أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - قراءة في ديوان (ايماءات بعيدة)















المزيد.....

قراءة في ديوان (ايماءات بعيدة)


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 2066 - 2007 / 10 / 12 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


قراءة في ديوان (ايماءات بعيدة)
مقاربة نقدية
لاشك ان الحديث عن الشعر يعني الحديث عن مفردات باتت من اهم مقومات التجربة الشعرية، ومنها الغموض ، الترميز، والاشتغال على اللغة حتى بات الشعر مطلبا صعب المنال ، يتطلب جهدا معرفيا وجماليا يصب في مجمل التجربة الشعرية، وفي ظل الحرية التي هي انبثاق الداخل صوب الخارج فهي ناتجة عن رغبة جامحة وخروج المكبوت من اللاوعي الى الوعي ، انه يتسرب الى ماهو مقصي ومغيب الى الخارج ، انطلاقا من الذات عبر اللغة ورمزيتها حيث تتماهى الذات مع اشياء الوجود لتعيد صياغة نفسها من جديد، عبر السياق اللغوي ذاته، ففي علم النفس تعني كلمة (صوره) اعادة انتاج عقلية ذكرى لتجربة عاطفية او ادراكية غابرة ليست بالضرورة بصرية().
ان تشكيل الصورة هو وليد نضج الاسلوب بوصفه تنشئة (نقل حالة ما او توتر داخلي تحدثه الانفعالات النفسية)().
فالصورة حتى تغدو شعرية بامتياز تعكس واقعا فنيا دلاليا – ايحائيا منتظما تحكمه بشكل متصل حركة منسابة داخل سياق عام متماسك ، وتغدو معه هذه الصورة جامعة مركزية تجتمع عندها خيوط القصيدة وتفرع منها الاغراض الدلالية فاتحة الافق للتلقي والتاويل بوصفها رسالة تحوي قصدية او شفرة تنم عن بنية .
والشاعرهنا ازاء اكراهات اجتماعية يحاول تجاوزها عبر اعتماده اللغة الرمزية، تلك اللغة التي تساهم في اشباع الرغبة عبر وهم اللغة كي توصل رسالة ، (غير ان الوهم ليس هو موضوع الرغبة ، انه مشهد ، وفي داخل الوهم ، في الواقع فان الذات لاترنو الى الموضوع او الى علامته ، انها تبرز هي نفسها ماخوذة ضمن تتابع الصور ، انها لاتمثل الموضوع المشتهى ، بل انها ممثلة كمشارك في المشهد من دون أن يكون من الممكن ان يخصص لها ، ضمن الاشكال الاكثر قربا من الوهم الاصلي )() .
وخليتني ضائعا في براري النزيف
ارمم عودي بكسرة خبز
لاختم هذا الخريف
وابدا من دهشة الامكنة
اكل الشوارع حولي تدور()
هذه الصورة التي تاخذ طابعا زمانيا يعتمد الرؤية التي تعبر عن تلك الرغبة المكابدة ، (بالامان) داخل عوالم تحفزها ويخترقها الزمن.
تقطر نول الزمان كما يشتهي العابرون
وتطوي قطاف الدروب البعيدة
في الليلة الغاضبة
انها ابسط امنية في ظل هذا التدحرج والخروقات التي تودي بكل ماحازته النفس بعد عذابات من امان في ليال محملة بالجحيم الهادروهي تطوي السكون باخر مميت.
الحرية رغبة كبيرة لا يمكن ان نحققها هنا عبر تلك الكراهات ، لهذا يميل التوهم الى خلق صوره الرمزية التي تستثير الرغبات المدفونة والاماني المكبوتة في تراب الأمس الذي يدفع الشاعر الى اعتماد الرمز التاريخي في هذه العلاقة بين افق الماضي (التراث) واستشراف المستقبل بافقه المجهول عبر اماني ورغبات وحاجات الآن . (تصبح الذات رائية بمعنى انها تخترق البينة الاجتماعية والثقافية والادبية المتخارجة منها ، وتتعالق مع عالمها الخاص ، ورؤيتها المستقبلية ضمن ثنائية الحرية / الابداع)(6).
الليلة ...
يركلني بحوافر خيل الزمن الاجرد
ويدوس بقية روحي المحترقة
لكني اطلع من شرنقتي ذئبا
فأرى المتنبي يصرخ في وجهي ..
(ومن عرف الأيام معرفتي بها من الناس روى رمحه غير راحم)
فأسير بموماتي محتربا
ونجومي تتدحرج قدامي
هذه الاستعارة التناصية مع المتنبي هي استثمار الماضي كقناع يتم فيه توظيف المرموز التاريخي لمصلحة الراهن في ابراز شموخ النص المعاصر وهو يوظف هذا التراث لمصلحة ذلك الاعتقاد بالفرج وايقاد جذوة الأمل داخل الذات ، حيث تبرز تلك العلاقة بالموروث بوصفه رأس مال رمزي وجمالي وقيمي عبر التفاعل مع الآن بعيدا عن التناسخ والشرح صوب التجاوز والاختلاف المفضي الى استشراف المستقبل . في كثافة الرؤية التي تختزل الماضي في ادراك فعالية التغيير بوصفها حقيقة الوجود .
