أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سليم بن حيولة - النقد الثقافي وكشف آليات التسلط














المزيد.....

النقد الثقافي وكشف آليات التسلط


سليم بن حيولة

الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 06:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن الدراسات الثقافيةCultural Studies" " هي نوع من الدراسات التي لا تهتم بدراسة النص ونقده، بل صارت تأخذ النص من حيث ما يتكشف في خلاله من أنظمة ثقافية تتشكل داخل منظومة مؤسساتية، وأيضا من أجل فهم أمور لها علاقة مع النص، لا تخص بنيته اللغوية أو الأسلوبية، وأصبح النص يُستخدم لاستكشاف أنماط معينة من الأنظمة السردية والإشكاليات الإيديولوجية وأنساق التمثيل والتصوير، فهذا النوع من الدراسات يقف على عـمليات إنتاج الأشكال الثقافية من قبل المؤسسات أوالأفراد وطـريقة توزيـعـها واستهلاكها؛ أي الفعل الذي تُحدثه تلك الثقافة في نفس متقبلها أو الواقع تحت تأثيرها، الأمر الذي يحيلنا دائما إلى قضية المعرفة والقوة التي أشار إليها الفيلسوف والسياسي الإيطالي أنطونيو غرامشي Gramsci (1891-1937)، كما يهدف مشروع النقد الموسوم بالثقافي إلى تحليل الشروط المتسببة في إنتاج مختلف أنماط مؤسسات السيطرة والتأثير داخل ثقافة معينة من خلال تحديد وظيفة كل من القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تُنتج كل أشكال الظواهر الثقافية، وقد أخذ ممثلو النقد الثقافي على كواهلهم محاولة تعديل بنيات السلطة القائمة على تفضيل جنس بشري على آخر أونمط فكري أو إيديولوجي على غيره مما حدا بالبعض إلى اعتبارهذا التوجه النقدي أحد الأنظمة النقدية المنافسة للأدب المقارن لا اعتبارها من الأدب المقارن، ولعل الهيئة الأكاديمية الأمريكية قد قطعت أشواطا معتبرة في مقاربتها النقدية الثقافية فالأستاذ ستيفن توتوسي وهو أحد أبرز منظري النقد الثقافي وكان من قبل أستاذا للأدب المقارن ينحو هذا النحو من الدراسات الثقافية ويعتبر أنها مقاربة سياسية للنصوص تتناول مختلف مكونات الثقافة وآليات إنتاجها مرتكزة على إطار منهجي ونظري مستوحى من الأدب المقارن.

كانت البداية الفعلية للدراسات الثقافية في سنة 1964 حين تأسست في إنكلترا"مجموعة بيرمنجهام للدراسات الثقافية المعاصرة" "Birmingham Center of Contemporary Cultural Studies" ومنه انتشر الاهتمام النقدي الثقافي، متصاحبا مع النظريات النقدية النصوصية والألسنية، ومن ثم انطلقت، في دراستها، مما أُنجز في حقول الأدب المقارن باعتباره جزءا من النقد الأدبي، واهتمت بنقد الخطاب"Le discours" وكشف أنساقه وتمفصلاته، كما أنها جاءت نتيجة لما بعد البنوية وما بعد الحداثة، وما بعد الكولونيالية، حيث ظهرت مشروعات نقدية متنوعة تَستخدم أدوات النقد في مجـال ماوراء الأدبية، وامتدت إلى دراسة علوم تنتمي إلى الحقل الاجتماعي والسياسي، والعلوم الإنسانية بعامة ؛ مستعمِلة أسسَ النقد الأدبي التقليدية وممارسات النظرية الأدبية والمعطيات النظرية والمنهجية في علم الاجتماع والتاريخ وعلوم السياسة، على الرغم من أن هذا لم يؤد بها إلى التخلي عن مناهج التحليل في النقد الأدبي، وقد أصبحت اليوم تحتل جانباً مهماً من اهتمام الأكاديميين ورجال النقد الأدبي في الجامعات الغربية وخصوصاً الأمريكية منها، وسنوات التسعينيات تبقى من أهم السنوات بالنسبة لمثل هذه الدراسات التي مست حقولاً معرفية مثل: الدراسات المختصة بالسود والمرأة والشرقي.

وكتاب"الاستشراق" للمفكر والناقد والمنظر الأمريكي ذي الأصول الفلسطينية إدوارد سعيد(1935-2003) يعتبر أحد نتائج هذه المنهجية الدراسية الجديدة، فانطلاقاً من تصورات الاستعمار، والاستعمار الجديد اللذين هيمنا على جزء كبير من أقاليم الكرة الأرضية وضمن الدراسات الثقافية انكب إدوارد سعيد على دراسة انعكاسات تلك التصورات الاستعمارية في الأفكار السياسية الغربية، والأبحاث التاريخية، وأبحاث الآثار وامتد تحليله إلى رحلات الاستكشاف والأدب الروائي والمسرحي والفلسفة وصولاً إلى الثقافة الشعبية، كما تفحص حقول الأدب واللسانيات مروراً بالخطاب السياسي ونظرية الأعراق ليصل إلى كيفية تمثيلها للشرق، وتقديم صورة عنه في الثقافة الغربية ككل وفي الكتابات الصادرة عن المستشرقين على الخصوص.

لقد كان كتاب "الاستشراق" كما يرى عبد الله محمد الغذامي في كتابه "النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية" عملا يكشف عن العلاقة ما بين المجتمع والتاريخ والنصوصية، من حيث إن صورة الشرق في الغرب تربط خطاب الاستشراق في أبعاد إيديولوجية وسياسية متداخلة مع منطق القوة ؛ هذا الخطاب تُمثله نصوصٌ تنتمي لحقول متعددة وتصدرها مؤسسة ثقافية )أكاديمية أومراكز بحث استشراقية متعددة الاهتمامات والمجالات الدراسية( كانت هي المسؤولة عن تأثير تلك الخطابات في متلقيها، وفي حالة الاستشراق تكون النصوص تصدرعن كل غربي ومستشرق على الخصوص، لتجد تماسكها في مؤسسة الاستشراق، وتصبح من ثم خطاباً يساهم في تقديم صورة عن الشرق الذي يصبح متقبل تلك الخطابات، وجاءت مصطلحات كالاستشراق؛ الذي فرضه إدوارد سعيد كمقولة في نقد الخطاب المؤسساتي عن الآخر.

ما فعله إدوارد سعيد هو أنه بين أن مفاهيم الغرب عن الشرق قد وضعت إطاراً لمفهوم الشرق وماهيته، فأصبح مؤسسة ثقافية بل ساهمت، رغم ادعائها العلمية، في تكريس صورة عن الشرق بعيدة عن الموضوعية، كما حددت، في الآن نفسه، كل معرفة حول الشرق، فالاستشراق أصبح مؤسسة ثقافية مثلها أشخاص، وفي بعض الأحيان مؤسسات بحثية ظهرتأثيرها من خلال عدد كبير من النصوص المنتمية إلى حقول معرفية متعددة.

وما كان يمكن اكتشاف لغة هذا الخطاب وقوانينه الموحَّدة لولا سعة مجال النقد الثقافي، مما يُمكن القول بأن هناك وعيا نقديا أسهم في فتح مجالات الخطاب النقدي وفي تنويعه، أي كما يضيف الغذامي في جعله خطاباً مزدوجاً، إذ يُمارس القراءة والتحليل والـنقد على مستويين معاً، وفي آن واحـد، ينقد الخطاب النقدي القائم كمؤسسة وكانحيازات، ويقتحم الآفاق الأخرى التي لم يكن أحد يراها، هذه المعرفة هي ما تطمح الإنسانية الوصول إليها، ولا شك أن أمام النقد الثقافي آفاقاً رحبة للوصول إلى هذا الطموح من المعرفة.



#سليم_بن_حيولة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدوارد سعيد والحرب الباردة الثقافية
- إدوارد سعيد ودَين مدرسة فرانكفورت عليه
- الاستشراق الإسرائيلي واختراق المجتمعات العربية
- الكولونيالية وخطاب التقزيم


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سليم بن حيولة - النقد الثقافي وكشف آليات التسلط