أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد السلام العطاري - عبد السلام العطاري ... في حوار شامل مع رابطة انانا التونسية















المزيد.....



عبد السلام العطاري ... في حوار شامل مع رابطة انانا التونسية


عبد السلام العطاري

الحوار المتمدن-العدد: 2076 - 2007 / 10 / 22 - 10:53
المحور: مقابلات و حوارات
    


عبد السّلام العطاري ... بين مخالب حُبّ إنانا.
العطــاري :
- اكتب للأرض وللمرأة التي وجدتها في ثوب أمي المحرّضة على الانتماء لغراس أرضنا.
- واسأل، متى يصبح الشعر شرطي المرور ؟!



رياض الشرائطي / تونس
أجرى الحوار مجموعة من الشعراء والكتاب في رابطة إنانا الأدبية

ما ذَنْبُ أَنْ يَجِفَّ نَبْعُ مَليمِ التّعَبِ
وتَعْلَقَ النّظَراتُ على رفوفِ الحوانيتِ
وتَكْتظَّ الشهوةُ التي تلعقُ شهوةَ الألعابِ
وتَهْدرَ أَقنِيةُ الدمعِ على أَسيلِ الطفولةِ
لننسى خُطىً تَحملُنا إلى آخرِ الشهرِ
والانتظارِ ونقراتٍ على دفةِ مفاتيحِ الحاسوبِ
التي تطيرُ.. تطير؟
متى تَكتُبُ عَنْ رَصيفِ المَصرفِ
وتستعجلُ الفائتَ مِنْ جُوعِنا
أو تَرسمُ خطواتٍ تسبقُنى إلى برِّ الله ومواسمِ الحَجَل؟

هذا ما جادت به الموجة فأسكرتنا شعرا عذبا سلسبيلا.. هكذا تتحرك الحروف طيعة على بياض مشرع لكل الروعة المنثالة لكل الاحتمالات التي ترى في الحرف و لا شيء غير الحرف دافعا لمزيد من الحياة... إنه ضيف الحوار الفلسطيني المبدع المتألق الذي عرفناه، الإنسان الرائع، القلم النازف و الحرف البهي إنه المبدع الأستاذ عبد السلام العطاري، ننطلق اليوم في محاولة الاقتراب منه أكثر ما يمكن.

1- *أخي عبد السلام هل تذكر نصك الأول؟ ما هي ظروفه ؟ ولم اختيار فعل الكتابة في البداية؟

اشكر الزميلات والزملاء على تلك الرغبة التي تحملني وإياهم إلى حديث آمل كما يأملون أن نخرج من خلاله بعصف ذهني عالي الصوت وأكثر وضوحاً.
بالنسبة لنصّي الأول ، جاء نتاج وعي طفل في أسرة لها وعيها الوطني والسياسي المختلط بوعي الثقافي، ووسط أشقاء وشقيقات ينعفون كتب عن تجارب سياسية وثقافية خاصة بحركات التحرر العربية والعالمية وكذلك أدبياتها ونصوصها، لذا وجدتني اكتب الخاطرة المحبّة للأرض وللمرأة التي وجدتها في ثوب أمي المحرّضة على الانتماء لغراس أرضنا ... وكانت تلك النصوص التي ما زلت أجهل أو يجهل صديقي الذي احتفظ أثناء اعتقالي ومازال عبر السنوات يواعدني بها، لذا كان الظرف المكاني والزماني هو الذي شكّل فعل الكتابة في البدء .


2- *:لماذا أنت شاعر؟

هو السؤال السهل الممتنع الشائك المتشابك أحياناً مع رغوة السؤال المختلط بزبد الإجابة التي يصعب فكها وتفكيكها .
ربما اخترت الشعر - مع أني اكتب المقالة الأدبية السياسية-إلاَ أن اختياري للشعر من قناعتي بأن الشعر هو رواية العرب، وهو النص الذي يحمل همي وحكايتي بخفة ومتعة -ربما- وشعوري بقدرة التحكم باللغة التي تصل إلى الآخر والمس نتائجها أكثر من العمل القصصي والروائي الذي ربما أيضا اعجز عن فعله ، وكشاعر أعشق الريف وأعشق كنعانيتي كان عليّ أن أعيش اللحظات في القصيدة أكثر من أي شيء آخر .. وكذلك أن حياتي ونشأتي في بيئة كان الزجل والحداء هو - ومازال- الشائع فيها ... وربما ما زالت تعلق في ذاكرتي مقولة لقائد ثورة العبيد الثالثة _ 71ق.م) (سبارتاكوس) حين حصلت واقعة معركته الأخيرة مع الرومان ولحظة تفقده لمقاتليه ووجد احد الشعراء يحمل سيفه ويستعد لهذه المعركة فكان من سبارتاكوس أن سأله بماذا تفعل هنا ؟؟ فأجاب ذاك الشاعر : انه هنا للقتال ، فأجابه سبار تاكوس : انه يملك 20 ألف مقاتل ولا يملك غير شاعر واحد .. أي بمعنى أن المقاتل قد يتوفر أن قُتل ، ولكن الشاعر لا يكون هناك غيره بسهولة ، بمعنى أن الشاعر يروي الحكاية ويحملها ويحرّض على المقاومة وعلى الحياة وعلى رفض الذل .

3- *لمــن تكتب ؟

اسمح لي أن أجيبك بما كنت قد سُئلت عنه من قبل صديقنا العزيز الشاعر محمد حلمي الريشة من خلال كتابه لحظة الإشراقة البيت الأول من القصيدة وهو على هذا النحو:

(ألقُ الفكرةِ ...ألق الشهوة ، تواطؤ أمام اشراقتها الشعور، الذي ينقلني من عوالم المادة والجسد، إلى عوالم أكثر اشتهاءً للروح وأكثر نضرة وأبعد بصيرة.
اللحظة، التي يرتعش لها الجسد منتفضا ليحتوي مكامن القوة والضعف، القوة، قوة استجماع واستنهاض الفكرة حين تتملكني وأصبح أسير وحدتها وبغتتها، أسير اللحظة، التي تأتي طيفا جميلا، أتسمر أمام دهشتها، منتصبا أمام رغبتها بإعلان ثورة الحرف، الذي أُجيّش له كل مقومات البداية.
الضعف، ضعف وانهيار إمام جمال الإشراقة، الانهيار الكامل لحصن القلعة المنيعة، وانهزام جند الحراسات، وتواطئهم مع نسمة تحمل الق الفكرة، الق الشهوة، المنبعث من رحيقها، والانصياع أمام غواية مشاعر ومضة تبرق من عينيها الإغريقيتين، لتأخذني إلى حالة انهماك شديدة، إلى انعتاق وتحرر رخي لذيذ، لتكون الولادة الأولى للقصيدة).

4- * القضية الفلسطينية، هذا الجرح الملامس شرايين القلب.. الساكن فينا إلى النصر. ما مدى الأثر الذي تركه هذا الجرح في عبد السلام الشاعر و الإنسان ، و هو المكتوي بهذه النار أكثر منا ، و الأقرب إلى معاناة أطفالنا و شبابنا هناك ، تحت طلقات المدافع ، و شرارة الظلم ، و عذاب صمت الأقربين

بالتأكيد سيكون لهذا الجرح نزيفه المتدفق ليكون مداد شعرنا الذي نكتب ، وليس النزيف الذي يميت ، نعض على الجرح لنقاوم الوجع ونشرب الشمس بكؤوس من فخّار ونمضي إلى شرفة تطل على غدنا... النهار يأتي طواعية لمن يحب الحياة بكرامة والليل يطول سواده لمن رغب العيش بذلة، أطفالنا يكبرون على فجيعة الأرض المسلوبة وعلى فجيعة الواقع العربي المنهك التعب الذي لا حول له ولا قوة، أطفالهم يحلمون ببحر وعشب وغبار الأزهار وأطفالنا يعيشون صيف الاحتلال اللافح ونقع الحياة الصعب ويرسمون الأمل على جبهة الظهيرة المرّة القاسية، فتعرق متصببة روحنا التي تتوقد للحرية وتتطلع إلى فجر ندِيٍّ طريٍّ جميل، هكذا كنت طفلاً وهكذا أمسيت يافعاً وها أنا أغدو إلى باكرة النهار لا أثر على جبهتي من غبار الحياة إلاّ أن أقول هذا وطننا وهذا قدرنا وعلينا أن نعيشه حباً وحياة وحكاية جميلة.

