أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مدحت اسعد - توابل التأمل















المزيد.....

توابل التأمل


محمد مدحت اسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2085 - 2007 / 10 / 31 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


ما قبل الألفية الأخيرة :
قبل ان ارتقي في القراءة ، لا بد ان اشير الى فطنة السارد الذي شق الطريق لمنازلة الغلاف ، الذي يتيح التواطؤ مع الداخل ويمنح القارئ فرصة العبور الرصينة ، كما قال بهذا المعنى جيرار جينيت .
نحن اذن امام استعارة للمجهول تؤكد التماثل او النقيض ، من حيث انها (اصنص )وباعث حقيقي على ادراك الداخل العاصف والمختلف . لا بد من ملاحظة اخرى قبل المراقصة او المنازلة نقلاً عن سارد البيا ض، وذلك ان السامق : احتفال في مقهى الخيبة، لم ترد اعتباطاً او تشكيل فردي مقترح ،بل هو زواج غير بريء، تلمسه العين القارئة وشركة قص مساهمة ، محدودة، من احتفال عصمت ومقهى مازن وخيبة محمد .
إذن ، احتفال في مقهى الخيبة : ذلكم هو السامق النصي ، المختار والمنتخب من قبل الذين توسدوا بساط العشب الأخضر، جمعتهم قهوة الكتابة في مقهى الخيبة وهم : محمد اسماعيل رمضان ، مازن دويكات ، عصمت الأسعد . اذ ان السامق (العنوان )، ينطوي على مداعبة لطيفة ، ومدلول تفر الدمعة من عينيه ، كونه اقتراب من الواقع الأدبي ا لدال على فرحة الكاتب ونشوته، عند نشر كتابه ، والخيبة الدالة على قصر عين القارئ ، المنحاز لكل شيئ ماعدا القراءة.
نطق السارد الذي كانت عيناه ترافق فراشة جامعية ، مرت بانسياب امام مقهى الخيبة :خرجت عن السياق المنشود ومنحت القارئ المفترض مدلولا مجانيا ، وما ادراك انك تمر جانب رصيف الصواب .
فهمت إن التوازن العاطفي فائض، يسيل على ادراكه عند فيلسوف السرد .
في الباقة القصصية المعنونة (ما قبل الألفية الأخيرة ) لعصمت الأسعد . ترتدي الشخصيات/ الكائنات رداء الغرابة والعجائبي ولا يليق بها المألوف بل تنفر منه تقترب من مس القداسة والعلوية وألأعجازكما سنرى لاحقاً . فهي لاتملك الا موتها الطوعي او الفداء بمحض ارادتها ، او المصير المعلوم والمؤجل كما قي قصة تجليات ظباء بني عامر، وفي مشهد يرتقي الى النتيجة يختار المجنون جنونه ، عن سبق وترصد ، لتظل كلماته دافئة قابلة للتذكر والإستئناس... وحجارة سوداء ــ علامات تحسم الخلود الا يحملنا ذلك الى قصة اخرى ــ اعتذار من سيد السراب الى سيدة الروح ؟.... والتي تراهن على الفداء والتضحية بسلخ الجسد عن جسده اوكما قال سيدالسراب يعد لجسده مشنقة مجدولة ...وتحمل معها اخبارا ،عن فيلسوف، قد شنق نفسه، وليكتب اعترافه بحب الورد والنرجس . وهنا تتجلى قداسة الكتابة المطهرة بالفداء، ما بين بوح المجنون باسم الحبيبة ، وبين سيد السراب الذي يكتب سيرة عذابه ، كما نلمح التوازي الحدثي في قصة احتفال: حيث نرى ان النقش على الجدران ، بحث عن الخلود ومدخل لرسم صورة الجسد الواصل الى موته ، مطمئنا بالوصايا الخالدة التي ترددها الجدران والأطفال.
