحاول أن أمد أصابعي بعنف بين ساقيها, صرت أتخيل باني أفعل ذلك، لكن بنطلونها (الجينز) يفشل اندلاقي عليها، أحاول أن امضي قدماً؛ اقبلها، أمص رحيقها، الثمُ شفتيها الكرزيتين، ألامس بأناملي شعرها الأسود الطويل، من المنبع إلى المصب، وان أضع انفي في مفرق نهديها، أن أنغرز عميقا فيها، كأني اقبلهما وامصص أصابعها العشرين واحدا واحدا؛ ان أرى الذي لا يرى، وافرك حملتيها القرمزيتين برهافة أصابعي؛ أن أطير كسحاب حولها والتحف بها، أطير حولها كالأثير، وربما تحول ألي عينين قاسيتين وتتبعهما بكف ثقيل حطّ على وجهي بصوت أصفقت أصدائه في أرجاء القاعة الصغيرة الصاخبة, وربما ستوقظ كل العيون ألي، وسكون هدفا للوشاية، قد تجعلني أتحمل خسارة وخيمة لا تحمد عقباها.. كم تمنيت أن أحافظ بما بقي لدي من رباطة جاش، وادع أيامي القادمة تأتي بسلام، محاولا طمس إحساسي بالاستهداف بسبب نقص في الخدمة العسكرية، واستمراري كطالب يمنحي حصانة، الاستمرار، ويضمن تفلتي من الإحساس المتواصل بالاستلاب. أحسست برداءتي, جمعت نفسي وقواي وسرت كسيراً مهيضا أجرّ عربات ذاتي بعناء ومشقة وأحاول الخروج من فكرتها، إلى مكان آخر، من قفص الرغبة المليئة بالمتعارضات.. يلامسني الهواء الخارجي فأحس بانتعاش، فراغها لا تسده الهموم ولا تنسيني إياه. شيء أحسسته صار بعيداً, ولم يبق لي إلا تعازي نفسي ولومها.. دارت عيوني في صمت الليل الخارجي حاولت التقيؤ للتخلص من عبء ثقيل, ففعلت, وأحسست بالضياع.. دوران رأسي لا يتوقف.. بي حاجة لا أعرفها ولابد أن فكرة ما لوضع حدّ لكل هذا الجنون، من بعد أصبح اغلب زملائنا مهتما بأمرنا، ولكني ما زلت أتعمد التجاهل.. تطوف بي الظنون، والمخاوف فتكاد ضحكاتها تتحول إلى سكاكين تحفر أحشائي، صرت افهم بان الاقتراب منها سوف يفقدني كل استقراري، ومن اليسر أن تكون كلمة واحدة من ذلك الرجل بان ترهب جميع من معي، وأكون قد لفظت كما يلفظ البحر زبده على الشاطئ.. أريد أن أمدّ يدا لقلبي الغارق في هكذا يمّ عظيم اللجة، ولا استطع، فكم اشتهيها، وارغب بها، ولكنها صارت تعرف بأنني معها في مفترق طرق. صرنا على حافة هاوية، ولابد أن ينتزع القرار، ولابد أن نسير إلى قدرنا، ولابد أن يحول الهزل بين اثنين إلى قصة حب عنيف.. تجولت وحدي في الشارع، اشعر بها كما لو حامت حولي كطائر أحس بالحرية لتوه. انطلقت على غير هدى, كانت تحط الطيور في الصباح هنا على المكان ذاته.. لكن أين أجد ليلا جميلا في وحشة هكذا ليل؟