قراءة اولية في سوسيولوجية العملية الانتخابية لاقتراع 2007 : اقليم كلميم نموذجا

انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان

الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 05:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

تعتبر الانتخابات البرلمانية في البلدان الديموقراطية لحظة سياسية مهمة في الحياة السياسية حيث من خلالها تتم عملية محاسبة وتقييم التجربة السابقة ومساءلة حصيلة القوى السياسية المتنافسة وعليها يبنى المستقبل السياسي الذي يبنى بواسطة مجموعة من المطالب الجديدة لدى الناخبين والتي تكثف على شكل برامج ووعود انتخابية ينتظر الناخب من الاحزاب السياسية خلال ولايتها المقبلة الاستجابة لها وتحقيقها ، وبفعل الالتزام البرنامجي لدى الاحزاب السياسية يسعى كل حزب جاهدا الى توخي الدقة في البرنامج السياسي ويصبح تصويت الناخب تعاقدا بينه وبين الحزب لتحقيق البرنامج المتعاقد عليه ، وبفعل هذا النضج السياسي في البلدان الديموقراطية تحصل التقاطبات السياسية والتحالفات بشكل واضح وجلي كما يسهل معرفة الفوارق بين البرامج .
انتخابات 7 شتنبر 2007 في المغرب من المأمول ان تعلن التأسيس لانتقال ديموقراطي طال انتظاره ، الا ان المؤشرات الاولية لذلك لا توحي بذلك ، فرغم التأكيد الملكي على اهمية احترام ارادة المواطنين إلا ان مقدمات الاستحقاق الانتخابي غالبا ما تؤثر على نتائجه ، فالانتخابات البرلمانية لشتنبر 2007 تجرى في ظل غياب اصلاحات دستورية من شأنها تقوية صلاحيات البرلمان في التشريع الحر والمراقبة الحقيقية للحكومة وصلاحيات الحكومة التي لايملك رئيسها في ظل الدستوري الحالي اية صلاحيات استراتيجية خاصة مع وجود وزراء السيادة الخاضعين لدوائر القرار العليا ولاسلطة للوزير الاول عليهم. وفي ضل غياب سلطة قضائية مستقلة . وباعتبار ان هذه الملاحظات عامة وتهم العملية الانتخابية بشكل عام في المغرب فإنني سأحاول ان أقارب مقاربة سوسيولوجية العملية الانتخابية الجديدة انطلاقا من مثال الدائرة الانتخابية لكلميم وذلك لأخذ صورة جزئية عن انتخابات شتنبر 2007-
يتنافس المرشحون في الدائرة الانتخابية لإقليم كلميم على مقعدين يمثلان ساكنة انتخابية عددها حوالي 84000 ناخب وناخبة مايميز انتخابات الاقليم في هذه الدورة الانتخابية الجديدة اربع خصائص رئسية:
1* معظم المرشحين في الانتخابات السابقة الناجحون منهم والراسبين ترشحوا من جديد سواء في احزابهم السابقة او في احزاب جديدة .
هذه الخاصية الأولى تؤكد على ان العمل السياسي بكلميم لم يجدد نفسه أي انه جامد وغير متطور مرد ذلك غياب التأطير السياسي والتعامل مع الاحزاب السياسية على اساسا انها دكاكين تبيع او تعطي التزكيات ولا اهمية للبرنامج الانتخابي او ما شاكل ذلك.
2*معظم المرشحين غيروا حزبهم السابق مرة او مرتين على الاقل ، ومعظم وكلاء اللوائح مدعومين سواء من القبيلة او المال لذا تطرح من جديد غياب السياسة وسيطرة لغة القبيلة والاقطاع .
3*استعمال بعض المرشحين للدين بشكل سافر وانتهازي وخاصة بعض الاحزاب المحسوبة على ما يسمى بالصف الديموقراطي حيث يستعمل حلف اليمين كضمانة لأداء المال مقابل الصوت ، وهذه سابقة خطيرة في العملية الانتخابية امام تعقد الطريقة الجديدة للتصويت والتي غيرت الطريقة السابقة التي من السهل التحكم في اختيارات المصوتين بواسطة الالوان التي يتم اخراجها من مكاتب التصويت.
4*غياب تمثيلية وازنة للشباب على مستوى وكلاء اللوائح وسيطرة الوجوه القديمة المعتادة وغياب التواجد النسوي بالمرة على مستوى اللوائح المحلية مما يبين ان الانتخابات في اقليم كلميم تعكس ضعف الوعي السياسي بأهمية مشاركة النساء في الانتقال الديموقر اطي ، كما يعكس عملية خوصصة تعرضت لها العملية الانتخابية بكلميم من طرف ذوي المال والنفوذ.
وتبقى الخاصية المميزة للعملية الانتخابية بإقليم كلميم هو غياب الاحزاب الا في الرموز وقوة حضور الافراد كأشخاص ذاتيين أي ان الناخب يصوت على الشخص ولا يصوت على الحزب ، والناخب لا يقدر على التمييز بين التموقعات الحزبية في الخريطة السياسية انما يتبع المرشح في حله وترحاله بين الاحزاب والمواقع السياسية بدون حرج لاسيما ان كل برامج الاحزاب السياسية واحدة موحدة.
وتبقى المسألة الايجابية الجديدة في الاقليم هي حياد السلطات الادارية عن العملية الانتخابية وأخذها مسافة متساوية عن جميع المترشحين ، رغم ان هذا لايعني بأن العملية الانتخابية يطبعها التنافس الشريف بل يستعمل الدين والمال على اكثر من نطاق لترجيح كفة منافس على آخر.

#انغير_بوبكر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل