|
منظومة نحتية لأمرأة واحدة
بشار حربي
الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 04:14
المحور:
الادب والفن
إذا كان النحات الفرنسي ( أوجست رودان ) قد بحث عن القيمة التعبيرية في طريقة التشكيل نفسها ، ولم يهتم بتمثيل الجسم البشري كاملا ً ( تمثال الأديب الفرنسي بلزاك مثلا ) ، فأن النحّات العراقي المبدع هيثم حسن في معرضه models المقام في دار الأندى بعمّان والذي تضمن 20 عملا ً نحتيا ً ( موديلا ً ) قد تناول المرأة ليس بأعتبارها نموذجا ً وقيمة ً جمالية فقط ، بل تعامل معها ككائن حي رأى في جمال جسدها وسيلة ً لخلق أشكال ذات دلالات جديدة بعد أن أخضعها لقانونه الذاتي ، وقد شاء أن يتعامل معهن كمنظومة نحتية لأمرأة واحدة بأنفعالاتها المتعددة وبفضاءات تفكيرها اللامحدود وبجرأتها في عرض تحولات جسدها التي لا تتبع فيزياءه فقط ، بل تتعدى ذلك على الدوام الى فرض طاقته الكامنة على محيطها البشري والبيئوي . في حين يمكنك أيضا ً أن ترى في مجمل أعمال ( موديلات ) المعرض ، عملا ً نحتيا ً واحدا ً لنساء ٍ متعددات ولحالات أنثوية غير متشابهة . إنه لا يجسد المرأة ، بل يجسد رؤيته الداخلية لها ويعكس حجم الصراع القائم بين وجودها الجمالي وبين هواجسها وقلقها من كيفية تعامل الآخر معها ، وبالتالي فأن منحوتات هيثم حسن تمثل أنعكاسات المرأة ( بأيجابياتها وسلبياتها ) في مخيلته ، بعد أن أستوعبها ثم أفرغها عملا ً إبداعيا ً كنحّات كبير ذو تجربة متميزة ويقدم أعماله بمفاهيم حديثة ومعاصرة تعتمد على القيم التجريدية أكثر من أعتمادها على تمثيل الطبيعة . إن هيثم حسن بمجسماته الفنية الرائعة التي مزج فيها بين متعة اللون الذي ألفته الذائقة البصرية العربية من خلال اللوحة وبين المنحوتة ذات اللون الواحد ، من خلال تقنيات عمله الجديدة ( كولاج الفايبر كلاس مع القماش الملون ) ، أو من خلال خروجه على تقليدية النحت ، حين مزج بين قول أرسطو ( إن الأنسان الذي زودته الطبيعة باليد ، فهي أقوى الأسلحة التي يستطيع أن ينتج بها من الفنون ما يكمّـل به الطبيعة ويقوّمها ) وبين ثراء قاموسه البصري وتجلياته الفلسفية في نظرته لوظيفة الشراكة الأنسانية للمرأة والرجل في مفهوم التعاطي مع الحياة وإفرازاتها المعاصرة على كل منهما كعارض ٍ ومتلقي على التناوب . لقد ثار هيثم حسن في هذا المعرض على نفسه ورفض الخضوع الى سياقات وتراتبيات التطور التقليدي في تجربة الفنان ، وآثر أن يكون في مقدمة اللحظة في سياقها الزمني ليقدم إنموذجا ً في المعاصرة والحداثة قد يؤسس الى تجربة إبداعية كبيرة في المستقبل ، سيّما إذا عرفنا أن منحوتاته قد جسّدت إمكانات الجسد الأنثوي على التشكيل وقدمت بحرفية عالية ( من خلال تقطيع هذا الجسد وإعادة هيكلته ) المكنونات الداخلية لهذا الجسد الذي ما أنفكّ يُعلن نفسه وعلى الدوام أميرا ً لقيم الجمال .
ملاحظة : يمكن التجول في المعرض المذكور على الرابط التالي http://haythem.net/gallery_2007.htm
#بشار_حربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موت بحجم الحياة
-
مدخل الى المقامة التجريدية في الفن التشكيلي -1
-
مَتحفة الماضي
-
إرتجاعات
-
قصيدة بعنوان غسق الحب
المزيد.....
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|