من الواضح ، ان هنا امتداد هندسي يشير الى بلورة واقع، يغترف من اسط رةانكيدو الحاضر في صورته الخلودية . ادعوكم لقراءة النص التالي لمحاورته: اما اليوم ادعوكم الي ... لأستحم بصمتي وسألقي عليكم صليبي ، لأموت هنا وحيدا من جمرالكلمات والحكاية، كي تمارس جميع العرائس عطرها وليعلو العزف .
اذا كان انكيدو قد خلد نفسه بالبحث عن نبتة الخلود، ليبقى خالدا، وليصنع اسطورته . فأن شخصيات ما قبل الألفية الأخيرة: هي ايضا قد دونت لنفسها سطرا في الخلود، فما بين البوح والكتاية والنقش والكلمات، تتحدد يافطة الخلود واسطرتها، كما ارادها كاتب ما قبل الألفية الأخيرة . وهل الكتابة يقين الخلود؟ وإذاكان كذلك فكيف يرسم الكاتب المعطيات الحدثية لكائنات تمنح الموت المجاني ؟ وما الخريطة التي نملكها لأرتياد الأمكنة ذائعة الغرابة ؟ كائناتها ،خطابها السردي، بياض يزدحم بالمعنى، يشوش المكان البدائي والبري، يعلو من قيمة القص على حساب المنسوج الحواري ، التي هي تشكيل يشترط المصير .
في المكان المحيط، كان سارد بياضي منبهرا بلوحة الغلاف ، الذي اشار اليها بأنها اسفنجة ، تنز موسيقا ، تمارس الأيقاع، إذن تستحم كل لحظة . تركني على وعد ان يكون في الجوار . المكان هجرة نحو الماضي البكر ، ارتداد الى الذات وهوامشها الفطرية الأولى ،الخالية من دسم الحياة الصاخبة ، والرائقة بارتعاشة الخطوات البريئة .....مكان متخيل وغير منسجم ولا يضج بالأيدي العابثة ، هل هو واقع ضمن خرائط البياض او في غابة الرسم ؟ او حفر في اخدود الفكر الإسلافي اوهو مثل نهر لا نستحم فيه مرتين . قال سارد بياضي : قبل ان تدخل الى امكنة النصوص ، عليك ان تتوقف عن السباحة قرب اطراف الرومانسية المتعالية
اقترح السارد ان نوجه دعوات خائبة ، لا تبعث على الطمأنينة ،الى النخب الرطبة والسائبة في وضوح المعنى ، ورصد اسماء لها مدخرات، مسكونة برغبة الكتابة . المكان: ارتكاب سافر في البراءة ، هو البياض المنكوب الذي خدشه سياق الكتابة .
يستثمر القص اعالي البراءة المنسجمة مع التأثيث المكاني الذي يأخذ بمتلقيه الى صفوة الرومانس وحلم التخييل لنقيس المسافة في السرد الدافئ : في حقبة ما قبل الألف الأخيرة لميلاد سوسنة وعندما كان كثير من الظلال يغشيه , والباسقات من الأشجار تختضن كوخه وعينيه ...... وراح يطارد ظل ابتسامة ارتسمت على جدران كوخه المعشوشب وعلى موسيقاها الجميلة راح يلتحف لياليه القمرية فتتحلق حوله الكائنات ووحوش الغابة ويصغي الى ماتقص عليه من اخبار الصيد ودهاء الفريسة .
كأن المشهد ارتقاء صفوي نبوي يتيح للقارئ ان يذهب في شذراته وشفراته الى العميق من الأساطير والقص النبوي .... الا تبرق لنا من بين السطور حكاية نبي الله سليمان ومجالسه العجائبية مع الإنس والجن والوحوش المستسلمة لقضاءه وامره وذلك ذهاباً في الشكل لخلق اسطرة ما ....الا يتيح لنا ان نستنشق روائح امكنة قادمة من عمق التجلي النتشوي في هكذا تكلم زارادشت .
