أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - التوحيدي فيلسوف الادباء














المزيد.....

التوحيدي فيلسوف الادباء


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


" ان الانسان اشكل عليه الانسان "
ابو حيان التوحيدي/ الهوامل والشوامل

احدث التوحيدي ( ابو حيان علي بن محمد التوحيدي 941 -1035 ) جدلا واسعاً ونقاشات مستفيضة في مجمل بنية ثقافة وفكر القرن العاشر الميلادي ( الرابع الهجري) لما تميزت به شخصيته سواء من حيث المخزون المعرفي الهائل الذي وسمها بالموسوعية، او من حيث امتلاكه لقلم سيال يبهرك باسلوبه الانيق، وبحذاقته في التعامل مع اللغة وتوظيفها في خدمة ما يرمي اليه، بهرت كتاباته انظار مفكري عصره وفلاسفته وسببت ضعضعات مخيفة في ثوابت ابناء جلدته واجهزة مفاهيمهم بحيث لم يحسم الجدل حولها حتى الان رغم حياة الفاقة والقسوة التى عاشها هذا العبقري، حياة مليئة بالاحباطات والاخفاقات ،فمنذ طفولته راح الفقر يطحنه طحناً ،ابصر النور من اب فقير كان يشتغل ببيع نوع من التمور يسمى "التوحيد" وهذا سبب تسمية ابو حيان ب "التوحيدي" و اضطره الفقر لاختيار مهنة يتعيش منها، فاختار مهنة النسخ ( نسخ الكتب بخط اليد ) مهنة له الا ان هذه المهنة التي عمل بها ردحاً طويلاً شكلت رافداً اساسياً من روافده المعرفية فقد جعلته القراءة المستمرة لما ينسخ بحكم حرفته على اتصال دائم بثقافة عصره، وعلى وعي كبير ايضاً بنتاجات العصور السابقة في مجالات الفنون والعلوم والاداب اضافة الى دراسته المتواصلة للفقه والنحو وعلوم اللغة وكان له شغف خاص بالفلسفة والمنطق. وقد ترك التوحيدي ارثاً نفيساً يزهو به التراث الاسلامي في مجالات متعددة منها الادب والاخبار والفلسفة والتصوف واللغويات (الامتاع والمؤانسة/ البصائر والذخائر/ الصداقة والصديق/ اخلاق الوزيرين/ الهوامل والشوامل/ تقريظ الجاحظ/ الاشارات الالهية... ) لذا يأسف ياقوت الحموي في كتابه " معجم الادباء" على ما عاناه هذا المثقف الاشكالي من اهمال وتهميش وفاقة وجوع ويصفه باروع الاوصاف : "فيلسوف الادباء واديب الفلاسفة، ومحقق الكلام ومتكلم المحققين، وامام البلغاء " ومن المعاصرين يقول عنه احمد امين اثناء تحقيق كتابه " الامتاع والمؤانسة " القاهرة/1953 : " ابو حيان التوحيدي من اولئك العلماء والادباء الذين اصيبوا في حياتهم بالبؤس والشقاء، وظل في حياته يجاهد ويكافح في التاليف واحتراف الوراقة والنسخ وجوّب الاقطار... " دفعه الجور والاضطهاد لان يقول عن نفسه في كتاب " الصداقة والصديق " قولة في غاية الياس والتشائم : " امسيتُ غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، مستانساً بالوحشة، قانعاً بالوحدة،معتاداً للصمت، ملازماً للحيرة، محتملاً للأذى، يائساً من جميع من ترى " .
و في خريف عمره جمع كتبه كلها - وكانت تعد بالعشرات من انفس وابدع ما كتب – واحرقها لئلا يتركها للناس الذين اذاقوه العذاب والهوان اكثر من ستين سنة، وكان قد قال حين احرق كتبه : "اني جمعت اكثرها للناس ولطلب المثالة منهم، ولعقد الرياسة بينهم، ولمد الجاه عندهم، فحرمت ذلك كله " ولولا وقوع نسخ من بعض هذه الكتب بايدي الناس لما حفظتها ذاكرة التاريخ. ولابد من الاشارة بان محمد اركون من اكثر المفكرين المعاصرين فحصاً وتحليلاً لنتاجات التوحيدي هو وصاحبه مسكويه (ابو علي بن محمد مسكويه 937- 1030 ) حيث كان كتاب "الهوامل والشوامل" نتاجهما المشترك [ الهوامل: وهي النياق الشاردة بلا وداع وبها سمى ابو حيان اسئلته (175 سؤال) التي بعث بها الى مسكويه فاجابه باجوبة سماها "الشوامل". يقال شملت ابلكم لنا بعيراً: اي اخفته ودخل في شملها ] ويعتبرهما -اي اركون كما جاء في اطروحته الضخمة والنفيسة :نزعة الانسنة في الفكر العربي- من اوائل مفكري النزعة الانسانية والفلسفة العقلانية في ارض الاسلام، ومن واضعي البذور الواعدة التي كانت ستنتج انسانية منفتحة ومؤمنة بالله في ذات الوقت وفي السياق الاسلامي لو اتيحت لها الظروف الملائمة لذلك. ولكن الظروف لم تتح لها هذا المصير السعيد والباسم للاسف الشديد . على العكس لقد شُوِّهت تلك البدايات ونُسيت واُهملت، بل وصفيت تصفية كاملة . وبصدد التوحيدي، يقول محمد اركون : " كان احدى الشخصيات الفكرية النادرة في التاريخ الاسلامي والتي انتفضت باسم الانسان ومن اجل الانسان " واليوم اصبح الرجوع الى كتابات ابي حيان التوحيدي في غاية الاهمية لانها تعلمك كيف تهمل شوامل ثقافتك، وتكون نافراً باسئلتك القلقة والمشككة، تعلمك كيف تجعل من السؤال حركة بحث قلقة ومشاغبة، تعلمك كيف تسائل بدهياتك، ومرجعياتك، ويومياتك وعوارضك، فهوامل ابي حيان حركة ضد العبارات المنتهية، ضد العبارات الشاملة، ضد خطرها المحدق بالانسان، ضد نزعتها في ان تتحول معتقداً صلباً تشل حركته .
*



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا ...
- سلطة الله وسلطة البشر
- اهل الكهف والصحوة الاسلامية
- التدين العقلاني
- لماذايندرج الشباب في تيارات العنف
- الزمان العجائبي في سرديات الطبري
- المشروطية والمستبدة
- الفعل الحضاري
- محنة العقل:العفيف الاخضر نموذجا
- محنة العقل :العفيف الاخضر نموذجا
- تصحيح التصورات حول المراة
- الانهيار الحزين
- الورقة الرابعة:المثقف الاشكالي بين نارين
- الورقة الثالثة/اسرار الكتب المسروقة
- الورقة الثانية:مدارات العتمة
- اوراق مستحيلة في زمن الخراب
- ابن رشد...ضياع الفرصة التاريخية
- الشورى والديمقراطية في الخطاب الاسلامي
- الثقافة العراقية وعنق الزجاجة
- الكيانات السياسية والمسالة الدينية


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - التوحيدي فيلسوف الادباء