، كأني أرها تهمسني تعال: وحدي طائر الليل وأحسه طويلاً.. يرتج جسدي ويترنح، تقول لي تعال واقتحم فلابد للقيد أن ينكسر. حاولت ذات يوم أن أزرع شجرة في بستاننا يومها كي لا أنسى الذي حدث هكذا كان يفعل أبي في مدينتنا البعيدة. غربتي تزرعني هنا, و قلت ساخراً: (أنا سأزرع زهرة برية في خصب راحة يدي).. سأحاول أن أجد بذرة لزهرة عدم النسيان.. يقال بان للفشل والحرمان رائحة مقفرة وكريهة، سأحاول ذلك بكل جدية.. يختل توازني قليلاً فأسقط وأنهض سريعاً.. لقد جعل مني الهم أكثر إختلالاً, وأكثر رهافة، فقلت: صديقتي وحبي الأول في هذه المدينة البعيدة.. دعينا نتجول معاً في كل هذه الأمكنة, نتخطى كل هذه الساعات الرتيبة، دعينا نغادر هذه القاعات المليئة بالعيون، والمخاوف، ولنفارق هذا الإعياء, والتوتر، ونتكلم عن خصوصيتنا بموسمها الآمنة، ثم نعود لنكمل درسنا، ونخط بفخر ما نتمناه لمستقبلنا، كم أنت قريبة أيها المرأة التي أريد، وكم بيننا حواجز، وسدود.
لكنها اليوم راحت بعيداً مثل زورق صغير أخذته الأمواج، على الرغم من اسم ربيبها الذي اخذ يطغي بفرض حضوره عبر الفضائيات العالمية والمحلية، وصار نجماً سياسياً بارزا في نشرات الأخبار، فما زال فكري مشغولاً بذلك الولع الجنوني بها، وكنت كلما أراه مبتهجا في القنوات الإخبارية، كأني أراها.. فتزداد الفجوة بيننا بقدر علوّ نجمه، وإنا أتحرق شوقا لملاقاتها أو معرفة إخبارها، وأتحرق ندما على فراقها..
كأني كنت أقول لها:
- احمدُ الله كثيرا بأنني لم أقع بين قبضته يومها.
فتضحك لي وتواصل القول بأرخم صوت:
- وأنه فاز في الانتخابات العامة لمجلس الأعيان، وقد أسندت إليه مناصبا جديدة أخرى..
صديقتي البيضاء كانت لا تتعمد، وأنا لم أقصد إيذائها, وأن تعجلت شيئاً سيحدث، وارغب في تقبيلها...
اللحظة تقول:
- من السهل إن تجد صديقا عابرا، ولكن من الأصعب بان تجد حبيبيا دائما إلى الأبد..
عيناها مازالتا مسمرتان بذهني:
- ألم أقل لك بأنك رجل رديء؟..
تلفت إذ كانت هي لا تريد أن تجعلني أتوهم، وبأنها قد قدمت لتتواصل معي وتنهض إمامي كفرس صهباء متباهية بغرتها الجميلة، ولم تك خيالاً، فأيقنت باني لم أعد وحيداً، بالرغم من غربة كل تلك السنوات الغابرة..

بعقوبة
Tuesday, January 29, 2008






#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام قاس بعد رحيل البعقوبي (ياسين أبو ظفار)
- عباس الأموي.. عام على رحيل قاس
- العمة دوريس أديبة نوبل
- هل مات اديب ابو نوار
- الرماد الى المجد الزائف
- جثةٌ قد تأجل موتها
- جثة قد تأجل موتها
- الوعي الشعري ومسار حركة المجتمعات
- الطائفيةُ البغيضةُ سلاحٌ في المعركة البغيضة
- هدية حسين في زجاج الوقت
- حسن حميد في البحث عنها
- منهجية ماكس فيبر القويمة
- حيويةُ (برتراند رسل) المتواصلة
- جمالية (هيغل) الخالدة
- هكذا تكلم نصر حامد ابو زيد بلسان ابن عربي
- سبت ياثلاثاء
- مسارات الابداع
- ذهنيةُ (مارتن هيدغر) المتوقدة أبداً
- نصفُ إغماضه من اجل احتمال ضجيج العالم
- لزوميات خمسميل


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - قصة قصيرة: ربيبة السيد المسؤول