أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد صالح مصطفى - طائفيون بلبوس ماركسية القسم الثاني















المزيد.....



طائفيون بلبوس ماركسية القسم الثاني


محمد صالح مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 11:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لماذا لا يمكن اعتبار المرجعية مثل الفاتيكان ؟
ما هو وجه الخطل في المقارنة بين البابا و المرجع ؟
حاجج ماركسيون و شيوعيون مولوهون حد العشق بالمرجعية و حكمتها و عصمتها قائلين لماذا لا تكون لنا مراجع ؟ ما هو الضير ؟ أليس لدى اوربا بابا و فاتيكان ؟
لم تكن المرجعية الشيعية بعيدة عن السياسة . بل كان رجال الدين الشيعة ، كما رأينا و كما كتب شريعتي الذي يعتبر معلم الثورة الايرانية ، يعتبرون كل حكم غير شرعي ما لم يكن ممثلا للإمام الغائب ، و لكن أشكال المعارضة لأنظمة الحكم كانت تأخذ أشكالا مختلفة تبعا لعوامل كثيرة ، و بعد قيام الثورة الإيرانية أصبح الإسلام السياسي الشيعي أكثر نشاطا و صراحة في مسعاه لتقرير الأمور السياسية .
بعد سقوط النظام السابق و ضعت المرجعية كل ثقلها لدعم قوائم احزاب تمثل الطائفة الشيعية و الفكر الشيعي بشكل كامل و تم التأسيس لولاية الفقيه غير المعلنة و قد أقر ذلك و ساهم في صنع هذه الصياغه ، أي صيغة " ولاية الفقيه غير المعلنة " مفكرون ينتسبون الى الطائفة الشيعية قبل غيرهم ، راجع مثلا د. عبد الحسين شعبان في مقاله الموسوم " السيستاني ودولة الفقيه غير المعلنة " ـ الحوار المتمدن . و كانت حكومتا الجعفري و المالكي تسترشدان بالمرجعية في كل الامور الحاسمة تقريبا ، و قد أعتبرت النجف من قبل مفكرين شيعة عاصمة العراق الروحية ( و لكنها في الكثير من ا لامور كانت العاصمة الفعلية حيث لا يتخذ أي قرار كبير بدون موافقتها و مباركتها) ، و عملت رئاسة الوزارة في حكومتي الجعفري و المالكي على تنفيذ البرنامج الفكري و الإيماني الشيعي دون غيره في العراق المتعدد الطوائف و الاديان و القوميات ، أما وجود الشريك في الحكم في العراق اقصد الجبهة الكردستانية فقد كانت من باب الإقرار بالامر الواقع و حتى التنازلات التي قام الائتلاف بتقديمها كانت من أجل المشروع الايماني الشيعي الطائفي و كان تحت شعار اعطني و خذ : الجنوب الشيعي لي و لكم كردستان ، و اذا ما كان من المعروف ان صفقات مثل هذه لن تؤدي إلا الى الدمار فان من الغريب ان تقوم قيادة حزب شيوعي بنصرة فدرالية طائفية مسجلةً بذلك سبقا في مجال التراث الشيوعي جديرا بالتسجيل في سجل كينتس للارقام القياسية . لم يكن معروفا في التراث الماركسي سوى شعار تقرير المصير للشعوب فهل ان شيعة الجنوب بذاتهم شعب من وجهة نظر قيادة الحزب الشيوعي على غرار ما يرغب و يعمل السيد الحكيم دام ظله ؟ .
و حاجج البعض بأن لا ضير في تولي المرجعية دورها في تقرير الأمور السياسية و برره تحت ذريعة أن نظام صدام حسين قد اشاع أيضا الفكر الديني الواحدي أي الفكر السني ، و إن هذه بتلك . و بالرغم من المآخذ على هذه المقارنة إلا أن من الغريب أن يحاجج البعض بما فعله الحكم السابق بالرغم من إقراره انه حكم ديكتاتوري ظالم لجعله مبررا لفعل مضاد و مشابه من حيث الجوهر ، فإذا ما كانت مآخذنا على الحكم السابق صحيحة حقا بأنه اسس لحكم طائفة واحدة و هو الأمر البعيد كل البعد عن الواقع كما سنرى ، فإنه ليس من الصحيح أن يقوم المنتصرون الذين طرحوا نفسهم بديلا لصدام حسين بالقيام بنفس العمل .
