أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - إدريس ولد القابلة - لقاء مفتوح مع خالد الجامعي















المزيد.....


لقاء مفتوح مع خالد الجامعي


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 634 - 2003 / 10 / 27 - 03:18
المحور: مقابلات و حوارات
    


 

نظمت جمعية المشهد المسرحي بالقنيطرة لقاء تواصليا مع الصحفي و السياسي خالد الجامعي و هو من أقدم صحفيي المغرب و أب بوبكر الجامعي مدير الجريدة المستقلة  الصحيفة الأسبوعية الصادرة باللغة العربية و جريدة لوجورنال الصادرة باللغة الفرنسية،  حول إشكالية الإعلام. و قد أكد خالد الجامعي في بداية هذا اللقاء أنه ليس لديه أي طابو و يمكنه مناقشة أي موضوع و التطرق لأية إشكالية كيفما كانت. و قبل فتح باب التساؤلات و الحوار بصددها تساءل حول وجود صحافة ببلادنا و هل يمكن أن توجد صحافة و حرية الرأي في غياب دولة الحق و القانون؟ و هل يمكن للصحفي أن يعبر عن رأيه بكل حرية إذا لم يكن هناك قانون يحميه و يضمن له هذه الحرية؟ ليخلص خالد الجامعي إلى كون أنه لا وجود لحرية التعبير إذا لم يكن هناك قانون يضمنها و يحميها, و بذلك أقر أنه أولا و قبل كل شيء لابد من وجود و سيادة دولة الحق و القانون حتى يمكن فعلا حماية حرية التعبير و حرية الرأي و حماية الصحفي و قد اعتبر هذه الإشكالية بالغة الأهمية.

و يمكن إجمال مختلف التساؤلات في المحاور التالية : العولمة, الصحافة المستقلة, الصحفي و القانون, الخطوط الحمراء, الصحافة الحزبية, الرشوة و الصحافة, الكبت الجنسي.

العولمة

جوابا على التساؤلات المرتبطة بهذا المحور أكد خلد الجامعي أنه أولا و قبل كل شيء يجب أن نتفق على عدم إمكانية بأي وجه من الأوجه نفي العولمة, إنها قائمة و ستظل كذلك. و المطلوب إذن هو كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع القائم حاليا, إلا أنه من جهة أخرى لا يصح أن نحمل العولمة كل مصائبنا. لقد أصبحنا شعبا يقع عليه دائما فغل الفاعل كمفعول به أو مفعول عليه. و هذا البعد في النظرة نجده مكرسا حتى في حياتنا اليومية و في لغتنا المتداولة, يقال " هرب عليه القطار" " غدرو النعاس" " سقطوه في الامتحان"... كأننا لا فعل لنا و كل مصائبنا أسبابها خارجة عنا. إذن علينا أولا أن نعترف أننا مسؤولون كذلك على ما هو واقع لنا, و بالتالي علينا الرجوع إلى ذاتنا قبل تحميل الغير مصائبنا أو نواقصنا. و مادام لا قدرة لنا لإيقاف العولمة, فان أفضل السبل للتعامل معها هو "تلقيح" أنفسنا حتى لا يخترقنا الاستلاب.
و في هذا الصدد تطرق خالد الجامعي إلى مثال تاريخي حيث أكد أن الإسلام أصبح حضارة عالمية في وقت معين و معلوم عبر التاريخ, في عهد هارون الرشيد و المأمون ابن العباسيين عندما تم إحداث ما سمي بدار الحكمة. و هكذا أخذ المسلمون يترجمون معرفة ذلك العصر و بدلك انفتح الإسلام على العالم و تمكن من يصبح ثقافة عالمية. و لم يتمكن من ذلك أبدا عندما قفلنا الأبواب على أنفسنا. لكن آنذاك انفتح المسلمون على العالم و كانوا مؤمنين بهويتهم عارفون لها. فالإنسان يمكن أن يستلب عندما يكون ( و قد استسمح خالد الحاضرين قبل استعمال العبارة) " لقيطا ثقافيا" و أي ريح هبت تجره معها.
فإذا كانت منظومتنا التعليمية تكرس منهج و منهجية ابن رشد و ابن سينا و أناس من أمثالهم, فان الطفل المغربي منذ صغر سنه سيعرف أنه لم "يقطر به السقف" كما يقال, و إنما هو نتاج لحضارة و وراءه الخوارزمي و ابن رشد و الأفغاني و غيرهم. و عندما تترسخ لديه القناعة بحضارته فيمكنه أن ينفتح على أية حضارة دون إمكانية سلبه لأنه يكون "ملقحا" و يتوفر على «مناعة" تمكنه من قابلية مقاومة أي ميكروب. و بذلك يمكنه أن يأخذ بكل ما هو ايجابي مادام هو محصن ضد الاستلاب لاسيما و أنه لا يمكن الادعاء أن كل ما يأتي من الغرب هو سلبي و غير صالح, كما أنه لا يمكن اعتبار المجتمع الغربي كله فاسد, فمجتمعنا في واقع الأمر هو أفسد فسادا منه. و علاوة على أن فساد الغرب فساد مقنن, أما عندنا فهنا الفساد المبين الذي ما بعده فساد. كما أنه لا يجب نكران أننا نعاين يوميا جملة من المواقف الايجابية في الغرب. فالشعوب الغربية تدافع حاليا على الشعب العراقي أكثر مما ندافع عنه نحن و هم الذين أرسلوا دروعا بشرية إلى العراق.

و أضاف خالد الجامعي قائلا عندما تحدث لنا مصيبة نجد مثقفي الغرب بجانبنا, فعندما وقعت الهجمة المسعورة على صحافتنا الحرة لم يدافع عليها مثقفونا لكن كان هنا "لوموند" و "لوموند ديبلوماتيك" و ""كوريي أنترناسيونال" و "لومانيتي" و غيرها وفروا فضاءات للصحفيين المستهدفين لتمكينهم من الاستمرار و هذا موقف لا يمكن التغاضي عنه أو نفيه. فالغرب فيه أشياء ايجابية علينا التعامل معها, و لكي نتعامل معها دون أن نكون مستلبين يجب أولا إعادة النظر جذريا في منظومتنا التعليمية و في مناهجنا التربوية و عقلية معاملاتنا.

من الممكن ملاحظة عدم وجود الماء و الكهرباء بعدة دواوير نائية عندنا لكن هناك البارابول هذه هي العولمة. و هذا تغيير فيه ما هو سلبي و ما هو ايجابي. إن الانفتاح على العالم غير من مفهوم الأمية ببلادنا. فسابقا كان الأمي هو الذي لا يعرف القراءة و الكتابة, و آنذاك كانت القراءة و الكتابة هما اللتان توفران المعرفة, أما اليوم يمكن الحصول على المعرفة دون ايجادة الكتابة و القراءة لأن هناك الصورة و الصوت و تعدد المرجعيات المتوفرة و بسهولة. لقد أصبح المرء حتى في المد اشر النائية يشاهد القنوات الأجنبية و يعرف ما يجري في العالم, فهو يعيش العولمة يوميا. و هكذا أصبح يتوفر على مرجعيات جديدة, و هذا أدى إلى تنامي الوعي السياسي. فالمغربي اليوم بأميته أصبح أكثر وعتا سياسيا. و الأميين في واقع الأمر, في اعتقاد خالد الجامعي هم صناع القرار بالرباط, الذين لا يريدون فهم و استيعاب هذا التحول الملحوظ بالعين المجردة. و علاوة على هذا و ذاك لا تخلو اليوم عائلة من معطل موجز, و بذلك لم يعد القرار السياسي وسط العائلة مصدره الأب و إنما الابن المثقف, و هذا من الأسباب التي تفسر التغييرات الواقعة حاليا من ابتعاد المواطنين عن الأحزاب و عزوفهم عن التصويت.

 


الصحافة المستقلة

هناك كثرة الحديث عن الصحافة المستقلة, فهل فعلا هناك صحافة مستقلة ببلادنا؟ و استقلالها هذا عن من؟ و اتجاه من؟ و هل المفاهيم التي نستعملها في هذا الصدد سديدة أم وجب إعادة النظر فيها؟
في نظر خالد الجامعي إن الصحافة المنعوثة بالمستقلة كادت حاليا أن تصبح "أحزابا" و صحافيو ها أصبحوا سياسيين لأنهم لعبوا و لازالوا يلعبون دور المعارضة رغم أن هذا حمل ثقيل على الصحافة, هذه الصحافة، التي أضحت تضطلع بدور الحكم المضاد. و هذا في واقع الأمر مخالف لمفهوم الصحافة الدولي كما هو متعارف عليه. و هكذا أصبح الصحافيون ببلادنا يكتبون التاريخ و المؤرخون لا يكتبون التاريخ,  و يتكلمون على أشياء لا يتكلم عنها المهتمون بها و الذين من المفروض أن يقوموا بذلك.
و يعتقد خالد الجامعي في هذا الصدد, أن بلادنا تعيش اليوم وضعا خاصا جدا, ففيها الصحفي ليس صحفيا و السياسي ليس سياسيا إذ قال "بلغته المعهودة" "ضمصت الكارطة و لم نعد نعرف نتيكها أو نفرقها.
و الصحافة المستقلة المتحدث عنها هي صحافة مستقلة عن الأحزاب إلا أنها صحافة ملتزمة لأنه, في نظر خالد الجامعي, ليس هناك حياد و ليس هناك موضوعية في الإعلام, و من يعتقد ذلك فهو خاطئ. لا يمكن أن تكون هناك موضوعية ما دام الذي يكتب هو بشر, يمثل صيرورة تاريخية و ثقافة معينة و تجارب معينة و قراءات معينة. فأين هي الموضوعية مع كل هذه العناصر و عيرها مما يجتر الكاتب معه. فالصفي فلان يكتب, يعني أن فلان يتخذ موقفا إزاء مشكل معين. ولذلك يقول خالد الجامعي لا يجب أن نستمر في الكذب على أنفسنا و نقول على الصحافة أن تكون موضوعية لأن الموضوعية تستوجب الشمولية التي هي من اختصاص الخالق دون سواه. و يضيف خالد الجامعي, عندما نفهم هذا فسنقرأ الصحافة بكيفية أخري مغايرة تماما.
و عموما فان الصحافة المستقلة ببلادنا كانت عبارة عن مخاطرة و مجازفة قام بها ثلة من الشباب أخذوا قرارا شخصيا لخلق هذه الصحافة. و هكذا أصبح التاريخ بهذه البلاد السعيدة لا تصنعه المؤسسات و إنما الأشخاص من أمثال مصطفى أديب و حفيظ و بوبكر و غيرهم و بذلك انقلبت الأشياء على رأسها, إذ كان من المفروض أن الأحزاب هي التي عليها خلق الحدث و صنع التاريخ. إلا أنه هناك تحالف بين المخزن و بين الأحزاب على هذه الصحافة, و هو تحالف منحدر من اتفاق استراتيجي عاش به المغرب على امتداد 30 عاما بين القصر و المخزن و الصحافة الحزبية حيث كانت كل الأمور تفصل بين هذه الأطراف التي كان يجمعها نوعا من "الميثاق", و في هذا الإطار و ليس في غيره يمكن الحديث عن الخطوط الحمراء. و كان المواطن "مضموصا عليه", كل شيء كان يحسم بين المخزن و الأحزاب, و الشاهد على هذا, حسب خالد الجامعي, أنه لم يسبق لأية صحيفة حزبية أن قامت بإجراء استطلاعا لرأي قرائها لمعرفة ماذا يريدون. و عندما برزت الصحافة الجديدة تم معها خلق فضاء إعلامي لا يهيمن عليه لا المخزن و لا الأحزاب و أصبح ملجأ للمغضوب عليهم في أحزابهم. و الضغط الكبير الذي كان تلك الصحافة الجديدة, كان الهدف الأساسي منه هو محوها من الوجود لأنها أفسدت عليهم قواعد اللعبة المتفق عليها في إطار الاتفاق الاستراتيجي. إن الهجمة المسعورة على الصحافة المستقلة استهدفت تنحيتها لكن الرياح هبت من حيث لا تشتهيه السفن.

الصحفي و القانون

يمكن أن نفرض على الصحفيين احترام القانون, و فعلا عليهم احترام القانون و لو أن القانون في نهاية المطاف يعبر عن موازن القوة داخل المجتمع بين الحكام و المحكومين. فإذا كان للحاكم السلطة فسوف يبلور القانون الذي يرتاح إليه و الذي يريده و يمكنه- حسب تعبير خالد الجامعي- أن "يطحنك" كما أراد و "يطحنك" باسم القانون, و هذا ما وقع بالنسبة للقانون الجديد للصحافة الذي يعطي القوة كلها للدولة, لاسيما و أن هذا القانون لم يقع حوله إجماع أو اتفاق, لأن الدولة وضعته كما أرادت و أحبت. و أضاف خالد الجامعي قائلا, و لنفرض أن الصحفيين عليهم احترام القانون, فهل الدولة ببلادنا تحترم القانون؟ و إذا كانت هي لا تحترم القانون "أين سأمسك أنا في بولة التسعين؟". هذه هي الإشكالية, لأن الواقع حاليا هو أن القانون مفروض فرضا على الصحفيين ومفروض عليهم احترامه, لكن الدولة يمكنها أن لا تحترمه. و في هذا الإطار أورد خالد الجامعي مثالا على ذلك, حيث قال أن جطو يوقع بالعطف على ظهير 6 أيام قبل تعيينه من طرف الملك لتأسيس الحكومة و في وقت لم يعرف فيه بعد أنه سيؤسس الحكومة, فمن يخترق القانون في هذه الحالة؟ لذلك أكد خالد الجامعي على أنه لا يجب المطالبة باحترام القانون من طرف واحد.


الخطوط الحمراء

لقد صرح خالد الجامعي أنه لا يعترف بالخطوط الحمراء. لقد قيل لا يجب الحديث عن الجيش و لا يجب الحديث عن الفساد و لا يجب الحديث عن هذا الشيء أو ذاك, ففيما ستتحدث الصحافة إذن؟ كما أكد كان على المسؤولين أن يوضحوا, بجلاء و بدون لبس, و دون لف و لا دوران, ما هو المقدس في هذه البلاد, و كلما استعملوا عبارة "مقدس" في أي نص من النصوص عليهم بيان بالضبط ماذا يعنون بالمقدس مادام كل شيء أضحى مقدسا و من الممكن أن يكون مقدسا حتى الحجر. فعلي المرابط, مدير جريدة "لو دومان" حوكم بسبب حجر قيل لنا أنه مقدس. و في الحقيقة أصبحوا يدخلون مفهوم المقدس في أي مجال و مضمار حتى أصبح كل شيء من المقدسات. و هنا و من حيث لا يدرون ارتكبوا خطأ فادحا لأنه عندما يصبح كل سيء مقدسا فلا سيء يعتبر كذلك. و يعتقد خالد الجامعي أنه ليس من المعقول قطعا استعمال مفهوم المقدس كسيف دي يزن على أعناق البشر "لطحنهم". فهل الجيش مقدس؟ لا يقول الجامعي و الدليل أنه نشر رسالة موجهة إلى الملك حول الرشوة في صفوف الجيش. و مهما يكن من أمر يقول الجامعي, فجيشنا مثل جميع الجيوش في العالم له كذلك مشاكله, فلماذا نريد أن نكون دولة خارجة عن القاعدة في العالم, إذن الجيش غير مقدس و الأجهزة الأمنية غير مقدسة و رجال السلطة غير مقدسين...
و في آخر التحليل يقول خالد الجامعي إن كل هؤلاء يتقاضون أجورهم من الضريبة التي نؤديها كمواطنين و بمال الشعب يعيشون, و لذلك لكل مواطن الحق في مساءلتهم و محاسبتهم مادام الأمر كذلك.
و الغريب في الأمر يقول خالد الجامعي, أن مفهوم الخطوط الحمراء- و قد عشنا التجربة منذ سنتين أو 3 سنوات- و ضعها المثقفون ببلادنا و ليس المخزن. فعندما أخذت جريدتي "لوجورنال" و الصحيفة تتطرقان لمواضيع مرتبطة بالجيش و الأجهزة الأمنية و الفساد, قام المثقفون من أمثال "البديل" و غيره و أخذوا يفتون الفتاوى قائلين أنه لا حق لأحد التكلم عن الجيش و جملة من القضايا الأخرى لأنها خطوطا حمراء لا يجب تعديها. و هكذا خلقوا مناخا انقضت عليه السلطة للتصدي للصحيفتين المذكورتين و جريدة "لودومان". و الهجمة التي تعرضت لها هذه الجرائد جاءت مباشرة بعد الموقف الذي اتخذه أغلب المثقفين ببلادنا عندما شرعوا في الحديث عن المقدس و عن الإقرار بالخطوط الحمراء, و لاسيما عندما قالوا أن من يخوض في مثل تلك الأشياء يرغب في إحداث الفوضى بالبلاد.  و ها هو الجميع عاين بأم عينه أنه رغم أن "لوجورنال" و الصحيفة و "لودومان" تكلمت عن الجيش و الفساد و أفقير و الأجهزة الأمنية و غيرها مما كان يعتبر من المحرمات, بل تكلمت حتى في إمارة المؤمنين و مفهوم الخلافة و لم يقع أي شيء. و لولا جرأة كمشة من الصحفيين الذين كانت لهم الشجاعة لطرح تلك القضايا لما طرحت, إذ أن الأحزاب لم يستطع أي واحد منها التطرق إليها.
يقول خالد الجامعي « أصبحنا اليوم كمشة من الصحفيين نلعب دورا- الذي هو مبدئيا ليس بدورنا- و إنما هو دور الأحزاب. و لكن نظرا لأن بلادنا لم تعد تعرف أحزابا بالمفهوم الحقيقي للحزب, لذلك أصبحنا رغما عن أنفنا نقوم بدور المعارضة رغم أنها ليست مهمتنا و لا وظيفتنا.


