|
زيارة بوش في مرمى سهام - الممانعات -
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 08:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتفهم المرء وحسب التقاليد السائدة والوعي الاجتماعي الموروث والمدارس الفكرية المعاصرة وميثاق الأمم المتحدة حرية الفرد في استقبال من يشاء في بيته والامتناع عن استضافة من يشاء حسب ارادته ورغبته أما أن يمارس هذا الحق على جيرانه الأقربين والأبعدين أفرادا كانوا أم جماعات أم مؤسسات فيكون بذلك قد تجاوز حدوده وانتهك حقوق الآخرين وحرياتهم فكيف اذا وصل الأمر الى درجة التنطح تطفلا في التدخل بشؤون الدول المستقلة والامعان في فرض الرغبات الذاتية المريضة واكراه الآخر في تقمصها دون أي احترام لمصالح من يمثل كما حصل في الأيام الأخيرة بشأن زيارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش من سيولة في المزايدات وتنافس في البحث في صفحات قواميس المحيط والمورد والمعلقات عن أقذع العبارات وأشدها سوقية تجاه الضيف وهو رئيس أكبر دولة ديموقراطية عريقة بغض النظر عن الخلاف أو الاتفاق مع سياسات حكوماتها السابقة واللاحقة والمضيف وهو الرمز الأخير لأعظم حركة تحرر وطني في العصر الحديث والمنتخب رئيسا من شعبه بغض النظر أيضا عن الرؤا المختلفة حول أدائه السياسي هذا من حيث الفهم الانساني والأخلاقي والقانوني لقضية التعامل بين بني البشر من أفراد وشعوب ودول . عودتنا " الممانعة " الرسمية في دمشق وطهران وتوابعها من جماعات الاسلام السياسي الأصولي في الأعوام الأخيرة على ضروب من التضليل والخداع والتلاعب بالمبادىء والشعارات الى درجة اهتزاز صدقيتها داخليا وخارجيا وخسارتها الدعم الشعبي الحرومغادرتها صفوف حركات التحرر الوطني المناضلة من أجل الحرية بالوسائل المشروعة بما فيها حقها المكتسب في الدعم والحماية من المجتمع الدولي حسب بنودميثاق الأمم المتحدة لتلجأ بالتالي الى سلاح الارهاب والترهيب والاغتيالات وتحدي الارادة الدولية عبر الاستقواء باالمؤسسات العسكرية والأمنية المافيوية وادارات الدولة واسثمار مخزون الحزب والطائفة في حالتي نظامي سورية وايران والى عصبية الطائفية السياسية الأصولية والدويلة المسلحة الخارجة على الشرعية داخل الدولة في حالة حزب الله اللبناني والتيار الصدري في العراق والانقلاب العسكري على السلطة الشرعية في حالة حركة حماس وكنا فكرنا في تصديق ولو جزء من ادعاءات فرقاء هذه " الممانعة " لو انتهجت ولو لمرة واحدة سبيل الاقناع السياسي بدلا من الأسلوب العنفي التهديدي أو سلكت الطريق الديموقراطي بدلا من فرض أجندتها بالقوة أو آمنت بالتعددية بدلا من التفرد والاستئثاروتكفير وتخوين الآخر وعلى صعيد آخر وكمثال على انحدار القيم وازدواجية السلوك لدى هذه الفرقاء بمواصلة المحاولات الحثيثة لعقد الصفقات مع اسرائيل والادارة الأمريكية في الخفاء وتسعير الحملات الاعلامية عليهما في العلن . في المقابل بدأنا نشهد ونحس بلهاث " الممانعة " لدى بعض أفراد وجماعات المعارضة السورية المرشحة لتولي مقاعدها في خندق الأصوليات دينية كانت أم قوموية أم ماركسوية وراء توأمها الرسمي وحذو حذوها في العديد من المواقف وتجاه الكثير من الأحداث مثل الوضع في العراق وفلسطين والى حد أقل في لبنان لموانع ذات الطابع الطائفي البحت والتي توجت مؤخرا بتلاقي وجهي" الممانعة " تجاه زيارة الرئيس بوش للشرق الأوسط والتعامل معها بمزاجية مفرطة لاتخلو من نوازع الكراهية الأعمى وطغيان الغرائز العاطفية الفالتة من عقالها على المنهج السياسي العقلاني المتزن ومن الملفت أن المتسترين بلبوس المعارضة الوطنية السورية تجاوزا قد برعوا في استخدام الزيارة حتى قبل وقوعها وسيلة للتودد الى أوساط النظام وحكموا عليها بالفشل والعدوانية والتآمر قبل أن يغادر الرئيس بوش بلاده والتوجه الى الشرق الأوسط ومن المعلوم أن هذا النمط العدمي – الاستباقي في التعامل مع الحدث والتفكير والتحليل قد أضر بالحركة الوطنية السورية منذ سنوات القرن الماضي ويصب في الوقت الراهن مباشرة في مجرى مصالح أنظمة الاستبداد وتحديدا في دمشق وطهران التي كانت أوساطها الاعلامية والدبلوماسية أكثر