أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية (3)














المزيد.....

قصص ألمانية سوريالية (3)


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 09:20
المحور: الادب والفن
    



السيدة [ فراو ] روزنباخ 3

كيف سارت أمور السيدة روزنباخ بعد مقتل زوجها المطلق ؟
واصلت وظيفتها كسكرتيرة في معهدها والحياة أمامها متلونة ً متنوعة تأخذها معها برفق حيناً وتجرّها جراً أحياناً أُخرَ . ظل الوالد على قطيعته لها بعد أن عرف بقصتها مع الجنرال الإنكليزي ثم زواجها من رجل أجنبي وما كان يحب الأجانب ، كشأن غالبية الجيل القديم من الألمان . واصل والدها عمله كمهندس مختص في تصميم أجهزة الإشارت الضوئية المستخدمة في الشوارع ومفترقات الطرق والمطارات . كان ناجحاً في أعماله وتصاميمه الهندسية فإنتدبته شركته للعمل ممثلاً لها في تركيا . طابت له الأجواء التركية وأنماط الحياة هناك وكرم ضيافة الترك العاملين معه فراق مزاجه ورقَّ طبعه الشرس وغدا أليفاً ودوداً مع زوجه ومع ولده إلى حد ما . لكنه لم يتنازل ( عن بغلته ) فيما يخص إبنته . لم يزرها ، لم يطلب أن تزوره ، لم يسأل عنها ، لم يقدم لها ولطفليها أية مساعدة مالية ، لم يحمل لهم هدايا من تركيا . أي أب هذا بحق السماء ؟! مع تطور أعمال الأب ونجاحه في المزيد من التصاميم الهندسية الجديدة ، ومع تزايد مهمات الأم السيدة روزنباخ وتشعب مسؤولياتها تجاه عملها في المعهد وتجاه طفليها الآخذين بالنمو السريع ... برزت أمامها مشاكل جديدة . لا تتركها الحياة هادئة البال مطمئنة . بدأ الطفلان يميلان للجنوح . الهروب من المدرسة . إهمال الواجبات البيتية . سرقات طفيفة بدأت بسرقة الشكولاتة من المخازن ثم تطورت إلى ما هو أكثر وأكبر من سرقة الحلويات المألوفة . بدأت صحتها هي الأخرى تسوء . لا من يساعدها في محنتها مع طفليها . لا من أب لهما . كانت عاجزة فإستسلمت لأحكام القدر. بدأ لون شعر رأسها الذهبي يتحول سريعاً إلى اللون الأبيض الفضي . وسط هذه الظروف والمتغيرات المعقدة قررت أن تفرِّق ولديها عن بعضهما وقد لاحظت أن الإبن الأكبر يمارس على أخيه الأصغر تأثيرات كثيرة سيئةً فضلاً عن حثه وتشجيعه بل وإجباره على ممارسة السرقات من المخازن وتدخين السجائر والتمرد على الدروس والمدرسة... لذا وضعت الإبن الأصغر في مدرسة داخلية رغم ما ستتحمل من الأجور العالية لمثل هذه المدارس . قررت أن تضحي بالكثير من مستلزمات الحياة ومن الكثير من متطلبات شؤونها الشخصية من أجل إنقاذ الطفل الصغير الذي تركه أبوه وحيداًُ بعد أن قتل نفسه أمام ناظريه . أتاح لها الظرف الجديد ـ رغم كل شئ ـ بعض الحرية فعقدت صداقات مع بعض الرجال وأخذت بالخروج معهم للسينما والمسرح وإرتياد المقاهي تاركة ولدها الأخر وحيداً في الشقة . تحسن وضعها النفسي وعادت لها بشاشة وجهها الصبوح وشئ من روح المرح رغم ضيق ذات اليد . تنقلت بين العديد من الأصدقاء الألمان والأجانب فكان فيهم الصيدلي وكان أحدهم نحاتاً إيطالياً وآخر يونانياً ورابعاً برتغالياً . عرض البرتغالي عليها الزواج شرط أن تترك ولدها الأول بحجة إنه (( ولد سِفاح )) لا يعرف له أباً !! رفضت العرض القاسي المشروط الذي رأته غير إنساني ، لكنها قبلت دعوته لقضاء إحدى إجازاتها السنوية معه في بيته في العاصمة البرتغالية لشبونة . كيف تترك أم ٌ ولداً أنجبته مهما كانت ظروف ومسببات وملابسات إنجابه ؟! بقيت هذه السيدة مع إلتزاماتها الخلقية المدنية والدينية. ضحت بسعادتها من أجل طفل لا أبا ًَ له يعاني من إضطرابات نفسانية وأخرى عصبية .
ماذا عن والديها هي ؟ كانت في غياب أبيها عن البيت تزور والدتها وتبثها شكاوها وأحزانها . ثم إن َّ شقيقها قطع دراسته الهندسية إذ وجد عملاً جيداً لدى إحدى الشركات . ترك بيت والديه وتزوج . كان هذا الأخ بدوره غريب الأطوار . لا يزور شقيقته ولا يسأل عنها ولا يقدم لها أية مساعدة.
مر الزمن لا يعبأ بمعاناة ناسه ... مر سريعاً ، كبر الطفلان وتدرجا في دراستيهما فدخل أصغرهما الجامعة ودخل الأكبر معهداً تكنيكياً وتحسنت أحوالهما المالية فإستقل الأصغر عن والدته وبقي الآخر معها . مر َّ الزمن كعادته وكبر والدا السيدة روزنباخ ومرضا فدخلا إحدى الدور المخصصة لكبار السن والمرضى . عانى الوالد من مضاعفات في صحته شديدة الخطورة جرّاء إصابته بداء السكري وقد تجاوز الثمانين من عمره. وعانت الوالدة بدورها من مرض السرطان . لم تنقطع السيدة روزنباخ عن زيارة والديها في دارهم حيث يرقدان . لكن َّ الغريب في الأمر أن شقيقها لم يزرْ والديه خلال فترة مرضيهما أبداً . كان يتحجج بأنه مشغول في عمله وليس لديه متسع من الوقت . توفي الوالدان في شهر واحد . أشرفت السيدة روزنباخ على مراسم حرق ثم دفن رماد والديها في إحدى مقابر المدينة . لم يحضر الإبن هذه المراسم كأن َّ الوالدين ما كانا والديه !! تقول شقيقته عنه إنه تعلم القسوة والفظاظة من أبينا ، وإنه عانى منه في طفولته مثلما كانت تعاني . قساوة وخشونة وضرب وتقريع وشحة في الصرف أحياناً .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص ألمانية سوريالية / (2)
- قصص ألمانية سوريالية (1)
- المتنبي والأرمن / شكر للسيدة سهيلة بورزق
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الثاني
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الأول
- المتنبي وفاتحة والطبيبة أسماء
- رسايل تلفونية بين المتنبي وحنان عمّان
- المتنبي يزور الخيمة سراً
- المتنبي والمتصوف هرون بن عبد العزيز الأوراجي
- المتنبي وحنان
- المتنبي وإبن بطوطة ( مداخلة إشتراكية رمزية ) / إلى مليكة الح ...
- المتنبي والصورة / إلى حنان في عمّان
- المتنبي يروي قصة لجوئه
- المتنبي متوعك الصحة
- في ضيافة المتنبي
- المتنبي وفوزي كريم
- مع المتنبي في مقهى
- لقاء مفاجئ مع المتنبئ / وأد الجنس البشري
- المتنبي والمِعرّي وفايروس الشيطان
- المتنبي على فضائية كوكب المريخ


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية (3)