و برر مثقفون تدخل المرجعية لصالح قائمة معينة و تدخلها في أمور السياسة ، بل برروا ما هو ابعد من ذلك دورها الحاسم في اتخاذ القرارات المصيرية في العراق . و تجاهل الكثير من المثقفين ناهيك عن بسطاء الناس جهل رجال الدين بالسياسة ، شيعة كانوا ام سنة ، و عدم قدرتهم على الاحاطة بالوضع السياسي المعقد في العراق و عناصره الفاعلة و مستلزمات تطوره كما انهم اشد جهلا بالعوامل السياسية والاقتصادية و الاجتماعية التي تحرك عالمنا المترابط في ظروف العولمة و المعلوماتية ، بل إن بعض هؤلاء المثقفين ذهب الى ما هو ابعد من ذلك و هو اعتبار المرجعية قادرة على كل شيء تقريبا و انها لا يمكن ان تتهم بالجهل في أي أمر من أمور الدنيا ناهيك عن الآخرة .
ما هو الفرق بين الفاتيكان و المرجعية كمؤسسات دينية
و بذا فقد رأى هذا البعض أن المرجعية هي بمثابة فاتيكان البابا في أوربا . و هذه المقارنة أما انها تعكس جهلا فاضحا او انها تعكس مسعى فاضحا و مقصودا لخداع الناس . فكل مطلع يعلم أن الفاتيكان و شخص البابا لا يمتلكون الحق بالتدخل في الشأن السياسي ، كما أنه لم يحصل أبدا في التاريخ القريب أن نصح البابا او الفاتيكان بدعم مرشح دون آخر أو قائمة دون اخرى في أي بلد أوربي او غير أوربي ، و يعلم كل مطلع أن عدد المواطنين المؤمنين في اوربا قليل و هذا القليل لا يستمع الى رأي الفاتيكان الا في اضيق الحدود و في الامور التي تتعلق بالكنيسة والعبادات و قضايا تتعلق بحق الاجهاض و غيرها .
كما أن خطل المقارنة و التعميم يكمن في مكان آخر و هو أن أغلبية الناس في أوربا عدا إنهم ، كما ذكرنا ، من غير المؤمنين بل إن بعضهم اعتنق البوذية أو الاسلام أو ديانات اخرى و ان حرية الأديان و التراجع عنها ( و هو ما نسميه الارتداد ) مكفول للجميع بدون قيد أو شرط و ان الدائرة التي تتأثر بالبابا ضيقة .
إن واقع المجتمع المدني الأوربي و شيوع الديمقراطية و حقوق الانسان مرتبط ارتباطا و ثيقا بفصل الدين عن الدولة أي العلمانية ، و هو الأمر الذي أقر بفائدته كلا الطرفين : الكنيسة و الدولة في أوربا .
فموقع الكنيسة في اوربا و في العالم باعتبارها قائدة للمؤمنين من المسيحيين الكاثوليك حدده تاريخيا فصل الكنيسة عن الدولة و ترسيخ المجتمع المدني أي العلمانية ، و لكن مثقفينا الذين يرغبون بإعطاء المرجعية دور الفاتيكان يرفضون اهم صفة من صفات الفاتيكان أي : انهم لا يرضون بإلغاء دور المرجعية في تقرير الامور السياسية ، وهم انفسهم ألد أعداء العلمانية . فكيف مع كل هذا تستقيم المقارنة ؟ و بذا تتضح الميول الانتقائية في المجال الفكري و هي من اسوأ الأمور و اكثرها انتشارا لدى بعض مثقفي اليوم أي تجزئة العناصر المترابطة عضويا للظاهرة و انتقاء بعض عناصرها دون الاخرى . و عليه فإن بعض المثقفين يريد للمرجعية ان تكون ذات موقع معترف به من قبل السلطة العراقية و من قبل العلمانيين كالفاتيكان و لكنهم في الوقت نفسه يرفضون أن يطبقوا شرط العلمانية الذي يؤطر نفوذ الكنيسة و الفاتيكان .
و إذا ما أردنا أن نعطي المرجعية دورا حاسما في تقرير الامور السياسية و التدخل في توجهات الناخبين فانما يعني ذلك أن الدور نفسه يجب أن يكون متاحا في بلدنا لرجال الدين السنة و المسيحيين و الصابئة مما يعني تمزق لحمة المجتمع و دخوله في صراع ديني عقائدي . وحين يقول قائل أن المرجعية تمثل الأغلبية في العراق ، وهو الأمر الذي يجانب الصواب خصوصا في الوقت الحاضر و في ظل الشروخ الظاهرة في الإئتلاف ، فإن المقارنة لا تستقيم مع ذلك ما دام الفاتيكان مختلفا في الوظيفة جوهريا عن المرجعية و إن نفوذه رغم كل شيء معنوي ارشادي و ليس سياسيا .
مظلومية الشيعة
كان نظام الحكم السابق نظاما ديكتاتوريا دمويا يعتمد الإرهاب و القوة المطلقة لتثبيت نظام حكمه و قد كرس نظام الحزب الواحد الذي هو في خدمة القائد الواحد و كان اهتمام النظام الرئيسي يقوم على الولاء . كان تقديم الولاء للنظام و لشخص رأس النظام يتقدم على غيره من الأولويات بغض النظر عما اذا الشخص مسيحيا ، مسلما ، شيعيا ، سنيا ، كرديا أو عربيا ....الخ . و على الجانب الآخر هناك الكثير من الحالات التي نكل فيها النظام بأقرب المقربين اليه قرابة دم و نسب بمجرد ان رأى منهم ما اعتبره خللا في الولاء و كثيرا ما قرب النظام أناسا لا ينتمون الى الطائفة او القومية التي ينتمي لها قادة النظام اعتمادا على الولاء ، فالديكتاتورية في كل مكان لا دين لها و لا قومية ، فهي تعتمد القوة والقمع و لديها المؤسسات من أجل ذلك .
فهل ما ندعيه صحيح و هل أن ما حصل على ارض الواقع في زمن النظام السابق يزكي ام يتناقض مع هذه المقدمة ؟
و هل أن النظام السابق كان ظالما و قمعيا ضد الشيعة و الأكراد على وجه الحصر كما كتب العديد من الكتاب و كما كانت عليه اخر مغازلة قام بها السيد مسعود البارزاني للائتلاف ؟
هل تقدم لنا البراهين الملموسة والارقام مساعدة لدحض وجهة نظر اولئك المصرين على مظلمة الشيعة الأزلية و خصوصا منذ تأسيس الدولة العراقية ؟
لقد جاوبنا على قسم من هذا السؤال في القسم السابق من دراستنا هذه و خصوصا في زمن الملكية و حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ، و بوسع القارئ العودة اليه و لمن لم تتح له فرصة القراءة نكرر له الجوهري في الامر أن فتوى تحريم الشيوعية من قبل السيد الحكيم و ليس غيره هي التي مهدت الارضية لانقلاب الثامن عشر من شباط و حمام الدم و عمليات الاغتصاب و القتل التي مارسها الانقلابيون . و ضمن السياق نفسه استشهدنا بما قاله الدكتور شريعتي في كتابه " التشييع العلوي و التشييع الصفوي " من أن رجال الدين الشيعة لا يعترفون بأية سلطة و يعتبرونها سلطة غير شرعية طالما لا تمثل الحكومة التي تنوب عن الامام الغائب ، و كيف ، بناء على ذلك ، أن الذي يقبض اموالا من هذه الحكومات حتى لو كانت الأموال هذه على شكل راتب لموظف أو أجرا لقاء عمل فإن الشخص القابض لهذا المال سوف يعتبر من وجهة نظرهم ، كما هو عليه شريعتي نفسه ، شيعيا غير كامل الأهلية لأن الحكومة غير شرعية . و لحل مثل هذه الاشكالات روي لنا شريعتي كيفية الاحتيال على مثل هذه الحالات و كيف أن بعض الشيعة الذين يقبضون اموالا من الحكومة عليهم أن يذهبوا فيعطونها الى رجل الدين لانها اموال حرام ، ثم يقوم رجل الدين بإعادتها لهم على شكل منحة أو صدقة و بذا تصبح شرعية .
