التطور الفقهي والقانوني للمنظمات الانسانية الدولية ودورها في تعزيز دور منظمات المجتمع المدني

رزاق حمد العوادي

الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 10:38
المحور: المجتمع المدني
    

استخدم مصطلح المنظمات(منظمات المجتمع المدني ) منذ 1594 في اوربا كنتاج الحضارة الاوربية نتيجة التطورات المتلاحقة على مختلف الاصعدة ، ثم توالت المفاهيم وقد ورد هذا المفهوم على لسان جون لوك في القرن السابع عشر ثم جاءت مفاهيم هيجل وآدم سمث ثم تلاه المفكر الماركسي انطونيو غرافشي الذي اعتبر مفهوم المجتمع المدني احد ركني المنظومة السياسية للدولة وضرورة تطوير هذا المفهوم من خلال اشراك المثقفين في عملية تشكيل الرأي ورفع المستوى الثقافي وتكوين منظمات مهنية واجتماعية وتعددية تعتبر كركن من اركان الدولة المؤسساتية .
وآبان هذا التطور التاريخي فقد ظهرت عدة منظمات وحركات منها مايلي:
1-مشاريع فردية لاحلال السلام العالمي قامت بها جمعية نيويورك للسلام لعام 1815التي استهدفت تجنيد الرأي العام على شكل مجموعات تنديدا بالحرب ومأثرها الدموية كما ان جمعيتين اخريين للسلام في عامي 1816 و1817 تأسستا في لندن لانماء السلام الدائم وتحفيز المجتمع لمحاربة الافكار التي تنمي روح العداء والحرب واصبحت باريس فيما بعد مقرا لعدة جمعيات وتم توحيد هذه الجمعيات واصبحت تعرف فيما بعد بحركة السلام في القرن العشرين.
2-ومن المنظمات التي ظهرت هي منظمات انسانية اضفت الطابع الانساني على الحرب مستوحاة من الفكرة النبيلة التي اطلقتها الثورة الفرنسية عام 1789 بأن الجنود الجرحى اصدقاء كانوا ام اعداء وقد اشرف على تحقيق هذا الهدف جان هنري دونا في 24 حزيران 1859 عند مشاهدته لمعركة سولفر بنو بين الفرنسيين والنمساويين وقتل فيها الاف الجنود واثمرت جهوده عن انشاء منظمات وجمعيات وطنية ذات اهداف انسانية بدءاً من 1864 وحتى اكتمال هذه الفكرة انشأت عدة اتفاقيات دولية بشأن قواعد واعراف الحرب والحقوق المترتبة نتيجة المنازعات الدولية ومنها اتفاقية لاهاي 1899 و1907 الخاصتين بقواعد واهداف الحرب واتفاقيات جنيف لعام 1949.
تطور هذا المفهوم من اخلال احداث ومعطيات القرن الماضي نتيجة حدوث حربين عالميتين راح ضحيتها ملايين الابرياء ونتية للتنازع الدولي بخصوص اختلاف الايديولوجيات والتطور التكنولوجي كل هذه الامور وغيرها ادت الى ظهور وتطور منظمات محلية ودولية ذات اهمية عالمية حتى ان البعض منها قد دعي الى اللجان الخاصة لوضع ميثاق الامم المتحدة في مدينة ديمرتون اوكس الامريكية في 7اكتوبر 1944 وشاركت هذه المنظمات مشاركة فعلية في وضع القرار وتنفيذه في 26 حزيران 1945 اضافة الى انها لعبت دورا فاعلا في اعداد النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما والمقر بتاريخ 17 تموز 1998 .
اذاً تشكيل المنظمات سواءا كان منظمات دولية او منظمات مجتمع مدني انعكست ايجابا على اساسيات حقوق الانسان المقر من ميثاق الامم المتحدة وفعلا تم انشاء عدة منظمات دولية تابعة للامم المتحدة تعني بهذه الحقوق ومنها منظمة اليونسكو التي اسست في 4/11/1946 ومنظمة الصحة العالمية التي اعلن دستورها في 7/4/1948 ومنظمة اليونسيف للطفولة التي اعلن تاسيسها في 11/12/1946 وغيرها من المنظمات الفاعلة التي لعبت دورا هاما في تبني حقوق الانسان ومراقبة هذه الحقوق والتثقيف من اجلها ،
توالت الانشطة للمنظمات الانسانية واتخذت بعدا عالميا واهداف نبيلة وان بعض هذه المنظمات نشأت في اوربا ولها طابع الاستقلالية وتتبنى نشر ثقافة حقوق الانسان ومكافحة الفقر وتبني حقوق الاطفال وغيرها ومن هذه المنظمات :
1-منظمة هيومن رايس وتش:تعرف هذه المنظمة سابقا باسم منظمة هلنسكي لمراقبة حقوق الانسان كما انها تعمل في ميادين متعددة منها حقوق الطفل والمراة والعدالة الدولية وتدعم من قبل مساهمات الافراد والمؤسسات الخاصة ولاتقبل التمويل من الحكومات ....... وغيرها من النشاطات المتعددة لامجال لذكرها
2- منظمة اوكسفوم : وهي منظمة انسانية وتتالف من 13 منظمة تعمل مع بعضها البعض ومن خلال 3000 شريك في اكثر من 100دولة وتهدف الى ايجاد الحلول للقضاء على الفقر والظلم واقامة حملات عالمية لبث الوعي الثقافي في هذا الشأن ونشاطاتها متعددة......
3- منظمة الشفافية العالمية : التي انشأها بيتر ايغن عام 1991 وهي منظمة تتابع موضوع الفساد الاداري والمالي وتنشر تقاريرها على المستوى الدولي المتعلق بهذا المجال اضافة الى عدة منظمات دولية فاعلة لامجال لذكرها.
اما مايتعلق بمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي فانها منظمات متعددة متنوعة ولكنها لاتملك رؤيا ولا اهداف محددة تضفي الطابع الانساني على انشطتها بسبب ظروف سياسية وعدم وجود التمويل اللازم لها لا بل ومحاصرتها في عقر دارها من قبل الانظمة السياسية .
اما في العراق فقد ازداد عدد منظمات المجتمع المدني وبالرغم من كونها حديثة العهد نسبيا الا انها اكتسبت الشرعيةالدستورية بموجب احكام المادة 45 من الدستور الا انها لاتزال عند ادنى حد من حيث تحقيق اهدافها كونها حديثة التجربة وتفتقر الى الثقافة المجتمعية ولم تمارس دورها كأداة ضغط في ميدان السياسة وتشريعها ، واعتقد ان العقل السياسي والتركيبة السياسية القائمة على المحاصصة والمذهبية عرقلت اعمال هذه المنظمات لتحقيق اهدافها ،
واخيرا ندعو الى تظافر الجهود في تحقيق المصلحة العامة اذا ماعلمنا بان هذه المنظمات هي ثروة سياسية وحضارية مستقبيلةلوجود طاقات مبدعة وخلاقة في المجتمع .
المصادر
1-الوجيز في تاريخ القانون الدولي ، ترجمة الدكتوررياض القيسي لعام 2002
2-ميثاق الامم المتحدة لعام 1945
3-مجلة الحق العدد19 لسنة 1985

#رزاق_حمد_العوادي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات