عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 12:40
المحور:
مقابلات و حوارات
حوار مع الشاعر : عايد سعيد السراج
أجرى الحوار مع الشاعر : الكاتب و الصحفي محمود البعلاو
* عايد سعيد السراج 00 شاعر يعيش عدة عصور , بروح ٍ ذات شفافية ٍ مبدعة ٍ , ثائراً على كل القيود , لم تستقبله الأرض , ولم تُرحب به السماء , له فضاءات إبداعية ذات أطوار مختلفة , ينحتُ مرة من تراث الفرات , ويحاكي في الأخرى سموات البوح, ويصارع في الثالثة ديوان العرب0
تأخذه القصيدة إلى أجواء ٍ غايةٍ في الغرابة 00 يكتب ويمزق إلى درجة أنه مزق العديد من الدواوين الشعرية0
كتب الشعر العمودي فأبدع فيه لدرجة أنك تخاله أبنا لجميع العصور, كما كتب شعر التفعيلة , واستقر على قصيدة ٍ أسماها القصيدة الحرة المركبة , التي تأخذ من المتصوفة لغتهم وعمقهم , ومن القرن العشرين رؤاه وإبداعاته0
وترجمت له العديد من القصائد إلى اللغتين الألمانية والإنكليزية , كما صدر له ديوان : أشق عصا الطاعة وأعشق عام 1987 وكذلك ديوان / الدائرة/ عن دار البلاغة عام 1997 – وديوان شعر شعبي فراتي بعنوان / قطا وليل و الكدري / عام 1997 وديوان / قدمان مائيتان / إصدار خاص عام 2005 , يكتب في الدراسات النقدية وهو يسميه / نص نقدي/ ( له أكثر من مخطوط قصصي وروائي لم يطبع بعد , وهو يرفض أن يكون عضواً في اتحاد الكتاب العرب السوريين 0 التقيناه في إحدى أماسيه الأدبية بالرقة فأثرنا معه هذا الحوار0
س1- الشاعر : عايد سعيد السراج 0 ما الحداثة برأيك 0 وما الكلاسيك في الشعر 00؟
ج1- الشعر ضرورة حياتية ونفسية , وهو أرقى أشكال التعبير عن عمق الذات البشرية , هو السمو والرفعة , وفيه ومنه يكمن الدخول إلى ملكوت الجمال والمَقَدّس , بعيداً عن إسفاف الواقع و اشكالياته, وعبر مسيرة الإنسان دائماً هناك بحث عن الجديد, وما المقصود بالجديد جديد من هو 00؟ الكلاسيك ماض يحترم ويجب الوقوف عنده كثيراً0 تاريخنا عريق بماضيه الجديد المبدع 0
إنما في زمن / الحاسوب/ والعلوم المذهلة يجب أن ننظر للأشياء بمفاهيم جديدة 0 المدارس الأدبية كثيرة ولدينا مفاهيمنا , قديماً في الأدب , على الرغم من أنه لم يكتب عنها إلا النادر 0 ولدينا قرآن عظيم 0 كذا لدينا شعر المتصوفة, منْ منَ النقاد الذي وقف عند شعرنا الآخر ؟ عبر تاريخنا الطويل ؟
أقصد الشعر غير العمودي في تاريخنا 0 فالشعر المرسل العربي يسبق جميع المدارس الأدبية الحديثة- من بنيوية – وسريالية 00 ورمزية وغيرها أين هم من شعر السهروردي , الحلاج , وابن عربي , بل أين هم من بديع الجاحظ , ونهج البلاغة ؟ أن ذلك أدب نعتز به , ولكننا إما نجهله أو نتجاهله , وهناك الكثير من الإبداعات الحديثة في الشعر العمودي الذي تحرر من الصناعة الماضوية 0
الوزن لن يعد ضرورة للتعبير الشعري , ربما الإنسان في الماضي كان يحتاج إلى الحفظ غيباً لعدم توفر الطباعة, وكان أيضاً يحتاج إلى هذه الموسيقا , وكان مُصراً أن يوصل ما يريد , وأن يقول الذي يريد, وأن يشرح أموره بهذا الشكل وهذا المضمون0
أما الآن فالمسألة مختلفة تماماً , فالعربي القديم ابن بيئته , ونحن لنا زماننا أيضاً , فالمأساة تكمن عند هؤلاء الذين يعيشون في الماضي بكل مفاهيمه الفكرية والأدبية متناسين عصرهم 0 دعونا نكون أكثر حرية في التعبير , فالأمراس الكتان , والصم الجندل , بدأت تستغْيثُ منا 0
ثم أنّ المدارس الحديثة في الأدب, تشكل جميعها وحدة متكاملة بشكل ما , على الرغم من الاختلاف غير العادي فيما بينها , إذ أنها جميعاً تمثل بستان يُفيد منه الأدب , بهذا الشكل أو ذاك 0
فالّلذيْن يتصارعان على مفهوم مدرستْي أدب , هما ديكان يصيحان على مزابلهما , كل يريد أن يلفت نظر دجاجته لا أكثر 0
إذ أن المسألة أكبر وأعظم من ذلك بكثير0
س2- كيف تنظر إلى الساحة الأدبية والشعرية في العالم العربي , وما رأيك بحالة التخبط بين الشعراء؟
ج2- حالة التخبط هذه تمثل إشكالية غير عادية, إذ ترى كبار الشعراء في العالم العربي لا يستطيعون تحديد مفاهيمهم للشعر , لذا ورَّثوا الأجيال التي تلتهم , أحاجي مبهمة , وضلالات كثيرة , لأنهم هم أنفسهم لم تتكون بعد لديهم رؤاهم الخاصة0
ولا زالوا يعتاشون على مفاهيم غيرهم , فالبعض يُشَرَّق فتهب عليه رمال الصحراء, فيترك ناقته وينسى كوفيته فيعود إلينا بلحية / ُطويس/ والبعض الآخر يُغرّب , فَيَضلُّ ويعود إلينا صعلوكاً ضليلاً تهزه منه قروحه 0
إنني أرى أنّ الكثير من الشعر الذي كتب , والذي يكتب , هو كلام مسلوب الروح والجسد , وأنا مع قول الشاعر فاضل العزاوي ( لا يكفي الشاعر أن يعيش في عصرنا حتى يكون شعره / حديثاً / لأنه ما لم يدرك روح هذا العصر ويستوعبه إبداعياً وجمالياً ما لم ير أفق الحداثة ويخترقه , كاشفاً لنا عن أعماقه وأسراره وتجلياته فإنه لن يختلف عن أي شاعر هامشي مر بتاريخ البشرية ) لذا فإن الشعر العربي الحديث الإبداعي بدأ يتنفس الآن معلناً عن قدومه , بالكثير من الصبر والأناة , وإن الكثيرين من الشعراء الذين كانوا بالأمس القريب عمالقة بدأوا يفقدون بريقهم الآن, لأنهم علكوا أدباً ماضوياً وبصقوه لنا ماضياً 0 وبذا يكونون قد شوهوا الشعر القديم , وأساؤا إلى مفهوم الحداثة , وأعطو مثالاً رديئاً للأجيال التي تتلمذت على خبزهم البائت0
س3- ما رأيك في الأدب في مدينة الرقة؟
ج3- الرقة بحيرة مواهب كما قلت سابقاً في لقاء مع مجلة ( أسرار الشرق الأوسط) وأغلب الذين يكتبون في مدينة الرقة – يكتبون أدباً جميلاً والبعض منهم يكتب أدباً إبداعياً ولكن القسم الأعظم من الكتاب , يكتب على عجالة وتنقصه الموضوعية والثقافة والصدق, على الرغم أن المؤسسات التي تعنى في الثقافة في المدينة , تعمل بإصرار لتخريب الثقافة , وخلط الأوراق , وإظهار الأدب على أنه عمل دعائي محض , وابعاد العمل الإبداعي بل ومحاربته وإظهار المرتزقة كوجوه إعلامية أدبية في المدينة 0
س4- تحفل تجربتك الشعرية بالرموز والدلالات التي تعكس هواجسك هل تعتقد أن اللجوء إلى الدلالات والرموز تعويضاً عن فقدان الحرية في الكتابة ؟
ج4- حياتنا كلها رموز ودلالات السؤال هو أين لا توجد رموز في حياتنا ؟ إذ أن حياة البشر كلها رموز وبالتالي كلها هواجس لا متناهية إنني أستخدم الأسطورة وأتكئ على مفاصل وانعطافات تاريخية لإسقاطها حاضراً , إن مقدار فقدان الحرية , والشعور المتأزم بشكل دائم , ومحاصرة الكتاب الأحرار, يجعلنا نبحث عن التعمق , شعورنا بالضعف أمام عظمة الكون يجعلنا نتمثل الذات الإلهية 0 نبحث عن البريق الذي يخطف الأبصار وعن العدم الذي يوصلنا إلى الحقيقة 0
نبحث عن سمواتنا وعن ليل دافئ تبزغ فيه شموس كثيرة يتطاول حلمنا إلى أبعد نجم ونحن نقطف باليد الأخرى وردة جوري , خاصة ونحن محاصرون بكل وسائل القمع 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