أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - بلعين: التجربة والنموذج الشائك















المزيد.....

بلعين: التجربة والنموذج الشائك


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 11:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


بلعين قرية صغيرة من قرى الضفة الغربية المحتلة، الوصول إليها في عهد الاحتلال مهمة ليست سهلة، خاصة إذا اضطررت أن تصلها من جهتها الشرقية، ولكنها منذ قرابة ثلاثة أعوام نجحت في أن تكون على خريطة النضال الشعبي الفلسطيني، ومن باب الدقة، فإن هناك من نجح في وضعها على هذه الخريطة.
قبل ثلاث سنوات، ومثل الكثير من قرى فلسطين في الضفة الغربية وجدت بلعين نفسها محاصرة بجدار الفصل العنصري، الذي اقتطع منها آلاف الدونمات الزراعية، مصدر الرزق شبه الوحيد للقرية، والدخول إلى هذه الأراضي أصبح يتم عبر بوابة ضيقة، وهذا مرتبط أولا وأخيرا بمزاجية الاحتلال وتوقيته.
ونجحت قوى سياسية في القرية في تجنيد قوى سلامية إسرائيلية، ومن ثم عالمية، للمشاركة في مسيرة نضالية، بدأت قبل اقل من ثلاث سنوات، ولكن لم يكن يعرف المناضلون فيها على جنسياتهم، أن مسيرتهم ستستمر كل هذه المدة، ولم يعرفوا مسبقا أن هذه المسيرة ستتحول إلى واحد من أبرز رموز النضال ضد جدار الفصل العنصري.
وقد شهدت القرية طوال أكثر من 30 شهرا متواصلا، مظاهرات شعبية كل يوم جمعة دون توقف، تارة بمشاركة المئات، وتارة بمشاركة الآلاف، خليط من اللغات المحلية والعالمية، تصدح في الهتافات، مظاهرات "سلمية" أمام فرق جنود مدججة بكل أنواع الأسلحة، التي كانت تصد المتظاهرين بشكل دموي كلما اقتربوا من الجدار.
وقد حصدت هذه المظاهرات الكثير من الضحايا، وبالأساس مصابين، من الفلسطينيين ولكن أيضا من الإسرائيليين والأجانب، ومن بينهم من أصيب بعاهات جسدية أبدية، مثل فقد العين وغيرها.
لقد فرضت بلعين نفسها بقوة على الرأي العام في داخل إسرائيل وفي العالم، وباتت بلعين "نقطة الضعف" الأكبر لإسرائيل في دعايتها العالمية الحالية، التي تزعم فيها أنها تحارب ما يسمى بـ "الارهاب"، في محاولة مستمرة لنزع القضية الفلسطينية من مسرح التحرر الوطني إلى خانة الارهاب، مدعومة من قوى دولية متواطئة، على رأسها الولايات المتحدة.
في الأسبوع الماضي أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية جيش الاحتلال الإسرائيلي بتغيير مسار جدار الفصل العنصري عند قرية بلعين، بشكل يعيد إلى القرية ما بين 1500 إلى 2000 دونم، ولكن هذه ليست كل الأراضي، وهذا لا يعني أيضا إعادة مسار الجدار إلى حدود الرابع من حزيران1967، ولهذا فإن المسيرة النضالية لن تتوقف في بلعين، كما يؤكد رواد هذه المسيرة، على مختلف أجناسهم.
لا داعي ولا مكان أصلا، للرقص احتفالا "بعدالة جهاز القضاء الإسرائيلي" المتواطئ باستمرار مع السياسة العامة الموجّهة لحكومات إسرائيل، والحالات الشاذة التي تطل من هنا وهناك، ليست هي نهج القرارات العام في جهاز المحاكم الإسرائيلية، بدءا من المحكمة العليا.
إن موضوع التوجه إلى جهاز القضاء الإسرائيلي في كل ما يتعلق بقضايا احتلال المناطق الفلسطينية منذ العام 1967، هو أمر شائك جدا، فيه الكثير من الاجتهادات والاختلافات بوجهات النظر، وفي كل واحدة منها تجد جانبا من صحة الموقف.
فهناك اتجاه، وأتبناه شخصيا، يقول إن التوجه إلى جهاز المحاكم الإسرائيلية سلاح ذو حدين، فهو يضفي شرعية لجهاز قضاء تابع لحكومة الاحتلال، وعليه فإن هذا الجهاز يسمح لنفسه بإصدار أي قرار في كل الاتجاهات، مما يضعف موقف الضحية، التي قضيتها الأساسية سياسية عامة، وكل قضية تفصيلية تنبع من قضية الاحتلال الكبرى.
أما الاتجاه الثاني فهو يقول إن هذا نوع من محاربة العدو بآلياته، وفي هذا نوع من المنطق، ولكن بنفس الوقت فيه الكثير من الخطورة السياسية بشأن التعامل مع أجهزة الاحتلال، وإضفاء نوع من الشرعية على مؤسساته.
ومن باب الدقة فإن الحديث هنا يجري عن المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام1967، وليس مناطق 1948، نظرا لخصوصية كل جانب.
إن القرار الصادر من المحكمة العليا الإسرائيلية لم يكن تعبيرا عن "رحابة صدر العدالة الإسرائيلية"، فهذه المحكمة بالذات أضفت"شرعية" على الكثير من الجرائم ضد الإنسانية، التي تنفذها إسرائيل لحظة بلحظة في فلسطين التاريخية، من تمييز عنصري، لا مثيل له حاليا وفي التاريخ، ضد فلسطينيي 48، وحتى جرائم الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إن ذلك القرار جاء بتأثير واضح ومباشر للنضال الشعبي الجماهيري، الذي مارسه أهالي بلعين والقوى السلامية الإسرائيلية والأجنبية، الذي نجح في استقطاب وسائل الإعلام العالمية بالأساس والعربية، حتى بات لا يمكن لأي لقاء محلي أو اقليمي أو عالمي يطرح قضية الجدار دون ذكر قضية بلعين كنموذج، وهذا خلق جوا عاما ضاغطا.
إذا اعتبرنا أن نموذج التوجه للقضاء الإسرائيلي هو نموذج شائك وخلافي، فإن التجربة النضالية التي يمارسها أهالي بلعين تعيد أولا إلى الأذهان الانتفاضة الشعبية الجماهيرية، "انتفاضة الحجارة" التي انطلقت في نهاية العام 1987 واستمرت قرابة خمس سنوات.
وهذه التجربة تؤكد على جدوى النضال الشعبي في ظل ظروف الاحتلال الإسرائيلي القائمة في هذه المرحلة محليا، وأيضا في ظل توازن القوى المختل عالميا، ففي بلعين لم نر سلاحا ولا وجوها مقنعة، تتزاحم على مايكرفونات وسائل الإعلام لتطلق التهديد والوعيد ثم تختفي، ولم تُطلق حتى رصاصة واحدة من المناضلين، وحتى قذف الحجارة جاء ردا على عدوانية جنود الاحتلال، وليس مهاجمة.
المعركة في بلعين ليست بهذه السهولة التي قد يتخيلها البعض، مقللا من شأن النضال الشعبي الجماهيري، وجيش الاحتلال لم يكن بهذه الحضارية، ولم يبخل بجرائمه، ولم يصد المتظاهرين بقفازات حريرية، ولم تكن هراواته أعواد سواك.
فقد أكدت سلسلة من التقارير الصحافية الإسرائيلية في الفترة الماضية أن جيش الاحتلال حول مظاهرات بلعين إلى حقل تجارب وتدريبات لقواته القمعية على مختلف أنواعها، مثل تجربة العديد من أنواع القنابل الغازية المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، وأنواع من الرصاص المطاطي وغيره، وحتى تدريب قوات مختلفة من أجهزة القمع البوليسية والعسكرية على قمع المظاهرات.
في بلعين بطولة شعبية فلسطينية وجدت إلى جانبها أصحاب الضمير من الإسرائيليين والعالم، أضعفت إسرائيل محليا في هذه القضية العينية، وكمن يتابع تفاصيل الخطاب الإسرائيلي بتنوعاته وما يكتب وما ينشر، فإن صناع الرأي والساسة يفضلون تجاهل بلعين، إذا لم يكن لديهم ما يقولونه تضامنا، خاصة من الكتاب.
وملاحظة لا بد منها، لدى الكثير في العالم العربي حساسية كبيرة من ذكر "القوى السلامية الإسرائيلية"، نظرا لشبه الإجماع في الشارع الإسرائيلي وراء سياسة حكوماته وجرائمها، وبالامكان تفهم هذه الحساسية، ولكن المصلحة الوطنية تقضي بأن نعترف بوجود هذه القوى ونشركها في نضالنا، حتى وإن أعدادها متواضعة، ولكنها قادرة على التأثير جدا في حلبتي الرأي العام الإسرائيلي والعالمي.
هناك الكثير من القوى السياسية الفلسطينية التي كانت ترفض هذه القوى، ولكنها لاحقا أدركت أهميتها.



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولات تغيير نظام الحكم الإسرائيلي ستبقى مناورة
- حماس تجبي الخاوة
- أولمرت والحسابات الداخلية
- بن غريون أول من بادر إلى استيطان القدس والخليل
- نتنياهو حضيض سياسي جديد
- دورة صيفية برلمانية اسرائيلية تنقل الأزمة إلى الدورة الشتوية
- باراك القديم الجديد
- مقايضة المستوطنين بالفلسطينيين
- عام على الحرب وإسرائيل تترقب
- معركة السبت في اسرائيل بين الديني والاقتصادي
- محمود في حيفاه وعلى كرمله
- أولمرت يدخل دائرة حسم مصيره
- الشريك الفلسطيني والسياسة الإسرائيلية
- إسرائيل: مجتمع مهاجرين متفكك
- عودة براك: حالة الترقب وتحلل المعسكرات التقليدية في -العمل-
- انقلاب حماس وحقيقة النوايا الإسرائيلية
- عودة براك.. عودة الجنرالات
- عمير بيرتس يخسر معركته في بيت العناكب
- المناورة الإسرائيلية في الملف السوري
- انتخابات -العمل- الإسرائيلي: أزمة قيادة وشلل سياسي


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - بلعين: التجربة والنموذج الشائك