أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - محمود في حيفاه وعلى كرمله














المزيد.....

محمود في حيفاه وعلى كرمله


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 10:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعود محمود درويش في هذه الأيام إلى حيفاه المدينة، وكرمله الجبل، عودة ليست أطول من لمح البصر، هو يوم أو يومان، بإذن موظف في غرفة جانبية في أحد مكاتب عسكر الاحتلال، لا يعرف من هو درويش، ولا يفهم اشتياق جذور شجرة السرو إلى ترابها في ذلك الجبل، جبلها.
تعود يا محمود إلى حيفاك وجبلك، واستبقك لاقول أن لا حيفا بقت على حالها، ولا الجبل بقي على جماله، كتل اسمنتية متراكمة، والحبل على الجرار، والجبل تغتصبه الجرافات ليل نهار، من على سطحه وعلى سفحه، وحتى في باطنه... فقريبا سيفتحون لنا شارعا في جوفه.
استبق الحديث لك، من كثرة الغلبة، فأنا أحد "قدامى" صبية جريدتك "الاتحاد"، أجلس على ما تبقى لها من درجات، قرب الفتحة التي أحدثها لنا صاروخ لبناني وقع بالذات في هذه النقطة سهوا، قبل أقل من عام من سقوط صاروخ لغوي مستكتب، ولكنه سقط مع سبق الاصرار والترصد.
تعود وقد يكون علق في طرف حذائك بعض من قرف حالتنا الفلسطينية، ولكل بقعة من مواقع تناثرنا قرفها، وهو من صنع فلسطيني، حتى وإن كانت بعض "مواد الخام" أجنبية.
هناك يسوقون أخوتهم كالخراف إلى مذبح التخوين، وعندنا يسوقون تاريخنا وثقافتنا وأدبنا إلى مذبح التشويه والتزييف، رغم أن هذا كنزنا الذي حافظ لنا الأولون عليه بدمائهم، في وجه مخططات التجهيل والتزييف، واليوم لم تعد حاجة لهذه المخططات بعد أن ظهر لنا "مقاومون جدد"، ليس في غزة فحسب بل هنا عندنا أيضا، وفي حيفاك، وإن شئت على كرملك.
أنا يا أيها الكرملي، ودون انتقاص من بروتك، حققت إنجازا في هذه الأيام بحصولي على تذكرة لأسمعك، وهذه ليست المرّة الأولى، وأيضا في المرّة السابقة حين جئت إلينا، أو جئنا اليك، بعد حصولك على إذن من ذلك الموظف العسكري.
واعترف لك وللجميع، أنني لست أسيرا للأدب العربي وشعره، لربما هذا نابع من عقدة نفسية مكبوتة، تعود إلى أيام المدرسة، حين كنا مجبرين على حفظ القصائد المطولة تحت تهديد العلامات المدرسية وشهاداتها، وهذه العقدة عانيت منها طويلا، رغم أنني تحررت منها جزئيا، وجزئيا بشكل محدود جدا، وعلى ما يبدو فهي محدودية ايجابية.
تحررت جزئيا بعد دخولي إلى بيتك "الاتحاد" في "عهد إميل"، حينها كنت آخر الصبية الذين دخلوا وتتلمذوا وبقوا لسنوات طوال، وهناك اضطررت لدراسة قواعد لغتنا من جديد وتحت التهديد، ولكنني تعلمت هناك ايضا تذوق الكلام، لاصطدم من جديد بالشعر، ولكنه كان من نوع آخر، شعر يعبر عنا لحظة بلحظة.
يومها لم تكن عندنا "مدارس الغفلة" ومكتشفوا المياه الساخنة لم يظهروا على الساحة بعد، ولكن في حينه وحتى يومنا، لم يكن بالإمكان الحديث عن شوق الوطن، دون ترديد "أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي"، ولم يكن بالإمكان الحديث عن عنفواننا دون التأكيد على أننا "عشرون مستحيل".
يومها كان مكتشفوا المياه الساخنة لم يتجرأوا بعد على الظهور تحت الشمس، فقد كان كل شيء صعبا، وكانت الشمس حارقة جدا.

