أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - التجمع الشيوعي الثوري - عامل يرأس جمهورية البرازيل: مسيرة حزب العمال الطويلة















المزيد.....



عامل يرأس جمهورية البرازيل: مسيرة حزب العمال الطويلة


التجمع الشيوعي الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 647 - 2003 / 11 / 9 - 06:46
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تقديم

هذا ملف يضم بعض المقالات والمقابلات التي تسلط الضوء على واقع الانتخابات البرازيلية التي أتت بالرئيس العمالي الحالي للبرازيل لويس إيناسيو دا سيلفا المعروف بلولا، كما على التنازلات الكبرى التي قدمها لولا وجناح الأغلبية في حزبه (حزب العمال) لليمين النيوليبرالي البرازيلي وللمؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي. وهي تنازلات تمثل تراجعاً لافتاً عن برنامج الحزب التاريخي الداعي إلى قيام ديمقراطية اشتراكية حقيقية في البرازيل، وتشكل خطراً على مستقبل اليسار وتطلعاته في أميركا اللاتينية ككل، إذا لم تحصل تعبئة كافية لحركة الجماهير، ولا سيما من جانب اليسار الثوري البرازيلي، بشتى قواه وتجمعاته، بحيث تجبر لولا وحكومته على إعادة النظر في مسارهما اليميني والاستجابة، على العكس، لتطلعات أوسع الجماهير المفقرة والكادحة والمهمشة في بلد الـ 170 مليوناً الذين، غالبيتهم الساحقة من ذوي المصلحة في تغيير ثوري حقيقي. ونحن إذ ننشر هذا الملف، نوجِّه تحيتنا وشكرنا إلى الرفاق في المغرب الذين بادروا إلى ترجمة نصوص هذا الملف وإعداده للنشر.

                                                                         التجمع الشيوعي الثوري
                                                                                  - لبنان-

عامل يرأس جمهورية البرازيل:
مسيرة حزب العمال الطويلة
                                                            مكائيل لووي
صرح المضارب الكبير جورج سوروس  للصحافة قبيل الانتخابات البرازيلية في أكتوبر 2002 أن الأسواق المالية هي من يتحكم في الانتخابات حالياً، لذلك لن يتمكن مرشح يساري من الفوز بالبرازيل. لكنه أخطأ التوقع، لأن شعب البرازيل هو من صوَّت ولم يتطابق اختياره مع اختيار بورصة نيويورك. لم يكن الرئيس المنتخب هو من يفضله سوروس  والكثير من المضاربين الآخرين ورأسماليي البنوك والمستثمرين والوكلاء الماليين أو مديري الشركات متعددة الجنسية. لم يكن المرشح المفضل لدى "وول ستريت جورنال" و"ليكنوميست" وصندوق النقد الدولي والخزينة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية. ولا المرشح المفضل لدى الأوليغارشية البرازيلية، المكونة من كبار الملاكين العقاريين ورأسماليي الحق الإلهي والاقتصاديين النيوليبراليين والسياسيين الرجعيين. لكن الذي فاز في الانتخابات عامل ونقابي وسجين سياسي سابق هو لويس إناسيو لولا دا سيلفا مرشح حزب العمال. هكذا ينتخب لأول مرة في تاريخ البرازيل والقارة الأمريكية عامل رئيساً للجمهورية. هذا الفوز الانتخابي المذهل - حصل لولا على أكثر من 61% من الأصوات- من شأنه فتح فصل في تاريخ البرازيل.
البرازيل بلد كبير بعدد سكانه -170 مليون نسمة- وذو مساحة شاسعة - نصف مساحة أمريكا اللاتينية- وذو ثروات طبيعية هائلة. ومع ذلك هو بلد تعيش أغلبية سكانه في فقر مدقع. في الواقع تظهر البرازيل، في إحصاء دولي صادر عن الأمم المتحدة مؤخراً، كأحد البلدان الأكثر لامساواة في العالم وبلداً حيث الفرق بين الأقلية المحظوظة والأغلبية الفقيرة هو من بين أكبر الفوارق. تشبه البرازيل، حسب بعض المراقبين، نوعاً من  "سويسرا-الهند": حيث الأغنياء يعيشون كما في سويسرا والفقراء كما في الهند...
 تلك اللامساواة واضحة لا سيما بالقرى حيث تحتكر حفنة من كبار ملاكي الأراضي القرويين أغلبية الأراضي بينما لا تملك جماهير الفلاحين سوى قطع أرض صغيرة جدا أولا شيء مطلقاً. ومع التطور الرأسمالي بالقرى واستبدال الفلاحة المعاشية أو زراعة الحبوب بتربية الأبقار على نطاق واسع - الموجهة للتصدير إلى شبكات ماكدونالد- يطرد حراس الملاكين العقاريين الفلاحين من الأراضي.
ومع تفاقم شروط الحياة في المناطق القروية، لا سيما بشمال شرق البرازيل، يتدفق ملايين الفلاحين نحو المدن الكبرى ونحو المدن البرازيلية ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل دي خانيرو وساو باولو. يحصل البعض على عمل في الصناعة أو الخدمات لكن نسبة البطالة عالية جداً وتظل الأغلبية مقصية وتتكدس في مدن الأكواخ ومدن القصدير المحيطة بالمدن حيث لا كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا قنوات صرف المياه الوسخة ولا يعيش السكان سوى بالقيام بنشاطات هامشية - البيع على أرصفة الطريق والدعارة- أو إجرامية مثل تجارة المخدرات.
يوجد على ذلك النحو نظام أبارتهايد حقيقي بالبلد ويتجلى في المدن الكبرى عبر فصل مادي لبيوت الأحياء الراقية المحاطة بأسوار مسيجة بأسلاك مكهربة يحرسها  حراس خاصون يراقبون بعناية الدخول والخروج. انه تمييز اجتماعي ينطوي أيضاً على بعد عنصري بقدر ما أن الأغلبية الكبرى من الفقراء سود أو ملونون.
شهدت البرازيل، بعد 20 عام من الديكتاتورية العسكرية عودة للديموقراطية وللحكومات المدنية منذ 1985. لم يتبع ذلك التقدم السياسي الذي لا يمكن إنكاره تغيير اجتماعي فعلي، لأن حكومات اليمين أو الوسط المتعاقبة منذ 1985 لم تقم سوى بتطبيق سياسات "التصحيح الهيكلي" النيوليبرالية التي فرضها صندوق النقد الدولي وهي: خوصصة الخدمات العمومية وتقليص نفقات الصحة والتعليم ولا سيما تسديد الدين الخارجي الذي بلغ أرقاما هائلة ويبتلع فائض الصادرات برمته. تلك بوجه خاص حالة حكومة وسط اليمين التي كانت بالسلطة طيلة 8 سنوات وكان يرأسها فيرناندو اينريكي كاردوسو وهو مثقف يساري سابق اعتنق النيوليبرالية وأصبح أحد أنجب تلامذة صندوق النقد الدولي بأمريكا اللاتينية. وبفضل كاردوسو جرت خوصصة آخر  المنشآت العمومية، مثل شركة الكهرباء، واشترتها منشآت أجنبية ترفض القيام بالاستثمارات الضرورية. هكذا نعاين منذ مدة بالبرازيل انقطاعات مفاجئة للكهرباء تلقي المدن أو مناطق كاملة في الظلام...
لكن الديموقراطية أتاحت صعود حركة عمالية وفلاحية وشعبية جديدة بالبلد برمته تنظم نضال الفقراء للظفر بحقوقهم وضد السياسات النيوليبرالية للحكومة. من بين هذه الحركات هناك: الحركة النقابية الطبقية الجديدة والمستقلة المنبثقة في أواخر السبعينيات والتي تنظم وسط النقابة المركزية الوحيدة للعمال CUT حوالى 10 ملايين أجير، وحركة العمال القرويين دون أرض MST التي تعبئ ملايين الفلاحين لأجل الإصلاح الزراعي وتنظم  الاستيلاء على الأراضي غير المستغلة التابعة لكبار ملاكي الأراضي وأخيراً حزب العمال.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبرازيل مأساوي . ويكمن الأمل الوحيد في حيوية الحركة الاجتماعية ورغبة السكان في تغيير جذري وهو ما يعبر عنه  فوز "لولا" في الانتخابات. وقد صرح 55% من الأشخاص المستجوبين في استطلاع حديث للرأي (2001)، نظمته جمعية أرباب عمل، أن البرازيل تحتاج إلى ثورة اشتراكية. وعندما سئلوا عما يقصدون بالاشتراكية أجابوا بذكر بعض القيم كـ " الصداقة" و"الوحدة" و"التقاسم" و"العدالة" و"التضامن". تلك هي القيم التي تتبناها الحركات الاجتماعية وحزب العمال.

مسيرة حزب العمال الطويلة
يمثل تأسيس حزب العمال عام 1979 بداية فصل جديد من تاريخ الحركة العمالية البرازيلية: تأسيس حزب جماهيري معبر عن الاستقلالية السياسية للعمال وحزب ديموقراطي متعدد ومناضل يستوحي برنامجاً مناهضاً للرأسمالية.
يمثل حزب العمال تتويجاً لقرن من جهود عمال البرازيل للتزود بتعبير سياسي خاص بهم. خاض النقابيون الفوضويون في بداية القرن نضالاً مطبوعاً بطاقة وروح طبقيتين مدهشتين لأجل بلورة توجه بروليتاري مستقل، لكن جمودهم العقائدي أبعد فكرة تأسيس حزب سياسي جماهيري. وربما كان الحزب الشيوعي البرازيلي أهم محاولة  لبناء حزب عمالي حقيقي بالبرازيل. لكن رغم تفاني مناضليه وأطره وروح التضحية لديهم، قاده منطق الستالينية لتبني سياسة تبعية للبرجوازية "الوطنية". وأدى ذلك التوجه المصحوب بالتبعية الأيديولوجية للاتحاد السوفيتي وبغياب الديموقراطية الداخلية إلى سلسلة انشقاقات أفضت، منذ 1962 حتى الآن، إلى تشتيته وإضعافه (غادرته أغلبية قادته التاريخيين خلال تلك المرحلة). أما الحزب العمالي Travailliste البرازيلي PTB الذي أسسه خيتيليو فارغاس عام 1945 وترأسه من بعد خواو غولارت - تحت اسم جديد هو الحزب الديموقراطي العمالي- وليونيل بريزولا، فلم يمثل أبداً سوى حركة من نوع شعبوي دون التزامات عضوية أو سياسية أو برنامجية إزاء الطبقة العاملة.
وأخيراً لم تتمكن أبداً مجموعات "اليسار المسلح"  الصغرى ، خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، من كسب حضور حقيقي وسط البروليتاريا وشهدت مصيراً مأساوياً ناتجاً عن ممارستها المرتكزة على الأقلية وانعزالها عن عمال المدن والقرى رغم شجاعتها وبطولتها المثاليتين. فقط مع حزب العمال ظهر لأول مرة حزب جماهيري يشكل تعبيرا للعمال أنفسهم، حزب منغرس تنظيميا وسط الطبقة العاملة  وطبقة الفلاحين والإنتيليجانسيا.
نتج تشكل حزب العمال خلال أعوام 1979-1981 عن التقاء تيارات مختلفة ، يحمل  كل  منها حساسيته الخاصة و إسهامه في تأسيس الحزب:
1) النقابيون " الحقيقيون" المبادرون الى سيرورة تشكيل الحزب  وقادتها ، وقد كانوا تعبيرا عن حركة نقابية عمالية جماهيرية جديدة مكافحة وطبقية تمثل منطقة ABC ( الضاحية الصناعية لمدينة ساوباولو الكبيرة حيث تتمركز " البروليتاريا الجديدة") منطقة نفوذها ورمزها.
2) نقابات قروية ورابطات فلاحية مستوحية في الغالب  للمسيحية.
3) مجموعات كنسية ذات قاعدة رعوية عمالية ورعوية قروية وقطاعات أخرى مسيحية ذات توجه اشتراكي.
4) مناضلون سابقون بالحزب الشيوعي أو " اليسار المسلح" انسحبوا من منظماتهم.
5) مجموعات اليسار الثوري ذات توجهات مختلفة- لا سيما تروتسكية-  انخرطت في الحزب الجديد بعدتها.
6) مثقفون: علماء اجتماع و اقتصاديون ومدرسون وكتاب وصحافيون وباحثون مهتمون بالحركة العمالية والنظرية الماركسية ( أو أحيانا ذوو تكوين مسيحي). يمكن الجزم إلى حد ما ان تأسيس حزب العمال شكل لقاء تاريخيا بين الطبقة (العاملة) و مثقفيها، بين قوتين اجتماعيتين سارتا حتى ذلك الحين في طرق متوازية وأحيانا متقاربة وغالبا متباعدة...
يبرز تأسيس حزب العمال بعض المميزات النوعية الخاصة بالبرازيل و بالفترة التاريخية الراهنة: منها على سبيل المثال الدور المهم للجماعات الكنسية القاعدية. ويبدو من جهة أخرى  مثالا مقتبسا مباشرة من بعض نصوص ماركس أو إنجلس "الكلاسيكية": حركة عمالية منبثقة من مراكز  الكثافة الصناعية الحديثة الكبيرة وحركة نقابية تكتشف خلال نضالاتها الاقتصادية ضرورة حزب سياسي للعمال وحزب تلتقي فيه مختلف  فئات الشعب  الاجتماعية تحت هيمنة الطبقة العمالية.
ويتجلى تنوع مصادر نشوء حزب العمال في تنوع مؤسسيه، حيث نجد من بينهم على سبيل المثال لويس إناسيو دا سيلفا الملقب بـ"لولا"  وهو مهاجر منحدر من مناطق قروية فقيرة في شمال شرق البرازيل وعامل خراط ورئيس نقابة الصناعة المعدنية بساو برناندو ، سجنته الديكتاتورية العسكرية في عام 1979 ،  وأوليفييه  دورتا رئيس نقابة عمال البنوك وأول عمدة لحزب العمال ببورتوأليغري وفيما بعد حاكم ريو غراند دو سول،  وأباولونيو دو كارفالو قائد  شيوعي سابق و مناضل بالألوية الأممية بإسبانيا والمقاومة الفرنسية ( قاد تحرير عدة مدن في الجنوب عام 1944) وماريو بيدروزا أحد مؤسسي المعارضة اليسارية (التروتسكية) في أوائل سنوات الثلاثينيات وأحد قادة الجبهة الموحدة المناهضة للفاشية عام 1934 وأحد مؤسسي الأممية الرابعة عام (1938) وفيما بعد مناضل اشتراكي مستلهم لأفكار روزا لوكسمبورغ ، وخوسيه ديرسو أحد قادة الحركة الطلابية عام 1968 سجنه العسكر عام 1969 وأطلقوا سراحه مقابل القنصل الأمريكي الذي احتجزه  مناضلو حرب الغوار البرازيلية ونفي إلى كوبا ثم عاد في سرية إلى البرازيل لمحاولة إنعاش النضال المسلح.
كما يتجلى ذلك التنوع في الميزة التعددية لحزب العمال الذي يسمح بداخله بتشكل الاتجاهات والتيارات حيث أن البعض منها مهيكل بإحكام وله صحفه الخاصة ومقراته، إلخ... تلك الاتجاهات بعيدة كل البعد عن الجمود وخلال 22 عاما من حياة حزب العمال شهدنا سيرورات إعادة اصطفاف عديدة.  ساهم ذلك في إضفاء حيوية كبيرة على حياة الحزب الداخلية على طرف نقيض من المونوليتية(*) الداكنة والبيروقراطية في الأحزاب الستالينية. وعلى وجه الإجمال لم يشكل ذلك التعدد عامل تقسيم وإضعاف للحزب -رغم انشقاق بعض الاقليات - بل بالأحرى مصدر إغناء وتعلم متبادل.
تكمن إحدى خصوصيات حزب العمال في علاقته الوثيقة مع أشد قطاعات "الشعب المسيحي" تجذرا. ونعيد الى الأذهان أن البرازيل  هي بلد أمريكا اللاتينية  الذي يشهد أوسع نفوذ للاهوت التحرير واكبر تطور للجماعات الكنسية القاعدية التي تضم  ملايين المسيحيين (لا سيما الأكثر فقرا) بالمدن والقرى.
والحال أن قسما مهما من المناضلين الأكثر نشاطا و التزاما في الجماعات الكنسية القاعدية  وفي الرعويات الشعبية ( رعويات عمالية وقروية وحضرية)  ُوجد  بشكل طبيعي في صفوف حزب العمال. قام أحد القادة الرئيسيين للجماعات، الدومينيكي فراي بيتو ( السجين 5 اعوام خلال الديكتاتورية العسكرية)، بدور مهم في  انضمام عدد كبير من المسيحيين الراديكاليين الى الحزب.
وفي الواقع ما كان متاحا لحزب العمال ، على الأرجح ، أن   يتشكل وبوجه خاص أن يحظى بسرعة بنفوذ جماهيري لولا  وجود  تلك الثقافة المسيحية الرافضة للنظام الاجتماعي القائم والداعية إلي التنظيم الذاتي في القاعدة والتحرر الذاتي للفقراء. لكن  حزب العمال ليس بأي وجه حزبا طائفيا ولا يخضع لتوجه الكنيسة ولا يتبنى أي نظرية اجتماعية كاثوليكية: وباختصار ليس له أي شبه مع الديموقراطية المسيحية بأمريكا اللاتينية...

