تنظيم سرى لقلب نظام الحب فى مصر

عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 623 - 2003 / 10 / 16 - 03:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

يقولون ان الحب لعنة تطاردنا .. حكم بالاشغال الشاقة المؤبدة نقضية داخل قلم فلومستر .. نذوب فى حبرة نقطة..نقطة .

ويقولون ايضا الحب هو جنين مشوة ننتظرة حتى يكتمل نموة .. فنتوحم احيانا على سماع اغنية الحب ( حب اة , حب اوة, حب اية) او مشاهدة فيلم :(يا تحب .. يا تقب )

ويقول الشاعر نزار قبانى : الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الابطال .. انما هو الابحار دون سفينة والشعور بان الوصول محال .. هو ان تظل على الانامل رعشة وعلى الشفاة المطبقات سؤال .

ويقول قائل : الحب هو الاقوى دائما .. يستطيع ان ينتصر دون ان يخوض المعركة يجلس على كرسى الحكم دون انقلاب .. يقود الثورة فى الفراش .. يجبر اى خصم لة على الانسحاب ببطئ دون اراقة اى نقطة دم او اشعال اى عود كبريت

 

ومن المعروف ان والحب مثل اى كائن حى يتأثر بالظروف المحيطة فالحب فى زمن الاشتراكية يختلف عن زمن الرأسمالية فنحن الان نسمع عن مصطلحات جديدة وهى بالفعل جمل استثمارية مثل : اللى معاة قرش يساوى قرش والعريس الجاهز وزواج المصالح وخلافة واصبحنا نستمع ونشاهد اغان تعبر عن ذلك مثل : بابا اوبح و جوزى وانا حرة فية افردة واكوية واحمد حلمى اتجوز عايدة وكامننا واللمبى وعلى الطريق الزراعى جابلتنى صبية حلوة جوى جولت واللة منا مسافر , بينما الاغان القديمة كانت تدعو للسفر والعمل والحب الصادق مثل : سيرة الحب لام كلثوم سيدة الغناء العربى وبحلم بيك للمطرب عبدالحليم حافظ وغيرهما وهو زمن اشتراكى جميل عاشت فية مصر ازهى عصور الحب .

حتى الاغان الوطنية كان لها طابع خاص والتى تدعو لحب الوطن دون مصلحة ولا يمكن ان ننسى اغنية العندليب الاسمر من تأليف المبدع صلاح جاهين : صورة صورة صورة كلنا كدة عايزين صورة .. صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة , .. بينما اصبحت الصورة قاتمة الان وحزينة وانتكست الراية امام تخاذل حكومة مصر تجاة المواطنين وقضايا الامة .

وكنا نسمع اغنية لام كلثوم تقول : وقف الخلق ينظرون جميعا كيف ابنى قواعد المجد وحدى .. , اما الان يقف الخلق طابور عيش فى مصر فى ظل الصراع اليوم للمواطن من اجل الحصول على رغيف العيش .

وكنا نسمع اغنية : احلف بسماها وبترابها متغيب الشمس العربية طول منا عايش فوق الدنيا .. انما الان اصبحت الاغنية : احلف بسماها وبترابها الحزب الوطنى اللى خربها .

بالفعل الحب فى زمن الرأسمالية لة طابع خاص فهو قائم على الاستغلال وتلعب الحكومات الرأسمالية دورا كبيرا فى ذلك والترويج لهذة المفاهيم , ولا انسى انة ذات مرة سألت طالبة فى الجامعة الامريكية فى مصر عن مفهوم الحب فقالت لى : مفيش حاجة اسمها حب فية حاجة اسمها فلوس , .فقلت لها الحب يخلق الدفئ والشعور بالامان فقالت لى : ممكن نشترى دفيات او تكييف .هذا حب حب المرحلة .

واعتقد اننى لم اكتب فى حياتى سوى خطاب عاطفى واحد وكان للمهنة التى احبها وهى الصحافة وكان ذلك قبل تخرجى من الجامعة عام 1998 قلت فية : حبيبتى صاحبة الجلالة : اى سر فيك, انى لست ادرى, كل ما فيك يغرى اشعر انك اعظم الناس نموذج للانسان الذى يحمل الجمال فى سكناتة, شارعك احسن الشوارع , سكان الشارع احسن الناس لابد انهم سعداء لانهم يرونك كل يوم

حبيبتى صاحبة الجلالة : عندما رأيتك تعطلت لغة الكلام , سكت الذى يتكلم, انقلاب فى جميع القوانين الاساسية للحياة, تغيير مذل فى كل ما تعارفت علية العقول .

ارى صورتك فى كل مكان : فى اشارات المرور وطبق الصلاطة وفانلة النادى الاهلى وفاترينات الملابس والوان السيارات وفى الورد البلدى .

وانتهى الخطاب الوحيد ولكننى كتبت مؤخرا خطابا لنفس الحبيبة قلت فية : حبيبتى وصلت الى حافة الفراش فلم اجدك، وجدت الهاوية ، عانقت الريح والملل ، احلامى خطفوها منى و حفظوها فى ثلاجة ، وعندما نجت غازلتها ووعدتها بذوبان الجليد .

حبيبتى انا الان امشى على الاشواك ، اسبح مع اسماك القرش حتى اصل الى عرشك .

لقد وصلت الى تلك النهاية المأساوية عندما دخلت عالم الصحافة واكتشفت الفضيحة والابتزاز والواسطة والمحسوبية ومهاجمة رجال الاعمال للحصول على اموال مع العلم بأن هذة الاموال سرقها رجال الاعمال من الشعب ايضا واكتشفت ايضا ان الرجل المناسب ليس فى مكانة المناسب وان المعارضة اصبحت ديكور ساخر فى مسرحية كوميدية فى زمن رئيس الطوارئ وحكومة الفساد والرشوة وشعب يعيش مرحلة الامبلاة .

منذ ايام قليلة حضرت مؤتمرا صحفيا نظمة مركز بحوث و ودراسات الدول النامية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وكان الموضوع حول رأس المال الاجتماعى فى مصر وقدم المؤتمر عشرات الابحاث والدراسات التى اكدت الشعب المصرى يعيش ازمة تكمن فى غياب الترابط والحب والمؤاخاة وان الحياة الاجتماعية فاسدة والسبب يعود لسياسات الدولة الرأسمالية المتوحشة القائمة على دعم رجال الاعمال والاقطاعيين على حساب الفقراء وذكر المشاركون فى المؤتمر عددا من الوقائع من الجرائم الصغيرة المنتشرة فى مصر حاليا مثل عمليات قتل من اجل ربع جنية او بضعة قروش وخلافة او الشاب المصرى الذى رفضت حكومة حسنى مبارك تعينة بحجة انة غير لائق اجتماعيا او انتحار مواطن لانة عجز عن شراء ملابس لاولادة وخلافة وقالوا ان غياب الترابط والحب ينذر بثورة شعبية كبرى .

المهم : ان نظام الرئيس مبارك يقود حاليا اخطر تنظيم سرى تنتشر خلاياة فى جميع الوزارات والمؤسسات بهدف قلب نظام الحب وتفتيت المجتمع وتوسيع الفجوة بين الاغنياء والفقراء واعتقال الوطنيين وتحجيم الاحزاب المعارضة وكبت الشباب وخلق روح الحقد بين المواطنين .

واحب ان انهى مقالى بهذة الكلمات من اغنية المناضل الكبير : شعبان عبدالرحيم :(اسمع وافهم كلامى .. مواطن ومخبر وحرامى .. فيها اية لو نبقى واحد ونغيير الاسامى ) وكلمات ( احمد حلمى اتجوز عايدة ) لنفس المناضل وطبعا (بنبارك ) للعروسيين …

 

#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل