أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - ضحكٌ كالبكاء..عن جندرمة الآغا العثماني والعجوز العراقية وحزب العمال الكردستاني














المزيد.....

ضحكٌ كالبكاء..عن جندرمة الآغا العثماني والعجوز العراقية وحزب العمال الكردستاني


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 02:01
المحور: كتابات ساخرة
    


من الحكايات التي يرويها بعض شيوخنا عن زمن الإحتلال "العصمللي" الذي ولّى الى مزبلة التاريخ- رغم أن بعض "القَومَجِيّين" الطورانيين ما زالوا يمنون الأنفس بعودته... أقول إني سمعت من بعض شيوخنا هذه الحكاية المضحكة/المبكية التي سأرويها لكم بدوري عن طيب خاطر:
يُقال أن شرذمةً من جند الوالي "العصمللي" حلوا ضيوفاً ثقالاً على إحدى القرى العراقية المسالمة. لم تكن الاستضافة والزيارة غرضهم بالطبع، رغم أن العراقي الشهم لا يقصّر أبداً في واجب الضيافة حتى مع ألدِّ أعدائه، لكنهم نزلوا على أهل القرية الفقراء كالقضاء المستعجل ليجمعوا ضريبة الغلال السنوية.. تلك الضريبة القاسية الظالمة التي كانت تمتص دم أهل السواد وأهل كل بلاد ابتليت بـ "الرعوية" العثمانية العَليّة.. والتي كانت تصب في خزائن "خليفة الإسلام والمسلمين أعزه الله ورفعَ لواءه وأذلَّ أعداءه" في "الأستانة المحروسة بالدعاء والتأييد من الباري المجيد" بعد أن تمرَّ على العشرات من الوكلاء والمتعهدين والمدراء والقائم مقامين والخَزنَداريين والدَفتَرداريين والقومسيونجية والزابطية والصندوق-أمينين والولاة والوزراء والحُجّاب والغلمان والنسوان... ليأخَذ كلٌّ منهم بنصيب.. والله يرزقكم من حيث لا تعلمون!!
كانت القريةُ خاليةً إلا من بعض العجائز والصغار؛ فقد خرج الرجال والنساء والشباب القادرون على العمل الى إحدى القرى المجاورة لمشاركةِ أهلها في طارئ ألمَّ بهم أو في فرحةٍ يعدّون لها- النقطة الأخيرة لم يوضحها الرواة على وجه التأكيد رغم يقيني ويقينهم أن أهل هذه القرية لم يسألوا أو يتساءلوا قبل أن يخرجوا في تلك "الفزعة" العراقية إن كان أهل القرية الأخرى من "إخواننا العرب السنّة" أو من "إخواننا العرب الشيعة" أو "من إخواننا الكرد" أو "من إخواننا الكلدو-آشوريين" ...الخ كما اعتاد أهل الحل والربط المُحدّثون أن يشنّفوا أسماعنا هذه الأيام!
لم يكلِّف أفراد دورية الجبايةِ أنفسهم عناء النزولِ من صهواتِ جيادهم.. واكتفوا بأن "كرعوا" على عجل "طاسات" اللبن الرائب التي خرجت لهم من الأكواخ الفقيرة ومسحوا شواربهم الغلاظ، ثم شرعوا في "العمل" فداروا حول ساحة القرية وهم يلوحون بسيوفهم القفقاسية و"كرابيجهم" الشركسية.. وصاحوا شاتمين متوعدين مطالبين بالإتاوة السنوية ..
وتقدّمَت منهم في خطىً ثابتةٍ قوية رغم كرّ السنين كبيرة القريةِ وحكيمتها (أم الشيخ الزعيم وزوج الشيخ الراحل القديم ) ولم تزد على أن سألتهم بوقار، أو قل باحتقار:
- "كم؟!"
- "عشرون ليرة" قال وكيل الخزندار العجوز وهو يُخرج الكلمات من منخريه وينظر في الدفتر السميك البالي.
- "عشرون ليرة ذهبية لا تنقص قرشاً" أضاف ضابط الدورية بصوته الجهوري "ولا تزيدوا أو تعيدوا في المماطلة والكلام كشأنكم في كل عام .. وإلا فبشرفي وبشرف حزرة جناب والي معزّم ...."