وعود على ما علق بطرف حذائك.
لا اعتقد ان مهمة التنظيف ضرورية، لأنه أينما ستضع قدميك في مواقع تناثرنا وتشتتنا وتشبثنا سيعلق بحذائك صنف آخر من قرفنا، ولكنه من الصعب أن يعلو لأكثر من كعب كندرة، فتحمّل وأنت جمل المحامل، أنت منا ونحن منك، ونعيش سوية حالتنا المتردية "من جيل إلى جيل".
تعال إلينا لنأتي اليك، فنحن ضيوفك على كرملك، وأولئك الذين استفاقوا على غفلة الآن، تبين لهم أن المياه الساخنة قد تم اكتشافها يوم أن اكتشفوا النار، أتركهم، لأن الحكمة في أفواه جداتنا تقول: "لا تعاشر المخزي بخزيك".
تعال يا محمود لربما بك نستعيد مشاهد كرمل كان يوما ما أجمل، تعال لربما، رغم أننا متأكدون، ولكن "لربما" كتواضعك، نجلي رؤوسنا وأدمغتنا مما علق بها من قرف الأيام.
تعال، فأنت لا تعرفني، وأنا من "قدامى" صبية "الاتحاد"، سأنتهز رؤياك من على أحد المقاعد المترامية في تلك الكتلة الإسمنتية على كرملك، وسأستمع لشعرك، ولكنني في تلك اللحظة سأسبح في تاريخ بيتي، بيتك "الاتحاد"، قبل أن قصفه سهوا صاروخ لبناني، وقبل ان قصفنا صاروخ آخر مستكتب مسترزق، لكن مداه كان أقصر من أن يصل الى طرف نعلك ونعالنا.
تعال.




#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولمرت يدخل دائرة حسم مصيره
- الشريك الفلسطيني والسياسة الإسرائيلية
- إسرائيل: مجتمع مهاجرين متفكك
- عودة براك: حالة الترقب وتحلل المعسكرات التقليدية في -العمل-
- انقلاب حماس وحقيقة النوايا الإسرائيلية
- عودة براك.. عودة الجنرالات
- عمير بيرتس يخسر معركته في بيت العناكب
- المناورة الإسرائيلية في الملف السوري
- انتخابات -العمل- الإسرائيلي: أزمة قيادة وشلل سياسي
- إيلان بابي نصير فوق العادة لحق العودة
- قبضايات في غزة
- مدن فلسطين الساحلية تعيش النكبة من جديد
- فترة حاسمة لمصير -العمل- و-كديما-
- دورة برلمانية إسرائيلية مصيرية
- إسرائيل: عاصفة مع وقف التنفيذ
- عام على حكومة أولمرت: حروب وفساد وثبات
- ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار يخلق جدلا اقتصاديا في إسرائي ...
- فلسطينيو 48 مسيرة وتاريخ
- هجمة متصاعدة على فلسطينيي 48
- عن -انهيار اسرائيل الوشيك-


المزيد.....




- اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في ...
- هيئة معابر غزة: معبر كرم أبو سالم مغلق لليوم الرابع على التو ...
- مصدر مصري -رفيع-: استئناف مفاوضات هدنة غزة بحضور -كافة الوفو ...
- السلطات السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق ...
- ترامب يتهم بايدن بالانحياز إلى -حماس-
- ستولتنبرغ: المناورات النووية الروسية تحد خطير لـ-الناتو-
- وزير إسرائيلي: رغم المعارضة الأمريكية يجب أن نقاتل حتى النصر ...
- هل يمكن للأعضاء المزروعة أن تغير شخصية المضيف الجديد؟
- مصدر أمني ??لبناني: القتلى الأربعة في الغارة هم عناصر لـ-حزب ...
- هرتصوغ يهاجم بن غفير على اللامسوؤلية التي تضر بأمن البلاد


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - محمود في حيفاه وعلى كرمله