الا اننا لم نشر الى موقف نظام صدام حسين من الشيعة و موقف الكثير من الشيعة من نظام صدام حسين و نرى فيما اذا كان صدام حسين قد غلب انتماءهم الطائفي ام ولاءهم .
فعدا أن الشيعة يمثلون أغلبية الأعضاء في حزب البعث حتى السقوط ، و كانوا قبل حرب الخليج الثانية يشكلون أغلبية مطلقة تتجاوز نسبتهم الى السكان ، نشير الى أن أغلب مؤسسي حزب البعث هم اصلا من الشيعة قبل أن يدخل الى الحزب جمهرة كبيرة من ضباط مناطق الموصل و تكريت في أعقاب ثورة 14 تموز 1958 تحت شعار يا أعداء الشيوعية اتحدوا و قام هؤلاء فيما بعد بتعزيز موقعهم في قيادة الحزب بسبب رتبهم العسكرية العالية و قدراتهم الانقلابية و تنفيذهم لإنقلاب 8 شباط ، و مع ذلك فالذي يرغب بمراجعة قيادة السلطة في أعقاب الانقلاب هذا سيجد ان الشيعة كانوا يشغلون المراكز الرئيسية و الحساسة في الحزب و الدولة كما هو عليه فؤاد الركابي و عشرات من الكوادر المتقدمة .
و في زمن حكم صدام حسين تولى رئاسة الوزارة عدا شخص صدام حسين نفسه اثنان فقط هما محمد حمزة الزبيدي و الدكتور سعدون حمادي و كلاهما شيعيان .
و ضمن قائمة المطلوبين الخمس و الخمسين من قبل القوات الأمريكية في أعقاب سقوط النظام كان الأغلبية من الشيعة .
و قد شغل الشيعة مفاصل مهمة و حساسة في قيادة الدولة العراقية في زمن نظام صدام حسين . و أصبح من المؤسف أن يحتاج المرء ليعرف فيما اذا كان هذا او ذاك من المواطنين العراقيين شيعيا ام سنيا ، و لكن الاصرار على نغمة ان نهاية نظام صدام حسين كان نهاية لحكم السنة و أن الطائفة المظلومة قد اتيحت لها الفرصة الآن فقط لتولي المراكز هو مجرد كذب وافتراء واضح من جهة ، و هي من جهة اخرى تلزم الباحث المزيد من الغوص و التقصي في هذا العمل المؤسف الذي كنا نظن اننا لن نكون مضطرين اليه ألا وهو البحث عن تفاصيل الانتماء الطائفي لبعض العراقيين .
و بقد تعلق الامر بالمؤسسات الثقافية على اعتبارها الجهة التي تربطنا بها علاقات مهنية فقد هيمن الشيعة على كل شيء تقريبا : المؤسسات الثقافية و خصوصا في وزارة الثقافة والاعلام و دائرة الفنون و دائرة السينما و المسرح و اتحاد الأدباء و الشعراء الشعبيين والصحف اليومية و النشاط الثقافي عموما .
فقد شكلوا الأغلبية الساحقة من الذين تولوا إدارة دائرة الفنون ، آخذين بنظر الاعتبار عدد الاشخاص انفسهم أو المدة التي تولوا فيها المسؤولية ، ( المرحومة ليلى العطار مثلا و بهيجة الحكيم على سبيل المثال لا الحصر ) و كانوا في فترات معينة يمثلون كل مسئولي قاعات العرض الرسمية ، كما كانوا المهيمنين على ادارات تحرير الصحف وادارة الاقسام و كانوا يشكلون الاغلبية الساحقة من الكتاب في كافة المجالات ، و شكلوا الاغلبية في الهيئات التدريسية في عمادة أكاديمية أو كلية الفنون الجميلة و معهد الفنون الجميلة و هيئاتها التدريسية و شكلوا الاغلبية الساحقة بين طلاب اكاديمية الفنون الجميلة رغم أن القبول في هذه الكلية كما و التدريس فيها كان حصرا للبعثيين ، و كان منهم رؤساء تحرير الصحف العراقية حينذاك و التي كانت تمثل حصرا اما حزب البعث أو الحكومة او مؤسساتها كرئيس تحرير صحيفة القادسية و هي التي تمثل مؤسسة حساسة معنية بالتوجيه السياسي في الجيش اضافة الى أن فريق العمل في هذه الصحيفة و غيرها كان في اغلبه منهم ، هذا اذا لم نشر الى الصحف الأخرى التي كان يهيمن عليها أبناء " الطائفة المظلومة " في زمن نظام صدام الطائفي !!