5- *تداعيات المرحلة في فلسطين على الأدب الفلسطيني وعلى الأديب..من الناحية النفسية والإبداعية...؟

كان للمرحلة والوضع الراهن الذي آلت إليه القضية الفلسطينية ودخولها في منحنيات ومفترقات خطيرة آخرها ما شهدناه في غزة كلها تترك تأثيرها السلبي على المبدع ليس الفلسطيني فحسب وإنما المبدع الشقيق والصديق الذي اصطف وصفّ نصه من أجل القضية القومية عربياً والأممية عالمياً ، والناحية النفسية ترتبط ارتباطاً كلياً مع الحالة الإبداعية ، ما بين التفكير في تطوير النص وما بين التفكير في الحفاظ على ما تبقى من عقل نتيجة حالة التدهور وخاصة أن المثقف الفلسطيني وأقولها دون حرج قد هُمّش دوره وسلبت مكانته في فترة ما بعد منتصف التسعينيات وخاصة بعد دخول أجندة غربية وغريبة على حالته الثقافية والإبداعية من حيث الاستقطاب والاصطفاف مما أدى إلى حالة من العسكرة الثقافية والمواجهة بين أطراف تسعى على أن تكون الثقافة السد المقاوم حين انفلت السياسي اتجاه التسوية وما بين فريق أخذ يتعاطى مع الآخر ليس بصفته النقيض وإنما الشريك على حساب تاريخنا وثقافتنا الأصيلة

6- *في يوم ما كانت للشعر تلك القوة المؤثرة؛ حين كانت ترافق الحروب ومن ثم _ في زمن لاحق_ المسيرات والمظاهرات والاحتفالات الوطنية؛ هل تؤمن بقوة مماثلة للشعر الآن تجعلنا أقل بلادة وأكثر حماسة ؟

في حوار سابق لي كان ذات السؤال تقريباً... وأنت تعلمين كما نعلم هنا على الأرض كيف كان للشعر وللرواية وللحكاية تأثيرها كمحرك للفعل وكمحرك للحياة والتغيير ، ولعل النكسة والإحباط والنكوص الذي أصاب المثقف الفلسطيني أولا اتجاه قضيته وما آلت إليه ، وما رافقها من نتائج سياسية لم تكن على قدر المقولة الأدبية خلقت حالة من القول أنه لم يعد، أو لم يعد هناك من يؤمن بقوة الشعر كمحرك ومحرّض لتحريك الجمهور والشارع والسياسي،،، وكذلك ما شهدته المنطقة العربية من حالة استفراد أدت إلى سقوط عواصم عربية وأدت إلى خنوع الأخرى لحالة الفردية القطبية .. كلها تصب في اتجاه سؤالك المنطقي والمفترض ... دعينا نتفق أن نبقي على حالة من الأمل بأن النص سيأخذ مجراه ويشقه من جديد و يعيد الاعتبار إلى مجد الشعر والشعراء..... ربما هو الحلم، يا أحلامُ .. والأحلام المشروعة تتحقق .. لا بد أن تتحقق.

7- *أظن أن القضية الفلسطينية أخذت حقها من الشعر سواء من خلال الشعراء الفلسطينيين ولا أقول هنا أنني أدعو إلى الكف عن الكتابة عن القضية الأولى للعرب ، ولكن أخاف أن نذهب في الشعر طويلا دون أن نحقق شيئا على صعيد المجالات الأخرى كالمجال السياسي مثلا . طبعا تبقى القضية هي أم القضايا ويبقى الشعر العربي في خدمتها من الضروريات التي تحتم علينا تذكرها ، فأين عبد السلام العطاري من القضية ليس شعريا ولكن فكريا وسياسيا ؟

قبل أن أكون في الشعر أو الكتابة ، تشكل وعيي الثقافي السياسي لنتيجة حتمية للظرف الذي نعيشها تحت الاحتلال ، لذا كبرت ونشأت على العمل السياسي كناشط في هذا المجال وربما اختلفت عن بعض زملائي من إيماني - على رأي الشهيد الأديب غسان كنفاني -" أن البندقية الغير مسيسة قاطعة طريق" ومن هنا ومن تجربتي في العمل الحزبي والتنظيمي كنت اشتغل على نفسي كما احب ان أقول من خلال القراءة والإطلاع والمعرفة ، فعملت وما زلت حتى اللحظة في السياسة، فانا السياسي الذي لا يغلّب دوره على الثقافي ، واعتبر الثقافي هو الطريق المنير للسياسي ، لذلك اعتقلت عدة مرات وتدرجت في العمل التنظيمي أي اعتقد أن عمري في هذا المجال قد تجاوز الـ 25 عاما ، مع بعض الاختلاف عن غيري ا حيث لا اقبع تحت أيدلوجية ورؤية اعتبر من خلالها أن كل ما دون وجهة نظري ورؤيتي خاطئة .
على الصعيد ذاته أنا عضو في اللجنة المركزية لأحد الأحزاب الفلسطينية وعملن فترة طويلة كرئيس لأحد المنظمات الشبابية الحزبية الفلسطينية بالإضافة إلى أنشطة وعضوية أخرى في العمل السياسي، ولكن... ولكن .. لو سألتني أو خيرتني كيف أحب أن أعرّف نفسي؟؟ لقلت لك كاتب وشاعر على كل تلك المسميات والألقاب وادعوك للنظر إلى بعض من سيرتي الذاتية هنا

8- *لماذا لم يأخذ الشاعر العطاري حقه من الشهرة كما الشعراء الفلسطينيين الآخرين؟. بما في ذلك الشاعر الكبير عز الدين المناصرة. هل الإعلام هو السبب ؟. أم المتابعة النقدية التي تركز على أسماء دون غيرها؟.

أنا أسال ذات السؤال، ليس وحده عز الدين المناصرة الذي ظلم في هذا - إن كنت تعني أن أستاذنا المناصرة قد لحقه الظلم والتغييب ؟؟-
نعم اتفق أن المتابعة النقدية هي انتقائية وكنت قد شرعت منذ مدة بالكتابة حول هذا الموضوع ، أن بعض النقّاد قد اشتغلوا فقط على البعض نتيجة لعلاقة خاضعة لسياسة ( التلميع) ولا أخفيك أمراً أن السياسي الفلسطيني قد لعب هو أيضا في مسألة التمييز والاختيار ، هناك شعراء غيّبوا وهم قامات عالية مثال ، الشاعر المناضل خالد أبو خالد والشاعر المناضل يوسف الخطيب والمفكر والشاعر عبد اللطيف عقل وحسين البرغوثي وشعراء من فلسطين المحتلة العام 1948، وغيرهم يا صديقي وربما اعتبر نفسي في ذيل قائمة هؤلاء القامات المبدعة . .. ولكن الآن وفي هذا الأثناء التي أجيبك عليها نعمل في بيت الشعر الفلسطيني على تجميع أعمالهم وطبعاتها بشكل يعيد الحد الأدنى من الاعتبار لهم ولدورهم ، ودعني اهمس لك شيئاً انه للأسف في فلسطين كشعراء لنا خطنا الذي لا يروق للبعض ومن هنا ندخل في قائمة التهميش والتغييب... ولا أعتقد أن الأمر سيطول .. ناهيك عن مسألة أننا هنا في فلسطين المحتلة لم يكن يتاح لنا التحرك والاحتكاك كبقية أو بعض الشعراء الذين نالتهم الشهرة وسطوة الاسم الذين كانوا في الشتات أو في البلدان العربية وأتيحت وفتحت لهم نوافذ وأبواب الاحتكاك مع الجمهور العربي ومع المثقف العربي ، وربما أن العودة إلى أرض الوطن بعض إقامة السلطة الوطنية وظهور الانترنت بدأت الصورة تختلف وفتح لنا نحن- الدواخل- المجال وخاصة من خلال الانترنت كي نعرّف بهويتنا الشعرية وبلغتنا وبوجهات نظرنا، ولا بد صديقي أن نشكر العولمة أن جاز لنا شكرها على ما سمحت به لنا رغم تناقضنا مع الكثير من مفاهيمها .....

