أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خلف علي الخلف - الفياغرا السورية وطبيب ايلاف في رواية سلوى النعيمي















المزيد.....

الفياغرا السورية وطبيب ايلاف في رواية سلوى النعيمي


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 09:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


" هناك من يستحضر الاوراحَ، أنا أستحضر الاجسادَ. لا أعرف روحي ولا أرواح الاخرين أعرف جسدي وأجسادهم " هكذا تبدأ رواية سلوى النعيمي " برهان العسل " الصادرة عن دار الريس 2007. وتظل الراوية مخلصة لهذه المقولة طوال الصفحات التي تسرد فيها حكايات مصاحبة لاستحضار الاجساد. والجسد الذي أريد له أن يكون البطل الاساسي للرواية ليس مهماً الروح التي ترتديه أويرتديها. إنه الجسد في علاقته مع المتعة. الجسد الذي تشكل علاقتنا به وعلاقته بنا وبالاخرين، نسيجا لحياة سرية موازية للحياة كما يرد في الرواية " ( لاروح لي ) انحفرت الجملة في راسي، وصارت حياتي تمر من خلالها. كنت أعرف أني جسدي فقط "
بعد الانتهاء من قراءة الرواية سيستغرب المرء تصنيف هذه الرواية بالجنسية، سواء في علاقتها الرقابية (منعت في معرض مكتبة الاسد ) أو فيما حكي عنها شفاها ممن قرؤوها. إلا إذا صنفت هكذا بناءا على الالفاظ الصريحة في الرواية لمسميات الاعضاء الجنسية والفعل الجنسي. فالرواية هي بحث في الجنس لدى العرب قديما وحديثا ونزوع الى المقارنة بين الجنس عند العرب قديما وحديثا وتمتلئ باستشهادات من كتب الجنس في التراث العربي ويشكل هذا الاستشهاد مقولة اساسية في الرواية إذ بمقارنته مع واقع الحال الآن تريد الكاتبة أن تقول انظروا كيف كان العرب لا يجدون حرجا في تناول هذا الأمر وكيف أصبح الامر الان، فقد كانت الالفاظ والمسميات والوصفات الطبية ووصف أوضاع " النكاح " شائعة ومتداولة بلفظ صريح لم يجد العرب حاجة الى تلطيفه كما فعلوا فيما بعد ليس في علاقتهم مع الجنس الان بل في علاقتهم مع هذه الكتب التي منعت واقصيت وحين طبع بعضها " لطفت " عنواوينها. بينما في واقعنا الحالي أصبح تداول هذا الامر سرياً، يشكل حياة موازية مكتومة، لا يباح بها، مثله مثل تداول هذه الكتب التي كانت مباحة، و تم إيجاد تسمية جامعة للالفاظ التي تتناول الشأن الجنسي هي " الكلمات الكبيرة "
وتتنقل الكاتبة بين هذين العالمين في قراءة مقارنة هي كل ماتريد قوله الرواية. ومن خلال هذه المقارانات تسرد الرواية عالم الجنس المعاصر عربياً، وعلاقتنا به، تلك العلاقة التي أصبحت تقوم ليس فقط على السرية فقط بل على عدم المعرفة و الجهل باسرار " النيك " كما يرد اللفظ صريحاً في الرواية في أماكن متفرقة تارة مقتبساً من الكتب التراثية " الأيك في معرفة النيك " و " نواظر الأيك في نوادر النيك "، وتارة من مشفاهاتنا المعاصرة التي تدور في السر

مقولة الرواية:
تتلخص مقولة الرواية في الاحتجاج على واقع الحال فيما يخص " المسألة الجنسية " عربياً، وتناولها وتداولها وتعلمها، والجهل بتفاصيل الجسد وعلاقة الناس بحياتهم الجنسية التي أصبح يحيطها الجهل والانحطاط " لستُ وحدي في هذا الجهل. يبدو أنه منتشر في عصر الانحاط الجنسي الذي نعيشه الان. ما علي إلا أن اقرأ الاسئلة الجنسية في صحيفة إيلاف على الانترنت حتى أكتشف هذا البؤس الجنسي العربي المعمم. أتصور الطبيب المختص يشد شعره وهو يرد على القراء المحتارين ". ومقارنة هذا البؤس مع ما كان سائداً في الحياة العربية في العصور السابقة من خلال الكتب التراثية بما فيها النص الديني. وفي ثنايا هذه المقولة الرئيسية هناك مقولات فرعية حول العلاقة بين الحب والجسد، الحب والجنس، السرية التي تمارس فيها هذه الحياة والعلنية التي تتكتم على كل ما يخص هذا الامر...

حكاية الرواية:
الحكاية الكلية للرواية ضئيلة بل إنها الاقل تواجداً في الرواية ويمكن تلخيصها بإمرأة، تشغف بالاطلاع على التراث الجنسي العربي، منذ أن كانت طالبة، وتستمر هذه العلاقة لاحقاً، وتقودها الى الاطلاع على كل كتب الجنس في التراث العربي، وتشكل هذه العلاقة جانبا من حياتها السرية التي تكشف للعلن لاحقا ويصبح الامر طبيعيا " اهتماماتي بدأت تعلن عن نفسها أمام الاخرين، منهم (...) من زملائي من يعدها لعبة، ومنهم من يتصورها انحرافاً ". لكن الذي انكشف هو فقط علاقتها بهذه الكتب إذ ظلت حياتها الموازية وعلاقتها بالجنس عالما يخصها لا تبوح به لأحد حتى علاقتها مع " المفكر " الذي قسم حياتها الى ما قبله وما بعده، وهو الشخصية الرئيسية في الرواية إضافة الى البطلة، التي تعمل في مكتبة في باريس وتعيش هناك وتستحضر الشرق أما من خلال الذاكرة أو من خلال زيارتها المتقطعة له، ومن خلال هذا العيش ترد إيضاً مقارنات على هامش المقارنة الاساسية مع عالم الجنس في الغرب، تأتي في الغالب من خلال النصوص وليس من خلال الحياة إذ ظل عالم الرواية عربيا بامتياز، من خلال الشخوص العرب المهاجرين والمقيمين هناك، عندما لا يكون المكان عربياً.

في بنائية الرواية:
قسمت الرواية الى 11بابا على طريقة الكتب التراثية " باب أزواج المتعة وكتب الباه – باب المفكر والتاريخ الشخصي – باب الجنس والمدينة العربية – باب الماء – باب الحكايات – باب المدلكة وزوجها الزاني – باب شطحات الجسد – باب زمن التقية في المجتمعات العربية – باب اللسانيات – باب التربية والتعليم – باب الحيَل " وكل باب يتحدث عن عنوانه، وتقوم بنائية العمل على إدماج الاستشهادات من كتب التراث بحياة بطلة الرواية، ومن خلال النص سيتضح لنا أن كتب التراث هي المتن بينما الحياة المعاصرة التي تجري الان هي ما يشبه الهامش الذي تم ابتكاره لشرد مقولات هذه الكتب التراثية وتلخيصها واعلانها، بل إن الروائية تعلن على لسان بطلة الرواية في الباب الأخير أن " المفكر كان حيلة من حيل الكتابة وأنه لم يوجد أبداً، ولذلك كان لابد لي من أن أخترعه " وربما يجد القارئ أن هذه الحيلة التي كانت الرابط الاساسي لخيوط الرواية المتناثرة، لم تكن من القوة بحيث تشد " أبواب " الرواية، لتظل هذه الأبواب شبه منفصلة تدور حول يختزله العنوان من محتوى، وقد يجد البعض أن العمل لايشكل رواية بالمعنى الدقيق للكلمة، بل هو أقرب للبحث، بل إن العمل على موضوعة الجنس بوصفه بحثاً هو متكأ أساسي للراوية، لتسرد جانباً سرياً من حياتها. إذ أن تكليفها في تقديم بحث عن الكتب الجنسية العربية المحظورة التي ذاعت علاقتها بها، لتقدمه على هامش معرض تحت عنوان " جهنم الكتب " سيقام في نيويورك وتم الغاؤه لاحقا بسبب الارهاب! اتخذ ذريعة لكتابة العمل. إلا أن هذه الذريعة تبدو واهية، ولا قيمة لها، ولاتشكل قيمة اقناعية للقارئ كمبرر للعمل بل إنها غير مؤثرة في سياق العمل، إلا من خلال الحديث عن الرقابة العربية على هذه الكتب.
وقد قام البناء السردي للعمل على لغة خفيفة معاشة تنحو في أغلب مفاصل الرواية الى لغة الحكاية، وتفترق عن هذا حينما يكون الحديث عن علاقة بطلة الرواية مع " المفكر " إذ تنحو حينها الى لغة دلالية أقرب الى لغة اليوميات التي يكتبها شعراء. ولاتشكل الشخصيات في هذه الرواية جزءاً من العمل بل إنها ترد لتؤكد المقولة التي تريد الروائية أن تؤكدها في كل فصل، وعندما تكون هذه المقولة لازمنية، أي لا تخص زمناً محددا ببداية ونهاية، لايغدو الزمن مهماً داخل العمل. إنه زمن عائم في الآن، زمن خارجي إذا جاز التعبير، وكذلك لايغدو مهما أن يكون للرواية حدثاً رئيساً، بل إنها تقوم على جعل الحكايات وما ترتبط به من " أحداث " شخصية، هي العمود الفقري لحدث الرواية.

