أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله المدني - إستراتيجية طالبان الجديدة : اخطف و طالب















المزيد.....

إستراتيجية طالبان الجديدة : اخطف و طالب


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 12:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثبتت حوادث اختطاف المدنيين الأجانب التي قامت بها الجماعات الراديكالية في الشرق الأوسط، ولا سيما في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي، أنها لئن نجحت أحيانا في حصول أصحابها على بعض مطالبهم أو مكنتهم من تلقي أموال ضخمة في صورة فدية، فإنها في المحصلة النهائية أضرت بقضيتهم و ألبت الرأي العام عليهم.

لكن حركة طالبان البائسة لا تريد أن تتعلم من دروس التاريخ، فقادتها حماقتها في الأشهر الأخيرة إلى تبني أعمال خطف المدنيين الأجانب العاملين في أفغانستان كاستراتيجية جديدة للجماعة. بل صرح المتحدثون باسمها من أمثال قاري محمد يوسف و يوسف احمدي مؤخرا بأن الحركة وجدت في أعمال الخطف أداة فاعلة للنيل من حكومة كابول و الحكومات الاجنبية المساندة للأخيرة، واكتشفت مدى تأثيرها في المجتمعات الديمقراطية حيث بامكان الرأي العام الضغط على الحكومة أو حتى إسقاطها إن لم تستجب لمطالب الخاطفين.

والمعلوم أن الطالبانيين لجأوا منذ أوائل العام الجاري إلى التركيز على عمليات خطف المدنيين الأجانب، و لا سيما الغربيين منهم، من أولئك العاملين في مشاريع البناء و تقديم الخدمات الإنسانية في البلاد أو الزائرين لاستطلاع الأوضاع و كتابة التقارير الصحفية. ففي السادس من مارس الماضي اختطفوا الصحفي الإيطالي "دانيال ماستروغياكومو" مع مترجمه و سائقه الأفغانيين في ولاية هلمند الجنوبية، ليطلق سراحه لاحقا مقابل الإفراج عن خمسة من مقاتلي الحركة من سجون كابول. أما مرافقاه الأفغانيان فقد جز عنقيهما. وفي 18 يوليو المنصرم اختطفوا مهندسين ألمانيين مع خمسة من زملائهم الأفغان من موقع لبناء سد في إقليم واردك، ليعثر لاحقا على جثة احدهما مقتولا فيما لا يزال الآخر أسيرا لدى الحركة التي تطالب بانسحاب القوات الألمانية (3000 عنصر) العاملة ضمن قوات الناتو كثمن لتحريره. وفي حادثة أخرى وقعت في 18 أغسطس المنصرم، اختطفوا امرأة ألمانية من العاملات في مجال إغاثة الأيتام من مطعم في ضواحي كابول، لكن الشرطة الأفغانية استطاعت لاحقا تحريرها.

أما حادثة الاختطاف الأكبر من نوعها منذ سقوط نظام طالبان في أكتوبر 2001 فقد جرت في 19 يوليو الماضي حينما أقدم الطالبانيون على خطف 23 مدنيا (18 امرأة و 5 رجال) من رعايا كوريا الجنوبية أثناء تنقلهم برا من كابول إلى قندهار. و لم يشفع لهؤلاء أنهم فضلوا عدم الاستمتاع باجازاتهم السنوية من اجل القدوم طواعية إلى أفغانستان لتقديم خدمات تتراوح ما بين التطبيب وتعليم الإنجليزية و مهارات استخدام الكمبيوتر للأطفال.

وبطبيعة الحال لم تكتف حركة طالبان باختطافهم و إبقائهم كرهائن، بل عمدت إلى قتل رجلين منهم لإثبات جدية تهديداتها بقتل الآخرين إن لم يستجب لمطالبها التي تمثلت في إطلاق سراح مقاتلي الحركة المعتقلين و سحب سيئول لنحو مائتين من قواتها العاملة في أفغانستان في مجالات إنسانية مساندة للقوات الأمريكية، مع تعهدها بمنع قدوم رعاياها المدنيين مرة أخرى إلى أفغانستان.

والحقيقة أن حركة طالبان سعت إلى تحقيق أكثر من هدف من وراء هذه العملية الدرامية المثيرة التي صاحبتها تصريحات مضحكة مثل أن الحركة انطلاقا من تمسكها الصارم بمباديء الشريعة الإسلامية و التقاليد الأفغانية لا تجيز التعرض للنساء لكنها أجبرت على خطفهن من اجل المقايضة فقط.

فإضافة إلى هدفي تحرير رجالها المعتقلين في سجون كابول و إجبار سيئول على سحب قواتها من البلاد، هدفت الحركة إلى الضغط على حكومة كابول و إظهارها في صورة من لا يملك حولا و لا قوة، و إلى إحداث شقاق بين سيئول و واشنطون في وقت حلت فيه الحكومتان خلافاتهما حول كوريا الشمالية و صارت مواقفهما متقاربة، و إلى تأليب الشعب الكوري الجنوبي على حكومته المتهمة بالمشاركة الفاعلة في الحرب على الإرهاب خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في ديسمبر القادم. إلى ذلك يعتقد أن طالبان هدفت من وراء اختطاف الكوريين واحتجازهم في أماكن متفرقة، استخدامهم لبعض الوقت كدروع بشرية و بما يجبر خصومها على تجميد ضرباتهم الجوية ضدها و بالتالي حصولها على فترة لالتقاط الأنفاس و الاستعداد لعمليات جديدة. وبطبيعة الحال كان هناك هدف الحصول على فدية مالية ضخمة في حال فشل تحقيق بقية الأهداف.

وبقراءة ما انتهت إليه العملية، يمكن القول بأن طالبان قد حققت بعض تلك الأهداف. حيث تضمنت الصفقة التي عقدتها مع مبعوثي سيئول تعهدا من الأخيرة بسحب كافة رعاياها المدنيين من أفغانستان مع نهاية أغسطس، و سحب قواتها مع نهاية العام الجاري. لكن الأمر الذي لا يزال موضع جدل هو : هل حصلت طالبان على فدية مالية مقابل إطلاق سراح المخطوفين الكوريين؟

فالمتحدث باسم حكومة كوريا الجنوبية نفى حصول مثل هذا الأمر، و الناطق باسم البيت الأزرق الرئاسي في سيئول اكتفى بالقول بأن بلاده فعلت ما كان ضروريا لعودة رعاياها سالمين. غير أن مراقبين كثر يجزمون بدفع فدية مالية كبيرة، خاصة و أن احد قادة طالبان الميدانيين صرح في مقابلة هاتفية مع إحدى وكالات الأنباء - شريطة عدم الإعلان عن اسمه - بأن صفقة الإفراج عن الرهائن تضمنت دفع 20 مليون دولار نقدا، و أن هذا المبلغ سوف ينفق على شراء أسلحة و إعداد مقاتلين جدد للقيام بعمليات انتحارية. و إذا كان هذا دليلا لا يعتد به، فان ما يمكن الاستناد إليه هو أن كل عمليات الاختطاف الإرهابية السابقة التي كان ضحاياها كوريين جنوبيين انتهت بدفع فدية مالية.

و المثير في الأمر أن كل تلك العمليات تقريبا وقعت في دول إسلامية و كان وراءها ميليشيات أو جماعات مسلمة، و من أمثلتها اختطاف جندي كوري في العراق في عام 2004 ، و من قبلها اختطاف عامل بناء كوري في نيجيريا و اختطاف صياد كوري في الصومال. لكن العملية الأكثر إثارة جرت في لبنان في يناير 1986 حينما اختطف مسلحون السكرتير الثاني في سفارة كوريا الجنوبية، بعدما اجبروا سيارته على التوقف في بيروت الغربية، لينضم هذا الدبلوماسي إلى 38 دبلوماسيا أجنبيا آخر كانوا قد اختطفوا في بيروت خلال سنوات الحرب الأهلية. ولم يطلق سراح الرجل إلا في أكتوبر 1987، و بعدما تلقت الجماعة التي أعلنت تبنيها للعملية و اسمها "الفرقة الخضراء" فدية مقدارها مليون دولار من اصل 10 ملايين طالبت بها، و ذلك طبقا لما ذكره رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي كان وقتذاك قائدا لميليشيات أمل المشاركة في السيطرة على بيروت الغربية.

وجملة القول، انه إذا كانت طالبان قد حققت بعض أهدافها من عملية الاختطاف، فإنها تسببت في إثارة الكوريين ضد مواطنيهم المسلمين البالغ تعدادهم نحو 35 ألف نسمة و الذين طبقا لإمام الجامع المركزي في سيئول "سليمان لي هانغ" لم يواجهوا يوما فترة عصيبة كتلك التي حدثت في الشهرين الماضيين، إلى الحد الذي اضطرت معه الشرطة الكورية الجنوبية إلى حراسة الجوامع والمقار الإسلامية منعا لتهديدها أو استهداف مرتاديها. لكن أنى للطالبانيين و زملائهم في تنظيم القاعدة الإجرامي أن يدركوا تبعات أعمالهم الحمقاء و آثارها السلبية على الأقليات الإسلامية في الخارج؟



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدن لا تعرف الشيخوخة
- ظاهرة البنوك الإسلامية تجتاح آسيا
- صنع في اليابان Made in Japan
- الجيل الثالث من قادة الصين يرسخ أقدامه في السلطة
- انتخاب -براتيبها باتيل- حدث تاريخي لنساء الهند
- توريط مسلمي الهند في الإرهاب
- الطموحات النووية تجتاح آسيا
- المفرزة 88.. سلاح جاكرتا الأهم ضد الإرهاب
- تعلموا من هذا البنغالي الفقير!
- زكية زكي: اغتيال امرأة شجاعة
- خليجيون في فييتنام
- الخليج و كوريا : عطفا على بدأ في السبعينات
- -صفقة العصر- تعزز الحضور الياباني في الهند
- ماذا بعد مقتل -زرقاوي أفغانستان- ؟
- الهند تدخل نادي الدول التريليونية
- شيء ما في الصين باتجاه الإصلاح السياسي
- الديمقراطية إذ تصبح عبئا: بنغلاديش مثالا
- .. لكن ماذا عن صناعة الكتاب في الصين؟
- حكاية المسجد الأحمر .. الباكستاني
- نحو باكستان علمانية على النمط التركي


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله المدني - إستراتيجية طالبان الجديدة : اخطف و طالب