أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - راغب الركابي - الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية لوقعة كربلاء - للشيخ الركابي















المزيد.....

الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية لوقعة كربلاء - للشيخ الركابي


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 03:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ماهية خطاب الثورة :
من أجل بيان ذلك يلزمنا تقديم للموضوع نجده ضرورياً في هذا الجزء بالذات ونقول : إن الحسين – ع – لم يكن راغباً في الشهادة بكربلاء ولا في غيرها ، إذ لم تكن الشهادة مطلبه ومراده ، بل لم تكن كربلاء أصلاً هدفاً في حركتة .
كما يجب التنبيه إلى إن الحسين لم يكن يعلم الغيب ، ولم يكن علم الغيب من إختصاصه ولا من شؤوناته ، لذلك فكل ما ينسب إليه في هذا المجال محض خيال لا غير ، ذلك لأن علم الغيب شأن خاص بالله ومتعلق به سبحانه وتعالى ، ولهذا قال ربنا في وصف حال محمد - ص - : [ ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء ] وهذه هي القاعدة أو الأصل في الكتاب المجيد ولا أستثناء أو تقييد أو تخصيص أو نسخ في البين ، ويصّدق ذلك قوله تعالى : [ وما تدري نفس بأي أرض تموت] .
كما إن الحسين لم يتحرك لكي نجعل منه بطلاً أسطورياً أو نُغلب في حركته الجانب المأساوي ، فنختزل كل تاريخ الحسين في جو من العواطف والهياج والدموع وتصرفات في أغلبها مخالفة للشرع والدين .
ومما لا شك فيه فقد عمد البعض ممن تستهويهم القصص والحكايا في ان ينسجوا كماً وافراً من أخبار وروايات ما أنزل الله بها من سلطان ، زارعين في عقول الناس البسطاء مقولة كاذبة مفادها : إن الحسين ومنذ البداية كان عالماً بأنه ذاهب للشهادة ولذلك عزم وصمم عليها !! وإنه في ذلك إنما يقدم نفسه قرباناً على مذبح الحرية في توظيف سيء للفكر الأرثوذكسي وأساطيره .
ولو تنزلنا وقلنا بمقولتهم هذه لنتج عندنا الإثبات التالي : ان الحسين هو من أوقع نفسه في التهلكة التي نهى الله عنها في التنزيل الحكيم بقوله [ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ] .
* يقول الركابي : إن كل من يعتقد بان الحسين قدم نفسه قرباناً من أجل أحياء الدين والإسلام واهم ومجانب للصواب جداً ، وهو إنما يخلط بين الهدف والنتيجة ، ويضيف قائلاً : إن كل تصور في هذا الإتجاه هو تصور ميثيولوجي ومخالف للواقع التاريخي ، الذي نقرء فيه سعي الحسين الدؤوب كي لا يقع بينه وبين أعدائه حروب ، لإنه سعى جاهداً من أجل إيجاد حل سلمي للقضية برمتها ، وهذا القول يُمكن ملاحظته في مسيرة حركة الحسين كما نقرئها عبر المراحل التالية :
المرحلة الأولى : حين خرج الحسين مهاجراً من المدينة إلى مكة ، كان ذلك الخروج عبارة عن مقاومة للعدوان الذي تعرض إليه من قبل والي يزيد في المدينة ، ويمكننا تسمية هذا التحرك بالبحث والتحري و التحقيق عن الوضع السياسي العام في دار الخلافة ، وهل في الإمكان إقامة حكومة عادلة أم لا ؟ .
المرحلة الثانية : يُمكن رصدها تاريخياً بالفترة ما بين خروج الحسين من مكة إلى حين ملاقاته بالحر بن يزيد الرياحي ، ويمكننا تقييم ووصف هذه المرحلة ضمن خطين :
الأول : هو الدفاع والمقاومة .
والثاني : هو العمل على تشكيل حكومة عادلة ، [ و لكن كل هذا يجب ان يتم وفق شروط موضوعية مناسبة ] .