9- *كيف توازن بين الإبداع والسياسة ؟

أذكرك مرة أخرى انه في حالتنا التي نحن عليها الآن قد واشدد على كلمة قد بأنه لا يمكن التزاوج بين السياسة والإبداع، مع إقراري أن السياسة علم وهي فن الممكن، والسياسية مراوغة ودهاء وحيلة ! ولكن كان ذلك على عكس ما كان في فترة الحكم العربي الإسلامي حيث كان المبدع هو الحاكم أليس كذلك ؟؟ وحتى قبل الإسلام ، في العهود الرومانية والإغريقية واليونانية والفارسية ، كان النظام السياسي يقوم على العلم والمعرفة حتى في زمن المغول الذين عرفوا بالهمجية والوحشية كانوا على علم ومعرفة في محاربة العلماء والمبدعين ، لأنهم يعلمون أن العلم والإبداع هو الذي يهدد وجودهم ، لذلك احلم بصراحة وتخيلي معي نظام سياسي يقوم عليه المبدعون كيف سيكون شكله وحقيقته ، لو كان الأمر كذلك لا أظن وصلنا إلى ما وصلنا إليه ، وعندك الأمين والمأمون أبناء الرشيد كمثال لا حصر

10- *." لواقع الاقتصادي المربوط من كعبه ومن ذيله في اتفاقات وعلاقات تجعل منه الاقتصاد الذي لا يحيى ولا يموت " وهذا قياس على كل محاور مكونات الواقع العربي الراهن يأتي نتيجة لنسق ومصالح أجندة دول التحكم أو دولة التحكم في العالم والسؤال ألا تعتقد أن الرابط للذيل والكعب أعلم بالذي ستؤول إليه الأمور من فوضى وخراب في حال انعدمتْ الروابط ( الاتفاقات والعلاقات ) ؟؟

سؤال ينمّ عن خبرة ودراية بحالة وواقع بات ميؤوس منه، من واقع اقتصادي مرير كما أعدت القول، ولكن لا يعني ذلك أن/ أو نشرّع الأبواب للتغيير وفق إرادة بوش أو إرادة أجندة العولمة التي تخدم النقيض ألإحلالي، ولعل الحكمة تقول حكم جبري أفضل من حكم متهاون ومهادن لا يجلب غير الخراب وهناك من الأمثلة التي لم يتسنى لنا نسياها شاهدة وواضحة في وطننا العربي، ودعيني لا ابتعد عن هنا عن واقع ما بعد أسلو والاتفاقية الاقتصادية التي فرح لها البعض في أول الأمر لنكتشف إنها عبارة عن سلاسل وقضبان تنهش من رسغ أقدامنا أكثر من جوع قد يلحق بنا لو رفضنا ذلك ، وها هي أيضا اتفاقات باريس 1 و2 3 التي يتهالك عليها بعض جوعا الحكم على حساب الكرامة والحياة، ولعل الشاعر يذكرنا بمقولة " لا تسقني كأس الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأس الحنظل. وطالما نحن شعراء وأدباء نظن أنها حكمة بليغة المعنى تحمل من حصانة القول ما يجعلنا أن نفرق بين بطش نظام نسعى لتغييره بأدواتنا وبين واقع نسعى للإستقواء بالأجنبي على تغييره
وبشان الراهن وما نحن عليه ، أظن أن من يتحمل المسؤولية هو المثقف الذي بات يعجز عن تحريك الشارع لا بفكره ولا بقلمه ، ولا أريد أن نبقى على تعليل الحالة بأن الواقع والوضع الراهن وما إلى ذلك من مفاهيم في مسألة التسليم تحت يافطة سياسة الأمر الواقع ، ولا نبقى نعلق عجزنا نحن كمثقفين على شمّاعة الآخرين أو النظام ، لذلك المثقف بوعيه ، والوعي لدوره ومكانته ، والشاعر الذي يقول شعره فقط من أجل التصفيق كما الحال عليه الآن عليه أن يقبع تحت سرير نومه إذا لم يكن لشعره رسالة وقضية تحرك وتحرر الظلم وعليه أن يتحمل عواقب البطش والحرمان طالما هو شغل هذه المهمة وهذا ما يندرج على كل أصناف الأدب والثقافة ، وأنت ونحن نعلم أن دورنا فقط هو نثر ونشر وذر أعمالنا الأدبية دون أن نحدد المجتمع والشارع والجمهور المستهدف من أعمالنا، لذلك حتى يكون هذا الحوار مثمراً كما قلتٍ علينا أن نعيد تقييم وتقويم دورنا كأدباء ومثقفين ، وأنا اتفق وأتفهم حالة السؤال الملحّ والموجع الذي تحملينه.

11- *أنت فلسطيني ومن عائلة مناضلة، من الأقرب إليك من شعراء الثورة الفلسطينية ؟
ومن الأقرب إليك من شعراء النضال والحرية في العالم

دائما أحاول أن ابتعد عن تحديد الشاعر كشخص أو كفرد اسميه بعينه ، ودائما ما أحب أن اقترب من النص وأجيب أن النص هو الأقرب إلي من كاتبه ، ولكن لا بأس أن أجبت أن هناك من أحببت فيهم حرقتهم على مصائر الأمة وقضيتها ... كالشاعر مظفر النواب، والمرحوم توفيق زيّاد والراحل الفذَ راشد حسين، وصلاح جاهين ، ومن شعراء الثورة والهم الإنساني أذكر خوسية مارتي الذي يعتبر الأب الروحي للثورة الكوبية واللاتينية وآرنستو كاردينال شاعر الثورة الساندانستية وأتمنى قريباً أن أتفرغ للتعريف بهم هنا في إنانا كي يعرف البعض أن هؤلاء قامة شعرية مناضلة عايشوا النضال وكتبوه وليس كبعض من عاش الترف وتغنى بهمّ الجماهير والمقاومة دون أن ينغرس فيها أو يعيشها أو يعرف عنها وعن وجعها وألمها .

12- * أنت شاعر مبدع، متى تشعر بالفخر لكونك شاعرا ومتى تتمنى أنك لم تكن شاعرا ؟

لم أفكر حتى اللحظة بالندم ، ولكن هناك بعض الوساوس التي تجعلني أفكر بحالة الإحباط وفقدان الأمل عندما أجد أن الشعر الذي يحمل قضية وهم الناس لا يعني أصحاب الأجندة الخاصة شيئاً،ولكن يعنيهم سيلان وتدفق نصوص الجنس والتعمير والتغريب التي تمجّد على حساب نصوص شعراء الهم الإنساني، خدمة إلى سلب ونهب وقتل ثقافتنا الأصيلة .

13- * هل تجد تناقضا بين أن يكون المرء شاعرا ومبدعا وبين أن يكون ملتزما، وما الاستحالة في الجمع بين الاثنين ؟

الشعراء المبدعون لا يحكمهم غير الإبداع، ولا يخضعون إلاّ لوجدانهم النفرّي الذي يمتلك ناصية القول ، وليس أي قول غير الحقيقة التي تمتلكها بصيرتهم وانشدادهم إلى صيرورة الحسن البصري وزهد الغفاري ، هولاء هم الشعراء الذين لا هم لهم غير رسالتهم الشعرية و الإنسانية ، فالأنسنة هي التي تجعل الالتزام وإبداعهم على ترابط وتراصّ لا ينقص منه شيئا

14- *كرجل سياسة أين تموقع قضية فلسطين ...هل هو صراع ديني ...أم صراع اقتصادي...أم هو اعم من ذلك بحيث هو صراع حضاري ؟

صديقي عزيزي سؤال يحتاج أيضا إلى حديث يطول وكتابة تطول أيضاً ولكن باختصار ما أود قوله أن المنعطفات التي مرت بها القضية الفلسطينية ولنقل المسألة الفلسطينية منذ انهيار دولة الخلافة العثمانية فعليا أي قبل سياسة التتريك التي لا علاقة لها بمفهوم دولة الحكم ودولة النظام الإسلامي العربي أحياناً.. وأصبحت فلسطين محطة أو هدفاً للتكالب الغربي بوصف عام والحركة الصهيونية العالمية كانت مسيحية أم يهودية بشكل خاص حيث كلنا نعلم أن أول من وعد اليهود بوطن قومي ديني على ارض فلسطين هو نابليون بونابرت قبل وزير الخارجية البريطانية آنذاك (بلفور) والوعد الذي قام على أساس تاريخي ديني قبل أن يكون له أبعاده التي عليها نحن الآن، فالصراع على التاريخ وعلى الأحقية لمن الأرض وليس على حقول قمح ولا حدود جغرافية نهائياً ، وقصيدة دوثان التي ذكرتها في ديواني الأخير تحمل تلك المضامين أي أنّ تل دوثان المملكة الكنعانية التي وجدت قبل 4500 سنة قبل الميلاد لم يفلح اليهود بأن يثبتوا حقهم كما يدعون بان هذه الأرض توراتية تلمودية وقلت فيه حين عجزوا سرقوا الاسم كما الأسماء الأخرى التي سلبت وكما الثقافة الأخرى التي يحاولون سلبها ونهبها وسلب تراثنا وتاريخنا الكنعاني الفلسطيني ... ولعل من الجدير أن أشير هنا بمثال بسيط على سياسة السلب والنهب للتراث والتاريخ حين قررت شركة الطيران الإسرائيلية أن ترتدي مضيفات الشركة الثوب الفلسطيني المطرز في ذات الوقت وللأسف يرتدين مضيفات شركات الطيران العربية (_الميكرو جب والمني جب) ... هذا مثال بسيط وقِسْ على ذلك من أمثلة ... لهذا فإن الصراع تاريخي أكثر منه جغرافي أو اقتصادي.