و في اعوام السبعينات قدم طلب الى رئيس الجمهورية آنذاك أحمد حسن البكر للحصول على قطع اراض لأعضاء اتحاد الادباء و قد طلب البكر قائمة بالاعضاء وحين قدمت القائمة سأل : كم من هؤلاء بعثيين ؟ فكانوا سبعة أو نحو ذلك جميعهم من الشيعة ، و لكي نتجنب ذكر الاسماء و التي يعرفها مثقفونا نسأل فقط على سبيل المثال لا الحصر من هو مؤلف الأيام الطويلة التي تحولت الى فلم عن حياة صدام حسين ؟ و نسأل كذلك عن شعراء القادسية . و كان اغلب الشعراء الشعبيين من الطائفة كذلك كان منهم أغلبية المغنين في الاذاعة بما في ذلك الذين غنوا و لحنوا و كتبوا الكلمات للقادسية .
و لو قمنا بجرد يتحرى الحقيقة لأتضح لنا حجم الزيف الذي يحاول أن يسوقه بعض المثقفين و لكنني اسوق مثال واحد فقد صرح ( هـ . ي ) و هو شاعر و مقدم برامج في التلفزيون العراقي ان جميع المؤسسات التي اسسها عدي صدام حسين مثل اتحاد الأدباء الشباب و الصحف التابعة لها و محطة تلفزيون الشباب و منتدى المسرح تقاد و تدار من قبل " جماعتنا " و حين سأله أحدهم أي جماعة يقصد قال الشيعة .
نحن نعرف تماما من هم من آنفي الذكر و غيرهم من الذي عاد و تسلق الواجهة و غير جلده ملتحقا بأحد الاحزاب الدينية أو حزب اليسار لكي يقوم بقيادة المؤسسات الثقافية مرة أخرى مدعيا بأنه كان مقصيا في زمن النظام السابق ، رغم أن العديد منهم كانوا من صنائع صدام حسين و من الذين اشبعوا دوائر الامن البعثية بالتقارير ضد الاناس الشرفاء ، و أن الشرفاء من الشيعة من الذين كانوا حقا ضد النظام الدكتاتوري قولا و فعلا كما هم من الطوائف و القوميات الاخرى هم الآن مقصيون كما كانوا سابقا في زمن النظام السابق ، و لعله ليس من المبالغ به أن نقول أن أي نظام حكم سابق لم يشهد تسلق الأدعياء و المزيفين على المؤسسات الثقافية كزماننا و كحكمنا هذا .
ضرورة الانفراد بالاضطهاد
ينزعج منظرو الطائفة اذا ما مورس الارهاب و القمع ضد غيرهم و يجعلونه امتيازا لهم ، و قد رأى منظرو الفكر السياسي الإسلامي الشيعي ضرورة انفراد الشيعة بالظلم لأن الشعور بالمظلمة و تعزيز هذا الشعور يقوي الشعور بالانتماء الى الطائفة بدلا من الولاءات الاخرى كالولاء الوطني ، و قد شمل هذا حتى المتعاونين مع النظام و الذين قدموا له خدمة لا تقدر بثمن من الشيعة من الذين عملوا في المؤسسات الامنية و القمعية و كذلك العدد الكبير من الذين دبجوا المقالات و الروايات و القصص و الأفلام لخدمة ماكنة النظام الإعلامية في أحلك مراحلها الحاسمة و خصوصا في اوقات الحروب التي راح ضحيتها مئات الالوف من ابناء الشعب العراقي .
