أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - لزوميات خمسميل














المزيد.....

لزوميات خمسميل


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1599 - 2006 / 7 / 2 - 02:11
المحور: الادب والفن
    



ذاكرةُ عمر في حكاية شعر
(تعال نذهبُ حيثُ النارُ والماءُ، وحيثُ تسقط في الأعماق أسماءُ ).. مفتتح دعوة الشاعر (على الأمارة)، إلى الإبحار في متون شعر بليغ قد أجاد الحكي بدفق مشوّق، عن أصالة مكان عراقي، وزمان بصري. لعلها تكون اكثر من حكاية في عمر تلك المدونة الشعرية المتدفقة بحب المكان، والتي أعطت قارئها فرصة الكشف الجغرافي عن موقع عريق في البصرة اسمه تاريخ مدينة (خمسميل)، وتاريخ شاعر مزج بين التاريخ الواقعي لسحر مدينته المتدفقة بالذكريات، والمال، والطموحات.. وثيقة جمال مبدعة، محبوكة نظما متلألئا بالوقائع المشوقة.. يكشفها الشاعر بشعره، ويدونها التاريخ الحقيقي للذاكرة الجمعية للمدينة بكل أبطالها التاريخيين المؤسسين تشعباتها في جغرافية المعرفة.. ناس سمحون يتحركون في الذكرى الشعرية، جعلهم حرف (الروي) اللازم مرتبطون ببعض بأكثر من وشيجة، وراسخون في الحقيقة قريبون جدا من المخيل الشفهي، وعميقين في بعده الهلامي. أكتو بالبطولة العراقية المجيدة، وتحددت بهم خريطة المكان.. ناس لهم طعم عميق تثبت في الهجرة، وتثبت في الرؤية.. لها أكثر من قناة اتصال مع متلقيها، أحيانا تندرج النصوص في عمق النظرية النقدية تذكرنا بتبني الناقد العالمي (فوفانغ آيزر) لنموذج الاتصال حيث يكون عدم تطابق القارئ مع الوضع النصي هو أصل التفاعل التبادلي ومنبعه . (فالاتصال ينتج عن فجوات في النص تمنع التناسق الكامل بين النص والقارئ، وعملية ملء هذه الفجوات أثناء عملية القراءة هي التي تبرز وتوجد الاتصال إذ إن الفجوات وضرورة ملئها كحوافز ودوافع لفعل التكوين الفعلي ).. يتصل الشاعر بزمنه الأول إلى البعيد معيدا تدوين الذاكرة الجماعية للجد، والأب، والعم..تدوينا مستندنا لما رأى أثارا منه، وما سمع عنه.. فهو بذاكرة الراوي، وما جاء من الرواية التي سمعها من الذين تناوبوا على مكان (الخمسميل)، قبل أن يعيد تنظيم مفكرته الشعرية المتسعة لتاريخ غير يسير كي نفهم أجزاء أية وحدة لغوية لا بد أن نتعامل مع هذه الأجزاء، وعندنا حسّ مسبق بالمعنى الكلي، غير الذي وضحه الهامش، و لا نستطيع معرفة الكلي إلا من خلال معرفة مكونات أجزائه. وتلك الأجزاء، هي جذور المكان الذي تنتشر عنه الحكاية، وأبطالها. فلزِم الشيء يلزَم لُزوما، ولِزاما ثبت ودام. و لزمه المال وجب عليه، و لازمه لزمه، ومثله ألتزمه. واستلزم الشيء اقتضاه و اللِزَام الحساب والملازم جدا والفصل في القضية. أصل الخطاب مراجع الشاعر أي مكوناته الثقافية، كما يقولها (كولمان غولسيان)، فكل كتابة هي سيرة ما، سواء بالشِعْرَ: غَنَّى به، أو تَرَنَّمَ، وأنْشَدَ بَيْتاً أو بَيْتَيْن بالغِناءِ، وأخَذَ طَرَفاً من الأدَبِ، وشَدَا شَدْوَهُ: نَحا نحوَه، فهو شادٍ، وـ فلاناً فلاناً: شَبَّهَهُ إيَّاهُ. وأشْدَى: صارَ نَاخِماً مُجيداً. والشَّدْوُ: القليلُ من كلِّ كثيرٍ. وشَدْوانُ…