الصحافة الحزبية


يقول خالد الجامعي, فيما يخص الجرائد الحزبية, أردنا أم كرهنا, فهناك أحزاب لها جرائد تصدر يوميا و لا يمكن نفيها, كما أنه لا يمكن أن نمحي التاريخ. فالجرائد الحزبية مثل الاتحاد الاشتراكي و العلم و غيراهما صمدت "وقت العصا", و مهما كان الأمر خدمت هذه البلاد و عبرت عن مواقف و عن آراء, و سجن من سجن من صحفيها و مسؤوليها, و منع ما منع منها, فلا يجب نسيان كل هذا. إلا أنه يمكن التساؤل, هل مازالت تلعب دورها؟ و هل مازالت سائرة بتوافق مع ما يفع اليوم ببلادنا؟

 

الرشوة و الصحافة

لا يمكن نكران و جود صحفيين مرتشين, كما أنه لا يمكن البحث عن ظروف التخفيف و التبرير, لكن عندما نرى الصحفي يتقاضى 2000 درهما شهريا لكي يعيش بها و يحيا, فان الأمر يصبح مرتبطا بمعاشه اليومي و باكرا هات توفير الشروط الحيوية و الأساسية للبقاء و التي لا يمكن بأي وجه من الوجوه الاستغناء عليها (كراء, دواء, تعليم...). و جرائد أحزابنا تعتبر من أكبر مستغلي الصحفيين, إذ تمارس عليهم استغلالا بشعا قل نظيره. إضافة إلى كون مشكل الرشوة هي إشكالية كبيرة بمجتمعنا و يجب طرحها في شموليتها. فكيف يعقل أن من اختلس الملايير لا أحد يجرؤ على محاسبته في حين يتم التشهير بذالك الشرطي أو الدر كي الذي "يدبر على ميلة", طبعا لا يمكن تبرير الرشوة كيفما كانت, و إنما ادا كنا نريد طرح إشكالية الرشوة علينا طرحها في شموليتها و على حقيقتها الكاملة غير المنقوصة ببلادنا.
و بالرجوع إلى الصحفيين, إن وضعية أغلبهم تجعلهم في وضع من الصعب أن لا يرتشوا إلا من رحم ربي. فإذا كان صحفيو الجرائد الحزبية يستغلون بأبشع الصور من طرف القائمين عليها و هم الذين يريدون أن يحكموا البلاد. فهل يمكن انتظار من هؤلاء أن يكرسوا الديموقراطية و التعادلية و حقوق الناس على الصعيد الوطني, و هم يضربون عرض الحائط بكل ذلك في صفوفهم و مع أقرب الناس إليهم فكيف تريد إن يطبقوا ذلك و هم لا يطبقونه حتى في عقر دارهم ؟