المرحلة الثالثة : ويمكن حسابها عملياً حين ألتقى الحسين بالحر إلى وقت بداية المعركة فعلياً ، وقد تمت هذه المرحلة موضوعياً في ظل التغير الكبير الذي حدث في الوضع السياسي والإجتماعي للكوفة خاصة و في العراق عامة ، وقد اتخذ الحسين في هذه المرحلة جانب المقاومة في شكلها الدفاعي ، إذ فيها عمل الحسين كل مابوسعه لكي يتجنب الحرب ، ولهذا قام بإجراء سلسلة مباحثات مكثفة مع الجانب الأخر كما يذكر ذلك الطبري في تاريخه ج4 ص 312و313 ، وكذلك الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد ص 226و230 و232 ، [ وقد تمت هذه المباحثات على مراحل ثلاث] .
المرحلة الرابعة : وهي مرحلة الحرب التي دخلها الحسين مضطراً مرغماً كارهاً ومدافعاً ، بعد ان إنهارت مباحثات السلام التي أفشلها أعوان يزيد معلنة بداية لحرب دموية ضروس أستغلت أبشع إستغلال من جميع الأطراف ولا زالت تُشكل بؤرة توتر لدى أطراف طائفية ومذهبية معروفة ..
هذه هي المراحل التي تحرك من داخل وعيها الحسين - ع - ، فهو إذن في المرحلة الأولى : كان يحاول قراءة الساحة السياسية والإجتماعية عن قرب ، وفيها إيضاً كان يبحث عن مداخل ومخارج لتغيير الوضع الخطأ الذي أنشأه معاويه بتوليته أبنه يزيد حاكماً على الناس .
* والحسين يعلم إن أعظم فرصة للشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها ، إنما يكون في العادة مع بداية كل حكم جديد ، وهكذا الحال مع بداية حكم يزيد ، إذ تجمعت القوى المحبة للعدل والحرية والسلام في الكوفة مشكلة فيما بينها خلايا عمل مهمتها - رفع الظلم - وبناء دولة القانون والإنسان ، وهذا التشكيل السياسي بطبيعته يحتاج إلى قيادة عملية واعية ومدركة لحركة التاريخ ومتفهمة لطبيعة الواقع الموضوعي وعناصر فعله ، ولهذا وقع الإختيار على الحسين بن علي ليكون هو قائد المرحلة ، لما يمتلكه الحسين من رصيد شعبي وديني وقرب قريب من رسول الله كل ذلك جعله المقدم على غيره ، جاء ذلك بعدما أضطرته قوى السلطة للهروب من المدينة والتوجه نحو مكة ، وقد تصدى لمهمة دعوة الحسين ليكون زعيم المرحلة الصحابي الجليل ( سليمان بن صُرد الخزاعي ) الذي خطب في جمع المجتمعين بقوله : [ وهذا الحسين بن علي قد خالفه – أي خالف يزيد - وصار إلى مكة هارباً من طواغيت آل أبي سفيان ] - اللهوف ص 26 ومثير الأحزان ص15 - .
يقول الفرزدق الشاعر المعروف : حججت بأمي في سنة 60 للهجرة فرأيت الحسين خارجاً من مكة مع أسيافه وأتراسه فأتيته فسلمت عليه ، وقلت له : أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب بأبي أنت وأمي يابن رسول الله ، ما أعجلك عن الحج ؟ فقال : لو لم أعجل لأخذت - الأرشاد ص 218 - .
أي إن الحسين عليه السلام وقع في دائرة الأبتزاز والمطاردة لذلك فقد عجل بالخروج من مكة مهاجراً منها [ مخافة ان يقبض عليه بمكة فينفذ به إلى يزيد ] - الأرشاد ص 218 - .
يقول الركابي : هل يعقل أحد بعد كل هذا التخفي من الحسين خوفاً على نفسه وحفاظاً عليها من الغدر ، ان يخطط الحسين – ع – لكي يرمي بنفسه للتهلكة حتى يقال عنه إنما جاء للشهادة ؟؟!! .
