أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه















المزيد.....

حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 657 - 2003 / 11 / 19 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


حينما تشرع الذاكرة ينهض الحلم ... فتاتي المدن طافية على عرش البحر ... تصافح اكف الريح ... ثمة وجع يعصر القلب .. رائحة الاغاني واحلام المرايا .. ووجوه المدن

تتسابق ...

أيمان ... تجذبني الشهوة نحو ابواب المدن المشرعه ... اقتنص حكاياها من مزارات مخضرة بلون الحناء ... تطفو شموعها الموقده على شواطئ الامل ... الشعير المنثور لفرس غائب ... الدعوات ... الابتهالات على الضفاف عند الغروب ... اطلب مرادك من الغائب ... المدينة تنبض ... الانتظار ينبض ......

أيمان ... استجمع في وجهك كل ابتهالات الناسكين ... دعاء الصوفية ... التركيز العرفاني .... تفتح المأذن باب صمتها , ترفع المساجد اكف قبابها ... تدعو السماء ..

المدينة تتضرع والسماء ترمقها بعين العطف ... اولادها الغائبون .. متى يعودوا .. اولادها الراحلون بشيء من الوجع ... تكشفت الغيوم .. ازاحة الظلمة ستارها .. افاق الضياء ... آن الآوان ان تنهض ايها المسافر في اللاعوده.

ايمان المدينة تحتضن بين اضلاعها ثلاثه , الشرقي , الغربي , القشله ... لم يفصل بين هؤلاء سوى خيط وهمي ... انتزجت رائحته بخبز التنور ورائحة ( الحرش ) المقلي .. سبقتني الذكرى فاتتني محملة بمخبرة تحمل رائحة جدتي ودعواتها البريئة( اللهم احفظه واكفه كل شر ) .. هاأنذا اقف على قبري استذكر .. الصبا ... ( ام عبودي) وهي تبيع ( الحصرم والعسليه ) ..( فخرنده) وبيتها الخربه التي يصنع بها ( المداد) ... ام

جارتنا ( ميري ) التي تحمل هم السنوات المغبره وزوجها ( رشيد ) المؤذن واولادها

او ( نوعه ) ومشاكساتها للاخرين التي لاتحمل صيغ العنف ...أم ( كتبه ) وعربة النفط التي يجرها حصان هزيل انهكه الجوع وكلح وجهه كما ابصرها انا ..

كنا يا ( ايمان ) نتلاقف السنوات ككرة نتقاذفها وتتقاذفنا .. ( عبودي سنيه ) وجثته الضخمة وزحمة شلله النصفي .. حينما يمر امامنا نتقاذفه بالصراخ .. وبالكلمات الطفوليه .. لكي يطاردنا بحجر .. نهرب .. نحو السعاده .. وهو يركض وراءنا ..

ساخبرك يا ( ايمان ) عن ( عبد الزهره) وكنا نطلق عليه ( ابو زويعه ) حينما كان يغني بصوت شجي عال وكم كنا نصفق له .. كان يطربنا شدوه وهو يغني .. لم يفلح في الدراسه فقد ترك الدراسه من الابتدائيه وامتهن السياقه .. ترى هل هو الان كما كان ام ترى ماذا حل به ... وهل كان صوته يطرب كما عهدناه !!!

( خضير باكيزه ) وعربته المزركشه التي يجرها حصانين والتي كانت تنقل الناس من منطقة الى اخرى .. رغم ان المدينة لم تكن كبيره وكان يزاحم في عمله هذا ( سبع ) صاحب المهنة الاقدم في المدينة وكانوا يطلقون على هذه العربه ( الربل ) ...

اما يا سيدتي ( عطب ) صاحب الافكار الشيوعيه وكان يحتسي الجعه على طريقة

( جان دمو ) او ( جبار الغزي ) , هذا العامل الذي يحب ان ينظر كيفما يحلو له , في ذات مره كان ( عطب )هذا في مقهى للعمال في السماوة وكان مخمورا , صعد على

( التخوت ) واخذ يخطب بالجالسين ( يا عمال العالم اتحدوا ) وبينما هو كذلك اذ رأى شرطيا للامن يقترب من المقهى وفي ذلك الوقت كان يسمى ( السري ) .. اتعلمين ماذا قال يا سيدتس ... ما اجملها من مزحة يمزجها الخوف ( يا عمال العالم تفرقوا ) واشار الى الشرطي السري ( عمي فرقناهم بعد شتردون ) .. اما ( كريم ) كانوا يسمونه

( ابو العرقو) كان لديه عاهة مستديمه منذ الطفوله شد في عضلات جسمه فحينما تاتيه الحاله يقف ويده خلف ضهره ويرتجف ويحرك رجله وينكمش وجهه كان هو الاخر , من جيل النضال السري .. كان دائما يحمل في جيبه الخلفي ( طريق الشعب ) و يحمل معه عبثيته ... كانت تلك اشبه بالحلم مر سريعا وما اجمل الامس وحكاياه ...