15- *كيف ترى الصراع الداخلي الدائر حاليا في فلسطين.بين الإخوة الأعداء .......خصوصا إذا ما آمنا أن الخاسر الأكبر من هذا الصراع هو الشعب الفلسطيني و القضية الفلسطينية عموما ؟

كما قلت أنت الخاسر الوحيد هو شعبنا الذي ما زال يرزح تحت نير وبؤس الاحتلال ، ليكتحل بالرمد من كحل بارود كان لغيره للأسف ، والرؤية هنا يلفها الضباب ، والبوصلة التي كانت تشير إلى الحرية أظنها قد اضطربت الآن ولا تعرف وجهتها ، أتمنى أن نخلص ونتخلص من أن نكون أجندة صراع وتصفية حسابات دولية تنهي حساباتها على أرضنا من أجل مصالحها

16- * يقول احد الكتاب العالميين..بان الكتاب هو اختراع علمي جبار.........هل يمكن للنت أن يعوضنا عن حميمية الكتاب ؟

رغم إشغالي رئاسة إتحاد كتّاب الانترنت العرب في فلسطين وأحد - ربما - مفاصل الاتحاد العام لكتّاب الإنترنت العرب ، إلاّ أنني أعود وأكد كما قلت في حوارات سابقة أنه لم يحن بعد أن ننعى الكتاب الورقي وما زال الكتاب له مذاقه وطعمه ونكهته الخاصة والفريدة .


17- * إلى أي مدى يقف البعد الديني و الأخلاقي حاجزا أمام حرية الإبداع ؟

صديقي عزيز لنقل بصراحة ووضوح أن النص الشعري أو الكتابي الذي يخلو من قضية ورسالة توعوية تنموية أساسها رفعة ونهضة وإعلاء شأن الثقافة العربية فهو نص خالٍ من القيمة والمعنى مهما كانت لغته وجرسه وشكل وبنيته، وأنا شخصياً ضد النصوص التي تخرج عن سياقها الأخلاقي والديني وفقط هدفها مس الدين كدين والأخلاق كأخلاق ... ولكن لا يعني أني أغلق على نفسي ولا أتعامل معها كقارئ ، وكما أشير أيضاً إلى مسألة عدم التباهي كما يفعل البعض في نصوصهم العارية من الأخلاق والقيمة الإنسانية وإنما علينا بصراحة أن نكتب من أجل الأجيال ووعيها ونحن كما تعلم في حرب سلب ونهب لثقافتنا وأذهب معك بصراحة أن هناك مؤسسات دولية وظيفتها تشجيع ( تعهير ) الثقافة وسلب معناها وقيمتها وأصبحت تندرج تحت قائمة ( الإرهاب) وهنا حالة اذكرها أن بيت الشعر الفلسطيني ومن خلال تصديه لهذه السياسة ودعوته لثقافة حرة واعية هدفها الإنسان العربي المتمسك بقيمه النبيلة وبتاريخه الأصيل وتراثه الإنساني العميق منذ كنعان حتى اللحظة يواجه سياسة التركيع والتجويع ولكن نعمل بجهد وبما توفر لنا من إمكانات كي نبقى على الرسالة الثقافية الأصيلة المتجددة والمجددة لثقافتنا وفق رؤيتنا ومنهجنا لا وفق ما تريده الأجندة الغربية التي تعبث فينا

18- *الضدّ النوعيّ لحرية الإبداع ؟

الظلم والقهر والاستبداد.. تلك النقيض لحرية الإبداع، ناهيك عن الضد الذي نحمله في دواخلنا نتيجة تلك العوامل التي أحيانا تستقر في لحظة نتيجة مقاومتنا لذاك الفعل الممنهج الذي يمارس على المبدع الحقيقي .

19- * كثر القيل و القال عن صراع المشرق و المغرب لا سواء في مجال الفلسفة , ولا في مجال الإبداع الأدبي .... ما رأيك ؟

كما ذكرت في سياق ما تقدم وحتى لا أطيل مرة أخرى ... إن أساس الصراع أساسه ثقافي وصراع على الوعي والمفهوم، وصراع على أسس لمن الحضارة اليوم ولمن التاريخ اليوم.. لذلك مرة أخرى علينا أن نجند وعينا وثقافتنا لصقل الأجيال كي تكبر على ثقافة ناضجة نظيفة خالية من شوائب الحداثة الغربية وعلينا أن نصنع حداثتنا نحن على أسس متينة تكون قادرة على مواجهة فلسفة الغرب التي تتعامل معنا من خلال نفي تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا ، قبل أن توجد أمريكا كانت حضارات بلاد الرافدين وكنعان تصنع مجد بزوغ الأمم التي تلتها وقبل أن تعرف باريس معنى الحياة كانت بغداد ومن قبلها دمشق وغرناطة واشبيلية قد صنعت الحياة وصدّرتها إلى عالم غبي واعني ما أقول عالم ينتقص من قيمتنا نتاج أنظمة غائبة عن وعي شعوبها ومستيقظة على ضوء غرف نوم الغرب .

20- *من بين وظائف الخطاب الشعري(كتواصل لغوي)،وحسب جاكوبسون: الوظيفة التأثيرية؛في نظرك إلى أي حد يمكن للشعر أن يؤثر في المتلقي العربي الآن،وان يساهم في توجيه وتأطير قيمه وسلوكياته وتمثلاته ،وبالتالي التأثير في قراراته الفردية والمجتمعية؟

السؤال ربما يطول الحديث عنه وحوله ولكن دعني اختصر الجواب بالمرور السريع على أصل وظائف الشعر منذ أن عاب أفلاطون على الشعراء أوهامهم وأحلامهم واستبعاده من المشاركة في سيادة النظام كذلك إلى أرسطو الذي ربط الشاعر والشعر بالطبيعة الإنسانية وصولاً إلى الشعر الجاهلي ووظائفه وكذلك ما بعد الجاهلية وفي صدر الإسلام التي كانت لكل مرحلة شعرية وظيفتها، كل هذا لأصل إلى أن الشعر في المرحلة الزمنية الحالية قد فقد وظيفته الحقيقية من حيث التأثير في المتلقي العربي ، ومردّ ذلك ليس المتلقي نفسه بقدر ما هو النص الذي لم يعد يقتنع به الفرد نتيجة عوامل الإحباط وعدم الثقة التي تسبب بها النظام العربي السائد أصلا وجنوح الخطاب الشعري تحت عباءة السياسي في بعض الأحيان وكذلك ما أصبح عليه الخطاب الشعري العربي من عدم ملامسة هم الشارع والمجتمع وعدم الحديث عن قضاياهم الاجتماعية والحياتية اليومية كما كان في فترات سابقة من القرن الماضي ... وأتمنى أن يعود الخطاب الشعري إلى ما كان عليه يلامس قاع الفكرة وقعر الحكاية وأن يخلص الشعر والشعراء لرسالة الشعر الذي كان وأتمنى انه ما زال رواية العرب...

21- *ما هي الرسالة المثلى لمبدع حداثيّ،?

الرسالة المثلى حين نعرّف الحداثيّ المبدع ، والحداثيّ المبدع الذي ينحت من صخرة الحياة التي تراكمت عليها كل مكونات الحضارات الإنسانية ليعيدها إلى هذا الزمن بصورة تجعلنا نفاخر ونعتز بتاريخنا الإبداعي وعليه ليست الحداثة تلك التي أصبحت قربان المغرفة للحصول على جائزة نوبل كما فعل بعض أقطابها ونسفوا أرثهم وتاريخهم وتاريخ من فتح السماء لشمس الحضارة ليقدمها على طبق الطاعة والولاء إلى الغرب وأجندته ، الحداثي المبدع الذي يؤسس من ثقافتنا وعينا المتراكم ، ويؤصل بوعي أيضا لنكون نحن من نُتبع لا نَتبع .

22- *ما القصيدة، شاعرنا ؟

أنظر، حين تتمم القصيدة ويتملكك الخوف الجميل قبل أن تطلقها نافرة على بر الفضاء ...بالتأكيد سيختلف الشعور ما قبل وبعد ، وكذلك دور المتلقي الذي يعاين وعي المفهوم الذي يراه ، والناقد الذي قد يتكئ على معنى القصيد من خلال بحثه ومفهومه، حيث يختلف من ناقد إلى آخر ، ولكن لا نختلف على أن القصيدة الظبية أو الغزالة الناعسة على وجه الشمس وتحلم بصوت ناي وغراس تتفتح على صدر الربيع ... القصيدة التي تكتظ بلغة قد تحمل نحتها الجديد وجرسها الجديد وملكتها التي تزهو بها حين تألق اللحظة وتفتح الشهوة التي تتواطأ مع جند حراسات الفكرة .

23- *سلوك المثقف العربي ?