مقاربة الشاعر والمتخيل السياسي : انه افق الارتحال نحو الذات هربا من افق الواقع وهمومه المتجسدة بالعلاقة بين السلطة واللغة والرغبة لدى الشاعر ، حيث تحرضه على الانشاد بعيدا عن سرب المرددين المنتجين للمخيال السياسي الرعوي الذي فرض على الواقع الاجتماعي – السياسي يمجد الفرد الاستثنائي ويطوع الرغبة عبر الصور الحماسية والتخييلية التي تحث المجتمع على استهلاكها لتسبغ الشرعية على ما هو قائم ، وبهذا تعاضد الشعري والافقي في معاصرة وعي المواطن والاجهاز عليه .
الشاعر هنا رهينة تلك الاكراهات التي جعلته يحاول التغريد بعيدا عن السرب عبر صوره الشعرية التي تشير برموزها عما تستبطن من وجع عبر اعتمادها الرمز والصورة واللغة والموروث والعوالم المتخيلة الداخلية (زمانا ومكانا) . ولعل هذا هو المخيال الابداعي الذي تولد في استجابة الذات المبدعة لهذه التحديات الخارجية وما تفرضه من اكراهات .
قالوا :
ما زالت للعشق بقايا
واصرح للعشق رؤوس
تصحو والحجاج يقلبها
وبقارب ليل منحوس
تقذفني لتخوم الموت الأزرق
تشعل في عيني الكابوس
كابوس المتنبي .. سقراط .. المعري .. الحلاج .. السياب ودعبل . ص68
هذا الكابوس الذي يعتمد في كشفه عبر اقنعة الحجاج ، دعبل ، هذا الاستثمار للموروث في العلاقة بين الشاعر / السلطة تغدو رهينة ذلك الموت الذي يشعل في عينيه تلك الاحجية من المخاوف لتغدو مكثفة اكثر وهي بمثابة رحلة صوفية مع ابن الفارض ، او تجديد ومعاناة مع السياب .
مقاربة فلسفية : ان النص الشعري هو دوامة فكرية – جمالية وهي بمثابة الفكر المكثف والعميق في رؤية نخبوية ، وهو الشعر بالمعنى الحديث المعبر عن السياحة الفكرية التي تتطلب عمقا ودراية وهما ثقافيا وحضاريا . ففي قصيدة (سبع قصائد) في المقطع المسمى (مسافة) حيث ثنائية الاختيار / المصير التي تبدأ صورتها عبر التساؤل .
ما الذي يصطفيك لهذا الطريق
لا المسافة لصق الخطى
لا المعابر تفضي الى شاطئ اخر
والمدى ابد
غير اني اجدف في موجه
كالغريق . ص16
هذه القصيدة تحاول الخوض في ذلك البعد التأملي في الوجود / المصير الموت تلك الدوامة التي تفتح افق الانسان صوب عوالم تخييلية ما ورائية غيبية يحاول الشاعر الخوض فيها عبر صوره بوصفها المدى الأبد المطلق . والصورة الأخيرة تبدو فيها الفكرة مكثفة (التجذيف / الموجة / الغريق) هذه المفردات كشفت الفعل الشعري ، وفي المقطع الثاني في التراب دثرته البدأ تكسر الزمن .
وهذه المعاني تغدو اكثر كثافة باجتماع النماء / والموت (الجفاف معا) .
يتدلى من خاصرة النبع الماء
ويولول في صدر الطائر عطش
الصحراء . ص13
هكذا تغدو الآلام هي بؤرة الصورة عند رغبة الحلم وضمن الملك الذي يكرس تلك الصور .
في الممر التقيتك
ليس لي غير حلم الرصيف
وناي يزنر في مبسمي
كالقصيدة . ص14
انه الخراب الذي يخترق الشاعر الى حيث التجديف في المجهول بآلية واقعية ، والتي تغدو اكثر قدرة على التكثيف في قصيدة (قطاف) .
الربابة دارت بنا من زمان
وعلى حائط من رميم البقايا
رأيت المدينة تبكي .. وفانوسها
جثة في الظلام . ص15
انظر كيف تكثف المعنى وتحول إلى مغزى واحد وهو مركز الفعل الشعري باجتماع هذه الدائرة التي اهتم بها بامتحان كل زواياها وهي مأخوذة بهذا الأمل وارتهان الذات بوصفها طوق نجاة داخل عوالم متخيلة تحيل إلى آفاق اجتماعية سياسية فلسفية وهي عوالم حاول الشاعر عبر الصور ترميمها داخل نصه الشعري المتجدد .



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعرية السرد
- قراءات في المتن الابداعي الحلي
- نقد النقد ام نقد تهافتي؟
- أخلاق الطاعة في ظل مهيمنة الدولة
- المخيال السياسي في الآداب السلطانية
- الموت في الفكر المصري القديم
- قراءة في رسالة شفرة دافنش
- حوار مع ثلاثة فنانين
- الموت غدا رائجا
- الوجودية في الفكر الفلسفي المعاصر
- النص الرشدي في القراءة الفلسفية العربية المعاصرة
- القراءة الابستمولوجيه لتراث ابن رشدعند محمد عابد الجابري
- المثقف بين خانقي التخوين والتهميش
- ظاهرة القراءه ورهانا الوعي
- الفرد وروح التعايش والأمل
- الكتاب وقيم القراءة
- :الديمقراطية والإطار ألمفهومي
- في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي
- الشعور العربية بين نفوذ الاخر واستبداد الذات
- أسلمة الخطاب عند محمد باقر الصدر


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - قراءة في ديوان (ايماءات بعيدة)