الإرهاب العابر للطوائف
إن أي طائفة أو قومية لا يمكن أن تكون موحدة في الموقف من حكم او نظام ما أو أن تحمل صفة واحدة موحدة عامة ، فالولاء لهذا النظام أو ذاك و هذا السلوك و ذاك الموقف امر تقرره عشرات و مئات من العوامل المتعددة و التي يصعب تتبع اثرها ، و لكن محاولة اضفاء صفة جمعية على الطائفة ، كأن تكون هي الطائفة المظلومة ، هي مشكلة المشاكل . أي إن المشكلة بتعبير آخر تكمن في التعميم . إذ بالانفراد بالظلم يسعى مؤدلجو الفكر السياسي الشيعي الى تكريس المكاسب حتى لعملاء النظام السابق من الشيعة ، و به يسعون ايضا لإقصاء الشرفاء من السنة أو الطوائف الأخرى حتى من المعادين للديكتاتورية متمسكين بكذبتهم الشهيرة : " لقد حكمتم و دعونا نحكم الآن " !! و بنفس القدر تسعى نفس هذه الأطراف الى إلحاق الصفات الشريرة بالطائفة الأخرى ، فالإرهاب سني و ليس وهابيا أو قاعديا او بعثيا كما يشاء البعض . بل حتى هذه الصياغات رغم إنها أضيق دائرة من الطائفة إلا إنها خاطئة أيضا و تنطوي على تعميمات من النافع تجنبها ، فليس البعثيين كلهم مع الارهاب بل إن العديد من البعثيين كان ضحية الأرهاب ، و كان العديد منهم ضحية ارهاب القاعدة بسبب ايمانه بالعملية السياسية و رغبته بالاندماج بها .
و أما محاولة اضفاء صفة الارهاب على السنة فقد تمظهر بمختلف الأشكال منها ان الصحف و وسائل الإعلام الموالية للسلطة أو لأحزاب الإئتلاف قد اعتبرت أن الأرهاب هو سيارات مفخخة فقط ، اما التصفيات التي تمت على يد فرق الموت على الهوية فلا تشير لها وسائل الاعلام الموالية للحكومة و للتيار الديني السياسي الشيعي ، و قد شاعت صياغة الخبر حينما يكون الضحايا من الشيعة أن يشار إلى أن عملية ارهابية قد ارتكبت ضد اتباع اهل البيت اما اذا كانت العملية ضد طائفة اخرى فلا يشار في الغالب الى هويات الضحايا و في الحالتين فإن الضحايا عراقيون تجمعهم المواطنة العراقية التي لا تكن لها و سائل الاعلام الطائفية أي ود . و أهملت و سائل الأعلام هذه حقيقة ان السنة كانوا ضحايا الأرهاب القاعدي أيضا ، و قد ابتدأت العمليات ضد من كان يرغب في ا لاندماج بالعملية السياسية بعد السقوط مباشرة ، إذ تم اغتيال الآلاف منهم في بغداد و ديالى و الرمادي وتكريت و الموصل ..الخ ، بل بلغ الأمر أن سكان بعض المحافظات كانوا تحت رحمة الدولة الإسلامية القاعدية في المحافظات السنية و المختلطة و خصوصا من الشيوعيين و العلمانيين أو من الذين تجرئوا و شربوا كأسا من الكحول أو من العاملين في الشركات او اجهزة الدولة من جهة ، و كانوا من جهة أخرى و استنادا الى الهوية هدفا لفرق الموت و خصوصا في زيارتهم للعاصمة بغداد و بذا كانوا مهددين من الجانبين على حد سواء . و بلغت المأساة حدا ان بعض الذين هربوا من تهديدات القاعدة الى العاصمة بغداد قد واجهوا فرق الموت التي قتلتهم على الهوية فقط لأنهم من المحافظة الفلانية و تم العثور على جثثهم من قبل ذويهم على السدة كما تسمى .
و قد أدى تطور الأحداث المأساوي الى ترسيخ حقيقة إن الإرهاب كان شاملا لكل العراقيين ، فها هي احداث سنجار المأساوية وقبلها من الحوادث قد اثبتت أن لا أحد بمنجى من الارهاب بغض النظر عن قوميته و طائفته و دينه .
