أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - جئتُ الى كاوه (مقاطع من مطولةٍ بعنوان -تداعياتٌ من العصر الغباري الوسيط-)















المزيد.....

جئتُ الى كاوه (مقاطع من مطولةٍ بعنوان -تداعياتٌ من العصر الغباري الوسيط-)


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2039 - 2007 / 9 / 15 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


في شمس الشتاءِ في حلبجة َالباردة كان لقلقان، تجادلا قليلاً بطقطقة منقارَيْهـِما؛ كانا فرحَيْن بالعُش في سَطـْحِ مبنىً يُطِـلُّ على شارع العُشـّاق. وجاء طفلٌ ليسألني كيف أن بيضَ اللقالق لا تـُكسرعلى أعشاشٍ من الأغصان السميكة كالعصي؛ وكان شابٌّ ينظِم شعراً كردياً في شمس الصباح. كان بقميص أبيض تحت الرانـْك وجوخه *؛ وزيُّه الذهبيّ مفتوحٌ عند الصدر كالعادة، حيك من صوفٍ أشقرَ كان له في الشمس لونُ حصى الكهرب؛ ومَضت أغنية تقول:

كه دلين ئه مرو ده شت وجيو شينه
جه نده مه لبه ندي ئيـــمه شـــيرينه
بجو ســـه ر كَر دي يــاره بـبـينـــه
له جهانـــده كَـوليــكي ره نكَـيـنـنــه *
_________________________________________


فررتُ من الأسوارِ بأجنحةٍ بابلـيـّــه
كان السجنُ مِدخنة ً تغطيها رمالٌ مبللة ٌ
وكانت نجومي تختفي خَلـْفَ المدخنة
نظرتُ بزُرقة الصحراء أبحثُ عن طيورٍ وما كان سوى حنظل
شمّـاماتٍ للرمل ِ وللصحراءِ المُــرّه
تـَتــَبَّـعْتُ غيمة ًصغيرةً بيضاءَ قبل اختفائِها :
أين الوطنْ؟
أفي جدولٍ حيث اجلسُ عند صخرتهِ وأبلل رجليَّ، فأين هذا الجدول؟
أم بعشبٍ يُـغطيه الضباب
وامرأةٍ تـُـعابـِثُ شَعري وتـُمشـّـطهُ؟

إني أنهضُ
أين مساحاتي؟ هذي الأبعادُ تـُنكِـرني وحنيني للوديان شيّـبَـني،
أ ُتـْـلـِـعُ قلبي، يكبُرُ أفـْـقي، تزدادُ الأرضُ بهاءاً
حوّم قلبي فوق كلِّ مساحاتِ فـُراتي
شَـمَـمْتُ شيئاً من الحبر البابلي موشوماً على كِسْرةِ جَرّه
مررتُ ببغدادَ، كانتْ حقائقـُها قتلى، ممددة ً في شوارعها
والحروفُ مُسَجّاة ًعلى الأرض ِ يعلوها غبار
كم مرة ٍ كنتُ أجئُ بقريتي لبغدادَ كي تـَعْرِفـُها
وبغدادُ تـَمُدُّ ساعدَيـْها وتحْضُنـُنا في كلِّ مرّه
أزقة ٌ تعْرِفـُنا ، تـُعانـِقـُنا طويلا.

لكنَّ الرَّحيلَ قد آنَ فالطريقُ تلوّتْ بالحوافر ِ
أتذكرون يوماً أنَّ مَنْ ظلَّ ببغدادََ وكان حيّاً، قيلَ قد ماتْ؟

حَوَّمْتُ مهموماً ثم التـَفـَتُّ الى جسدي
بسطتُ أجنحتي في الزمانْ
نسيتُ كلَّ شئ ٍ، حتى نخلتـين بمنزلي، وجئتُ كردستانْ
وخشيتُ من يتـْـبَعُـني فالتفتُّ
ما هذه العادةُ العربية ُالتي حمَـلـْتـَها مع العادات
وأنتَ طيرٌ بجناحيْن سَحابيـَّيْنِ (كبيرين ، بطيئين)
أخـَفُّ من نوارس ِالعوالم كلـِّها؟

كانت جنتي بنارِ نوروزَ *
سبَحْتُ في بحيرةِ صادق ٍوكان الماءُ صادقَ الدفءِ *
(بنوروزَ يدفأُ الماءُ دائما ً)
كان العشبُ عالياً عند عَـبابَيْــليــه *
وأوراقُ التبغِ الذهبيِّ بخُـرْمال *
شفـّافة ًعريضة ً
أجنحة ً لفراشاتٍ عملاقه،
وكانت حرائقُ تقتفي الطريقَ حتى قـُرى الفقراءْ .