كيف نشأ حزب العمال؟
منذ 1978 ، عام إضرابات العمال بضواحي ساو باولو، شرع العديد من القادة النقابيين "الحقيقيين" في ترويج فكرة حزب مستقل للعمال، على الأرجح  انطلاقا من تقييم تجربة الإضراب بالذات وتصادمه مع جهاز الدولة  البوليسي العسكري ، وبالنسبة للبعض الآخر انطلاقا من حصيلة أولية للنضالات الاجتماعية  في التاريخ الحديث للبلد (منذ 1964). وعلى سبيل المثال، في ديسمبر 1978، خلال لقاء لأجل الديموقراطية نظمته المعارضة الليبرالية واليسارية بريو دي خانيرو، رفض لويس إيناسيو دا سيلفا الملقب ب"لولا"، بدعم من قادة نقابيين آخرين حاضرين، الأطروحة السائدة المتمثلة في تجميع «جبهة ديموقراطية واسعة » حول MDB الحركة الديمقراطية البرازيلية  (حزب المعارضة الشرعية إبان الديكتاتورية العسكرية) لمواجهة النظام العسكري.
استند لولا إلى تجربة 1964 حجةً ضد تلك السياسة التقليدية  القائمة على إخضاع الحركة العمالية قائلا : « إذا لم نلتزم نحن العمال الحذر إزاء وحدة قوى المعارضة، فقد ُنمنى بهزائم شبيهة بهزيمة 1964 عندما قطعت البورجوازية العلاقات مع العمال وأدارت ظهرها لهم وتخلت عنهم». ودون إنكار ضرورة وحدة الجميع ضد النظام العسكري، كان لولا يصر على أهمية سياسة عمالية مستقلة قائلا : « سوف تواصل الطبقة العاملة طريقها الذي لا رجعة فيه لبلوغ أهدافها. سوف تؤسس عاجلا أو آجلا حزبها السياسي...على طبقة العمال أن لا تكون مجرد أداة.  ان مشاركتها المباشرة بإظهار ما تمثل من قوة أمر أساسي. و المشاركة في الساحة السياسية تستلزم أن تشكل الطبقة حزبها الخاص".
في أكتوبر 1979 جرى أول لقاء وطني لحزب العمال في ساو بيرناندو دو كامبو، المعقل البروليتاري لنقابة لولا، ، وشكل ذلك عمليا لحظة تأسيس الحزب الجديد وجرى انتخاب قيادته المؤقتة الأولى. وصادق المؤسسون على  بيان سياسي  مقتضب يؤكد بوضوح هدف حزب العمال: « يناضل حزب العمال لأجل أن تكون كل سلطة اقتصادية وسياسية بيد العمال مباشرة . انها الطريقة الوحيدة لوضع حد للاستغلال والاضطهاد». وتدعو الوثيقة فضلا عن ذلك « كل القوى الديموقراطية الى تشكيل جبهة جماهيرية واسعة ضد النظام الديكتاتوري». كما طرح حزب العمال على نفسه مهمة النضال لأجل تشكيل نقابة مركزية وحيدة للعمال، مؤكدا أن  « تأسيسها يقتضي حتما تدمير البنية النقابية  القائمة الخاضعة للدولة».
انفجر في أبريل-مايو 1980 الإضراب الكبير بمشاركة 250 ألف عامل في الصناعة المعدنية بساو بيرناندو، لكن التدخل البوليسي العسكري - اعتقال لولا وقادة رئيسيين والتدخل العسكري في النقابة- أوقف الحركة لكنها أظهرت، بمدتها الاستثنائية (42 يوما) و بقدرتها على التنظيم الجماهيري ( إجتماعات يومية لعشرات الآف  العمال)، القوة المذهلة للحركة النقابية الجديدة التي كانت طليعتها  طرفا رئيسيا في تشكيل حزب العمال.
وفي مايو- يونيو من ذلك العام انعقدت ندوة وطنية جديدة لحزب العمال بحضور مندوبين من 22 ولاية بالبرازيل يمثلون زهاء ثلاثين الف عضو بالحزب. وتمت المصادقة على بيان وبرنامج  يعرِّفان  حزب العمال  بما هو  «التعبير السياسي الحقيقي لكل الذين يستغلهم النظام الرأسمالي» وبما هو  حزب جماهيري واسع ومفتوح وديموقراطي، هدفه تدمير آلة النظام القائم القمعية وخلق " سلطة عمال ومضطهدين  بديلة... تمضي قدما في طريق مجتمع دون مستغِلين ولا مستغَلين». إن العمال واعون أن النضال لاجل بناء ذلك المجتمع، يخاض ضد مصالح الرأسمال الكبير  المحلي والدولي ".
غير أن حزب العمال مازال بعيدا على امتلاك «عقيدة»  مكتملة ، اذ  عن قصد ُتركت مسائل  وتحديدات برنامجية عديدة مفتوحة لإتاحة نقاش أوسع و"إنضاج" تدريجي لمجموع المناضلين.
بعد  فترة وجيزة من تأسيسه شهد حزب العمال نموا مدهشا، ففي نهاية عام  1982 بلغ عدد أعضائه 245  الفاً في البلد برمته. لكن نتيجة الانتخابات التشريعية عام 1982 كانت مخيبة للآمال، إذ حصل الحزب على 3.5% من الأصوات و8 نواب فدراليين فقط. و استنتج صحافيون متسرعون نهاية حزب العمال... وعلى العكس وجد حزب العمال حليفا قويا  في الحركة العمالية  مع تأسيس النقابة المركزية الوحيدة للعمال CUT عام 1983، وهي أول مركزية نقابية جماهيرية في تاريخ البرازيل الحديث .
شارك حزب العمال عام 1984 بنشاط في حملة الانتخابات الرئاسية المباشرة التي حركت ملايين  المواطنين في حركة جماهيرية غير مسبوقة  أنهت عمليا النظام العسكري. ووفاء منه  لمتطلبات السكان  الديموقراطية رفض  حزب العمال الانتخاب  غير المباشر لرئيس جديد ( تانكريدو نيفيس Tancredo Neves من المعارضة المعتدلة) من طرف البرلمان وهو الحل الهجين الذي تفاوضت بشأنه المعارضة الليبرالية مع العسكر.
ضاعف حزب العمال في انتخابات 1986 نتيجته الانتخابية وبلغ  نسبة  6.5% من الأصوات ومد تأثيره خارج معقله التقليدي ساو باولو. لكن اكبر اختراق  كان خلال الانتخابات البلدية عام 1988 إذ فاز حزب العمال بمناصب عمدة  بلديات عدة منها بعض العواصم الجهوية مثل بورتو أليغري وساوباولو أكبر مدينة صناعية بالبرازيل وبأمريكا اللاتينية. وأخيرا خلال الانتخابات الرئاسية المباشرة عام 1989 تقدم لولا على منافسيه "اليساريين" - كالشعبوي بريزولا والإشتراكي-الديموقراطي كوفاس-  وحل في الدور الثاني لمواجهة المرشح المحافظ كولور دي ميلو ( المدعم من أقوى آلة إعلامية بالبلد، شبكة التلفزة "غلوبو"). ورغم عدم إنتخابه، حصل لولا على نسبة 47%  المدهشة.
وفي لقائه الوطني السابع عام1990، تبنى حزب العمال ، بعد نقاش داخلي مديد، وثيقة تعرض بشكل ممنهج تصوره للاشتراكية، جاء فيها:
« لن تتحقق الاشتراكية التي نسعى إلى بنائها إلا إذا أقامت ديموقراطية اقتصادية حقيقية. عليها إذاً أن تتنظم حول الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج - الواجب تمييزها عن ملكية الدولة- التي سوف تتخذ الأشكال المختارة ديموقراطيا من قبل المجتمع...» 
« يتعين على تلك الديموقراطية الاقتصادية أن تتجاوز المنطق المنحرف للسوق الرأسمالي وكذا  منطق القيادة الاستبدادية للدولة الذي يعيث فسادا في العديد من الاقتصادات المسماة " اشتراكية"، ويجب إخضاع أولوياتها وأهدافها للإرادة الاجتماعية وليس "لمصالح إستراتيجية" مزعومة لدى الدولة».
إذا كان اليسار، بالبرازيل كما ببلدان أخرى، منقسما  عبر تاريخه إلى تيار مناهض للرأسمالية لكن سلطوي وآخر ديموقراطي لكن إصلاحي، فإن أحد  أوجه حزب العمال  الجديدة هي بالضبط تجاوز ذلك الخيار  الزائف : « يجعل منا التزامنا لأجل الديموقراطية مناضلين مناهضين للرأسمالية – وقد طبع هذا الخيار بعمق نضالنا لأجل تحقيق الديموقراطية. وشكل اكتشاف فساد الرأسمالية البنيوي بالنسبة لأغلبية مناضلي حزب العمال ( اكتشاف تجريبي قبل أن يغدو نظريا بالنسبة للكثير منا) حافزا قويا جدا للتنظيم في حزب سياسي. إننا مثلنا  - ولا زلنا- ردا  ناقما على المعاناة عديمة الجدوى لملايين الأفراد  الناتجة عن منطق الهمجية الرأسمالية. وعلمتنا تجربتنا التاريخية الملموسة - الوجه الأخر "للمعجزة البرازيلية" ولعدد  آخر من الأوضاع الوطنية أو الدولية المأسوية- أن الرأسمالية مهما كانت قوتها المادية  نظام غير عادل  بطبعه  وأنها تهمش ملايين الأفراد وتعارض التوزيع الأخوي للثروات الاجتماعية الذي يمثل  وسيلة  كل ديموقراطية حقيقية».
تمثل هذه الصيغة  المفعمة براديكالية أخلاقية ميزة لثقافة حزب العمال  السياسية الأصلية ، الناتجة عن انصهار فريد  بين النظرية الماركسية والحساسية المسيحية. وتزعج تلك الراديكالية النخب والصحافة ووسائل الإعلام التي تود قبول حزب العمال لكن بشرط أن يغدو حزبا " مثل الأحزاب الأخرى"، حزبا "عاديا" ، حزبا اشتراكيا-ديموقراطيا على سبيل المثال.
بعد انتخاب كولور دي ميلو عام 1989 حول برنامج سياسي غوغائي وشعبوي منصب حول "مطاردة الموظفين الفاسدين"، قام بتطبيق سياسة اقتصادية نيوليبرالية  نموذجية ونهب المنشآت العمومية بشكل منظم في عمليات خوصصة رخيصة. لكن سرعان ما وجد بطل مناهضة الفساد المزعوم نفسه مورطا  في فضيحة فاحشة مختلسا المال العام لمصلحة حسابه الخاص. وتطورت تعبئة شعبية هائلة، بمبادرة من حزب العمال، وانضمام  متأخر لقوى سياسية أخرى، مطالبة بإقالة الرئيس الماكر. وفرض ضغط الرأي  العام -لاسيما الشباب الحاضر بقوة في الشارع-  على أغلبية البرلمانيين التصويت لصالح عزل كولور دي ميلو (استبدل بنائب الرئيس إتامار فرانكو).
وكان الفائز في الانتخابات التالية ،عام 1994 و عام 1998، فيرناندو إينريكي كاردوسو، وذلك  بفضل نجاحه في إيقاف التضخم المالي. وكاردوسو هذا  عالم اجتماع ماركسي سابق ومن أنصار نظرية التبعية ، اعتنق  توجيهات صندوق النقد الدولي وترشح باسم  تحالف PSDB( الحزب الاشتراكي-الديموقراطي البرازيلي) و PFL (حزب الجبهة الليبرالية، حزب  البنوك وأعضاء الأوليغارشية القروية المنحدر من جناح الديكتاتورية العسكرية "المعتدل"). وطبق طيلة ثماني سنوات سياسة نيوليبرالية نموذجية، ملائمة للرأسمال المالي ، فاقمت كثيرا مشاكل البلد  الاجتماعية وتبعيته للأسواق.
رغم تلك الإخفاقات فاز حزب العمال بعدة مناصب عمدة  مدن ، وحتى بعض مناصب حاكم ولاية بالفيدرالية. وطبق بالبلديات التي يسيرها أشكال ديموقراطية قاعدية من قبيل "الميزانية بالمشاركة" الشهيرة. غير أننا شهدنا نوعا من إضفاء طابع مؤسسي على الحزب وميلا متعاظما لدى تيار الأغلبية بقيادة الحزب، ابتداء من أواسط سنوات 1990،  نحو البراغماتية و"نزع الراديكالية" السياسي والبرنامجي . لكن ذلك لم يجر دون مقاومة ضارية من قبل مختلف اتجاهات اليسار في حزب العمال       ( التي تمثل نسبة 40% الى 45% من الأصوات في مؤتمرات حزب العمال)، ومن أهمها  اتجاه "الديموقراطية الاشتراكية" ( فرع الأممية الرابعة) الذي حصل مرشحه لرئاسة الحزب راوول بونت عمدة بورتو أليغري السابق على زهاء 17% من الأصوات عام 2000 -.
أقنعت الهزيمتان أمام كاردوسو  لولا بتغيير استراتيجيته وبتقديم وجه أكثر اعتدالا في الانتخابات. هكذا سوف يفرض عام 2002 على حزب العمال ،رغم تحفظه، سياسة تحالف واسعة مع قوى برجوازية  واختار شريكا  ومرشحا لنيابة الرئيس خوسيه ألينكار رجل الصناعة و قائد الحزب الليبرالي ( حزب يميني).

