أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - ربع ساعة اخرى














المزيد.....

ربع ساعة اخرى


مجدي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 2116 - 2007 / 12 / 1 - 08:35
المحور: الادب والفن
    



انتظار وراء انتظار ، انتظار يعمي البصيرة ، كأن الزمن رماد ينثره الهرج بسخرية سوداء . لم يبق سوى ساعة واحدة على بدء عرض المسرحية ، فصولها مرة و حامضة . تدور أحداثها حول التطبيع وإشاعته ، يكثر المخرج النظر إلى ساعة يده متأففا :" أوف " ممطوطة ممدودة و مؤرقة . يسرع الممثلون إلى التواجد و الاستعداد لبدء العرض و الدقائق تمر مرا دقيقة بعد دقيقة ، ها هم الممثلون وراء الكواليس يعدون أنفسهم وملابسهم للحظة البدء . بعض الممثلين بربطات عنق مزركشة مزوقة بألوان شتى ، مصنوعة في أمريكا ، و ربما في إسرائيل .. البعض منهم بأحذية لها بوز رفيع و بالبوية السوداء مطلية ، و أخرى ببوز عريض لامعة و براقة.. هنالك من هم بكوفية ربطت بإتقان و تؤدة مثبتتة بعقال مدّور فبدت رؤوسهم كالطبلة البلدية .. منهم من يرتدي جلابية طويلة تجر على الأرض لونها ابيض ناصع مثل البفتة . تمتد أمامهم كروش كبراميل النفط ، وأجساد ملظلظة مكتنزة باللحم والشحم ومترهلة .. مع قلة الهموم يزداد حجم البدن أحيانا ليمتلئ بالفجوات والتلال .
أما الممثلات فقد بقين أيضا وراء الكواليس بصدورهن النافرة والعامرة بأثدائهن المشدودة شدا بسنتيانات أصلية قريبة إلى قلوبهن قرب حكوماتهن و تتكئ عليها ظهورهن و تستند. هن في غاية الجمال و لا يوجد أحلى منهن ، بالرغم من أن وجوههن مدهونة وملغمطة بالمساحيق إلا أن أجسادهن منحوتة نحتا بالجوع الاختياري - الرجيم - فظهرن كعرائس بلاستيكية .. ارتدين تنانير ميني جيب إلى ما فوق الركبة بمسافة شبر فبدت سيقانهن مدّورة مثل شموع أعياد الميلاد البرتستنتي .
لمّا جاء موعد عرض المسرحية لاحظ المخرج والممثلون عدم وجود حضور كافي في الصالة .. الكراسي فارغة سوى عدد قليل من الأشخاص قد لا يصل عدده عدد أصابع الكف في أحسن الأحوال .. فعانق الانتظار الصمت ، و اكتئب المكان ،و حل القلق في الأنفس .. كل دقيقة تحولت إلى قرون ساخنة حارقة للأعصاب و للنفوس ضاربة.
أجَّل المخرج موعد بدء عرض المسرحية إلى ربع ساعة .. لكن بلا جدوى .. بقيت الكراسي شاغرة تنتظر من يملأها .. اخذ الحضور على قلته يقزقز ما لديه من بزر بطيخ و فستق ، ويرمي القشور على الأرض . أطاح النعاس ببعضهم فراحوا يغطّون بالنوم ، فتعالى شخير سرى هديره في المكان كهزيم الرعد في ليلة مدلهمة .
ما العمل إذن؟ ليس بالإمكان تأجيل العرض مرة أخرى خوفا على سمعة المسرح وهيبته ومصداقيته، وبالتالي ليس بالإمكان إعادة التذاكر إلى الحضور لنفس السبب ، أزمة مالية ستلم بالمسرح وقد تفلسه لا محالة .. المخرج و الممثلون ينظرون في وجوه بعضهم البعض في حيرة و ضجر . التوتر يعلو ويعلو ، كأنهم هووا في جب سحيق ملؤه الغم والنكد ، و بالشؤم طاش . بدأت اقتراحات الممثلين تتالى .
- نؤجل العرض ربع ساعة أخرى .
- هيا نقدم العرض بمن حضر .
- نعتذر من الحضور و نطلب منهم تفهم الموقف .
- هيا نهرب من الباب الخلفي ونتركهم وحدهم حتى يزهقوا فينصرفوا .
- نهرب ؟! يا عيب الشوم !
ها هو المخرج يقرر إلغاء عرض المسرحية وعدم إعادة أثمان التذاكر إلى الحاضرين .. فإذا بهمهمة وململة وجلبة صاخبة تتعالى من الحضور رافضين الخروج و مطالبين بأثمان التذاكر .
أعطى المخرج أوامره للممثلين أن يهجموا على الحضور و يشبعوهم ضربا ليخرجوهم بالقوة قائلا لهم : نحن أكثر منهم عددا ، نحن كالجيش العرمرم. وتم إلغاء العرض .. و قد يقفل المسرح إلى الأبد .
[email protected]



#مجدي_السماك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة عروسة وعريس
- رؤية خريفية
- مملكة فنان ميت .. قصة
- بائع العلكة الصغير
- آهات وعرانيس ..قصة قصيرة
- آهات وعرانيس .. قصة قصيرة
- جهنم نحن وقودها
- الهوية الفلسطينية في الطريق الى الضياع


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - ربع ساعة اخرى