اتزانا من - ممانعينا – الأشاوس حيث تستخدم كل شيء بما فيها أقلامهم من أجل بقائها وتعزيز شروطها التفاوضية مع واشنطن وتل أبيب . هناك في عصرنا الحديث ومحيطنا الشرق أوسطي منهجان للتعامل مع مظاهر الحياة الانسانية ومقدمات ونتائج الأحداث السياسية واحد واقعي منفتح ايجابي وآخر آيديولوجي متزمت ممانع وازاء حدث زيارة رئيس الدولة الأعظم الى المنطقة فمن الموضوعية التعامل معها كما هي ومن ثم تناول نتائجها برؤية نقدية وفرز الصالح من الطالح في ظواهرها وخفاياها فقبل أن يحط الرحال أدلى بتصريحات هامة تناول فيها ادانة نظامي الاستبداد في سورية وايران ودعم التسوية السلمية وانتخاب الرئيس دستوريا في لبنان دون أي تدخل خارجي كما أكد تأييده للديموقراطيين في العراق وفلسطين وسورية ولبنان وايران وجدد التزامه باقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة قبل انتهاء ولايته وقد أعاد تصريحاته في محطتيه الأولى والثانية بالقدس ورام الله وأمام ذلك هل هناك من سياسي عاقل يرفض مضامين تلك المواقف المعلنة من مبادىء ورؤا تلتقي بصورة كاملة مع أجندة فصائل المعارضة الوطنية وخاصة في سورية وتواكب الجهود المتواصلة من جانب نخب شعوب المنطقة باتجاه تحقيق التغيير الديموقراطي أوليس من العدل والمصلحة في آن تثمين هذا الجميل وتقدير صاحبه الذي سبق وأن حقق في عهد ولايتيه خطوات نوعية لصالح شعوب يوغسلافيا بازاحة الدكتاتور بالقوة وتلبية ارادة شعبي البوسنة وكوسوفو واسقاط نظام طالبان الغارق في الجهالة والتخلف بأفغانستان والمساهمة في تحرير العراق باطاحة أفظع وأخطر الدكتاتوريات في المنطقة ودعم المسيرة الديموقراطية السلمية في لبنان السيد الحر وممارسة الضغوط على عدد من أنظمة الخليج العربي في سبيل تحسين شروط اقامة المجتمع المدني وانتزاع حقوق المرأة وترشيد أداء حكوماتها أما التزاماته المعلنة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية فقد فاقت بكثير مواقف بعض الدول العربية والاسلامية بخصوص الدولة المستقلة والدعم الاقتصادي واللاجئين والمستوطنات ومعاهدة السلام وانهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 والاستعداد لمواكبة المفاوضات حتى النهاية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلنرفع علم صلاح الدين
-
قضايا الخلاف في المعارضة السورية
-
سورية النظام في مواجهة العالم الحر
-
تحولات - الديموغرافيا - الكردية
-
في الذكرى السادسة للحوار المتمدن
-
نفط كردستان من النقمة الى النعمة
-
ليست العلة في المكونات بل في السياسات - 2 -
-
ليست العلة في المكونات بل في السياسات
-
النظام السوري : انحناء أمام العاصفة أم ماذا ؟
-
تجربة اقليم كردستان والأمن القومي
-
الدولة الديموقراطية العلمانية في فلسطين
-
نحن الكرد وشركاؤنا في اختبار قراءة حقائق العصر
-
الأسد في تركيا : سر الزيارة في توقيتها
-
ثمن النصر والهزيمة في الأزمة التركية – الكردية
-
- الأصولية الجديدة - ضد الديموقراطية وحقوق الكرد
-
ضجيج الأصوليين الجدد من خارج أسوار التاريخ
-
أفكار ومقترحات مطروحة للمناقشة
-
كلمة صلاح بدرالدين في مؤتمر جبهة الخلاص
-
عنصرية في أسوأ مراحل الانحطاط
-
المالكي في دمشق : - كالمستجير من الرمضاء بالنار -
المزيد.....
-
-الأسبوع القادم سيكون حاسمًا جدًا-.. أبرز ما قاله ترامب عن إ
...
-
هل اغتيال خامنئي عامل حاسم لكي تربح إسرائيل الحرب؟
-
لجنة الإسكان بالبرلمان توافق على زيادة الإيجار القديم بنسبة
...
-
مصر تكرم أشهر أطبائها في التاريخ بإطلاق اسمه على محور وكوبري
...
-
-تسنيم-: مقتل 7 أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف سيارتين مدنيتين
...
-
بوتين يلتقي رئيس إندونيسيا في محادثات رسمية غدا الخميس
-
مصر تحذر: المنطقة ستبقى على حافة النار بسبب فلسطين ما لم تحل
...
-
بقلوب مكلومة.. غزة تودّع أبناءها الذين قضوا في طوابير الجوع
...
-
هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز وكيف سيؤثر ذلك على العالم؟
-
في حال اغتيال خامنئي.. ما هي حظوظ ابنه مجتبى في خلافته؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|