الفوز الانتخابي والحكومة الجديدة
ليس فوز لولا  انتصار رجل و فرد وزعيم كارزماتي. بل يشكل أيضا فوزا لحزب جماهيري نزل مناضلوه والمتعاطفون معه يجتاحون الشوارع وساحات العواصم الرئيسية بالبرازيل مع مئات آلاف الأشخاص الذين كانوا يرقصون ويغنون ويلوحون بعلم حزب العمال الأحمر ذي النجمة الخماسية. لكنه يمثل أكثر من فوز حزب: إنه ثأر تاريخي للمستغَلين والمضطَهَدين بعد عشرين عاماً من الديكتاتورية العسكرية وسبعة عشر عاماً من «الجمهورية  الجديدة» النيوليبرالية. بل إذا أحصينا جيدا بعد  400 عام من الهيمنة الأوليغارشية في إطار الرأسمالية الاستعمارية/ التابعة...

هذا منبع الفرح الشعبي ورقص النجوم والأمل
الأمل الشعبي الهائل، أمل تغيير جذري وانطلاقة جديدة وقطيعة مع السياسات السابقة. أمل أن تكون برازيل أخرى  ممكنة، حيث يمكن أخيرا الإصغاء الى  الطبقات الكادحة وعديمي الأرض والنساء والسكان الأصليين والعاطلين والفقراء. أمل الا تشكل الحكومة  أداة بيد ذوي الامتيازات والمستغِلين والفاسدين وأصحاب الملايين. حكومة تولي  أهمية اكبر  لمحاربة الفقر و الإصلاح الزراعي وتحسين الخدمات الاجتماعية بدل الاستجابة  لمتطلبات المؤسسات المالية الدولية. أمل رؤية تحقيق مشروع اجتماعي بديل للنيوليبرالية ونموذج اقتصادي يسعى إلى خلق فرص عمل وإعادة تقسيم المداخيل.
يتعين إدراك أن ذلك لن يكون سهلا، لأن العراقيل كثيرة جدا. والأعداء لا يحصون. والصعوبات والتهديدات والتناقضات جلية. أولها إفلات قسم من المؤسسات من رقابة القوى الشعبية.  فقد فاز لولا وحزب العمال في الانتخابات الرئاسية بأغلبية ساحقة، لكنهما لا يحظيان بالأغلبية في البرلمان ولا في مجلس الشيوخ. وأغلبية حكام  الولايات يعارضون المشروع الجديد. و نائب الرئيس المنتخب نفسه  ضعيف العلاقة بالعمال (على سبيل التلميح).  ونشير بين قوسين الى إنه  اذا منعت حادثة أو مرض لولا من ممارسة وظائفه ، فسيرأس البلد  سياسي يميني "ليبرالي" منتخب بأصوات اليسار والعمال…
سوف يتعرض لولا وحكومته بسرعة فائقة لما تمارسه الأسواق المالية من ابتزاز تقليدي: كل انحراف عن الأرثودوكسية النيوليبرالية قد يسبب سحب رؤوس أموال طيارة مع انخفاض محتمل لقيمة الريال يليه التضخم. وسيتعرضان لضغط كبير من صندوق النقد الدولي، والبنك العالمي ، والخزينة الفيدرالية الأمريكية، وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، وحكومات "صديقة" بأمريكا اللاتينية وأوربا،  وطبقات مسيطرة بالبرازيل وما تتحكم به من وسائل إعلام ،  وحتى من بعض " حلفائهما السياسيين"، قصد دفعهما لتعديل تطلعاتهما، وتناسي "الراديكالية" ، وعقد مساومة "معقولة" ، والتكيف مع "الواقع"،  وقبول قوانين اللعبة القائمة كما يقبلها كل الآخرين ، وعدم المس بمصالح الرأسمال الوطني والدولي،  واحترام الاتفاقيات مهما كانت فداحتها ، وعدم معارضة اتفاقية منطقة التبادل الحر بالقارة الأمريكية ALCA ، مقابل تنازلات بالتعريفات الجمركية،  وتسديد الدين الخارجي بورع ديني،  والتخلي عن الإصلاح الزراعي إلى وقت لاحق ، وقمع عمليات  الاستيلاء "غير الشرعية" على الأراضي. ولتتويج ذلك،  بمثابة وضع حبة الكرز فوق الحلوى، توجيه ضربة قاضية لكل إرادة تغيير للسياسة الاقتصادية بمنح الاستقلال للبنك المركزي. وبعبارات أخرى: التخلي عن برنامجهما الحكومي والتحول إلى  نوع  من حكومات "الجمهورية الجديدة"  السابقة لكن  بسحنة اجتماعية واحسانية  وبدرجة فساد اقل. اي التحول إلى حكومة "اجتماعية-ليبرالية" كحكومات أخرى تعاقبت بأمريكا اللاتينية أو أوربا لإرضاء الرأسمال وتخييب آمال منتخبيها.
قدم لولا ومستشاروه الاقتصاديون (أنطونيو بالوتشي) الكثير - بافراط- من التنازلات لمصلحة الأسواق ووعدوا باحترام إتفاقيات جائرة- مع صندوق النقد الدولي وفتحوا للوسط ولليمين تشكيلة تحالفهم. لكن ذلك لا يكفي لإرضاء مصالح الرأسمال: فما يطالب به  ممثلوه هو في الواقع استمرار السياسة الاقتصادية للحكومات السابقة. هل سوف يقبل لولا ومقربوه ذلك الابتزاز؟
يمثل تشكيل الحكومة في يناير 2003 إشارة أولى الى نوايا الرئيس الجديد. يتعلق الأمر بحكومة ائتلاف تولى بها ممثلو النخب المسيطرة مناصب رئيسية ولكن بحضور يسار حزب العمال، غير أن الهيمنة تظل بيد التيار المعتدل في الحزب الذي يمثله أنطونيو بالوتشي (وزير المالية). بيد أن الأكثر إثارة للمخاوف هو تعين اينريكي ميرليس، نائب PSDB ( حزب كاردوسو !) ورئيس سابق لبنك بوستون، مديرا للبنك المركزي: انها ضمانة  أورثوذوكسية اقتصادية (نيوليبرالية) مقدمة للأسواق المالية. وقد احتج يسار الحزب ورفضت عضو مجلس الشيوخ إلويزا هيلينا المنتمية لتيار "الديموقراطية الإشتراكية" مساندة ذلك التعيين.
يمكن كذلك التساؤل حول تعيين رب العمل المحافظ لويس فيرناندو فورلان وزيراً للصناعة وروبرتو رودريغيس رئيس الجمعية البرازيلية لصناعة الأغذية Agrobusiness وزيراً  للزراعة. بالمقابل عين أوليفيو دوترا، حاكم ريو غروند سول السابق وشخصية معروفة بانتمائها ليسار حزب العمال، وزيراً للمدن وميغيل روسيطو، نائب حاكم ريو غراند ي دو سول السابق (منتم ٍ "للديموقراطية الاشتراكية") وزيراً للتنمية الزراعية مع مهمة الدفع بالإصلاح الزراعي -  وهو تعيين رحبت به بفرح حركة العمال القرويين دون أرض MST، وأدانته الجمعية الوطنية للمنتجين القرويين (الباترونا) و UDR والاتحاد الديموقراطي القروي ، المنظمة السياسية القوية (والرجعية) لملاكي الأراضي واعتبرته أمراً خطيراً ومناهضاً للإنتاج. وأخيراً عينت عضو مجلس الشيوخ مارينا سيلفا ،صديقة نضال تشيكو مانديس لأجل حماية غابة الأمازون سابقا ، والعدو اللدود للأجسام المعدلة وراثيا OGM ، وزيرة للبيئة.
وقد عُيِّن رئيس حزب العمال خوسيه ديرسو ( مناضل سابق في حرب الغوار) وزيراً رئيساً للدار المدنية - اي كاتباً عاماً للحكومة.  صرح هذا المقرب من لولا والمتفاوض السياسي البارع، في خطاب تعيينه، أن هدف الحكومة الجديدة هو إتاحة تبوؤ شعب البرازيل لما يستحق من مكانة قائلاً : "إن ذلك غير ممكن سوى بالقيام بتغيير اجتماعي كبير، بثورة اجتماعية حقيقية. إني لا أخشى استعمال هذه العبارة: ثورة اجتماعية حقيقية. علينا قول ذلك لشعبنا". وأضاف "لن نكون قادرين على بلوغ أهدافنا إلا إذا كانت ثمة  مشاركة شعبية وإلا إذا كانت  ثمة تعبئة وطنية".
كانت البادرة الإيجابية التي قدمتها الحكومة – تجدر الإشارة أنها من اختيار لولا نفسه بعد استشارة مقربيه - قرار تعليق شراء الطائرات الحربية لغاية  تحديث القوات الجوية البرازيلية. قرر لولا تحويل 800 مليون دولار تلك الى برنامج محاربة الجوع الذي جعل منه مفخرة لرئاسته لما قال : «إذا أمكن في أربع سنوات المقبلة أن يتناول برازيلي الطعام ثلاث مرات في اليوم، فاني أعتبر مهمتي ناجحة."
لكن  من السابق للأوان في يناير 2003 الحكم على ما ستكون سياسة الحكومة الجديدة. هل ستكون قادرة على مقاومة الضغوط، والمضي قدماً في تحقيق برنامجها لإعادة تقسيم المداخيل، والقيام بإصلاح زراعي حقيقي، وإعادة توجيه الإنتاج نحو السوق الداخلية، ودعم الاقتصاد التضامني، والإصلاح الضريبي ، والاستثمارات الأولية في التعليم والصحة، ومحاربة الفساد والتملص من الضريبة؟ يستلزم تطبيق تلك التدابير نضالاً ضارياً للغاية ضد الأعداء أقوياء وأقل استعدادا للتنازل. غير أنه دون ضغط "من أسفل"  تمارسه الحركة الشعبية والمنظمات العمالية والفلاحية والطبقات الدنيا كثقل موازن لضغط "من فوق"  تمارسه إمبراطورية الطبقات المحظوظة ستكون الهزيمة مآل المعركة لأجل تغيير الطريق.
يبدو لي في هذا الصدد أن موقف حركة العمال القرويين دون أرض MST موقف مثالي: «يكمن دورنا كحركة اجتماعية  في مواصلة تنظيم فقراء القرى وتوعيتهم بحقوقهم وتعبئتهم كي يناضلوا من أجل القيام بتغييرات. سوف نحافظ على الاستقلالية  الضرورية إزاء الدولة، لكننا سنتعاون كلما أمكن مع الحكومة الجديدة كي يتحقق الإصلاح الزراعي الذي نحلم به منذ أمد طويل».(قرار حركة العمال القرويين دون أرض MST بتاريخ 8 نوفمبر 2002).
إذا تبنت النقابة المركزية الوحيدة للعمال CUT نفس الموقف وكذلك حركة من لا سقف لهم ومركزية الحركات الشعبية والحركة النسائية والكنيسة التقدمية- التي اتخذت مواقف واضحة ضد اتفاقية منطقة التبادل الحر بالقارة الأمريكية ALCA وضد تسديد الدين الخارجي- ومناضلو حزب العمال، يمكن خلق ميزان قوى ملائم لتحقيق التغييرات التي وعد بها برنامج لولا.
ما من شيء سيضر أكثر بالمصالح الشعبية من "انتظار" أن تحل الحكومة المشاكل. (…)
تشكل تعبئة الحركات الاجتماعية والأحزاب اليسارية شرطا ضروريا للحصول على تقدم مهم في النضال ضد منطق النيوليبرالية واستبداد الأسواق وتطفل الرأسمال المالي واللامساواة والإقصاء والظلم التاريخي التي تميز المجتمع البرازيلي.
لا أحد بإمكانه التنبؤ بمستقبل الحكومة التي شكلها الرئيس لولا: يضع المتفائلون ثقتهم في العامل السابق والنقابي المناضل للوفاء بالتزامه ، ويعد  المتشائمون التنازلات لصندوق النقد الدولي والنخب الاقتصادية  أما "المتشائمون" من طينة  كاتب هذه السطور،  فيعتقدون أن  الرهانات لم تحسم بعد  وأن خيارات عديدة تظل  مفتوحة. لا يمكن في الواقع تقديم سوى فرضيات بصيغة شرطية. هاكم إحداها  تبدو بنظري مهمة: إن تدخلا فعالا من قبل فاعلين اجتماعيين وسياسيين مناصرين " لبرازيل أخرى" سوف يكون وحده قادرا على ضمان:
1) إلغاء مشروع اتفاقية التبادل الحر بالقارة الأمريكية ALCA – بما هي محاولة من الإمبراطورية الأمريكية لإعادة استعمار أمريكا اللاتينية بتدمير كل محاولة استقلال اقتصادي- وليس فقط " إصلاحها" بتنازلات في التعريفات الجمركية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حول القمح أو عصير الليمون البرازيليين.
2) عدم قدرة صندوق النقد الدولي على فرض قوانينه على البرازيل كما كانت الحالة بالأرجنتين خلال سنوات كثيرة مع العواقب المأساوية التي نشهد.
3) القدرة على فرض رقابة ضريبية على دخول وخروج رؤوس الأموال الخارجية وفقا لمشروع وطني للتنمية موضوع ديموقراطيا.
4) سعي البرازيل إلى التكتل مع بلدان جنوب أخرى لفرض "سيرورة تدقيق حساب الدين الخارجي العمومي وإعادة التفاوض حوله" ( من البرنامج الحكومي لحزب العمال  المصادق عليه في الندوة  الوطنية 12 في ديسمبر 2001).
5) دمقرطة الدولة   فعلا بفضل " تطبيق الميزانية بالمشاركة على المستوى المركزي" ( في نفس البرنامج).
6) "تعليق" برنامج الخوصصة "وإعادة تقييمه" مع تدقيق الحساب حول العمليات التي أجريت سابقا (نفس البرنامج)
7) الشروع في إصلاح ضريبي واسع هدفه تخفيض ضرائب الأجراء مقابل " فرض ضريبة على الثروات الطائلة والإرث الضخم" و "تقليص ثغرات التملص من الضريبة" (نفس البرنامج).
8) قطيعة فعلية مع النموذج الاقتصادي النيوليبرالي "المبني على الانفتاح وعلى الإلغاء الجذري لضبط الاقتصاد الوطني ونزوات الرأسمال المالي المعولم" (نفس البرنامج)
بعبارات أخرى: وحدها تعبئة اجتماعية وسياسية فعلية للقواعد سوف تتيح لحكومة لولا تجاوز الحدود التي يحاول ممثلو الرأسمال فرضها عليها، وضمان تحقيق وعود التغيير التي قدمها المرشح مثلها مثل البرنامج الأكثر تقدمية الذي تبناه حزب العمال خلال ندوته الوطنية الثانية عشرة (ديسمبر 2001). هذا دون إغفال المشروع التاريخي المتمثل في إنجاز برنامج حزب العمال لعام 1990: تجاوز الرأسمالية وبناء مجتمع جديد اشتراكي حر وديموقراطي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقابلة مع راول بونت