فالنص يكتمل من هنا إلى هناك، ويقطع كل المسافات المقاسية بالأميال، تلك المسافات المقدرة نسبيا.. (دقها الإنكليز في أيامهم وكتبوا عليها حفراً5 Miles - أي خمسة أميال، وهو بعد هذا المكان الذي سمي فيما بعد (خمسميل) عن مركز قيادة الإنكليز في الشعبية- ص 23).. لنقل بأنها قصيدةُ الحكاية التي لها دور الكتب في العالم في عرف الإنسان منذ تعلم فن الكتابة بتدوين معلوماته وحفظها فنشأت الحكايات المغناة كالكتب بمعناها العام. لنقل أنها رحلة اكتشاف الزمن الذي أفل، من بعد نضوج وتأمل. و (بان الكرة التي يلعبون بها هي جمجمة أبيه منصور- ص 74). ولنقل إنها رحلة زمن مكتشف في عمق الذكر من بعد نضوج، وتأمل، لقوله الشاعر، وبدوره يقوله من خلال الموروث من بعد نضج وتأمل، الذي تركم بيتا صف بيت، وصار حياً متكاملاً تواصل بالعطاء وصار بحاراً في ذاكرة المدينة التي تمترست فيها الأحداث، وصار (الشاعر) هو الراوي مثل (هوميروس) وصارت الحكاية تحكي قصة شعرية عن (زمن مدفون- ص 6) مكتشف بتجربة الشعر، ومضارع بقصيدة عمودية من البحر الملآن بالتذكر، ملحقا بنثر من الصور البعيدة، غائرة العمق.. (لولا السراب لمات العشق من ظمأ- ص 95).. تشويق متواصل، متواز بالأحداث المكونة للمكان بالأشخاص (أحزانهم سدرة أوراقها مدن – ص 10) كـالإلياذة قصيدة الشاعر اليوناني القديم (هوميروس) الذي كان عائشا زمن جاهلية اليونان أي قبل أكثر من ألفين وخمسمائة سنة… حكى في تلك القصيدة ما حدث بين اليونانيين و الطرواديين من الحروب، وما ظهر من رجال اليونان من السياسة، والشجاعة، والحفيظة. وهي على ما يقال أحسن ما يمكن أن يأتي به خيال شاعر في وصف عواطف النفس وتصوير خطرات الأفئدة. فنقول انه الكتاب الذي فيه جهدا يستحق التحية اعترافا لإبداعه، و التحية من المؤرخ لعمق صدقه.
بعقوبة




#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية (عباس عبد جاسم) الموسومة ب - مربع المواجهة
- مطر (كاظم حسوني) وظمأهُ القديم
- حلمٌ عراقي قد يتحقق
- مساحةُ الثقافة والنشر في الصحف العراقية
- جدلية (يورغن هابرماس) الصارمة
- شفافيةُ السرد في قصص ضوء العشب
- الضحك
- ما ذنب العراقي؟
- عبقريةُ (ماريو بارغاس يوسا) المذهلة
- رواية تحت سماء الكلاب
- رواية العطر لباتريك زوسكند، واقعية كضربٍ من الخيال
- نص وقراءة
- الحكواتي
- الدروب التي لا تصل بطريق
- رواية غايب لبتول الخضيري
- الفكر العربي في محيطه الأسود
- أجوبة الحوار المتمدن للملف
- قراءة في رواية وردة لصنع الله ابراهيم
- الشارعُ السياسيّ بعد غياب المثقف
- لائحة مهرجان بغداد للسينما


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - لزوميات خمسميل