كان زَلــْـمٌ يتابعُ مجراهُ ، يهتم بالطيورِ وبالأعشابْ *
كاكي مِنْ : *
بهذي الجناتِ مياهٌ زُرقٌ ولها نكـْهاتْ
وهذا الماءُ يَمـُرُّ بأرض ِالكــُرْدِ ويأتي بغدادْ
فنكهتـُــهُ حبٌّ وخه باتْ *

كاكي مِـنْ :
بهدوءِ الثلج ِ بأعلى التـَّــلِّ ،ِ وكان الغَـيْـمُ يرحلُ شرقا ً
كان الحُبُّ يجئُ بظلٍّ من رفِّ سَــحابٍ أبيض
يمرُّ بشارع ِ كاوه *
لم يكنْ يأتي مع الرَّشـَـبــا *
ليَرى الوجوهَ دُمىً ، خَـشَــبا
بل يَـمَـسُّ السِّــحرَ بأحمدآوه *
وبالشلا ّل ِ والمخبأِ الحجريِّ
سمِعتـُهُ بأعماق ِ كاني قـُوْلـْـكانْ *
تشكوالآلامَ لكاني عاشـِــقان. *

كانت الأحلامُ تكبُرُ في جبال الكـُرْد
بنـَوْروز ٍ وتموز ٍ
ببحيراتٍ شـــذ ْريّه
يقبـّـلُ صفحتـَها عِـشـْـقُ ظلال
وتـُقبـّلها أشجارٌ
تلكـَزُها الريــحُ فتـُوصي بعضَها: ابتـََسِمي
فكاوه قادمٌ
يجئ قـُُبـَـيلَ الشمس ِمُعـْـتـَلياً فجرَ الأيام ِ
نقيـّا ً كنسيم ِتلال
ممتطيا ً عِطرَ جبالٍ صداها يُُرجِعُ صوتي
فتلك فرحة ُ أمّي
إذ تراني أخطو باحة الدار
بعد أحزان موتي.


كاكي مـِـنْ :
هذي الريحُ تمرُّ بأغصان ِالرُّمّـان ِ فتـَسْمَـرُّ
وبالصَّمـْتِ الكونيِّ بأشجارالفـُسْتـُق ِفي يارهْ*
ويأتي كاوه
يحملُ نارا ً
ويحملُ وردة
له جـِهانده كَوليكي ره نكَنينه
هل مازالَ الماءُ يجئُ نقياً ؟
وجبالُ الكـُرْدِ عليَّ حزينه ؟
____________________________________________

*رانـْـك وجوخه: الزي القومي للكـُرد، سروال وجاكتة.
* أغنية من الفولكلور الكردي تـُغنّى بلحن موشح "قدّك المياس يا عمري"؛ تقول الأغنية:
التلال والسهول خضراء هذا اليوم، أهناك مثل هذه الحلاوة، فلنذهب الى تل ياره، وردة الدنيا الملونة.
* نـَوْروز(نه وروز، اليوم الجديد) اليوم القومي للكـُرد في 21 آذار.
*بحيرة صادق، بحيرة صغيرة دافئة طيلة العام الى الشمال الشرقي من ناحية سيد صادق في السليمانية.
* عه با به يليه (عَبابيليه) قرية أبي عبيدة قرب هه له بجه (حلبجة) في الشمال الشرقي من العراق فيها قبر ابي عبيدة الجراح.
* خُرمال، بلدة خورمال قرب هه له بجه.
* زه لم (زَلـْم) نهر ظـَلـْم رافد شمال السليمانية يصب في دجلة.
*كاكي مِن: يا أخي، تعبير توكيدي حميم؛ مِنْ : أنا أو ضمير التملك "لي"؛ والتعبير على وجه الدقة: أخي أنا، ويقابله في العامية: أخويه انت.
*خه بات: أخوّة.
*كاوه : كاوه الحداد، في التراث الكردي يمثل الثورة وقيادتها ضد "ضحاك" الذي يمثل نظام الإستغلال والإرهاب.
*شارع كاوه ، شارع رئيسي في مدينة السليمانية.
*ره شه با (الرَّشـَبا) اي الهواء الأسود ريح شديدة البردتهب شتاءا من الجبال المحيطة بمدينة السليمانية في الشمال الشرقي من العراق.
*كاني قولكان، العين (الينبوع) العميقة ، وكاني عاشقان: عين العشـّاق ، وهما محلتان رئيسيتان في هه له بجه، أو حلبجة التي تعرضت للغازات السامة عام 1987 حيث أبيد سكانها، تلت ذلك ضجة دولية ومواقف جديدة بشأن الأسلحة الكيمياوية.
* أحمدآوه: منبع الرافد زه لـْم ، فيه شلال أخـّاذ.
*ياره: بساتين وتلال هادئة وجميلة قرب مدينة السليمانية.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة في الخوف
- محاولة في الخوف (مقاطع من مطولة بعنوان -تداعيات من العصر الغ ...
- في الخوف -2- (مقاطع من مطوّلةٍ بعنوان -تداعيات من العصر الغب ...
- ثنائية العلم والدين في فكر الإنسان المعاصر


المزيد.....




- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - جئتُ الى كاوه (مقاطع من مطولةٍ بعنوان -تداعياتٌ من العصر الغباري الوسيط-)