 راول بونت نائب فيدرالي سابق وعمدة سابق لبورتو اليغري  ومناضل في تيار «ديمقراطية اشتراكية»  بحزب العمال في البرازيل . هذا النص  ملخص لمقابلة مع جريدة "Zero Hora " بتاريخ 23 يونيو 2002 .
• خلال الحملة الانتخابية عام 1994 كان موقف حزب العمال من مشكل الديون هو عدم سدادها . و الآن  يتحدث التوجه الجديد عن التفاوض بشأنها …
• راول بونت : خلال اللقاء الوطني الثاني لحزب العمال  المنعقد في رسيف في ديسمبر 2001 كان المقرر المصادق عليه يؤكد برنامج  الحزب (…) وقد فرض الموقف الجديد نفسه داخل الحزب لان القسم الأكبر من الدين هو اليوم دين خاص وليس عموميا (…)إن كان للدفاع عن رفض أداء الدين  طابع تبسيطي بالغ فان التعاريف اليوم دقيقة جدا.
(…)عندما كان يقال «الامتناع عن سداد الدين» فمعناه تعليق الأداء او إنذار البلد قصد الكف عن تخصيص ذلك القدر من المال  لخدمة الدين . الدفاع عن الامتناع عن الاداء كان تبسيطا لشعار يشير الى ضرورة تخصيص الموارد العمومية لاهداف أخرى . وقد وصل لقاء رسيف الى خلاصة اننا نخاطر باستعمال  صيغة تحريضية جدا  وعديمة المضمون .  لذا قرر الحزب  تبني اقتراحات القيام بإعادة التفاوض  لتخفيف الأثر المحتمل  لعقيدة عدم الأداء .
• هل توافقون على التحالف مع الحزب الليبرالي  والتقارب مع المنشقين عن حزب الحركة الديمقراطية للبرازيل (1)؟
• راول بونت : لم تتقرر في اية لحظة ولا في اية هيئة خلال لقاء رسيف  ضرورة التحالف مع الحزب الليبرالي او حزب الحركة الديمقراطية للبرازيل . علاوة على اني اشك ان التحالف قد تمت الموافقة عليه (…) انا  ضمن المستائين .انا اعتقد ان محاولة التحالف مع الحزب الليبرالي وحزب الحركة الديمقراطية للبرازيل مضيعة للوقت. سيكون من الأفيد أن يتداول لولا مع العمدات حول كيفية  تصور العلاقة الجديدة بين البلديات  والسلطة الفيدرالية  لان البلديات لا تحافظ حاليا سوى على قسط ضئيل من الضرائب. وعلينا أن نغير هذا. إن كانت الولايات (2) تواجه حالياً مشاكل جدية مع الفيدرالية  فاعتقد ان علينا ان نقول بوجوب تغيير هذا كله. علينا ان نقول للسكان كيف نرى بناء الميزانية العمومية  وهذا هو الأكثر أهمية. لقد اقترحنا تعديلات في ريسيف  لكن لا شيء من ذلك ظهر في حملة لولا .
• هل تعتقدون ان موقف لولا يربك مناضلي حزب العمال  لاسيما في ريو غراندي دو سول  حيث للحزب صورة مغايرة ؟
• راول بونت : فعلا ولا يقتصر الأمر على ذلك . ثمة عرائض يجري تداولها وثمة قيادات بلدية  وولايات تحتج. نحن تبنينا هنا وثيقة  تعارض أي تحالف كان مع الحزب الليبرالي وحزب الحركة الديمقراطية للبرازيل .وقد بعثنا ذلك المقرر  الى  القيادة الوطنية (…) وفي البلد كله يريد عدد كبير من المنخرطين  والمناضلين  حملة انتخابية  بوجه آخر .
• اذا تأكد التحالف مع الحزب الليبرالي  هل تعتقدون ان ذلك سيضر بحزب العمال؟
• راول بونت : قد يكون لذلك عواقب وخيمة . وقد شهدنا ذلك خلال الحملة لاعادة انتخاب لويزا اروندينا في ساو باولو . لم يتحمس العديد من مناضلي حزب العمال للطريقة التي  جرت بها الحملة .  وفي حالتنا اذا لم يلتزم المناضلون يصعب القيام بالحملة .
--------
(1) حزب الحركة الديمقراطية للبرازيل  يمثل قطاعا من اليمين  البرازيلي
(2) البرازيل جمهورية فيدرالية من 23 ولاية  وثلاث جهات ترابية  ومقاطعة فيدرالية

حزب العمال وانتخابات 2002

 إن سنة 2002 سنة انتخابية بالبرازيل ، مطبوعة بالدور الأول من انتخابات الرئاسة وبدورها الثاني عند الاقتضاء. وفي نفس الوقت سيعاد انتخاب حكام الولايات الفيدرالية  وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب على مستوى الولايات وعلى صعيد الدولة ككل . ولرابع مرة تقدم مؤسسات استطلاع الرأي لوي اينياسيو دا سيلفا «لولا»، مرشح حزب العمال ، المدعوم من نقابة المركزية الوحيدة للعمال (CUT)  كمنتصر محتمل. لكن حملته الانتخابية بدأت من الوهلة الأولى ، خلافا لانتخابات 1989 و1994، والى حد ما 1998،  بتنازلات لمتطلبات أرباب العمل، وعلاوة على ذلك اختارت قيادة حزب العمال صرف النظر عن قرارات مؤتمر الحزب(2001) باختيار تحالف مفضل مع الحزب الليبرالي(اليميني). هذا بينما نشهد تجددا في النضالات الاجتماعية وتقوم الحركات الاجتماعية بالتعبئة لاستفتاء شعبي ضد مشروع اتفاق منطقة التبادل الحر بالقارة الأمريكية  ZLÉA (راجع إنبركور عدد461/462،أغسطس - سبتمبر2001) المرتقب يوم 7 سبتمبر، والذي ستضغط نتائجه على الحكومة المقبلة أيا كانت .
ننشر فيما يلي التصريح العمومي  المصادق عليه من طرف رفاقنا في اتجاه الديمقراطية الاشتراكية  داخل حزب العمال، الذي ينبه الى انعطاف سياسة الحزب وتوجه حملة "لولا".
تصريح الديمقراطية الاشتراكية *
 يتمثل هدفنا في استمرار حزب العمال حزبا اشتراكيا وديمقراطيا ضد النهج الذي تفرضه أغلبية القيادة في الحملة الانتخابية الجارية.  إن التوجيه الذي أعطته هذه الأخيرة للحملة الرئاسية بوجه خاص ،لكن أيضا على صعيد بعض الولايات، مقلق للغاية  فعلا. فتحديد اولوية التحالف مع حزب يميني،الحزب الليبرالي، والكيفية التي ُشوهت بها بعض المواقف البرنامجية لحزب العمال ، وهي من أثمنها، وخرق مضمون ديمقراطيتنا الداخلية، كلها مشاكل حيوية بالنظر الى  الدور الذي يقترح حزب العمال القيام به في المجتمع البرازيلي.
 والمشكل الجوهري هو معرفة كيف يمكننا، في وضع معقد وبوجه ابتزاز «الأسواق»، القيام بحملة انتخابية ظافرة من الزاوية الانتخابية والسياسية. هذا مع استمرار الوفاء للأهداف المحددة لوجود حزبنا: إننا نسعى الى الظفر بالحكومة المركزية لحفز ثورة ديمقراطية في البرازيل في تماسك مع مشروع المجتمع الذي كررنا دوما التأكيد عليه في وثائقنا البرنامجية. يتعين هنا ان نعيد القول إنه يجب ان تكون  الانتخابات بالنسبة لنا لحظة قوية في معركة الأفكار للتقدم بمشروع مجتمع بديل. وهذا النقاش هو الذي سيتيح لنا، بالنضال السياسي، بناء قوة كافية في نفس الوقت لانجاح انتخاب مرشحينا وبوجه خاص لإتاحة تطبيق برنامجنا، أي انتخاب المرشحين بكيفية تجعلهم قادرين على تطبيق البرنامج.
اذا لم نتمكن، خلال الحملة الانتخابية، من بناء تماه مع  اقتراحاتنا، مصحوب بتصور واضح لمن هم أعداء الفئات الشعبية، وبطريقة استلام هذه الأخيرة  للسلطة وفرض أغلبيتها على المجتمع، فسنتحول الى رهائن لدى خصومنا، وفي حال وصولنا الى السلطة، لن نستطيع قطع الروابط التي تحصرها وتشدها الى منطق السياسات النيوليبرالية.
 