و تمظهر التزييف الإعلامي من جهة اخرى بجعل الطائفة الشيعية بعيدة عن التورط بممارسة الإرهاب و إنه مرتبط بالسنة فقط و لكن الأيام اثبتت أن الأرهاب عابر للطوائف .
جند السماء
و قد جاء حادث تصفية ما أطلق عليهم جند السماء حين كانوا على مشارف النجف ليؤشر مظهرا آخر من مظاهر التظليل ، فقد صرح محافظ النجف بعد المجزرة أنهم ليسوا شيعة ( فتصفيتهم بطريقة وحشية تقتضي أن يكونوا إرهابيين و الا لماذا التصفية و تدخل الطائرات ؟ و بما أن الشيعة لا يمكن أن يكونوا ارهابيين فهم اذن يجب أن يكونوا سنة ) .
و لكن الوقائع كذبت ذلك بسرعة خصوصا و أن الكثير من شخصيات الضحايا معروف و معلوم لأقاربهم و أهاليهم فسارع الناطق الرسمي بإسم رئيس الوزراء السيد علي الدباغ قائلا : لا بل هم شيعة و لكنهم .. ( انتبه لذكائه رجاء ) مهدوية على طريقة المهدوية الموجودين في السودان ؟؟!! اذن هم مهدوية ليس على الطريقة الايرانية و لذا اقتضى التنوية .
اما التطورات اللاحقة فقد دوخت المطبخ الاعلامي للائتلاف فقد تصاعدت مصادمات جيش المهدي في كل محافظات العراق الجنوبية تقريبا و استخدمت نفس الاسلحة التي استخدمها جيش المهدي ضد ( المحررين ) الأمريكان و لكن هذه المرة ضد اجهزة السلطة نفسها الجيش و الشرطة و الجهاز الاداري ، ثم تم اغتيال محافظ الديوانية و مدير شرطتها بعبوة خارقة للدروع و توالت الحوادث بدون رحمة شاملة مئات الألوف من الناس المسالمين في حوادث اختطاف و سرقات و نهب للمال العام و فتح الأبواب امام النفوذ الاجنبي بشكل غير مسبوق كل هذا و يرفض المسئولون الحكومية و وسائل الإعلام الطائفية اطلاق صفة ارهابي على بعض الشيعة مهما فعلوا.
و صعدت بشكل طالباني من قبل طالبان الشيعة هذه المرة الممارسات البشعة ضد النساء و خصوصا في البصرة ، و اغتيل شرطة الحلة من قبل ميليشيات وعصابات الائتلاف و تجري محاولات لتشويه التحقيق و حرفه عن مساره و لصق التهمة كما هي العادة بالبعثيين و القاعدة .
و رأي منظرو الطائفة أن على الطائفة أن تكون نقية موحدة كشخص واحد ، و أن تكون ذات موقف جمعي واحد ، فهي مسالمة بالكامل و مؤمنة بالعملية السياسية بالكامل و خلف المرجعية بالكامل ...الخ . هذا هو منطق الفكر الطائفي ، و هذا ما تكذبه الوقائع يوما بعد يوم و بدون رحمة ، و لكن للأسف أيضا بدون استخلاص الدروس الضرورية منه من قبل بعض مثقفي الطائفة و مديري مطبخ الطائفية الذي حشدت له مئـات و آلاف وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و الألكترونية .
خلاصة
طالت عمليات القاعدة مسلمين سنة و شيعة و طالت العرب و الأكراد و المسيحيين و الكلدو آشوريين و جميع مكونات الشعب العراقي ، و أخيرا كما راينا الايزيديين ، و ليس الشيعة فقط . و طالت فرق الموت و عناصر جيش المهدي في عملياتها السنة قتلا على الهوية كما طالت الشيعة في الناصرية و الديوانية و البصرة و غيرها من المحافظات من العناصر التي تريد فرض القانون من جيش و شرطة ..الخ ، و بذا طالت تقريبا كل مكونات الشعب العراقي أيضا ، و قامت قوى من الائتلاف فور سقوط النظام بتصفية عناصر عديدة من ضباط الجيش العراقي و من الطيارين و الكثير من المنتمين الى حزب البعث حتى من المسالمين أو من الذين أكرهوا على ذلك و خصوصا في جنوب العراق بدون محاكمة و مسائلة ، و كان ضمن العسكريين و البعثيين الذين اغتيلوا مسلمين شيعة و سنة ، و قتلت العديد من النساء في محافظات الجنوب من قبل الميليشيات الشيعية اما بسبب الانتماء السياسي السابق ( اتحاد النساء مثلا ) أو من اللواتي يمتلكن محلات حلاقة و تجميل للنساء كما قتلت العديد من النساء العاملات بسبب الحاجة او العوز في المؤسسات التابعة لقوات التحالف و خصوصا في البصرة و قتلت العشرات و المئات من النساء في ظل الانفلات الأمني على الشبهات . راجع مثلا مقالات الدكتور كاظم حبيب بهذا الصدد .
و بذا فان الأرهاب كان و سيظل عابرا للطوائف و سيتخذ اشكالا متعددة و لكنه سيبقى في الجوهر أرهابا رغم مساعي البعض لجعل الأرهاب ذا شكل واحد و أسلوب واحد .
و لكن آخر وثيقة صدرت عن القوى السياسية الرئيسية في العراق في تحالف المعتدلين تقع في الخطأ نفسه في تحديد الجهات الإرهابية حين تشير الى الإرهاب الصدامي التكفيري و كان الأولى القول : " الإرهاب بكافة أشكاله " .
التكفير و التكفيريون
في موضوع منشور على صفحات ايلاف و مواقع أخرى كتب السيد غالب حسن الشابندر مقالا يجانب الانصاف و العدل في عنوانه و محتواه و هو : " التكفير ظاهرة سنية " . و قد سارع الكاتب محمد العبدلي بالرد عليه بمقال بعنوان " التكفير ظاهرة إسلامية " و قد ساق السيد العبدلي أمثلة كثيرة على أن التكفير قد مورس من قبل قيادات دينية شيعية معروفة و اعتبر انهم كانوا سباقين اليه و خصوصا فتوى السيد محسن الحكيم بأن الشيوعية كفر و الحاد ، و كذلك أشار الى أن قائد الثورة الايرانية الخميني قد كفر سلمان رشدي استنادا الى كتابه آيات شيطانية و دعا الى تصفيته كواجب اسلامي حيثما تم العثور عليه .
و في أعقاب العملية الاجرامية بتفجير مرقدي الامامين في سامراء انهال سيل من فتاوى التكفير و الدعوة الى القتل من قبل رجال دين و دعاة من الشيعة ، ففي فتوى متلفزة أشار السيد الشيرازي الى ضرورة قتل الوهابي النجس و قتل من يؤيده من رجل دين أو غير رجل دين بل و قال بقتل من لا يؤيد قتله. و لكن السؤال كيف سيستطيع الاتباع عندئذ أن يميزوا الوهابي عن جموع الناس لقتله ؟ الامر بسيط و هو أعتبار كل سني هو وهابي . هكذا فسرت فرق الموت الفتوى و قامت بقتل السنة على الهوية بعد امتحان بسيط لمعرفة الطائفة بضعة اسئلة تفصلهم عن الموت بأبشع الصور . و في خطبة متلفزة قال السيد حازم الاعرجي ان انتظار الفتوى لقتل الوهابي النجس هي انتظار سلبي ، ثم اضاف خذ سلاحك و قاتل ! فالفتوى موجودة .
و بذا فان المشتركات بين الطوائف الاسلامية في ظل الإسلام السياسي ، شيعيا كان أو سنيا اكبر بكثير من الاختلافات و خصوصا تصفية الخصوم تصفية دموية و لكن الكثير من ادعياء الماركسية يخافون الحقائق .
يتبع القسم الثالث : طائفيون بلبوس ماركسية ـ العصمة



#محمد_صالح_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائفيون بلبوس ماركسية
- مقدمات صعود الإسلام السياسي
- القضية الكردية و التحولات الحاسمة


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد صالح مصطفى - طائفيون بلبوس ماركسية القسم الثاني