اما يا ( ايمان ) حكاية امراءة اسمها( ربيبه ) كانت تعمل السحر لمن هجرها زوجها او من فقدت حبيبها .. كانت تعمل ذلك والنساء متيقنات بها .. ومؤمنات ان ( ربيبه ) هذه ستعيد لها زوجها او حبيبها ... اتعلمين يا سيدتي انها في كل ليلة يضربها زوجها ضربا مبرحا حينما يعود سكرانا ويطردها هي واولادها ... ياللسخريه .. انها المهزله المضحكه .. كيف تعمل للنساء هذا ولا تعمل لنفسها شيء.. وهي تدعي انها تصنع للاخريات السعاده واشياء اخرى .

اما يا ( ايمان ) عالم النساء اللاتي يقراءن في الماثم والمناسبات الدينيه وكنا نسميهن ( الملالي ) فلهن طابع خاص كن يرتدين ابهى الملابس ويضعن العطور .. وكن مجاميع وزمر فكل ( مله ) مجموعتها ومريديها وكانت هذه المجاميع تسمى ( الباجيات) وكانت لكل واحدة منهن مجموعة من الشابات اللاتي يتعلمن القراءة على يد المله يسمونهن ( الصانعات ) ... كانت اشهر الملالي في هذه المدينة .. ملة ثمينه .. وملة مكيه والمله جواهر ( ام وسيله ) التي اخلفت ابنتها على هذا العرش .. وملة فاطمه وملة كميله و... و .... الخ .. من الملالي الاقل شهرة وما اجمل شدوهن وحنين

اصواتهن الجميله ولهن عالم خاص في المزحه والهزل ويكثر في الماتم لايعلمن كيف ياتي .. كان زيهن او ما يرتدين هو ( الهاشمي .. والشيله .. والجرغد )ززكن يجدن صنعتهن باتقان محكم ... آه ... كم اشتقت الى تلك الالوان والانغام العفويه والى صوت المله جواهر الصوت الشدي والكلام المفعم بالحزن والحنين .. حينما كنت صبيا كنت اتمنى ان اموت وهن يرثينني .. لما ارى من جمالية في ذلك .. هكذا كان تفكيري

الطفولي ... يدفعني الى ان افكر بذلك..

اتعلمين يا ايمان ان جدتي كانت صديقة لكل ( الملالي ) والاكثر التصاقا كانت حميميه

مع ( المله جواهر ) كنت اناديها ( جده ) كنت اعرف انها جدتي الثانيه وكانت تحكي لي انها كانت حاضرة في ولادتي وزغردة حينما وطئت الدنيا وقالت كثيرا من الشعر

اخبرتني به لكنني نسيته يا ( ايمان ) الان .....

ايمان اتعلمين ان هناك امراءة يقام لهل ( المله ) بالرغم من انها لم تقراء في اي مجلس ولم تكن في يوم من الايام ( مله ) تمارس نفس العمل لكنها كانت تشجع الملالي وتدفع بهن كان اسمها ( المله ام عماد ) كانت تمثل في مجلس عاشور دور ( الشمر)

حينما كن الملالي يعملن ( التشابيه) ...

آه ... ما اروعها من ذكريات ... يستطيب لي ان اسرد لكي كل شيء ... ولكني ساجعلها واحدة تلو اخرى .. كحكايا الف ليله وليله .. او كحكاية كليلة ودمنه ... وساسرد عليك حكايا اكثر شوقا عن المدينة الترابيه مدينة كلكامش .. واحفاده السماويون .... ساحكي لك يا ( ايمان ) عن الحلم الذي لايزال يؤرق ليلي .. حلم السماوة .. وملاعب الصبا .. ساكتب لك عن عماتك وخالاتك .. عن اهلنا .. ومدينتنا .. عن الناس الطيبون .. عن امواتنا واحياءنا .. عن القلوب التي توقفت عن النبض ..عن القلوب التي ما زالت تنبض عن تراب المدينة ومن عاش ومات عليه ..

ايمان سجلي في دفترك الضغير عن المدينة الكبيره .. عن الحلم .. الذكرى ..

عن السماوة واهلها .. فسلام على السماوة .. يوم فارقتها .. ويوم التقيها .. سلام على الريح القادمه من مدينتي .. سلام على اهلها .. على السماويون ولنا موعد اخر على شواطي الفرات .. .. والنخل .. والارض .. والاهل .. والى لقاء اخر وحكاية اخرى ...

نجـــم عـــذوف

النـــرويــج
 



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحلم.....فيسترخي البحر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثالثه
- نصوص غير مرئية
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة الثانية
- حينما نفيق لاتوجدأرقام
- هروبا نحو لقاء اخر الى /ايمــــــان
- حكايا من مدينة كلكامش
- هناك بارض الرافدين اضرحة اخرى تنتظرنا
- الظـــل
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى/ الشاعر المرحوم قيس لفته مراد
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى كمال سبتي
- رثـــــاء الصمـــــــــت


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه