أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم بن حيولة - فرويد وإدوارد سعيد والعالم غير الأوروبي














المزيد.....

فرويد وإدوارد سعيد والعالم غير الأوروبي


سليم بن حيولة

الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 10:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عقدة التمركز حول الذات لدى الأوروبيين والغرب ككل انبثقت منها معظم المفاهيم الغربية حول الآخر كحامل لثقافة مختلفة عن نظيرتها الغربية، وهي عقدة تقوم في الأصل على فرضية استمرارية ثقافية وتاريخية وحضارية تكوِّن إنية الغرب ويدخل في تكوينها الديانة اليهودية والتراث الديني المسيحي وكذلك الفلسفة اليونانية هذه الأخيرة تعتبر لديهم المصدر الوحيد للعقلانية، وينجر وراءهذه العقدة نفي ثقافة الآخر وعدم إعطائها مكانتها المستحقة، بل إن الأمر تجاوز كل ذلك إلى الوصول إلى تقزيمها واعتبارها "لاشيء" بمعنى أنها لا تدخل في مسيرة الحضارة منذ الأزل.
في شهر ماي من سنة 2002 أي قبل عام ونصف تقريبا من وفاته ذهب المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد إلى " معهد متحف فرويد" الموجود بالعاصمة النمساوية فيينا وذلك لإلقاء محاضرته السنوية المعتادة والتي كان عنوانها هذه المرة " فرويد والعالم غير الأوروبي" Freud et le monde non europeen ، ففكر الطبيب النمساوي سيجموند فرويد تعدى ميدان التحليل النفسي إلى ميادين فكرية واجتماعية وفنية أثبت فيها براعته بامتياز، وكم كانت مفاجأة إدوارد سعيد كبيرة حين منعه مسؤول المعهد وأمر بغلق أبواب المعهد في وجهه ولم يسمح له بالدخول لإلقاء محاضرته ، وقد حدث هذا الأمر نتيجة ضغوط جهات عالمية فاعلة خوفا مما سيستتبع محاضرته الهامة تلك من صيت على المستوى الأكاديمي على الخصوص.
إن إدوارد سعيد كان من أكبر المعجبين بفكر فرويد هذا الأخير الذي بدأ في سنة 1934 بفيينا كتابة مؤلَّفه المهم والمؤثِّر والمقلق للصهيونية والمقوض لدعائم المركزية الأوروبية والذي أكمله في العاصمة البريطانية لندن في عام 1939 بعد أن فر إليها هروبا من النازية !!! وقد كان عنوان هذا الكتاب " موسى والديانة التوحيدية " والذي لاقى نقدا لاذعا من قبل الدوائر الأكاديمية الأوروبية التي كانت ما تزال تحرص عقدتها المشعِرة بالتفوق كما كان يمكن أن يلاقي الأمر ذاته من قبل الدوائر الإسلامية، وهذا لأن فرويد يدافع فيه عن فكرة أن موسى النبي كان في الأصل قبطيا من سكان مصر القديمة وقد أتى بالديانة التوحيدية اليهودية التي أصبح اليهود يدينون بها بعد خروجهم من الأسر الفرعوني وهي الديانة التوحيدية نفسها التي عُرفت لدى الفرعون المصري أخناتون الذي كان يؤمن بإله واحد وقام بنبذ الشرك وفرض على رعيته التوحيد وكان ذلك سببا في موته المفاجئ وفي سن مبكرة، وبالنسبة لفرويد فقد أخذ موسى التوحيد من هذا الفرعون الشاب وتكوَّن التراث الديني اليهودي من خلال هذا الاتصال.
كان إدوارد سعيد يريد أن يقدم قراءة لهذا المؤلف المهم والذي بلوره في كتاب سماه " فرويد والعالم غير الأوروبي" Freud et le monde extra européen قام فيه بتوضيح فكرة فرويد وتوسيعها مميطا اللثام عن الهوية اليهودية التي لا تبدأ من ذاتها والوحي الذي جاءها من عند الله -كما يذهب- بل إن التراث الديني والثقافي والحضاري والفني اليهودي تكوَّن عن طريق اتصاله بحضارات وثقافات قديمة عاش اليهود بينهم وتأثروا بهم (المصريون القدامى والعرب والشعوب السامية الأخرى كالآشوريين والهكسوس المعروفين بالعماليق وعلى الأخص شريعة حمورابي في بلاد ما-بين النهرين)، ومن شأن الذهاب هذا المذهب تقويض دعائم أصالة الديانة اليهودية التي يدين بها العبرانيون ومن ثم تفكيك المركزية الغربية التي تدخُل اليهود-مسيحية في تكوينها والتي ترى الأشياء وتحكم عليها من خلال الانطلاق من ذاتها غير معترفة بالاتصال الذي حدث عبر التاريخ مع الشعوب الأخرى وخصوصا الشرقية منها.
لكل هذه الأمور تم منع إدوارد سعيد من إلقاء محاضرته السنوية في معهد متحف فرويد بفيينا لأنه تمس بالهوية اليهودية ومن ثم الصهيونية وتسعى لتحطيم المركزية الغربية والتي عمل إدوارد سعيد على تفكيك أسسها المعرفية من خلال كتبه العديدة ونضاله الفكري الذي لم ينطفئ بموته لأنه ببساطة ما يزال يشغل حيزا هاما من النقاشات الأكاديمة والفكرية.
وفي السياق نفسه يمكن الذهاب إلى أن " القبالة اليهودية " بهذا المنظار تمثل التجارب الحضارية لشعوب عديدة وليس لليهود فقط إذا عرفنا سخط اليهود على فرويد وكارل ماركس حين ذهب الأول إلى اعتبار أن هناك قوى جذرية تتحكم في سلوك الفرد هي بالنسبة له " اللاشعور" بينما جعل ماركس تلك القوى ممثلة في المجتمع الذي يحيط تأثره بالفرد وهو ما برع كلاهما في استنباطه من " القبالة " التي هي ميراث لكل الشعوب التي عاشت جنبا إلى جنب في يوم من الأيام وليس لأمة أن تدعي أنها ملك لها من دون تلك الشعوب.



#سليم_بن_حيولة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد الثقافي وكشف آليات التسلط
- إدوارد سعيد والحرب الباردة الثقافية
- إدوارد سعيد ودَين مدرسة فرانكفورت عليه
- الاستشراق الإسرائيلي واختراق المجتمعات العربية
- الكولونيالية وخطاب التقزيم


المزيد.....




- ظبي بأنف غريب.. ما حكاية السايغا الذي نجا بأعجوبة من الانقرا ...
- مصدر إسرائيلي يكشف لـCNN تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار في غ ...
- حسام أبو صفية لمحاميته: هل ما زال أحد يذكرني؟
- -إكس- و-واتساب- في قلب جدل جديد: تحقيق يرصد حسابات يمنية ترو ...
- الوحدة الشعبية: استهداف سورية العربية حلقة لاستكمال مشروع ال ...
- مبادرة -صنع في ألمانيا-: أكثر من 60 شركة ألمانية تتعهد باستث ...
- لماذا لم تكشف بغداد عن هوية المتورطين بهجمات المسيرات؟
- بدء خروج العائلات المحتجزة من السويداء -حتى ضمان عودتها-
- عاجل| وسائل إعلام إسرائيلية: سلاح الجو يهاجم أهدافا للحوثيين ...
- شاهد.. مطاردة مثيرة وثقتها كاميرا من داخل دورية الشرطة تعبر ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم بن حيولة - فرويد وإدوارد سعيد والعالم غير الأوروبي