لا تتعالى الرواية على الزمن الخارجي، أو الزمن المحيط، فهي رواية راهنة معاصرة، تورد داخل المتن علاقتنا مع العالم الراهن بتطوراته التقنية فتذكر الوسائط المعاصرة ودورها في ( تفعيل ) الحياة الجنسية إذ أن وسائط الـ " إس إم إس " يتم من خلالها إرسال النكات الجنسية وتداولها، وكذلك البريد الالكتروني، وكذلك الصحف الالكترونية التي أتاحت كسر التابو، فترد صحيفة ايلاف من خلال طبيبها الذي يرد على الاسئلة الجنسية، وتذكره من خلال حديثه عن " شوربة الفياغرا " التي ينصح بها ويعتبرها أهم منشطات الغلابى. وهي " اختراع مصري خالص وبراءة اختراعه محفوظة لمطاعم السمك وللبائعين المتجولين... ". هذه الفياغرا التي أنقذت الناس وأصبحت تصنف في خانة المساحيق لا الأدوية لأنها بيضت وجوههم!.. ولأهمية هذا الاختراع يجب ترشيح مخترعيها الى جائزة نوبل على ما يرد في الرواية. وكذلك تذكر في لمحة طريفة عن الفياغرا السورية التي تناولها فنان مصري " فانتفخ رأسه وبقي عضوه مرتخياً متهدلاً مدلدلاً. البنت التي كانت معه ارتعبت وهربت " وربما تكون هذه الجملة هي سبب منع الكتاب في معرض مكتبة الاسد لأنها تعرّض بصناعتنا الوطنية التي نشأت وترعرت في ظل الحزب القائد. والإشارة الى فسادها يمكن تأويلها كإشارة الى فساد النظام!



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على سيرة الدراما المصرية والسورية
- حوار حول الحداثة والإشكالية والمنهج والنقد وأزمته وأشياء أخر ...
- أنا حزين يا ابراهيم الجرادي
- المشهد الثقافي من خلال المطبوعات السعودية
- هيّا بنا نحجب
- حق الرد السوري: سندات قابلة للبيع
- - طاش ما طاش - وذهنية التحريم: أو كيف تجمع كتاباً على عجل
- أيها الأصدقاء العراقيون أنا أحتج
- عزمي بشارة مواطناً سورياً
- كلما تراكم غيابه ازداد نصه حضورا
- المشاريع الثقافية الكبرى والنهوض بالأمة
- هيّا بنا نمدح معرض الكتاب ونهجو الوزارة
- في قسوة النقد وفضل فصل القائل عن المقولة
- ما هكذا تورد الأنطولوجيا يانادي جدة الادبي
- ناس وأماكن (2): البحرين ناس ينثرون الحُب
- ناس وأماكن: (1) الفضاء حين يتسع أو جدة التي غير
- كان يجب أن ترحل باكراً أيها الغرنوق
- يا أيتام صدام البقية بحياتكم
- زمن بينوشيه الجميل.. وداعا
- سوريا بيئة آمنة للاستثمار والعيش و.. الفساد


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خلف علي الخلف - الفياغرا السورية وطبيب ايلاف في رواية سلوى النعيمي