 انتخابات 2002 وابتزاز«الأسواق »
ان موضوع النقاش في انتخابات أكتوبر 2002 هذه، الرامية الى انتخاب رئيس الجمهورية، وكذا الغرفة الفيدرالية وحكام الولايات( ) وغرفها التشريعية، هو نوع الأمة التي نريد بناءه للقرن 21. ويشكل التطور الاقتصادي للبلد عنصرا حاسما في هذه السيرورة، لاسيما في المعركة الرئاسية. لقد سعت الحكومة الفيدرالية الى إخفاء مسؤوليتها عن الأزمة ومنع  النقاش حول بدائل جوهرية عن سياستها.  واستعمل أعضاؤها الإرهاب الاقتصادي لرفع حظوظ مرشحها  وإجبار المعارضة الشعبية على الركوع لمصالح الاسواق المالية. واليوم بكل كلبية تطالب نفس الحكومة، المسؤولة عن تفاقم تبعية البلد الاقتصادية، والتي منحت «الأسواق» الشهيرة قوة ضغط هائلة، بالتزام المعارضة السير على الطريق الصائب للتسيير الاقتصادي.
تبرز التصريحات المركبة لكل من الان غرينسبان رئيس البنك المركزي بالولايات المتحدة الأمريكية، وستانلي فيشر نائب رئيس صندوق النقد الدولي سابقا، والمضارب العملاق جورج سوروس، ضمن تصريحات اخرى عديدة، حول اثر ترشيح لولا السلبي على الأسواق ، أن أعداءنا لا يترددون لحظة في معاملتنا بصفتنا أعداء وانهم يسعون الى إبقاء البرازيل في قبضة ديكتاتورية الرأسمال والأسواق الدولية (الأمريكية الشمالية بوجه خاص)
يتقدم مرشح الحكومة ( ) الى الانتخابات بخطاب تتمفصل فيه الاستمرارية والتغيير. وعند اتخاذه للمواقف يعلن دفاعه على حد سواء  عن الاستمرارية الاقتصادية وعن أفكار سياسة تنموية واعادة توزيع للثروة. ويمكنه بهذه الطريقة التحالف مع إعادة النظر المتنامية في النيوليبرالية والإقدام على التصدي، بكيفية انتهازية، للقبول الذي يحظى به بين السكان الخطاب والسياسات المطبقة من طرف المنظمات الشعبية، لاسيما في الإدارات (الولايات والمدن) التي تشرف عليها أحزاب اليسار.
لكن التعديلات التي يقترح مرشح الحكومة او الأحزاب البرجوازية الأخرى إدخالها على الوصفات النيوليبرالية لا تخرج عن هوامش النموذج الليبرالي. ولن ينتج عن هذه التنويعات أي  تبدل مهم في الكتلة الطبقية المهيمنة في المجتمع البرازيلي  ولا أي تغير في منطق اندماج البرازيل وتبعيتها للسوق العالمية. وسيجري الحفاظ على أسس السياسة الراهنة المعادية للمصلحة الوطنية  وللمطامح الاجتماعية.
لقد برهن معسكر الحكومة عن طابعه المعادي للديمقراطية. والدليل على ذلك تلك الكيفية التي استعملت بها، خلال الحملة الانتخابية، وسائل غير شرعية وغير قانونية. والمثال الجلي على ذلك استعمال السياسة الفيدرالية ضد حزب العمال.
وعلاوة على لولا ومرشح الحكومة ، يشارك مرشح ثالث ،سيروغوميس Ciro Gomes ( ) في الحملة الانتخابية مع حظوظ بالفوز. وعلاوة على كونه الممثل الرئيس للمعارضة البرجوازية، يتقدم ايضا  كمرشح للاستمرارية وللتغيير من جهة، مذكرا دوما بدوره كوزير في وضع خطة الريال، ويقف من جهة اخرى موقف المعارض للحكومة الحالية ( رغم انه مدعوم من قطاعات من البرجوازية  وغالبية حزب القوات الليبرالية [ ] ضعيفي الانتقاد للحكومة).
إن حزباً من مثل حزبنا، الملتزم لصالح تجذير الديمقراطية، في حاجة الى بناء حركة  قوية لنقاش برنامجنا مع السكان. بهذه الكيفية ،دون غيرها، سيستفيد من التعبئة  ومن الشرعية الاجتماعية الضروريتين لإنجاز القطيعة مع منطق «الأسواق» لاجل الانتصار والشروع في  تطبيق برنامجنا الحكومي.
يستحيل التغيير الذي تأمله غالبية الشعب البرازيلي  دون حركة جماهيرية واسعة تحملنا الى الحكومة  وتساندنا بوجه تحديات التغييرات الاقتصادية  والسياسية والاجتماعية التي نسعى الى قيادتها. لاجل ذلك يتوجب علينا الحفاظ على اقصى ما يمكن من الوضوح  حول تقاطب مشروعين متناقضين: مشروع القوى المحافظة والليبرالية من جهة، التي تضم حكومة كاردوزو والمعارضة البرجوازية (التي تدعي الاصلاح وليس القطيعة)، ومن جهة اخرى مشروع ملايين العمال والشباب  والعاطلين والمناضلين الاجتماعيين، من الرجال والنساء الذين يأملون قطيعة مع النموذج الحالي المهيمن. يتعذر بناء مشروع ظافر في في إطار الالتباس وبالعكس  سيبنى في وضوح اختياراته واقتراحاته.
 
مقررات اللقاء الثاني عشر : قطيعة شاملة مع النموذج القائم 
يجب ان تكون مرجعيتنا للمرحلة السياسية الراهنة هي مقررات اللقاء الوطني الثاني عشر لحزب العمال (ديسمبر 2001)، وبوجه خاص الوثيقة التي تحمل عنوان «البرنامج الحكومي لحزب العمال لاجل البرازيل : تصور وخطوط توجيهية »  المتمحورة حول  بناء بديل فعلي للنيوليبرالية على الساحة الانتخابية.  وقد برزت خلافات هامة حول هذا البرنامج خلال النقاشات  لاجل انتخاب قيادة الحزب.  وقد شكلت مصادقة اللقاء الوطني على تلك الوثيقة ، مقابل دمج تعديلات عديدة، لحظة إضفاء تجانس على مواقف الحزب  السياسية .
 كانت تلك «الخطوط التوجيهية» تستعيد  خيط البلورة السياسية-البرنامجية  التي حققها حزب العمال منذ تأسيسه ، وبوجه خاص منذ اللقاء الوطني الخامس سنة 1987  الذي أطلق اول ترشيح للولا الى الرئاسة . تتبنى «الخطوط التوجيهية» الطابع الديمقراطي والشعبي لبرنامجنا الحكومي، وتؤكد ان ليس ثمة شك  في ضرورة قيام حكومة ديمقراطية وشعبية بقطيعة فعلية شاملة  مع النموذج القائم  بوضع أسس إرساء نموذج تنمية بديل. وتم التعبير آنذاك  بوضوح عن رفض طريق فقد العزيمة والفشل المدوي ، الذي يمكن وصفه ببديل دي لاروا ( ).
هكذا بتفاديه للأوهام حول الطابع التقدمي  للطبقات السائدة  البرازيلية، اكد حزبنا في الاطروحات المصادق عليها  استحالة  تطبيق برنامجنا الحكومي سوى بتشكيل تحالف جديد للقوى  في قطيعة مع الأحلاف المحافظة المتتالية  التي سيطرت على البلد منذ عقود.

أزمة النيوليبرالية وصعود النضالات الشعبية بأمريكا اللاتينية
على نحو ما كان اللقاء الثاني عشر لحزب العمال، يعكس  تقدم النضالات الشعبية  ورفض المشروع النيوليبرالي  اللذين أمكن تسجيلهما  على المستويين الوطني  والدولي على السواء. وفي الواقع بدأ الإطار  الدولي للصراع الطبقي يتغير  في اتجاه إيجابي .  ويحرم تنامي اهتزاز الاقتصاد العالمي ، بازماته المتتالية،  المشروع النيوليبرالي من شرعيته  ويغذي مقاومة اكتست طابعا دوليا منذ مظاهرة  سياتل  في نهاية سنة 1999.
 ان الأزمة السياسية-الاجتماعية اكثر عمقا في أمريكا اللاتينية وقد فاقمها كل من ركود  شامل يطال المنطقة  بقوة وارتفاع الدين الخارجي. وفي المنطقة برمتها، ادى تطبيق سياسات نيوليبرالية الى زيادة الفقر والبطالة  وجعل البلدان اشد تبعية  واكثر ضعفا إزاء ضغوط الرأسمال الدولي. ومع ذلك تسعى الإمبريالية الأمريكية الى المزيد: انها تأمل فرض اتفاق  استعماري جديد  يقيم منطقة التبادل الحر بالقارة الأمريكية  ZLÉA  . ويجب تفادي إغفال كون مشروع منطقة التبادل الحر مرفق بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي الشمالي  بالمنطقة، وبتقليص الحريات الديمقراطية،وبإعادة تحديد دور المؤسسات القارية مثل  منظمة الدول الأمريكية.
 وبالمقابل ربما تشكل أمريكا اللاتينية حاليا  القسم من العالم حيث بلغ تجاوز تشتت وتجزؤ النضالات ضد الهجوم الليبرالي ابعد حد. اذ نشهد استئنافا للتعبئات ولإعادة تنظيم الحركات الاجتماعية. ويؤكد«الارجنتينازو»، وهزيمة الانقلاب العسكري الذي دبرته الولايات المتحدة الأمريكية في فنزويلا، وصعود النضالات الاجتماعية، وتنامي الوجود المؤسسي لليسار في البرازيل، وتعزز التعبئات في الاروغواي، والنضالات المتسعة باستمرار في الباراغواي وفي بوليفيا، قدوم مرحلة جديدة من الصراع الطبقي.
 وتمتزج هذه السيرورة بصعود حركة المقاومة ضد العولمة الرأسمالية، وتدل على بزوغ  نزعة أممية متجددة  يمثل المنتدى الاجتماعي ببورتو اليغري أحد تجلياتها. في هذا السياق تعبر مقررات اللقاء الثاني عشر عن توجه ليس ضروريا وحسب بل قابل للحياة كليا.

ضرورة تحالفات متماسكة
 يتوجب على حزب اشتراكي أن يسعى الى تحالفات اجتماعية وسياسية، بما في ذلك على الصعيد الانتخابي ودوما باتفاق برنامجي بمثابة مرجع.  وفي الواقع يقتضي إمكان بقاء  حكومة قادرة على إنجاح تغييرات اجتماعية عميقة  تماسكا بين البرنامج والتحالفات، في سياق تعبئة شعبية قوية ودمقرطة عميقة للمجتمع.ان التحالفات الانتخابية  العرضية مع أحزاب الوسط او يمين الوسط او اليمين لا تستجيب لهذا التماسك و هي تضر فوق ذلك، وهذا اسوأ، بقدرتنا على التعبئة والدمقرطة كما دلت على ذلك الممارسة. ان توجيه سياستنا في التحالف بشكل ممنهج  صوب الحزب الليبرالي وأحزاب أخرى من خارج المعسكر الديمقراطي والشعبي يناقض تلك الحاجة الى التماسك. ولا يراعي تاريخنا الخاص  ولا مبرر له اذا تفحصنا  بجدية نجاحاتنا وهزائمنا الانتخابية السابقة. على العكس يعزز كل ما اجتزناه حتى الآن أن على حزب اشتراكي وديمقراطي أن يتميز سياسيا عن اليمين واخلاقيا عن الفساد، وان التغييرات التي نناضل لأجلها تتطلب تعبئة إرادة سياسية كبيرة  في وحدة المعسكر الديمقراطي حول مشروع يعبر عن آمال وارادة النضال لدى اغلبيات وطنية ويعبئها.
ان اوريستس كريسيا وقطاعات حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية ( ) التي انضمت اليه (والتي صادق بشأنها لقاء حزب العمال بساو باولو على جهود  رامية الى تحالف، هذا الذي لم يتم في الولاية لكنه  اتاح لأنصار "كريسيا" مساندة لولا) قد يوصفون بالوسط او يمين الوسط.  وبالعكس فان الحزب الليبرالي حزب يمينى بكامل الوضوح. ومن المستحيل اخفاء كونه في ولايات عديدة جزءا لا يتجزأ من قاعدة مساندة الحكومة. ويمثل دعمه لباولو معلوف وانتونيو كالوس ماغالايس ( )  امثلة  بليغة. ويتحكم  بالحزب الليبرالي في ولاية الاغواس اكبر رجل صناعة بالولاية  كارلوس ليرا . وعدد من نوابه متورطون  في فضائح  فساد ومرتبطون بفرناندو كولور ( ). وقد جرى ذكر اثنين منهم من طرف اللجنة البرلمانية للتقصي حول تجارة المخدرات.
ان نص اللقاء الثاني عشر، رغم موافقته على جهود توسيع سياسة التحالفات صوب الوسط، يحافظ على  معيار قاعدة اتفاق برنامجي، ولا يشير باي وجه الى إمكان إدخال قطاعات من اليمين مثل الحزب الليبرالي.
 يتباهي مرشح الحكومة بتجسيد"الاستمرارية" دون استمرار  ويسعى الى إعطاء نفسه شرعية بإنكار قدرتنا على تشكيل بديل  وذلك بمحاولة مماثلة برنامج وممارسات لولا وحزب العمال ببرنامجه وممارساته هو. ويحاول مرشح المعارضة البرجوازية  الرئيسي فعل نفس الشيء. في هذا الإطار بات من الأهم ، اكثر من ذي قبل، الحفاظ على وضوح برنامجنا والاستناد إليه لكسب شرعية بصفتنا ممثلين لنضالات ولآمال ملايين البرازيليين والبرازيليات. هذا ما يجعلنا نعارض كليا التحالف مع اوريست كيرسيا والحزب الليبرالي على المستوى الوطني وفي كل الولايات بما فيها طبعا ولاية بارا با. في هذه الولاية دافع الرفيق افينزوار ارودا ، من قادة الديمقراطية الاشتراكية ، عن التحالف مع الحزب الليبرالي  وتعيين عضو من هذا الحزب مرشحا لنيابة الحاكم . ولم يحظ هذا الموقف بمساندة  الاتجاه ، وبالعكس يتعارض التحالف مع الحزب الليبرالي مع كل  ما دافعنا عنه دوما .

 منظور الاشتراكية
يبرهن فشل النيوليبرالية، لاسيما بأمريكا اللاتينية، ان الرأسمالية ليست حلا.  ان ما ندافع عنه من نموذج تنمية قابل للحياة اقتصاديا ومحترم للبيئة وعادل اجتماعيا، مستحيل البناء في اطار رأسمالي.
 وندافع عن تمفصل منظور حكومي و سيرورة تغيير أوسع ،اي بناء الاشتراكية .  ولا ينبع هذا التصور من مواقف حزب العمال التاريخية وحسب، بل ايضا من تجارب حزبنا في الإدارة  التي أتاحت في نطاقها إشراك قطاعات من السكان في قرارات التسيير.
كما يستند إلى تطور الظرفية  العالمية كما أقر بذلك بصراحة نص «الخطوط التوجيهية»  المصادق عليها في لقاء ريسيف: تتوالى انتفاضات شعبية في بلدان مختلفة، لاسيما بأمريكا اللاتينية  حيث تمثل الأرجنتين آخر مظاهر عواقب سياسة صندوق النقد الدولي و أكثرها تجذرا. وينزع تنامي اهتزاز الاقتصاد العالمي، بأزماته المتواترة ، الشرعية عن المشروع النيوليبرالي. ويتيح تبدل الإطار السياسي العالمي هذا تركيب الدفاع عن السيادة  مع النضال لاجل نظام عالمي  مغاير جذريا للنظام الجاري بناؤه. علينا أن  نعارض عولمة الرأسمال والأسواق  بالتضامن العالمي  وبأممية الشعوب. وهذا السياق موات اكثر للدفاع عن الاشتراكية ذات الطابع الديمقراطي  كما تتزايد  آفاق دعم دولي لبرنامج يساري. ( )
سيلقى انتصار حزب العمال في الانتخابات ترحيبا من يسار العالم برمته. وعلى عكس الانتصارات الانتخابية الحديثة لليمين، لا سيما في أوربا، قد تفتح حكومة يسارية في البرازيل  إمكانات جديدة للنضال لاجل الاشتراكية. وسيكون تعزيز السيادة الوطنية، والامتناع عن توقيع اتفاق منطقة التبادل الحر بالقارة الأمريكية، ومشروع تنمية اقتصادية غير تابعة، وحركة مشاركة شعبية قوية، واتخاذ قرارات عمومية وديمقراطية في كافة المسائل، مبادرات كفيلة  برسم معالم نموذج آخر.

 نقد موقف أغلبية القيادة
 ثمة  ثلاثة اوجه أساسية في موقف أغلبية قيادة حزب العمال  تستدعي النقد: التعبير عن المضمون البرنامجي  للحملة  وتحديد التحالفات والاشتغال الداخلي للحزب .
في المقام الاول ، بوجه ضغط "الأسواق" ، تبنى مرشحنا وممثلون آخرون للحملة مواقف متناقضة. فمن جهة كانوا ينددون بشكل صائب بمسؤولية حكومة كاردوزو  عن الازمة (سواء بسياسته المفاقمة لتبعية اقتصاد البرازيل او بالتلميحات المتكررة الى لامسؤولية مرشحي المعارضة) ويؤكدون التزام الحزب بالتغيير، لكنهم من جهة اخرى  تنازلوا للضغوط  وضاعفوا التصريحات الرامية الى تهدئة "الأسواق" مزيحين  جانبا المقررات البرنامجية للقاء الوطني الثاني عشر، والأسوأ من ذلك أنهم أكدوا أن حكومة حزب العمال ستحافظ على درجة معقولة من الاستمرارية مع السياسة الاقتصادية الحالية.
وتشكل رسالة لولا « الى الشعب البرازيلي» تركيبا لهذه التوجهات المتناقضة : اذ تعيد التأكيد على الالتزام بالقيام بتغييرات أساسية  وتضمن في نفس الوقت الحفاظ  على اوجه من السياسة الاقتصادية الحالية  التي يتمسك بها اكثر الرأسمال المالي .. والأسوأ أخيراً أن الإشارة الى التغيير الضروري  واردة بصيغة عامة بينما جاءت الضمانات الممنوحة للأسواق  بصيغة بالغة الدقة .
جلي أن  كل ما يقوم به حزب العمال لصالح استمرار اوجه من السياسة الاقتصادية إنما يصب الماء في طاحونة مرشح الحكومة. وبوسعه التباهي عن حق انه الأكثر تماسكا في هذا الاتجاه ، وهو لم يحرم نفسه من ذلك لحد الان. ومن جهة اخرى، وكما يمكن ترقبه، أعطت جهود طمأنة «الأسواق» نتائج جد متواضعة. اعترف مفسروها (اقتصاديو البنوك بوجه خاص) وأعضاء  الفريق الاقتصادي للحكومة  بالجهد الهام الذي بذله  لولا قصد الاقتراب من مواقفهم مصرحين بضرورة  ان يذهب هذا الاخير ابعد على هذا الطريق . و«اقترح» وزير الاقتصاد اتفاقا حول الإبقاء على رئيس البنك المركزي. وندد آخرون باسم«الأسواق» بقابلية  استمرار جهود لولا وادارة الحملة لنيل ثقتهم  قائلين إن السمعة ُتبنى مع الوقت  وان لولا تلزمه سنوات اخرى   ليعتبر صديقا للأسواق .
 في الواقع  يتمثل الاجراء الوحيد الذي سيرضي تماما  الاسواق  في إعلان سحب ترشيحه. وهذا طبعا لن يسوي باي وجه الازمة، هذه التي تستمد اصلها العميق في تفاقم التبعية  بسبب سياسات حكومة كاردوزو .
 ليست افضل طريقة لتحدى الابتزاز هي الخضوع للمبتز، بل الإسهام في إدراك السكان (وهو امر حاصل لدى قسم كبير منهم) لتناقض مصالحهم  مع مصالح رجال البنوك والمضاربين بغية كسب اغلبية للنضال ضرورية لتخطي العقبات بوجه بناء بلد جديد.
ويرتبط ثاني وثالث اوجه موقف أغلبية القيادة المثيران للنقد بسياسة  التحالف وبالسير الداخلي للحزب. وفي الواقع يستحق كل من مضمون سياسة القيادة وطريقة تطبيقها على السواء نقدا عنيفا.
سيتضمن اتفاق مع الحزب الليبرالي اوجها غير مسبوقة  تتجاوز كون الأمر تحالفا مع حزب يميني بجلاء ( وهذا وحده غير مقبول مطلقا) . وتتمثل توجيهات أغلبية  القيادة الوطنية لحزب العمال في قبول كل  طلبات الحزب الليبرالي ، أي خلق شروط  فوز هذا الحزب بأكبر عدد ممكن من النواب. وفي الولايات حيث للحزب الليبرالي مصلحة  في التحالف مع حزب العمال يُفرض التحالف على منظماتنا المحلية .  ومن جهة أخرى لا يتم التحالف في بعض الحالات سوى حول القسم النسبي من الاقتراع . وعندما لا يهم التحالف الحزب الليبرالي ( في ولايات ساو باولو  ، باها، ريو دي خانيرو  مثلا ) يبقى الحزب الليبرالي حرا  في فعل ما يشاء ( مساندة معلوف وماغالايس مثلا). و ليس ثمة أي تنافر لدى الحزب الليبرالي في مسانداته هذه،  ويعود التنافر بالكامل  الى حزب العمال او بوجه الدقة الى  أغلبية قيادته.
لا يمكن فهم الموقف الذي يدافع عنه لولا الا بالاستماع اليه يبرر اقتراح التحالف مع الحزب الليبرالي عندما يؤكد انه لا يرمي  الى نيل مساندة هذا الحزب ،المقدمة على كل حال بشكل جزئي جدا، وان ما يهمه هو كسب وقت البث التلفزي ولاسيما إمكانية ان يكون الى جانبه رب عمل كبير نائبا للرئيس( ).
 وفيما يخص ولاية الاغواس  يشكل فرض التحالف مع الحزب الليبرالي  عنفا ضد كل تاريخ بناء حزب العمال  في تلك الولاية  واحتقارا لوعي جميع المناضلين .  وهذا يعني التخلي عما كان لدى اليسار من إمكانية  الفوز بالحكومة في هذه الولاية ، حكومة متخلصة أخيرا من نير  كبار أرباب العمل الصناعيين  ومن تزكية  نقابة الجريمة. هذا سبب إجماع حزب العمال في الاغواس على رفض ذلك الاتفاق. ولهذا سحبت الرفيقة هيلوييزا إيلينا( ) إلى جانب رفاق آخرين  ترشيحهم.
لم يجر نقاش سياسة التحالف مع الحزب الليبرالي هذه في أي لحظة مناقشة كاملة وواضحة في مجموع الحزب . ولم يجر توضيح مضمون المفاوضات مع الحزب الليبرالي، وبدل ذلك فرضت القيادة هذا الاتفاق الشاذ على قاعدة الحزب.
اننا نناضل من اجل حزب ديمقراطي، حيث ُتحترم القرارات المتخذة بشكل جماعي  ولا سيما مداولات اللقاءات الوطنية، حزب لا يعلو فيه المرشحون على الحزب. وهذا أمر أساسي لاسباب برنامجية وانتخابية في نفس الوقت : فديمقراطيتنا الداخلية تعطينا مصداقية  للدفاع عن الديمقراطية في المجتمع.
ويجبرنا طابع التحالف مع الحزب الليبرالي نفسه على التساؤل  كيف يمكن تغيير البلد  بإعادة إنتاج ممارسات السياسة التقليدية. لقد نهجت أغلبية  القيادة  سياسة الضمانات المقدمة لـ«الأسواق»  والتحالف مع قطاعات من الوسط واليمين، بحجة ان ذلك يرفع حظوظ فوز لولا. لكن حتى لو صح ذلك فانه ليس مبررا كافيا: لا يمكن ان يكون هدفنا كسب  انتخابات بأي ثمن ومنه التخلي عن تماسكنا وعن برنامجنا. ومن المشكوك فيه جدا ان يكون للمراهنة على ملاءمة هذه السياسة انتخابيا أي أساس. واخيرا كان التماسك ارثا لحزب العمال على الدوام  وشكل ميزة كبيرة حتى على الصعيد الانتخابي. ان يكون مرشحا الى نيابة الرئيس شخص من مثل خوسيه النكار (الذي لم يسره ان يكون رب عمل كبير وانتمى لحزب يميني مساند لمعلوف وماغالايس) أمر لا يساعد ترشيح لولا: فذلك يناقض كامل تاريخ حزب العمال. هذا علاوة على ان ظهور لولا كمدافع عن عناصر من سياسة  كاردوزو، مثل وضع ميزانية  تغض الطرف عن خدمة الدين  واجراءات التضخم، أمر لا يمكن الا ان  يفيد المرشح سيرا. او ربما رفع حظوظ  مرشح  قد يتماثل بكيفية طبيعية اكثر مع فكرة التغيير  دون قطيعة مثل سيرو غوميس .
 الخلاصة ان نقدنا لبعض الأوجه الأساسية  لتوجه الحملة نابع من أناس يناضلون  لاجل انتصار حزب العمال، واكثر من ذلك لاجل حكومة قادرة  على بدء سيرورة تحويل عميق وتعميم للحقوق  ومشاركة وتنظيم شعبيين  والظفر بسيادة وطنية فعلية، حكومة تشكل خطوة في اتجاه بناء الاشتراكية  وإلغاء كل أشكال الاضطهاد والاستغلال.
 ان ما يجري خطير بما يكفي لعدم معاملته كحادث صغير يمكن نسيانه بعد الانتخابات ايا كانت نتائجها. ان المطروح هنا هو مستقبل حزب العمال بما هو حزب  اشتراكي  وديمقراطي .
21 يوليو 2002 .

مقابلة مجلة  «اشتراكية عالمية »
مع مناضل من اتجاه«ديمقراطية اشتراكية» بحزب العمال
« الإمكانات هامة للغاية شريطة التمكن من خلق تقاطب »
تأسس حزب العمال البرازيلي سنة 1979، اثر مؤتمر عمال الصناعة المعدنية و الصناعة الميكانيكية و الصناعة الكهربائية بولاية ساو باولو . وهو اكبر حزب يساري في أمريكا اللاتينية. ويمثل قسما واسعا من الحركة الشعبية بالبرازيل. وكانت مقاومة الديكتاتورية العسكرية سببا في نشأة الحزب. يضم الحزب 800 الف منخرط، منهم 100 ألف منخرط في ولاية ريو غراند دو سول وحدها، ويتجاوز دوره كجهاز العمل الانتخابي بكثير، اذ انه فضلا عن ذلك تجمع ملتحم بالحركة النقابية وحركة العمال القرويين دون ارض. اما بالنسبة لنقابة المركزية الوحيدة للعمال  CUT ، التي تعتبر حاليا اول كونفدرالية نقابية بالبلد، فقد أسسها مناضلو حزب العمال بمباركة و مساندة الكنيسة التقدمية سنة 1984.
واليوم تدور نقاشات حادة وسط حزب العمال. أما لويس ايناسيو لولا دي سبلفا الملقب ب« لولا » مرشح حزب العمال الذي خاض الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر ، فحصل على ثقة نسبة 42% من الأصوات. لكن القائد العمالي السابق لنقابة عمال الصناعة المعدنية بولاية ساو بولو، يتعرض بقوة لضغوط داخلية و خارجية ( لاسيما ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية و صندوق النقد الدولي). وهكذا يتجه حزب العمال البرازيلي نحو تكيف قوي مع النظام :
« رغم موافقته على الاتفاقية الانتقالية التي أبرمتها حكومة الرئيس فيرناندو هينريكي كاردوسو أخيرا مع صندوق الدولي، فان القائد العمالي السابق لنقابة عمال الصناعة المعدنية في ولاية ساوباولو يظهر دائما بمظهر فزاعة سواء في أفينيدا بوليستا، حي رجال الاعمال في ساوباولو او في وول ستريت [....] وبعدما اختار احد رجل الأعمال الكبار بصناعة النسيج ، النائب بمجلس الشيوخ خوسيه الينكار، مرشحا لمنصب نائب الرئيس، وبعدما تحالف مع الحزب الليبرالي، و هو حزب يميني، فان القائد التاريخي لحزب العمال لم يتردد، لتشجيع النزعة القومية لدى الجيش، في مدح الاقتصاد المخطط الذي جرى خلال حكم الديكتاتورية العسكرية (1964 -1985 )، ولا في اعلان معارضته للانضمام لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية. » ( لوموند 19 سبتمبر 2002 )
ويمكن تصور مدى التوترات وسط حزب العمال، بين أنصار الاستراتيجية الانتهازية للولا والذين يناضلون من اجل منظمة كفاحية، مثلما كارلوس شميت الذي أجرينا معه هذه المقابلة.
كارلوس مناضل من مؤسسي حزب العمال البرازيلي ونقابي ومدرس. ينتمي للأممية الرابعة ضمن تيار الديمقراطية الاشتراكية بحزب العمال. أدلى لنا بأفكاره حول طبيعة حزبه وآفاقه.
- اشتراكية عالمية: كيف تأسس حزب العمال البرازيلي ؟
+ كارلوس شميت: كنا نناضل ضد الديكتاتورية العسكرية التي بدأت تلين مواقفها و تسمح بتأسيس أحزاب أخرى غير الحزبين اللذين رخصت لهما القيام بنشاطهما، فأحد الحزبين كان يشارك في الحكومة والحزب الآخر كان في المعارضة. وفي ذلك الحين، كان حزب العمال يشكل نقطة التقاء للنقابيين الذين كانوا ينتمون لاسيما للاهوت التحرير، ومناضلي أقصى اليسار، ومنظمات الكفاح المسلح وكذلك المثقفين. أناس كان همهم المشترك القطع مع الستالينية و الشعبوية والرغبة في تأسيس حزب مستقل طبقيا.لذلك كانت بعض التيارات في البداية ترى  في حزب العمال جبهة تنظيمات والبعض الآخر كان يراه ( ونحن منه) بمثابة حزب باستراتيجية خاصة كنا نهدف(وما نزال) الى تحويله الى حزب ثوري.
-  ما هي مناهج  وتكتيكات الثوريين داخل هذا الحزب ؟
+ كارلوس: بادىء ذي بدء، اضطررنا الى بذل مجهود كبير ضد العصبوية.علاوة على اننا احرزنا تقدما كبيرا باتجاه منح حقوق للاتجاهات داخل الحزب لكي يتأتى التعبير عن الاختلافات. وهذا يسمح بتشكل الأغلبية واعادة تشكلها وفقا للمسائل المطروحة. وفي هذا الاتجاه تمكنا من التوصل الى اتفاق حول ما هو أساسي.
غير انه في مرحلة الانتخابات الرئاسية بالضبط ، التي يمكن للحزب ان يفوز فيها بالانتخابات، ظهرت الخلافات داخل الحزب. لكن هذه الخلافات نسبية، ونفس الشيء يحدث في حزب إعادة البناء الشيوعي  PRC  في إيطاليا. فقد نشترك جزءا من الطريق مع أناس لا نشاطرهم حتما الرأي. وقد نؤسس معا حزبا واحدا على اطروحات لم تؤخذ من قبل في الحسبان، وخاصة فكرة استقلالية العمال البرازيليين على سبيل المثال. اما اذا اضطررنا الى القطع مع بعض تيارات حزب العمال البرازيلي تبعا للانتخابات، فمن الأكيد اننا سنكون كثيرين في السعي الى إعادة تأسيس حزب العمال او تكوين حزب آخر يكون له وزن هام في النقابات وفي المجتمع بوجه عام، بما في ذلك في المؤسسات السياسية والحصول على مناصب عمداء البلديات وعلى نواب.
-  ما وزن حزب العمال  ؟
+ كارلوس: حزب العمال حزب جماهيري، له بوجه عام قوة كبيرة  في المدن الكبرى وكذلك في القرى ، اما حركة العمال القرويين دون ارض فهي ُمكملة لحزب العمال البرازيلي اذ تبنى صغار الفلاحين والمزارعين اقتراحات اليسار.ان النظام الانتخابي البرازيلي غير عادل، غير أن لدينا نسبة 15% من النواب في مجلس النواب الوطني. ولكن ما يكتسي أهمية كبيرة برأيي هو وزن حزب العمال البرازيلي في المدن الكبرى مثل بورتو اليغري وساوباولو اللتين نسير بلديتيهما، وفي مدن أخرى هامة للغاية. ويعتبر حزب العمال حزب الأغلبية بالمدن الكبرى في البرازيل. علاوة على ان اكبر مركزية نقابية قريبة من حزب العمال البرازيلي، والقسم الأعظم من منخرطيها أعضاء بحزب العمال البرازيلي.  ونواجه طبعا، تحدي النجاح في تنظيم جماهير العمال المؤقتين.
-  كيف تتصور بناء حزب ثوري ؟¬
+ كارلوس: ان الأمور متناقضة جدا. فحزب العمال تطور كثيرا داخل المؤسسات السياسية. ولكن صحيح ان الحياة العضوية للحزب ضعيفة جدا ، رغم موقفنا المنادي بخلق حزب جماهيري مطبوع بدرجة عالية من الالتزام. فلانتخاب المؤتمرين يكفي تسديد الاشتراك الحزبي، وليس ثمة إجبارية الانتماء الى  بنية حزبية معينة .
بعد قول هذا ، ثمة  قسم من المناضلين ملتزمون بالنضال في المنشآت والاحياء، وهذا يدل على ان لحزب العمال حياة نضالية مختلفة عن حياة الأحزاب الأخرى البرجوازية. فحزب العمال يناضل طوال السنة كلها وليس فقط في مرحلة الانتخابات.
اما في ما يتعلق بالجريدة، فقد كانت لحزب العمال جريدة لكنها توقفت حاليا. ولكل تيار داخل الحزب جريدته : وهذا يطرح مشكلة خطيرة للغاية، وهي غياب صحافة. يجري تنظيم دروس تكوين، لكنها لا تحل محل جريدة  حيث تكون  الخطوط العريضة موضوع نقاش بين كافة المناضلين . ويمكن الحصول على الوثائق، ولكن للأسف ليس عبر جريدة يومية.
حزب العمال  ليس بأي وجه حزبا ثوريا، لكن قد يصبح ذلك مستقبلا. تميل أغلبية حزب العمال الى التكيف مع الرأسمالية حسب منطق براغماتي. وقد يفضي هذا  الى مأزق. فإما أن تختار قيادة حزب العمال التي ستشارك بالحكومة ، عند انتخاب لولا رئيسا ، أن تستسلم وآنذاك لن يبقى مكان للثوريين في حزب العمال، وإما أن  تشرع في مواجهة الإمبريالية. 
-  كيف تجري الأمور على صعيد نشر الأفكار الثورية ؟
+ كارلوس: تمسك حزب العمال دائماً بفكرة بناء مجتمع اشتراكي. لكن خلال الحملة الانتخابية لم يوضع ذلك في المقدمة . ووضع بوجه خاص في المقدمة برنامج آني، وهذا عمل صائب بنظري. لكن تحقيقه يتطلب جملة قطيعات ومواجهة  الإمبريالية.
-  ما هي مطالب حزب العمال ؟
+ كارلوس: الزيادة في الحد الأدنى للاجر، وتحسين الخدمة العمومية، ووقف الخوصصة، والإصلاح الزراعي، وإعادة توزيع الأراضي.
-  هل باستطاعة السكان ،اذا انتخب لولا رئيسا ،  الضغط  كي تتمكن الحكومة المقبلة من مواجهة البرجوازية؟
+ كارلوس: ينبغي ألا يكون هدف الضغط  دعم حكومة حزب العمال بل ضغطا عليها كي تبر بعهودها. ما نحاول إيصاله للناس، هو ان النصر غير مكتمل  بوصول لولا الى الرئاسة ، بل ينبغي تنظيم الصفوف للضغط حتى على لولا. و غالبا ما نقول ان الفشل مضمون مع  الآخرين لكن معنا نحن ربما نضمن النجاح.
-  كيف كان انخراط حزب العمال في سيرورة المنتدى العالمي الذي احتضنته بورتو اليغري ؟
+ كارلوس: لم يكن المنتدى الاجتماعي العالمي مبادرة من  حزب العمال برمته، بل من حزب العمال بولاية ريو غروند دو  سول  المتموقع على اليسار أكثر. وقد صوت هذا الأخير ضد تحالف حزب العمال مع الحزب الليبرالي. واعتقد ان مسألة الإمبريالية  حاسمة  في هذه المرحلة. فاذا نجح حزب العمال، قد تقلب ايضا الأوضاع في كل من الأرجنتين وفنزويلا والبارغواي والاورغواي. فالإمكانات المتاحة  هامة للغاية شريطة ان نتمكن من خلق تقاطب. ان المطالبة بإلغاء الدين، في ظل حكومة بورجوازية ، ليس الا ملء جيوب البرجوازية المحلية، اما بالنسبة لحكومة متجهة نحو الشرائح الشعبية، فالأمر مغاير، لأن البؤس بلغ مستوى لا يتصور في البرازيل.
اجرى المقابلة  نيكولا  مامارباشي    28/08/2002 

«اذا حاول لولا خداع الشعب فسيلقى مصير دي لاروا »
مقابلة مع خواو بيدرو  ستيديل

« تبلغ  مساحة البرازيل  858 مليون هكتار : 600 مليون  منها أراض بيد الخواص  وثمة 200 مليون  هكتار  من الأراضي العمومية  في الامازون . ومن 600 مليون هكتار  التي بأيدي الخواص ثمة 360 مليون هكتار  قابلة للزراعة ، لكن 46 مليون هكتار منها فقط  هي المزروعة . والباقي أراض ٍ غير منتجة  أي فقيرة  او أدغال . » تلك بعض المعطيات التي  يرددها خواو بيدرو  ستيديل احد قادة حركة العمال  القرويين دون ارض MST ، تلك المنظمة التي تنسق  نضال عديمي الأرض  لاجل الإصلاح الزراعي  بالبرازيل. ويضيف خواو بيدرو  أرقاماً أخرى :« يوجد بالبرازيل 27 ألف مزارع تفوق مساحة ملكية كل منهم  2000 هكتار . ويسيطرون على 178 مليون هكتار من الأراضي غير المنتجة . قد  تصادر هذه الملكيات كلها بتطبيق القانون . نحن جالسون على  ثروة طائلة و الشعب جائع ».
* ان فاز لولا هل تصبح حركة العمال القرويين دون ارض عدوه اللدود ؟
ستيديل : كلا ، فرأسمال  أمريكا الشمالية هو العدو اللدود مع كل تمثيلياته المدافعة عن مصالحه : مثل البنوك  وصندوق النقد الدولي و المنظمة العالمية للتجارة . هؤلاء هم من سيشكلون الد أعداء لولا و شعب البرازيل .
* هل ستقوم  حركة العمال القرويين دون ارض باحتلال للأراضي  للضغط على السلطات الجديدة في الشهور الأولى لحكومة لولا المرتقبة ؟
خ.ب.س. : ان حركة العمال القرويين دون ارض MST حركة مستقلة عن حزب العمال . و بالطبع يكون الناس في حالة ترقب خلال المرحلة الأولى  لكل حكومة .
* الآمال التي قد تستثيرها لديكم  حكومة لولا اكبر من الآمال التي قد  يستثيرها أي مرشح آخر.
خ.ب.س. : طبعا . إننا نعيش ظرفية معقدة. بادئ ذي بدء، هناك فشل النموذج الاقتصادي النيوليبرالي الذي ادخل المجتمع و الاقتصاد في مأزق. و تقتضي هذه الوضعية القيام بتغييرات ، و الا ستكون الأزمة مدمرة وسنلقى مصير الأرجنتين . قد يكون لفوز لولا في الانتخابات وزن رمزي  ينعكس في  صعود الحركة الجماهيرية . حملة لولا الانتخابية  حثت الشعب للتصويت لأجل لولا، وقد حانت ساعة لولا. حسنا .سوف نصوت لصالح لولا . و لكن ابتداء من شهر يناير سيقول الشعب البرازيلي : لقد حلت ساعتنا . وستكون سيرورة من التعبئات الاجتماعية سيشارك فيها عديمو الارض وعمال الوظيفة العمومية لدعم التغييرات التي تحتاجها البرازيل.
*  هل   ستكون التعبئات مؤيدة للحكومة الجديدة ؟
خ.ب.س. : يجب تفادي الوقوف على أرضية حزبية  .فأنا أتكلم على حركات جماهيرية لممارسة الضغط للقيام بتغييرات. فاذا فهمت حكومة لولا معنى هذه الرسالة الشعبية ، تعززت سيرورة التغيير . اما اذا حاول لولا بالعكس خداع الشعب مطالبا إياه بالتحلي بالصبر فسيلقى مصير دي لاروا.
* هل انتم واثقون من لولا او انكم تخشون امكان تحالفه مع قطاعات محافظة و بعض قطاعات المقاولات ؟
خ.ب.س. : تنطوي السياسة الانتخابية البرازيلية على خطابات بلاغية كثيرة  و على قليل من المساومات. و هكذا شهدنا حملات انتخابية بالغة النفاق .فما وعد به كاردوسو لا يمت بصلة لما فعل فيما بعد . بنزاهة ، نحن لا نكترث بنبرة خطاب لولا و لا بالتحالفات التي قد يعقدها . لان ما يمنحنا الثقة هو ان لولا يمثل القوى الاجتماعية المنظمة ضمن مجتمعنا على هامش الأحزاب السياسية التقليدية .
 * كم من الأشخاص تمثلون ؟
ج.ب.س. : نمثل في الوسط القروي  32 مليونا شخصا منهم 16 مليون فلاح عديم الأرض ، وهذا يعادل 4,5 مليون عائلة. انها القاعدة الاجتماعية التي ستناضل لتحقيق الإصلاح الزراعي . و لحد الساعة  انتزعت حركة العمال القرويين دون ارض اراضي لصالح  350.000 عائلة . فقاعدتنا المنظمة هي التي تتجند  .علاوة على ذلك نتوفر على 459 مخيما تعيش فيها 61.000 عائلة في انتظار حل ملائم . تلك اول مهام  الحكومة  فضلا عن مسألة دعم 350.000 عائلة المقيمة والتي لم تتلق أي دعم منذ ثلاثة سنوات لان حكومة كاردوسو تعتبرنا بمثابة حركة معادية .
*  هل تمنح الحكومة تعويضات  لمالكي الأراضي السابقين ؟
خ.ب.س. : بالطبع . فالدستور المصادق عليه عام 1988  ينص على  وجوب مصادرة كل ارض زراعية غير منتجة تفوق مساحتها ألف هكتار . و للمزارع الحق في الحصول على مبلغ قيمة أرضه على شكل  سندات دين عمومي  قابلة للتحصيل في ظرف عشرين سنة، وعلى مبلغ يعوض كل الأشغال المنجزة في الأرض الزراعية .
*  تطالبون بخلق قطيعة مع سياسة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
خ.ب.س. : نعم وحتى بعض رجال البنوك  يطالبون بذلك .
*  لكن ليس ذلك   ما صرح به  لولا خلال الحملة الانتخابية .
خ.ب.س. : ها قد عدنا الى  خطابة الحملات الانتخابية البلاغية البرازيلية . لن تتوقف التغييرات الضرورية على إرادة  لولا بل على التعبئة . ومهمتنا وسط حركة العمال القرويين دون ارض هي تعبئة الشعب  لمطالبة الحكومة بتلك القطيعة .
• و ماذا  عن الدين ؟
ينبغي التفاوض حوله من جديد وفق الشروط التالية : توقيف كل عملية نقل الأموال نحو الخارج و خلق لجنة من مجلس الشيوخ و المجتمع البرازيلي لاجل القيام بتدقيق حسابي للدين في غضون سنتين او ثلاث سنوات .

 

 

                         


المعركة القادمة ستكون أصعب
                                                       خواو ماتشادو بورخيس 
Joao Machado Borges*                                                     
 
 *   خواو ماشادو بورخيس مختص بالاقتصاد ، عضو التنسيق الوطني لاتجاه الديمقراطية الاشتراكية  DS في حزب العمال . كان خلال سنوات عضوا بالقيادة الوطنية لحزب العمال و عضو مجلس تحرير  مجلة نظرية و نقاش Théorie et débat ، مجلة حزب العمال .
تندرج الانتخابات البرازيلية في سيرورة أوسع  من الازمة الاجتماعية والسياسية في قارة امريكا اللاتينية . انها تستحق تحليلاً يتجاوز الظاهرة  الانتخابية. وليس ما اقترحه لولا من تحالف مع الرأسمال ثمرة انحراف ايديولوجي بسيط. تؤدي مثل هذه المقاربة الى استبعاد الجذور الاجتماعية والاقتصادية و"الجيوسياسية" (ثقل السياسة والسطوة الإمبرياليين ) لتغيرات التشكيلات السياسية، مثل حزب العمال. حزب يشرف على ادارة  مؤسسات مهمة تابعة للدولة ( ولايات وبلديات في اطار الدولة الفدرالية البرازيلية)، التي يندمج بها قطاع من ممثليه. ويميل هؤلاء الاخيرون الى الابتعاد عن قاعدتهم التاريخية، ولا سيما، الفئات التي لن تخضع لـ "عقلانية" سياسة حكومية (“gouvernabilité”) – Réd .
خلافاً لما كان مأمولاً، لم ينتخب لولا بمناسبة الدور الاول للانتخابات الرئاسية (في 6 اكتوبر). كانت استطلاعات الرأي تشير، بتباين ضئيل، إلى أن نوايا التصويت لصالح حزب العمال لم تتوقف عن التزايد في غضون الاسابيع الاخيرة و اقتربت من نسبة %50 من الاصوات زائد واحد (وبالضبط %50  زائد واحد من الاصوات المعتبرة سليمة، يعني دون اعتبار الاصوات الممتنعة والملغاة) التي كانت ضرورية لفوز حزب العمال خلال الدور الاول. وابعد من هذا، كلما بدا الفوز قريباً، كلما مال لولا الى كسب الكثير والجديد من الدعم، سواء في قطاعات احزاب اخرى تخلى اعضاؤها عن مرشحيهم او ضمن ارباب العمل الكبار. وعبر عدد مهم من رجال البنوك ومدراء اعمال managers شركات مالية كبرى عن دعمهم او على الاقل تعاطفهم لترشيح لولا. واشارت الصحافة الى ان البعض منهم جرت استشارته ( من طرف قيادة حزب العمال والفريق المشرف على حملة لولا الانتخابية) قصد المشاركة في الفريق الاقتصادي للحكومة المقبلة.
و اخيرا فان السيرورة التقليدية التي شهدها حزب العمال سابقا، والتي تفضي الى تنامي تأثيره في غضون الايام الاخيرة من الحملة الانتخابية، بفضل التعبئة القوية لمناضليه ومجموع الناخبين الذين سيصوتون لصالحه، زادت من امال النصر [ لم تتأكد هذه السيرورة هذه المرة].
الا ان لولا لم يفز خلال الدور الاول .اذ احرز فقط ما مجموعه 37,7 مليون صوت الذي يقابل %46,5 من الاصوات المعتبرة سليمة. وبناء عليه فان لولا مجبر على خوض دور ثان لمواجهة مرشح الحكومة خوسيه سيرا. هذا الاخير احرز ما مجموعه 19,5 مليون صوت بنسبة %23,2 من مجموع الاصوات. اي ما يقارب نصف الاصوات التي حصل عليها لولا.
اذا سلمنا ان استطلاعات الرأي الانتخابية تقترب بصواب من الحقيقة – وهذا ما يبدو في الوقت الحاضر– فان ترشيح لولا لم يشهد تنامي التأثير خلال الايام الاخيرة وحسب، بل حتى اصيب بتراجع طفيف. فكيف يمكن تفسير ذلك؟
بادئ ذي بدء، يعود ذلك الى عواقب النقاش  الذي جرى بالتلفزيون يوم 3 اكتوبر، آخر ايام الحملة المتلفزة، بين كبار المرشحين للرئاسة. حينها تفادى لولا، طبقا للاستراتيجية التي حددها مستشاروه في دراسة السوق، كل مواجهة مع المرشحين الآخرين. كل هذا وضحه لولا بنفسه اسابيع معدودة من قبل. لقد قال بانه يمر في مرحلة "petite pieuve lulinha]] و سلم و حب". ولم يفعل بهذه المناسبة غير النظر الى الكرات وهي تمر، حسب تعبير كرة القدم. وحتى عندما كانت تطرح عليه اسئلة مباشرة  بشكل ملح، ومراراً، كان لولا يتفادى مدى قبوله او رفضه لمقترح معين. لقد كان يجيب دائما بان المسألة معقدة  ولابد من حلها عبر "نقاش مع المجتمع كله". وبذلك قدم عن نفسه صورة المرشح الخائف من المصاعب.
ثانيا، بمناسبة هذه الحملة الانتخابية، كانت التعبئة التقليدية لحزب العمال اقل قوة بكثير، بما في ذلك أمام احتمال الفوز.
لوحظ مع تتالي الاعوام تراجع مشاركة المناضلين والمناضلات في حملات حزب العمال، بتواز مع تغيير الحزب الذي بات اكثر فاكثر بين يد جهاز محترفين (دائمين). وبمناسبة هذه الانتخابات، تفاقم غياب التعبئة هذا او تراجعت حدتها: ان التغييرات التي ادخلها لولا وقيادة حزب العمال بمناسبة هذه الحملة الانتخابية احس بها الاعضاء بحذر. يمكن فهم السبب الذي يدفع مناضلي ومناضلات حزب عرف نفسه دائما كحزب اشتراكي لا يبدون حماسا ازاء الوعد بتشكيل حكومة تتميز بتعاون وثيق مع كبار ارباب العمل، حكومة لطيفة مع  رجال البنوك وملتزمة باحترام اتفاقيات صندوق النقد الدولي .
لقد اعترف لولا نفسه بطريقة غير مباشرة بما برز من صعوبات في مجال العلاقات مع القاعدة المناضلة. اذ وضح اثناء احدى التظاهرات الحاشدة الاخيرة، في ساو باولو، قائلا: "يمكن ان يكون مناضلو حزب العمال على يقين انني سوف اطبق برنامج الحزب". هذا النوع من التأكيد ما كانت ثمة حاجة اليه اطلاقا بمناسبة الحملات الانتخابية الاخرى. على كل حال، سوف يكون الدور الثاني ملائما جدا للولا. اذ انطلق من  امتياز كبير. وسيحصل على دعم المرشحين الاخرين الرئيسيين: انطوني غروتينو Anthoni Garotinho، مرشح PSB الحزب الاشتراكي البرازيلي والذي كان على رأس جبهة البرازيل الرجاء Front Brésil Espérance، الذي حصل على %17,6  من الاصوات (14,3 مليون صوت)، وسيرو غوميزCiro Gomes، مرشح  PPS الحزب الشعبي الاشتراكي، الذي حصل على %12,5 من الاصوات (9,7 مليون صوت). بامكان لولا الحصول حتى على مساندة خوسيه مارياJosé Maria  مرشح PSTU الحزب الاشتراكي للعمال الموحدين ؟؟؟، مرشح اليسار الراديكالي الذي حصل على %0,47 من الاصوات (378000)، نتيجة تفسر جزئيا بحركة "التصويت المفيد" لصالح لولا في الدورالاول. اذ اشار خوسيه ماريا José Maria الى أنه سيدعم على الارجح لولا في الدورالثاني.
غير ان الاهم هو العنصر التالي: برهنت الانتخابات الاستعداد الكبير لدى الناخبين للتصويت ضد مرشح حكومة فرناندو انريكي كاردوزو
F. H. Cardoso وضد السياسات النيوليبرالية الى درجة ان مرشح الحكومة  سيرا Serra  سعى الى البروز  كمرشح مؤيد للتغيير .
غير انه من الخطأ ، في الوضع الراهن ،الاعتقاد بان نتيجة الدور الثاني مضمونة منذ الآن . و هذا لعدة اسباب. اذ يصعب في الواقع مواصلة استراتيجية "السلم و الحب" في الدور الثاني.

 


نجاحات يسار حزب العمال

ان نتائج حزب العمال بمناسبة انتخابات مختلف الوظائف على مستوى الولايات [ البرازيل دولة فدرالية ] متمايزة  جدا رغم ما برز من ميل الى الارتفاع . فهناك مفاجآت سارة. وهكذا، ففي ساو باولو، حصل خوسيه جينوينو José Genuino مرشح حزب العمال لوظيفة "governador" حاكم الولاية، [والذي يعتبر يساريا داخل حزب العمال]، على %32,4 من الاصوات ( 4,9 مليون صوت ). وهي اكبر نسبة حصل عليها حزب العمال في انتخابات على مستوى ولاية ساو باولو. وبناء عليه، يمكن لجينوينو Genuino ان يترشح في الدور الثاني لانتخابات منصب الحاكم. وقد ازاح الترشيح التقليدي ليمين الولاية الذي يمثله باولو معلوف Paulo Maluf، الذي حصل على %21,38 من الاصوات (3,9 مليون).
وكانت نتائج مرشحي حزب العمال، في مختلف الولايات، افضل من المتوقع.
وثمة أيضا بعض النتائج المقلقة.
وهكذا، ففي ولاية ريو غراندي دو سول (مع عاصمتها بورتو اليغري)، التي كانت حكومتها بمثابة واجهة رئيسية لحزب العمال، تمكن تارزو خينرو Tarso Genro من  المشاركة في الدور الثاني، بحصوله على %37,24 فقط من الاصوات، في حين حصل مرشح اليمين ريغوتو Rigotto على نسبة %41,17.
احرز حزب العمال في الدور الاول منصب حاكم الولاية الصغيرة آكر Acre [شمال غرب البرازيل على حدود البيرو]، باعادة انتخاب خورخي بيانا Jorge Viana، ومنصب حاكم ولاية بياوي Piaui [ شمال شرق البرازيل]، حيث أحرز النصر بفضل دعم الحاكم السابق الذي أقيل بتهمة الشطط في استعمال السلطة.
عند تفحص النتائج المتعلقة بالنواب وأعضاء مجلس الشيوخ، يتبين ان حزب العمال قد وسع قاعدته، ولكن ليس بكيفية بالغة الأهمية، لانه ترك مناصب  من اماكن عديدة لحليفه الحزب الليبرالي [خوسيه النكار José Alencar، رجل اعمال كبير ومرشح لنيابة الرئاسة بجانب لولا، وعضو الحزب الليبرالي PL].
و اخيرا من المفيد تفحص نتائج يسار حزب العمال. لقد كانت جيدة الى حد ما. هذا لا سيما ان ذلك اليسار النقدي اضطر الى تجرع الاهانة بفعل توجه سياسي وطني كان على خلاف تام معه. ولاجل تصور تقريبي للوضع، تجدر الاشارة الى المعطيات التالية، فمن بين 70 الى 80 نائبا فدراليا سيمثلون حزب العمال، ثمة 10 ترشحوا في لوائح ساندها اتجاه الديمقراطية الاشتراكية بمناسبة الانتخابات الداخلية الاخيرة لحزب العمال لاختيار المرشحين، وهذا يعني نمواً بنسبة % 15 تقريبا.
ومن بين مناضلي اتجاه  الديمقراطية الاشتراكية ثمة ميغيل روسيتو Miguel Rossetto نائب حاكم ولاية ريو غراندي دو سول Rio Grande do Sul، وRaoul Pont عمدة بورتو اليغري سابقا ونائب حاليا، وعضو مجلس الشيوخ لولاية الاغواس Alagoas [ولاية في شمال شرق البرازيل، عاصمتها ماسيو Maceio] ايلويزا ايلينا Heloisa Helena، التي اعيد انتخابها بعد مرة اولى عام 1998. كما تم انتخاب عضو مجلس الشيوخ لولاية بارا Para [ولاية وسط شمال البلاد] انا جوليا Ana Julia . واجمالا، يمارس يسار الحزب تاثيرا على %30 تقريبا من الممثلين على المستوى الفدرالي، وهي نسبة تفوق ما حصل عليه سابقا .
ساوباولو 7 اكتوبر 2002



#التجمع_الشيوعي_الثوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين موقع فلسطين على خارطة الطريق؟
- صـدام الهـمجـيـات
- من الانتفاضة الثانية الى الدولة ثنائية القومية مقابلة مع ميش ...
- أمــمـيـــــة
- ملف حول أزمة اليسار اللبناني
- ما هو التجمع الشيوعي الثوري؟
- عـود على بـدء !
- نبذة عن التجمُّع الشيوعي الثوري
- معاً لدحر الهجمة الإمبريالية على الشعب العراقي


المزيد.....




- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...
- مقتل قائد في الجيش الأوكراني
- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا ...
- أنطونوف: عقوبات أمريكا ضد روسيا تعزز الشكوك حول مدى دورها ال ...
- الاحتلال يواصل اقتحامات الضفة ويعتقل أسيرا محررا في الخليل


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - التجمع الشيوعي الثوري - عامل يرأس جمهورية البرازيل: مسيرة حزب العمال الطويلة