سلوك المثقف العربي الذي تماوج ما بين المنفى والوطن وما بين المنفى و ايدولوجيات العصر أدخلت السلوك في معادلات رياضية تقاس على باروميتر دور المثقف في اتجاهات صعود وهبوط نتيجة المؤثرات والعوامل الفكرية والأيديولوجية التي اجتاحت منطقتنا العربية ما بين يسار ويمين ووسط والتي كانت تؤثر بهذا المتغير مباشرة،و المتغير هنا هو السلوك الذي اوجد لنا المثقف العضوي- على سبيل المثال لا الحصر- الذي يبحث في الشيء عن كل شيء ، ولعل ابن رشد - مثالاً- كظاهرة دقت جدران الوعي والتفكير بشأن معطيات ثقافية كانت هي معول التغيير كما أقرانه الذين بحثوا في إنسانية الإنسان ووعيه وتصرفاته كمثقف يقع على عاتقه التغيير ، وكذلك إلى مرحلة حركات الوعي والإصلاح كمحمد عبده ونظرائه في حقبة تلاها الاجتياح الايدولوجي الذي أثرت ا في سلوك المثقف، وربما كانت سمة السلوك تبدو ظاهرة أكثر في فترة بداية القرن الماضي حيث وجد المثقف العربي راحته وحريته في قراءة أفكار اليسار على حساب الظن أن اليمين أكثر محافظة ولزومية للوعي. ومن هنا مقاربة بما نحن عليه أميل إلى أن سلوك المثقف العربي يختلف تماماً عن تلك الفترات التي كان هو محورها و محط وعيها ونقطة تركيزها.

24- *هل ترى إنّ القصيدة لها صوت أعلى من هدير الدبابات ؟
جواب عاطفي: لا
جواب واقعي : نعم ... نعم يا صديقي طبول الحرب وهدير الدبابات يعلو للأسف.

25- *،،أقتطع مقطع من مقال كنتَ قد نشرته :
"منذ أن فتح الله علينا أبواب المعرفة وكانت القرية العنكبوتية من نصيب كل دابة على الأرض ونحن نقرأ عن جنوح المهرجانات الأدبية و ما آلت إليها واقعتها التي باتت للأسف تأخذ منحى الشخصنة والمعرفة والعلاقات الخاصة والجمال والمال على حساب النص" ، ... هنا أنت تفتح النّار على جبهتين بلغة الحربية، النشر ألعنكبوتي، و المهرجانات، رجاء التوضيح.

أشكرك على متابعة ما تسألني عنه وعن متابعة ما كتبت ،وهنا أوضح المسألة أن هجومي وناري فقط كانت موجهة على سياسة أولي أمر المهرجانات التي فضحتها الشبكة العنكبوتية والشبكة التي بفضلها أصبحت كل الأمور تظهر على حقيقتها وكشفت المستور لنا ، المستور ما قبل عالم النت وفهمنا كيف باتت الأمور تدار خاصة بشان كيف توجه الدعوة ولمن توجه .. على أساس الشخصنة والعلاقة الخاصة على حساب النص والإبداع وعلى حساب أمور مخجلة كما ثبت وفضحتها بعض المهرجانات الأخيرة . لذلك حربي فقط على جبهة واحدة أما بشأن كلمة دابة هي كل من دب على الأرض وليست معيبة أو ذماً بل على العكس أشكر الشبكة العنكبوتية التي سهلت لنا معرفة ما كان من الصعب معرفته .

26- *ماذا يعني ” أدب الحرب ” بالنسبة إليك ؟

لن أذهب بمعنى أدب الحرب أكثر مما ذهب إليه صديقي د. الكاتب المصري سيد نجم الذي خاض تجربة أدب الحرب وكتب عنها وبحث فيها أكثر من غيره في هذا المجال ، وتحدث عنها وفق رؤية مجرّب خاض الحرب وعايشها لذلك وجدت فيما وجد الدكتور سيد النجم من خلال تعريفه لأدب الحرب في كتاباته حولها وبخاصة روايته الشيقة "السمان يهاجر شرقًا" التي تحدث من خلالها عن أهمية أدب الحرب ودلالته ، ناهيك عن تجربة الأدب السوفيتي من خلال أدب الرواية وكذلك اللاتيني من خلال الشعر ، وعربياُ كتب عن أدب الحرب ولكن لم يدخل وفق التصنيفات إلى أن جاء سيد نجم كما أشرت الذي أعتبره حقيقة المميز والمختص في هذا المجال كاتب وباحث أكثر من روائي ولعل الرواية والتجربة هي من جعل نجم يخوض غمار هذه التجربة التي تستحق أن تكون عنوان مرحلة أو ضرب من ضروب الأدب العربي، مع العلم أن هذا الأدب لم يلقى الجدية والنقد والدراسة من الباحثين والنقاد كغيره من أنواع الأدب ، ومن الأهمية بمكان أن نعي دلالات أدب الحرب وكيف يكتب ومن يكتب هذا الأدب الذي ومن وجهة نظر سيد نجم التي اتفق معه أن أدب الحرب لا يكتبه إلاّ من عاش وعايش الحرب والمقاومة لأنها ليست مجرد صنيعة خيال وإنما محصلة تجربة ومحصلة وعي تخضع لمقاييس محددة، لأن هذا الأدب إنساني كما يشير صديقنا سيد نجم بقوله:
" أدب الحرب الحقيقي هو أدب إنساني ، يرفع من قيمته وشأنه ، ويزكى القيم العليا في النفوس ..انه أدب الدفاع عن الحياة، والمتأمل قد يجد أن أجود الأعمال الحربية (الإبداعية) هي التي دافعت عن الحياة، ولم تزكى القتل من أجل القتل".

27- *أن الشعراء الثوار وخاصة العرب منهم يقضون أعمارهم في قضايا النضال وتحت أسواط التعذيب داخل السجون ، ويعانون من الغربة والمنافي ، بينما الشعراء المترفون تغني لهم الجماهير ، ويكتب عن إبداعهم النقاد ، وتدرس ظاهرتهم الشعرية برسالات الماجستير والدكتوراه فأين الخلل ؟ في حياتنا الثقافية ؟ في جماهيرنا الشعبية ؟ في أساليب نضالنا القديمة التي ل اتتناسب مع تطورات العصر التكنولوجية والتي يملكها أعداؤنا ، هل الخلل يمكن في سلطاتنا الحكومية ؟ أم أن المناضل أضحى متعبا بعد أن أصبح مطاردا من الجميع لا يضمن قوت أفراد أسرته ولا أمنهم، هل الخلل فينا ؟ أم أن الأعداء قد امتلكوا كل شيء وغيروا الإستراتيجية والتكتيك، ونحن في مكاننا

لا أبالغ إن قلت أن الخلل بدأ منذ العام 1982 تحديداً، وأحدد هذا التاريخ انطلاقاً من مسألة كانت محط اهتمام الكتّاب والأدباء، كانت ملتقى النص الشعري المقاوم والمحرّض على الصمود وعدم التبعية، وعدم الانزلاق إلى مهالك التسوية التي أودت بنا كثورة ومشروع ثورة حالمة بالحرية الفكرية أولاً والأرض ثانيا، ولا تستغربي أن قدمت الفكر على الأرض ، الفكر بما يحمل من مضامين أدبية وثقافية واجتماعية وغيرها إلى آخر الهم الإنساني كل لا يتجزأ ، وهنا أعني في العام 1982 خروج وانتهاء معنى الثورة الفلسطينية التي كانت تجمع النص وتجمع اللغة وتعبّر عن وحدة الفكر والثقافة العربية، وهنا لا اعني الثورة من حيث الفلسطنة بقدر ما كانت قومية لمن رغب وأممية لمن أراد، كانت حالة تعبير لكل هم في العالم من سدني حتى قعر الأرض ، ومنذ اللحظة تغير الخطاب الثقافي وشرع نحو الهرولة إلى مشاريع تتقربن وتقترب من خطوط اللاحياء واللاحياة، فتغير الخطاب الشعري بصفته الأكثر شيوعاً ، وبدأ التغني والتسابق والتسايق مع لغة غريبة ما حدا في البعض أن يجيب بأنه يتمنى لو يقدر على حرق نصوصه ، تلك النصوص التي كانت فيها نفحات الثورة والأرض والحياة للإنسان الباحث عن وطن، هن ضلّت بوصلة العمل الثقافي ليلحق بها ويركب فيها خطاب هجين هزيل. لذلك لا خلل في الجماهير التي أُحبطت وأصابها اليأس مما وجدته ، ولم يكن يعيب الشاعر أو الأديب المناضل عثرات الحدود وقضبان الزنازنين المنتشرة من الخليج إلى المحيط ، ولكن خطاب الحياة الذي كان يعنيه قد تغير ، فحاول وحاول ليجد نفسه غير قادر على أن يأكل رغيف الحياة وليس رغيف الخبز... وكذلك لم يكن الخلل فينا، نحن الباقون على أُحد ولم ننزل الجبل ولم نلتفت للغنائم، قلة نحن.. نعم قلة ولكنها بفضلك بفضلنا بفضل من ينحت في صخر التعب الحياة سنعود.. صدقيني لا احلم أنها الحياة ومنحناها الطبيعي يصعد ويهبط ويعود الصعود ثانية طالما بقي أُحد ومن بقي عليه و سيبقون.