* * *
يجب ان نعترف بان الحسين – ع - يعلم ان تشكيل وقيام حكومة عادلة مشروط بالقدرة وتوافر جميع الشروط الموضوعية في ذلك ، لهذا كان شعار الحسين وعمله في المرحلة التي تلت ملاقاته للحر إنما هو للسلام والإبتعاد عن دائرة الحرب وكل مايؤدي إليها .. نقرء ذلك في خطابه لجماعة الحر حين قال : ( إني لم أتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت عليّ رسلكم أن أقدم علينا فأنه ليس لنا إمام ، لعل الله يجمعنا على الهدى ، فأن كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فأن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين أنصرفت عنكم إلى مأمني من الأرض ) - الطبري ج 4 ص 303 والإرشاد ص 226 - ثم اعاد خطابه هذا بُعيد صلاة العصر .
ونفس الشيء قاله الحسين لقرة بن قيس الحنظلي مبعوث ابن سعد إليه حين جاء الحسين وسأله : ما الذي جاء به وماذا يريد ؟ فقال له الحسين : كتب إليّ أهل مصركم هذا ان أقدم ، فاذا كرهوني فانا أنصرف عنهم - الطبري ج 4 ص 311 والإرشاد ص220 والأخبار الطوال 227 - .
حتى إنه يوم عاشوراء خطب في الناس : - منادياً ياشبث بن ربعي وياحجار بن أبجر ويا قيس بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ ان أقدم قد أينعت الثمار وأخضر الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجندة ؟؟ قالوا : لم نفعل ، قال : سبحان الله !! بلى والله لقد فعلتم .. أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف إلى مأمني من الأرض - الطبري ج 4 ص 323 - .
وجملة - دعوني أنصرف - : هي جملة تفيد التوجيه في إتمام الحجة ، وهي ليست جملة وردت في سياق الكلام وحسب بل لها دلالة تعني حتمية الرجوع فيما لو ترك حراً ، فالواقع الموضوعي كان يفرض على الحسين البحث عن مكان آمن ، ولكن جماعة يزيد رفضوا ذلك بعناد وأصروا على جلبه أسيراً بين يدي أبن زياد يرى فيه رأيه ، إن شاء تركه وإن شاء قتله !! ولكن الحسين رفض الإستسلام وبقي مصراً على السلام ، وهنا كان لابد إن تنتهي مقاومة الحسين إلى أحد أمرين لا ثالث لهما :
الأول : وهو الإيمان بالنصر ولو كان بنسبة ضئيلة ، لكنه إحتمال وارد فقد جاء في سورة البقرة 249 قوله تعالى [ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله ] .
والثاني : ان يقع الحسين شهيداً في طريق الهدف والدفاع عن العدالة ، وهذا الذي حصل بالفعل بسبب إصرار يزيد وأعوانه على قتل الحسين – ع - .
يقول الركابي : يجب ان يفرق الناس في فهم ماهية حركة الحسين ويجب ان لا يخلطوا بين الهدف والنتيجة ، كما يجب التركيز على فهم منطق الحسين من غير ضجيج وضوضاء كما يفعله أهل المنابر في العادة ، و منطق الحسين - ع - هو منطق السلام والعدل لذلك نرآه يكرر قوله : [ إن كنتم لقدومي كارهين أنصرفت عنكم ] ، وهو في ذلك لم يكن مازحاً ، بل كان جاداً وعازماً و مصمماً على ذلك بالفعل ، إنه يريد الرجوع بعيداً عن دائرة الحرب وما يقرب إليها .
وحلمه بقيام حكومة عادلة بقيادته قد تبدد بل أصبح ذلك مستحيلاً ، في ظل الواقع الموضوعي أنئذاك ، فالكوفة قد تبدل حالها حين أستولى على زمام أمرها عبيد الله بن زياد وما قام به فيها من أعمال وقتل مروع ، والعناصر التي كانت صادقة في دعوته قد أودعت السجن وحكم على بعضها بالموت ، ولهذا أنتفى الشرط الموضوعي اللازم لقيام حكومة عادلة ، لكنه مع ذلك لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أمل ان يتاح له من جديد بناء جيل أكثر قدرة على مواجهة التحديات والصعاب وأكثر أنسجاماً مع أهدافه ..
يتبع



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - راغب الركابي - الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية لوقعة كربلاء - للشيخ الركابي