المكان غائر وعميق وغير مؤثث بالنواقص الإنسانية ويليق بفطرة الحياة الأولى اليس ذلك ضمة موسيقا تقشر غيم الحزن المقيم وتسرح بياضها فيغشى المتأمل صفاء وبهجة
خلق من نوع اخر , ليس على طريقة بجماليون وإن كان في المجموعة ما يشير اليه عندما قال :.....وعندما احتله وجهها وحميع المستحيلات راح يطوي الأرض كما تطوي امه بساطها القديم .... وفي ظلال عتمة دافئة
شيء ما بداخله تخلخل وقال :سأحضرك على طريقتي , اعد روحه والألوان ولوحة بيضاء اسكن وجهها في عينيه
. يرف طائر المكان يحملني كما الظليم ، طائر الجن ، الى مرتع العاشق المجنون، الأيل للذوبان ، وليسعفني باشلار بديكوراته الجمالية. ماذا ترى ؟ العالم صحراء صغيرة ، لامفقود فيه، سوى الذي صعد في جنونه، في عرائس عشب والمراعي شهود، ونجوم ص ملت بذخ ضوءها المنتشي برصيده . اي نقطة او احداثية يمكن ان تكون قطرة ضوء ، نتسلل معها الى زهد المكان الضاج ببساطته ، كما تلوح به قصة شجار ــ كثير من الظلال يغشيه ، والباسقات من الأشجارتحتضن كوخه وعينيه . او ارتقا ء في المكان المتحرك والمرتحل والمؤثث بعتمة البوصلة جهة الضياع في قصة احتفال. ..... وعلى هتاف إيماءتها
وذاكرته ورجع الأغنيات، ساقته حباً الى بلاد القناديل المضاءة لينقش ظلاً اصفرعلى جدرانها الناسكة .
هل المكان معد فلسفياً ؟ حيث انه نابت من سلالة التامل ، وينسحم مع بذرة التلاقح الأولى او كما قال : المكان فسحة مضيئة وليس فيه غير العناصر الأربعة ، التي تمثل ركناً سيادياً ، تكون فيه رائحة الحجر يومئذ عبادة وشهادة . وعلى الطرف المقابل ، ، من الكتابة يتكور المكا ن في رحم لوحة وتجسدها قصة امسية على مقام الصبا ،او في فراغ مرصوف طرقاته , بجموح الموسيقا ، كأنها قلم او ريشة تكمل بشغف نواقص المكان .
تتزاحم التناصات ، والنصوص مسكونة باصداء نيتشوية خافته خاصة تلك التي تتأطر بعزلتها . الكتابة تجري كالنهر ، بسيطة وعميقة في آن ، تمنح السائد العداء المجاني ، لا توضيب للمكان ...وأن عثرت عليه فهو يسيل من بين اصابع عينيك ، يوتوبيا قدرية ، لكائنات كسرت حدود السياق مع الواقع الأنساني ، يتماهى مع الزمن وابدالاته وحركته الذاهبة في التجدد .
عصمت الأسعد يرسم بالكلمات ،ينطلق من فائض الفن والتشكيل ،يحملك انت الى داخل اللوحة /القصة في حدود مفتوحة التجنيس ، وقابلة للنطق واخرى لمد البصر ، قص له نكهة التوباكو وتوابل التأمل .


احتفال في مقهى الخيبة ـــ مجموعة قصصية مشتركة ـ ما قبل الألفية الأخيرة ـ عصمت الأسعد ـ اتحاد الكتاب الفلسطينين ـالقدس ـ فلسطين ــ2005



#محمد_مدحت_اسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة الضوء
- لغة الماء ... مجازات القول المختلف
- مفارق السرد
- مرور جانبي
- اشارات النرجس : عبور الى القول القصي
- الأخ السارد وصفاته المحسنة
- مفيد دويكات العائد الى البياض


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مدحت اسعد - توابل التأمل