لم تنتظر العجوز حتى يفرغ الضابط من وعيده بل استدارت ودخلت كوخها ثم خرجت بعد قليل وهي تحمل الكيس الأسمر الصغير وناولته الى إحدى حفيداتها وأشارت بطرف رأسها الى الوكيل-المرابي فمضت الصغيرة إليه..
- "مَزبوط حَزرَة وَكيل؟" سأل ضابط الدورية.
- "مزبوط حزرة زابط!" أجاب الوكيل ذو الأنف الكبير بعد أن عد الليرات وأعادها الى الكيس. ثم رفع طربوشه الأحمر ومسح صلعته بمنديل كان قد اختطفه قبل يومين من قريةٍ مجاورة وأخذ يحدق في العجوز بذهول شاركه فيه الجندرمة أجمعين.. نعم فقد كانت هذه أول مرة يقبضون فيها أموال الجباية بهذه السهولة ومن دون ركل أو شتم أو بصاق أو "كرابيج".. وأخيراً أداروا أكفال خيولهم السمينة المدللة الى أكواخ القرية دون أن ينسوا حمل خروفين وبضع دجاجات.. "حق الغدة" كما يقول بعض أحفادهم في زماننا.. بينما راح ديكٌ مفزوع خسر عدداً من محظياته المقرقرات وأفلت بالكاد من المصادرة يتقافز في حنق ويضرب جناحيه في نزق ويصيح كما لو أنه يُشهد الزمان على هذا الظلم والهوان!
عندما كانت الشمس تميل الى المغيب عاد أهل القرية الى بيوتهم، فدبّت الحياة فيها من جديد وارتفع دخان التنانير وضجيج الصغار ونباح الكلاب ودقات الهاون في مضيف الشيخ.. الشيخ الذي ما أن قصت له زوجته خبر الزيارة المشؤومة حتى هرع الى أمه العجوز يسألها عن حقيقة الأمر.
- لا شيء يا ولدي ... جاء الجندرمة وطالبوا بالجزية فأعطيتها إياهم.
- هكذا بكل بساطة؟
- هكذا بكل بساطة!
- عجيبٌ أمرك أيتها العجوز، يطلبون فتعطين؟ ألا تعرفين أننا لم نعتد أن نسلمهم الضريبة إلا بعد أن يشبعونا ركلاً وضربا بالكرابيج؟
- بل عجيبٌ أمرك وأمر رجال القرية. إذا كنتم ستعطون الجزية في الأخير فلماذا تعرّضون نفسكم للضرب والإهانات، وبدلاً من "الجزّة" تخسرون "الجزّة والخروف" !؟
- هكذا اعتدنا يا أماه من زمن أبي وجدي.
- إسمع يا ولدي من أمك العجوز وضعها "ترجية" في آذانك: ما دمتم لا تستطيعون دفعهم فادفعوا لهم وإلا فكونا رجالاً بحقّ!
لا أدري أن كانت حكيمة القرية قد قالت هذا الكلام بنصه غير أني أميل الى أن أجعل جملتها الأخيرة من الأمثال السائرة في بلاد السواد سواء كانت على خطأ أم على صواب.
.........
ولا أدري لماذا تذكرت هذه الحكاية القديمة وأنا أسمع حديث الوعيد التركي بغزو كردستان العراق بذريعة ملاحقة حزب العمال الكردستاني ولكنني على يقين أن جندرمة الولاة الجدد الذين سينزلون على قرانا حاملين فرمان البرلمان التركي لن يجدوا هذه المرة من يقدم لهم اللبن أو الخراف أو الدجاج ناهيك عن الجزية التي يحلمون بفرضها علينا... فقد تعلمنا من حكمة المرأة العجوز أن لا نخاف كرباجاً أو "زابطية" أو مدفعية ثقيلة... لكن المشكلة فيهم ... فهل يتعلمون!؟



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخةٌ على الخليج:شعرُ باسم فرات، الشاعر العراقيٌ المنفي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - ضحكٌ كالبكاء..عن جندرمة الآغا العثماني والعجوز العراقية وحزب العمال الكردستاني