28- *هناك من يسوّق لفكرة أنّ الرّواية أصبحت الآن هي ديوان العرب، ما رأيك في هذا

هذه الفكرة للأسف الشديد جاءت بعد أن ضل الشعراء طريقهم - بعض الشعراء - ولكن ما زلت مؤمناً أن الشعر هو رواية العرب.. لأن القصيدة ما زالت تحالرواية.العربي الجميل وما زالت رغم ضلالة البعض تقف مارداً بوجه من يحاول أن يطيح بها الرواية.حكاية وعن أن تكون هي الرواية .. الشعر هو الشعر الذي يكتظ بالمشهد الجميل ومازلت القصيدة ولاّدة طالما بقينا على أُحد القصيدة المدركة لرسالتها ، والرواية العربية ما زالت تتقدم ولا اخجل أن قلت أنها قد تكون هي ديوان العرب إذا نامت القصيدة في خدر التراخي وذهب البعض إلى حداثة غير واعية ومدروسة ومؤصلة.

29- * بنية النصّ الشعري المعاصر و نخصّ النصّ العربيّ عرف عدّة تحوّلات مسّت شكله و نمطه ،، تعليقك ؟

لن تتوقف تحولات بنية النص الشعري طالما كانت هناك حياة وهذا أمر طبيعي ،فالإنسان في تطور مستمر وتغير دائم وربما ظهرت هذه المتغيرات والتطورات بشكل ملحوظ في فترة الألفية الثالثة على عكس ما كان للإنسان أن يلمسها قبل ذلك، والشعر دائم البحث عن صور وعن أنماط وأشكال جديدة كي ي يستطيع أن يحط في ذهنية المتلقي ليكون له مذاقه وطعمه الجديد، لذلك أن لم يحدث هذا المتغير على بنية النص ووعي النص وشكله حتما سنبقى في حالة اجترار لا جديد فيها ، فالشعر من العمودي إلى التفعلية والنثر والنص المفتوح يلازم ويواكب حركة التغيير والتطور الناتجة عن تطور الأدوات وظروف الحياة ومشاهدها المتغيرة ، لكن ما زلت اكرر وانشد أن أي متغير لا يكون على أساس الأصالة والوعي؛ أن الثقافة العربية تختلف تماماً عن أي ثقافة أخرى ستكون نمطية التغيير والتطور مشبوهة ومشوهة ، لذلك لابد أن تكون معطيات التغيير وشكل التحول مبنية على وعي وعلى أسس رصينة تجعل منه الأنموذج الذي نقتفي أثره ونحاكيه .

30- *عن جدلية الشاعر والمنفى وفضاء الغربة.. كيف تنظر إلى تجربة الشعراء العرب في المنفى؟.

تماماً كتجربتنا الفلسطينية ولا أنكر أن لغة الشعر قد تطورت ما بعد العام 1994 أي بعد اتفاق (أوسلو) وعودة شعراء وكتاب عاشوا وعايشوا المنفى، لذلك إن تجربة الشعراء في المنفى تجربة غنية ومبدعة واعتقد إنها كانت وما زالت مدرسة جعلتنا نستفيد منها ومن تجربة الاحتكاك والانفتاح التي سمحت بها تلك الظروف رغم قسوتها وقهرها .

31- *ما هو أكثر ما يضايقك من عيوب المجتمعات الأدبية في الوطن العربي؟؟

ما يضايقني هو الانجرار الأعمى واللاواعي خلف الأسماء لمجرد أنها أسماء لها بريقها وهذا أدى إلى الوقوع تحت سطوة الاسم لا تحت فعل النص وقوته ومضمونه ورسالته، تماما أقول أن الله خلق الفرد منا ليكون له الشأن العظيم وعليه أن يسعى لهذا الشأن ، وأن يكرس وجوده ليكون له القيمة الإنسانية الفعلية من خلال إبداعه لا من خلال تقليد غيره لمجرد استهواء الاسم أو لعرض بطولات المعرفة الاسمية على حساب الوعي والقدرة .

32- *العقول العربية... هجرة أم تهجير..??

- تهجير وترانسفير، لأن عقول البلاط منذ التاريخ لا تستوعب العقول المبدعة ، هناك من هُجِّر جسده وهناك من هُجِّرت أعماله وحرقت ... مثال ابن رشد .

33- *ألا تعتقد معي أن اللحظة تستوجب التفكير في ما بعد قصيدة النثر ؟

وكيف لا اعتقد ذلك!.. وليست اللحظة الآن التي تستدعي التفكير بقصيدة النثر بكلاسيكيتها التي نشأت عليها..وقصيدة النثر - مثار الجدل- الدائم التي أراد منها البعض أن يتساوق مع حداثة التغريب وعدم التحديث والعصرنة على النص الأدبي من وجهة نظر تتكئ على مفردات الثقافة العربية الأصيلة كانت الاشتراطات للنص الشعري النثري تخضع بفلسفة عرجاء تقليدية للنص الغربي الذي لا أنكر انه فتح شهيتنا لحداثة القصيدة... ولكن أليس من العيب أن نخضع لقوالب جامدة ومفاهيم مستوردة ونحن أصحاب اللغة الشعر ؟ انه كان ذلك النكوص والنقصان بحق أنصار تسويق الحداثة الجاهزة وفق أجندة الثقافة الغربية ، ولا ادعي هنا أني اكتب قصيدة النثر بشكل آخر ولكن أقول أني اجتهدت برسالتي من خلال ديوان دوثان أن أقول أن ثمة من يجتهد في قصيدة النثر والنص المفتوح المتكئ على ثقافتنا العربية الأصيلة ، لذلك علينا أن نفكر بتطوير قصيدة النثر على أسس شعرية عربية بعيدة عن قالب بودلير وغيره ... ونحن الأقدر والأجدر على تحقيق ذلك بمختلفٍ وبامتياز لنخرج إلى وجه القصيدة التي تحمل عصرنتنا وحداثتنا .. الحداثة و التجديد لتأصيل حكايتنا وتاريخنا .. لا حداثة النكران والخجل من إرثنا العربي اللغوي الشعري العظيم .

34- *أوصى ملارميه الشعراء بأن يعمدوا إلى جعل صورهم الشعرية غامضة حتى تظهر الحقيقة في جو مفعم بالسرية ...أين الأستاذ عبد السلام من هذه المقولة

لكل شاعر وصيته ورسالته، وليس بالضرورة أن نعمل بوصية كانت لزمانها وفي زمانها الأهمية الفعلية مع أنني اتفق إلى أن النص البكر يجب أن يكون مستعداً لأبجديات جديدة وان لم يكن في تركيبه اللغوي عليه أن يكون في مفردات المعنى البكر الجديد لتكون الرسالة - القضية- تدخل بمرحلة المختلِف والتنوع ، ولستيفان ملارميه فلسفته الجميلة في حينه ، الحين الذي فتح وشرّع للمدرسة الرمزية التي أختط وجهتا ملارميه في حينه كناقد وشاعر أعطى قيمة للنص من خلال عزلة الشاعر عن مجتمعه ونجح بها .. وهنا على الصعيد العربي وجدنا من يقتفي خطى ستيفان ملارميه ولكن لا اعتقد أنهم سينجحِون تلك الفلسفة - العزلة- وخاصة في ظل شعر وقصيدة تحارب وتقاوم اجتياح ثقافتنا ووعينا، والسبب في ذلك أن ملارميه كان ينزع في مشروعه لتجريد الكلمات من ذاكرتها وشحنها بمدلولات جديدة لا تستند إلى معاني لغة سبقتها وهذا بحق كان حرفة أتقنها هو في حينه، إذا قلنا انه عاش عصر الخروج من سطوة الدين على الدولة والتمرد على سلطة الكهنوت التي كانت تحتكر كل وقائع وحيثيات النص في أوروبا وفرنسا كانت قد تحررت من هذه العقدة مبكراً ..

35- *ما شعورك و أنت تستقبل مولودك "دوثان"؟

دوثان حكاية طويلة منذ طفولة كانت تلهو قربه وقرب جبّ طالما تساءل الطفل عن حكايته عن طعم الماء فيه ، كنت ابحث عن صوتي عن صوت النبي يوسف عليه السلام الذي كان يرنّ في الجب ، عن رائحة كنعان الذي جاء إلى هنا ... ربما كان لدوقان أن يرى النور منذ سنوات بعيدة ولكن رفضي القاطع أن انتظر في صف لا افهم معناه كي يمنحني احدهم الحق بطباعة الديوان البكر ولعلي املك من النصوص ما تجعل منها مواليد عدة قبل دوثان وما بعد بعد دوثان ، دوثان الحكاية التي فرحت وفرحت من اجلها ، حين علمت بعد بحث أن دوثان لنا والاسم لنا والمكان لنا وان المحتل بعد أن فشل بأن يثبت حقه في دوثان سرق منه الاسم ليطلق على مستعمرة قريبة منه اسم دوثان ... والأجمل في حكاية الديوان البكر أني لا اعلم عن طباعته إلاّ من خلال الصحف ومن خلال اتصال الأصدقاء وانه جاء في العام الذي ولد فيه الطفل البكر الأول لي، قيس... دوثان وقيس حكاية لا تنسى.

36- *ديوان العطاري يمثِّل تجربة مختلفة في سياق تجربة الشعراء الشباب في فلسطين رأيك في هذا ؟

اسأل من قال ذلك!... هم كتبوا و قالوا إنها تجربة جديدة.. ولكن أظن أنهم استندوا إلى لغة وهمّ وبنية الديوان ورسالته. وكذلك إلى المقاربة والمقارنة مع ما يصدر عن جيلنا الآن من لغة خارج السرب.... ربما، وأترك الجواب للقارئ فهو الحكم وهو العين التي قد ترى التجربة مختلفة أو غير ذلك .

37- *هناك من يقول أن النقد مقصر دون الشعر حتى الآن إذ أن النقد لم يستطع أن يفسر أهمية الحركة الحديثة في الشعر بالمعنى الحقيقي ما رأي عبد السلام في هذا؟

النقد مقصّر ليس فقط في حالة الشعر وإنما في إطار مهمته العامة ولا أجد حتى اللحظة حركة نقدية بمعناها الوظيفي كما كانت عليه في مطلع القرن وأواسطه، وان تحدثنا عن بقايا نقاّد بمعنى الكلمة هم من تلك الحقبة أي بمعنى من المدرسة الكلاسيكية التي دخلت بمواجهة مع عصرنة وحداثة النص الأدبي، وكل ما انصب منهم من نقد جاء ليس لمعاجلة نقدية بنائية هدفها التقويم والتصويب والمعالجة بقدر ما كانت بهدف تقزيم الإبداع للأسف وهنا لا أعمم ولكن هناك بعض الحالات الخاصة التي عمدت إلى هذا الشكل من النقد ، وللأسف أيضا لم تظهر حركة نقدية موازية لحجم ما ظهر من شعراء وكتأب رواية وقصة وخاصة في الألفية الثالثة التي كشفت عن حالات كثيرة مبدعة وبينت حجم الحراك الكتابي وهنا كان مطلوباً أن تكون حركة نقدية ، نقدية بمعناها التوعوي البنائي

38- * ما رأيك في ظاهرة الشعراء النقاد

ربما اتفق مع مقولة أن في كل شاعر هناك ناقد ، وكاتب النص بطبعه يكتب نتيجة تجربة وخبرة ومعرفة لذلك حين يخرج النص يخرج ليعالج مسألة وقضية ما ، على شكل قصيدة ، وهنا دور التخصصية وليس الاحتكار للمهمة فالشاعر أو الروائي قد يجد نفسه في شخصية الناقد واعتقد هذا لا يضير ولا يعيب مهمة الشاعر أو الروائي .

39- *النّقد هل علّمك شيئا، وخاصّة الذي يكتب حول نصّك، أم أنّك تمرّ في صمت بدون اعتبار ما جاد به النّاقد ؟

أجبني أنت بصدق هل ترى نقداً جادًا الآن...؟ لا أخشى النقد كنقد ولكن أخشى نقد من يدّعي النقد..

40- * التّرجمة ، هناك من بمارس هذا الفعل الأدبي بالارتكاز على الدّراية باللّغة الأجنبية ، فباعتقادك هل تكفي المعرفة اللغوية أم أنّ المعرفة بثقافة الآخر تأتي في المرتبة الأولى لنقل نصّ ما من أصله إلى لغة أخرى محمّلا بروحيته و محافظا أمينا على فكرية الكاتب الأصل ؟

أنظر ، لن أذهب إلى خيانة النص كما كان يذهب البعض في أحاديثهم وكتاباتهم حول فهم الترجمة، فـ لانفتاح على الآخر مهما كان ذلك الآخر -حال كان هذا الانفتاح مبنياً على وعي المراد منه - ضرورة ومن الأهمية كي نتطور ونطور ونبني وعينا على ما يخطه الآخر من إبداع بغرض الفائدة، أو بغرض فهم ما يدور في وعيه من خلال ما يكتب، لذلك فإن المعرفة بالثقافة تأتي أولا والمعرفة باللغة لن تخدم النص وإنما فقط عبارة عن قاموس من الكلمات تحتاج إلى قاموس آخر يشرح ما ذهب أليه النص ... والنص المترجم الذي يقوم على المعرفة بثقافة الآخر وان جاء يحمل روحية النص في بعض الأحيان لهو أفضل بكثير من نص يعتمد فقط على المعرفة باللغة

41- * موقع إنانا يقيم حلقة نقاش حول مقولة الأدب النّسائيّ ، موقفك من هذه المقولة ؟

تابعت ولم يكن لي تدخل حول الموضوع ليس لعجزي عن الرد بقدر أن هذا الموضوع هو للحديث أكثر منه للكتابة، و بالنسبة لي لم اقتنع حتى اللحظة بهذا المصطلح الذي يعزل المرأة ويحصرها في بوتقة أدبية ضيقة، فالمرأة هي مكون أساسي من مكونات المجتمع وتكوينها العضوي الفاعل والفعّال ليس منحة ولا هبة من الرجل، وإبداعها ليس منّة من الذكورية أو الرجولة بقدر ما هو أصلاً الحق الذي يجب ألاّ يتم نقاشه تحت عناوين تُزج المرأة فيها ويُخلع عليها مصطلحات فئوية ضيقة تحد من إبداعها ، ولعل علماء النفس علم الاجتماع الذين تحدثوا عن الشعور والوعي واللاشعور واللاوعي الذي يتملك الإنسان لحظة الإبداع لم يحدد صفة الجنس على هذه الحالة ، لذلك طالما أن الإبداع أو الفن الأدبي يأتي نتيجة شعور الكاتب ليخرج إلى عوالم الخيال كي يرسم الجمال القضية أو الحكاية أو النص الشعري فإن هذا الشعور لا يخضع لمصطلحات تفرز الذكورية عن الأنثوية، ولعل المصطلح الذي يحدد الجنس والنوع هو محدود الرؤيا ومحدد لهدف وينتهي حال انتهاء القضية كما كان الحال عليه في أمريكا حين اجترح السود مصطلح ( الكتابة السوداء) في دفاعهم عن حقوقهم وانتهت حال انتهاء التمييز العنصري ، لذلك إذا كانت المرأة أو من يجرّها إلى هذا المصطلح المعبد بالجنائن التي تقود إلى جحيم في نهاية الأمر فإن هذا ضلال مبين ، فعلى المرأة وأنصار حقوق المرأة رفض هذا التقوقع في إطار لا يخدم غير تهميشها، فالمرأة صنو الرجل في التفكير والإبداع والعمل والحياة وهي نصف المجتمع أن لم تكن صانعته في حقيقة الأمر لذلك من المعيب أن نعود إلى سلفية التفكير وأنماط التجزئة والتصنيف تحت حجج وذرائع لا تخدم الحركة الإبداعية بقدر ما تخدم الوهم الذي يغرسه أو تغرسه بعض الكاتبات اللواتي يلجأن أو يلجؤون إلى تمائم ناقصة ، فالإبداع لا يجنّس ، طالما كان هناك مبدعات تفوقن على الرجال ونحتن ما هو جديد في عالم فن الأدب .
وهنا لا يعني إذا كتبت المرأة عن هم المرأة وعن قضاياها أصبح ذلك يخضع للتصنيف، وكذلك لماذا لا يكون هناك أدب الرجال أو الذكور إذا كان الحال كذلك ؟
اعتقد في ختام أيجازي هذا أن المقولة التي يسعى لها بعض الكتاب أكثر من المرأة نفسها لتصنيف الأدب هي مجرد استعراض لعرض بطولاته في فهم المصطلحات أكثر من همه في السعي إلى أن تأخذ المرأة مكانتها ودورها الحقيقي والطليعي في عملية الإبداع ومنها الأدب وضروبه

42- *نزار شاعر المرأة، لماذا لا توجد شاعرة الرّجل فإن كانت موجودة عرّفني بها

لم اسمع عن شاعرة الرجل بمعنى شاعرة اختصت وخصت شعرها في الغزل أو الحديث عن الرجل ، ولكن كثير ما يقال أو يشاع عن الشاعرة العراقية ( لميعة عباس عمارة) كانت شاعرة الرجل لكثرة ما قالت شعرها في الرجل وهي بالمناسبة يزيد عمرها الآن عن 88 عام تقريباً وكانت على قدم وساق مع الشعراء التي جايلتهم وعايشتهم كنزار نفسه وحبها لدرويش كإبنها وكذلك عايشت أمل دنقل ومعظم شعراء الخمسينات والستينات وما زالت تعيش الشعر كما تعيش عمرها.