الكبت الجنسي

بصدد جملة من الأسئلة حول جريدة "الأحداث المغربية", قال خلد الجامعي, هناك عدة أوصاف نعتت بها هذه الجريدة, لا سيما صفحات « من القلب إلى القلب" إلا أنها مازالت توزع 80 ألف نسخة, أي هناك الكثيرون يقتنونها- سواء علانية أو خلسة- و هي غير مفروضة عليهم و إنما يؤدون ثمنها عن طيب خاطر. إذن الإشكالية الواجب طرحها هي لماذا المغاربة يقرؤون ذلك و يريدون قراءته و ليس لماذا تتطرق "الأحداث" لتلك المواضيع؟

في واقع الأمر إن ما هو واقع بمجتمعنا هو الذي يؤدي إلى قراءة مثل تلك المواضيع. فهل هناك كبت في المجتمع المغربي؟
يجيب الجامعي نعم لذينا كبت واضح المعالم ببلادنا و لا نتوفر على فضاءات للتعبير على تلك المسائل و ليس لدينا عادة التوجه إلى الأخصائيين لنفرغ عليهم "كبتنا" كوسيلة من وسائل العلاج. فكيف يمكن اتهام "الأحداث" بالبوربول و أي فرد يمكنه أن يضغط على زر البارابول الرقمية و يلتقط XXL, فهل يمكن منعه من ذالك؟ علما أنه لو كان مجتمعنا مجتمعا متزنا لما طرحت مثل هذه الإشكالية, و مادام الحال على عكس ذلك فعلينا إذن طرح الإشكالية بكل وضوح للتفكير في الحلول المناسبة لها لاسيما و أن ما يقع في المجتمع من أخطر ما يمكن أن يقع. و يكفي النظر إلى القضايا المعروضة على أنظار المحاكم من فساد بين الأب و بنته و الأخ و أخته و مختلف قضايا زنى المحارم, و هذا مرده الكبت و عدم قدرة المواطن و المواطنة على التعرف على حقيقة المشاكل التي نعيشها يوميا.


و ختم خالد الجامعي بقوله, اعتقد إذا قرر الحكام ببلادنا تغيير العقلية يمكن تحقيق ذلك خلال 5 سنوات بفضل و بواسطة التلفزة
و الإذاعة.
                                                                             من إعداد  إدريس  ولد القابلة



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا أيها الفقيد مات محمد الفقيه البصري تاركا سيرة مليئة با ...
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة10
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة التاسعة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الثامنة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة السابعة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة السادسة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الخامسة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الرابعة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الثالثة
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الثانية
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الأولى
- المغرب و أوروبا في اطار منظور الشراكة الأورومتوسطية
- إشكالية الماء بالمغرب العربي
- الانتخابات بالمغرب كشفت التحالفات السياسية غير المنتظرة
- كيف يمكن للعرب التأثير على ساسة أمريكا
- العالم العربي اتفاقيات على ورق المجال الاقتصادي نموذجا
- المسار المغاربي ينتظر التفعيل
- حول مفهوم وحدة المدينة بالمغرب
- منطقة التجارة الحرة العربية وهم أم حقيقة ؟
- العرب والديمقراطية


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - إدريس ولد القابلة - لقاء مفتوح مع خالد الجامعي