أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار حربي - مدخل الى المقامة التجريدية في الفن التشكيلي -1














المزيد.....

مدخل الى المقامة التجريدية في الفن التشكيلي -1


بشار حربي

الحوار المتمدن-العدد: 1976 - 2007 / 7 / 14 - 05:16
المحور: الادب والفن
    


يعتبر التجريد في الفن شكلا ً أرقى من التشخيص الذي يسقط في المباشرة ، وهو يمنحك الفرصة للأكتشاف ويحتكم الى قدراتك الذهنية في التلقي ، دون أن يلغي منك متعة الأحساس بالأشياء ، ويعمل هذا المنحى الفني على أستفزاز رؤيتك التخيلية لما يجب أن يكون عليه العالم المحيط بك ، وبالتالي فهو يعيد تشكيل الحياة برؤية الفنان ويعطيك السماح للتفاعل مع هذا العمل الأبداعي ، بل والتأسيس عليه ، دون أن يغلق أمامك أبواب المقاربة العقلية الحسية مع نوافذ فتحها الفنان على عالم أفتراضي .. قدّر هو دون غيره ، أنها الحقيقة أو صورة الحقيقة التي يجب أن لا يغفلها أحد .
إن التجريد لا يجرد الأحساس من فيض عاطفته ، بل يؤطره بجمالية العقل ، ليجد شفرة الدخول الى وعي المتلقي ، وهو يرّمز الأحساس على شكل " كودات " ، تصبح كلمة السر بين عقل الأنسان واستطالات الأحساس الفضولية الشغوفة بالتعرف على محيطها ،.. إن التجريد ينقل الأحساس من أخطبوطياته الى حالة من التحديد العقلي ومركزية التبصر ،.. إنه أيضا حالة من الترفع الذكي ( تليق بالعقل البشري ) عن مباشرة التلقي التي تتدنى بقدراتها الى مستوى الأنتباهة الحيوانية ، ولذلك نجد أن التجريد في الفن التشكيلي قد أبدع مقامته الفنية ، وأضاء أسارير النفس المتوثبة للقفز في مجهول الذات ، إنه حالة من التشكيل وإعادة التشكيل في نفس الوقت وفي آن واحد .. فهو يتجاوز الأبعاد الأربعة التي تعطيكها المدارس الفنية عموما الى أبعادٍ لا نهائية ٍ تسبح في فضاء المجهول وتتجسد في مرايا الذاكرة اللاوجودية للأنسان غير المرتبطة بالزمان والمكان ، كما أن التجريد ينأى بنفسه عن السقوط في خدع وأحابيل البصريات ، بل يستخدمها مركبا ً للوعي للوصول الى شواطيء " لا نهائيات المعرفة " ، إنه نوع من التحليق في فضاءات اللاوعي لأدراك كنه الأشياء ، فللأشياء ماورائيات ٌ تتماهى مع ماورائيات الوجود ، ولا سبيل لأختراقها بمدركات الأحساس الجميل ، بل أنها تحتاج الى سرعة عقلية تنفذ من جدار البوح الى صمت اللاشيء المطلق .. الى عوالم يتحادد فيها الضوء والظلام ، وتحلُّ فيها جغرافيا المنطق العقلي بديلا عن منطق الجغرافيا العقلية .. الى عوالم قائمة بذاتها ولا تحتاج الى الأثافي ، وتنعدم فيها لغة التعاطي الأنساني لتحل مكانها لغة الأشياء
وتجلياتها في اللاوعي .
إن التجريد نوع ٌ من المحاكمة العقلية ، يترأسها المنطق ، ويحاكم فيها الوعي لتخلفه عن فهم المطلق ، ولتجلية الحق في معركة اللاشيء مع الأشياء ، تلك المعركة التي تدور رحاها من قبل إنبثاق البوح حتى بداية الصمت ، والفنانون التجريديون هم المحامون الذين يترافعون عن الحق العام .

أصمتْ
فالصمت ُ رداءُ اللاشيء
وأقنتْ
فالبوحُ جنونُ العقل ِ وقيء
وحروفكَ سِفر ٌ للشيء
يا معجمَ كلِّ الأشياءْ
وطريدا ً يهوى الأنحاءْ
إصمتْ
فعيونُ الصمتِ لك النظرُ
وطريقُ الصمتِ لك السفرُ
إن تهوي يوما ً كالنجمة
وتلفـّكَ أكفانُ الظلمة
سيكونُ الصمتُ كما بوح ٍ
والبوحُ كسيل ٍ من صمت ٍ
فأصمتْ


والتجريد فوق كل هذا ، سياحة للعقل في عوالم الذات ، أو قل سياحة الذات في عوالم العقل ،.. فلا فرق بين الحالين ، لأنك عند المباشرة بالحالة الأولى ، فأنك تتقبل أو تتذاكر الحالة الثانية ، واللذة الذاتية أو العقلية التي نتلقاها


وقتئذ ٍ ، ستنعش فينا قيمة " الهيولي " القابع خلف جدران المكونات الأصيلة
لكل شيء نراه !! .



#بشار_حربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَتحفة الماضي
- إرتجاعات
- قصيدة بعنوان غسق الحب


المزيد.....




- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن
- مهرجان مراكش: الممثلة جودي فوستر تعتبر السينما العربية غائبة ...
- مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة يصدر دليل المخرجات السينمائي ...
- مهرجان فجر السينمائي:لقاءالإبداع العالمي على أرض إيران
- المغربية ليلى العلمي.. -أميركية أخرى- تمزج الإنجليزية بالعرب ...
- ثقافة المقاومة: كيف نبني روح الصمود في مواجهة التحديات؟
- فيلم جديد يكشف ماذا فعل معمر القذافي بجثة وزير خارجيته المعا ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار حربي - مدخل الى المقامة التجريدية في الفن التشكيلي -1