43- *تعرف جوليا كريستيفا التناص- بأنه تقاطع عبارات مأخوذة من نصوص أخرى- لكنه تقاطع يمارس فيه النص سلطة التعديل على النصوص الأخرى التي يتشربها و بهذا يدين النص بشتاته لطائفة لا نهائية من النصوص المتولد عنها و بالتالي يصبح في علاقة ما صريحة أو خفية مع النصوص الأخرى ، ما رأيك في هذا .. و ما الفرق بين التناص و السرقات ؟

شكري يا صديقي ، من الصعب أن أجيبك باختصار على موضوع ما زال شائكاً، ولكن أوجز- وان كنت اقتنع من الصعب الإيجاز- ، حيث ما زال الكتّاب والنقّاد يتحدثون حوله وان كان مرّد الحديث عن التناص يعود إلى باختين وديستوفسكي حيث ذهب باختين بقوله إن التناص هو : " الوقوف على حقيقة التفاعل الواقع في النصوص في استعادتها أو محاكاتها لنصوص – أو لأجزاء – من نصوص سابقة عليها" إلى أن حتى مفهوم التناص بشكل تام على يد تلميذته الباحثة جوليا كرستيفا بتعريفها للتناص " بأنه مجموع العلاقات القائمة بين نص أدبي ونصوص أخرى" ، ولذلك المسالة ليست أن اتفق أو اختلف فهناك الجزئية التي أن وقفنا عليها تجعلنا نتفق وان تعمقنا فهناك محطات اختلاف قد نجدها في طريق البحث عن مفهومنا للتناص إذا قلنا اللغة أصلا هي كلمات مشاع ولم نستخدم بعد أكثر من إعادتها وصياغتها وقولبتها كل حسب بيئته ومعرفته وإبحاره في محيطات علوم اللسانيات الكلام ولذلك ذهب البعض من خلال وعيهم ونفيهم صفة السرقات حين ذكروا أن التناص هو رفع للنص وتقديمه... و إلى ذلك حدد الناقد الفرنسي جيرار جينيت مفهومه للتناص من خلال المفاهيم التالية:

- النصية الجامعة: العلاقة البكماء بالأجناس النصية التي يفصح عنها التنصيص الموازي
- السرقة: وهو أقل صراحة.
- النص الموازي: علاقة النص بالعنوان والمقدمة والتقديم والتمهيد.
- الاستشهاد: وهو الشكل الصريح للتناص
-الوصف النصي: العلاقة التي تربط بين النص والنص الذي يتحدث عنه.
- النصية الواسعة: علاقة الاشتقاق بين النص( الأصلي/القديم) والنص السابق عليه )الواسع/الجدي)

وكذلك ما ورثناه من مفاهيم في ذكر الشعراء وتناصِّهم على أساس الرفع والتقديم من خلال ما كنا نقرأ أشعار المتنبي وامرؤ القيس وأبي تمام والبحتري ، لقلنا أن هذه سرقات أدبية ولكن بمنظور الوعي وعلمنا بأن اللغة مردّها واحد فإنه من الإجحاف أن نطلق بالمعنى المطلق بان القول سرقة، ونجزم ونسقط مفهوم التناص ونحدده بهذه الصفة.لذلك ما أحوجنا فعلاً أن نقف على حقيقة أن اللغة العربية تحديداً لها سمات وصفات ومفاهيم لا ينساق عليها مفهوم التناص الغربي بتجرد ومطلق الحكم، ولكن القياس مهمة علمية إذا ما وعينا ما نقيس به على ما نقيس عليه. وهنا أشير إلى ما ذهب إليه الجاحظ بقوله ( بأن المعاني في الطريق مطروحة، وهي من الشيوع بين الناس لا يمكن نسبتها إلى أحد بعينه. وكذلك قول المتنبي: لا أعلم شاعرا جاهليا ولا إسلاميا إلا وقد احتذى واقتفى، واجتذب واجتلب
على كلٍ، ما زلنا وما زالوا نخوض في غمار التناص كمفهوم لزج، ما زال يعلق ويلتصق مرات ومرات أخرى يسقط دون أن نمسك به ، ولذلك من الواضح من خلال معرفتنا واتفاقنا أنَّ القرآن بحر اللغة وما زلنا نعجز على أن نأتي بمثله وان أردنا لا يكون إلاّ بسلطان والسلطان العلم والمعرفة، وهذا يتطلب صناعة اللغة والمفهوم والمصطلح الذي لا اعتقد - حسب وعيي ومعرفتي - أن هناك من أستطاع أن يخلق أو يوجد كلمة نستطيع أن نقول أنها علامة مسجلة له، ولكن بمقدورنا أن نقول أن هناك من اوجد تركيبة جديدة ومبهرة - ربما- من اللغة والكلمات المشاع .


44- *أرجو أن تجيب بعبارات قصيرة عن التالية :-
غزّة حاليا - العراق - فلسطين - حلم العودة - الشتات الكاتب الناجح: - حلمي - المرأة - هل أنت متصالح مع نفسك - أكره في الرجل- و أحب في المرأة - أجمل أعمالك الي قلبك - السعادة -أتمني أن.
غزّة حاليا : نفق العتمة
العراق : يدفع ثمن واه معتصماه
فلسطين : تئن تحت سقف البؤس الواطئ من المعركة
حلم العودة : حلم جميل مشروع ممنوع التكوين .
الشتات : سيف ذو حدّين
الكاتب الناجح: الشجرة العالية التي تضرب من أجل ثمارها
حلمي : عالم خالٍ من الضغائن والأحقاد ومدن تنام على هزج القصائد .
المرأة : الطريق التي نعشق السير عليها رغم التعب
هل أنت متصالح مع نفسك : اقترب من المصافحة معها
أكره في الرجل : كرهه للمرأة
و أحب في المرأة : حبها لأنثاها
أجمل أعمالك إلي قلبك : دوثان
السعادة: فضيلة لمن يحصل عليها
أتمنى أن: يكون الشعر شرطي المرور

45- *ماذا تقول عن هؤلاء :
ـ محمود درويش - عبد المعطي حجازي - توفيق زيّاد - لوركا- توفيق الحكيم - غادة السمّان - أحلام مستغانمي - مظفّر النوّاب - أبو القاسم الشّابي - رامبو- حيرار دي نارفال - أنـــا
ـ محمود درويش : أحملّك تحياتي له.
-عبد المعطي حجازي : حواري الفقراء تسأل عنه !
- توفيق زيّاد : رحل وبقينا على ما كان عليه
- لوركا : الماتادور الذي ما زال شعره يصارع ثيران القصيدة .
- توفيق الحكيم : الإنسان الذي خلق من العدم حكاية وما زال نقشه على صدر التاريخ رُعم عوامل التعرية .
-غادة السمّان: ما زلت ابحث عن غسان فيها !
-أحلام مستغانمي: قرأت ما كتبت ... وما زلت أنتظر ماذا ستكتب !!!!!
- مظفّر النوّاب : نخلتنا العالية
-أبو القاسم الشّابي : متى يعود إلينا ... نشتاقه .
-رامبو : الشاعر المغامر رحل مبكراً كي يكون أكثر فجيعة لنا بفقده ...
-حيرار دي نارفال : الطفل الجميل رغم السنوات التي عصفت به
-أنـــا : عابر سبيل ابحث عن عالم خالٍِ من الضغائن والأحزان وعن مدينة تنام على هزج القصيدة .. طالما اردد هذا وطالما أبحث عن أنا .

46 - *عبد السّلام في آخر هذا الحوار الشيّق اطرح على نفسك سؤالا لم يطرح عليك هنا و أجب.

لعلني يا صديقي أسال فيّ ما سأَلَتْهُ طفلتي الـ ( تيماء) ذات صباح عن أزمة المرور حين آخذها إلى مدرستها وقالت لي : لماذا دائما هذه الأزمة والشرطة هنا؟؟!!
قلت لها : متى يصبح الشعر شرطي المرور ؟!!!.

ختاماً... أشكر محاورتكم لي .. أشكر هذا الكم من الأسئلة الرائعة المحورية التي كنت أحتاجها لأخض نفسي وأخض وعيي وأعود طفلاً إلى صفي الصغير وأطلق في البر خيل الذاكرة ...محبتي لكم وامتناني العظيم ، و يــا أهل إنــانـا أُحـــبكم ورحمة الله وبركاته .



#عبد_السلام_العطاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثةٌ.. رابعهُمْ مَوجتي
- دُقَتْ جدران الخزان ولم يسمعها احد!


المزيد.....




- كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
- وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت ...
- ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة ...
- العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
- وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش ...
- تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
- أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
- الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
- بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن ...
- حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد السلام العطاري - عبد السلام العطاري ... في حوار شامل مع رابطة انانا التونسية