قمة شنغهاي: بداية مرحلة اصطفاف دولي جديد

فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 2012 - 2007 / 8 / 19 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

انعقد في بيشكيك عاصمة جمهورية قيرغيزيا بتاريخ 16/8/2007 اجتماع قمة الدول الاعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم بالاضافة الى قيرغيزيا كل من : روسيا والصين وكازاخستان واوزبيكستان وطاجيكستان. وتتمتع كل من ايران ومنغوليا والهند وباكستان بصفة العضوية في المنظمة.وثمة دلائل عديدة على ان القمة شكلت بدابة مرحلة جديدة لاصفاف دولي جديد.
وحظي الاجتماع باهتمام دولي واسع لكون ان انعقاده تزامن مع اجراء جيوش الدول الاعضاء في المنظمة مناورات حربية واسعة النطاق في اقليم تشيليابنسك الروسي الواقع في الاورال. وهذه اول مناورات حربية تشارك بها كافة دول المنظمة، وراقب زعماء دول المنظمة المرحلة الاخيرة منها. وتابعت الدول الغربية المناورات باهتمام وتحدث وسائل الاعلام عن روسيا والصين تخططان لاقامة حلف عسكري في الشرق يهدف لمنع امريكا من بسط نفوذها على اسيا الوسطى.
وتشير الدلائل الى ان اهداف منظمة شنغهاي التي اعلن خلال تاسيسها بانها تنحصر بتطوير التعاون الاقتصادي ومكافحة الارهاب، قد اتسعت في ظل التطورات على الساحة الدولية، لتشمل ايضا التعاون الامني والعسكري. وان اهميتها تزداد عاما بعد اخر. ومن السابق لأوانه الحديث الان عن وجود خطط لدى زعماء المنظمة لتحويل المنظمة الى حلف شبيه عسكري بحلف الناتو، ولكن من المؤكد ان الدول الاعضاء وبزعامة روسيا والصين تعمل على تعميق التعاون والتنسيق بينها في المجالين العسكري الامني. ومن دون شك فان روسيا والصين تشعران بالقلق من الخطط الامريكية وحلف الناتو حيالهما. ومن ناحيتها فان جمهوريات اسيا الوسطى وكازاخستان تشعر بالقلق من تنامي الحركات المتطرفة التي تتبنى الشعارات الاسلامية وتكثيف نشاطها من اجل التنافس على السلطة بما في ذلك بطريق الكفاح المسلح، ويفيد ممثلو تلك الجمهوريات بوجود جماعات في بلدانهم مرتبطة بمنظمة القاعدة تعمل على تفجير الوضع في المنطقة.
واذ تعمل روسيا والصين على تفعيل منظمة شنغهاي ودورها الاقليمي، فانها تعطي اشارة واضحة لامريكا وللغرب عموما باحتمال ظهور تكتل قوي على الساحة الدولية، في حال استمرار امريكا سياستها الراهنة القائمة على الاستفراد بالقرار الدولي وتجاهل مصالح الدول الاخري واعتماد القوة فقط لحل المشاكل الدولية وتجاهل القانون الدولي ومنظمة الامم المتحدة والمؤسسات الاخرى التي تنظم العلاقات الدولية. كما ان ظهور منظمة لها مكانتها الاقليمية والدولية سوف يساعد على ادخال موقف روسيا والصين الرامي لبناء عالم متعدد الاطراف الى حيز التطبيق. فان منظمة شنغهاي يمكن ان تظهر كطرف دولي هام، لاسيما وانها تبحث الان امكانية توسيعها بضم اعضاء جدد لها. ووفقا للمعطيات المتوفرة فان ايران من اكثر الدول المتحمسة لنيل عضوية المنظمة. علما بان قمة بيشكيك اجلت البت في قرار توسيع المنظمة وضم اعضاء جدد لها.
وحددت قمة بشكيك بصورة واضحة مواقف دول منظمة شنغهاي من الدولية الراهنة. والمبادئ التي تقوم عليها والمتمثلة بالاحترام المتبادل والمساواة واحترام مصالح كافة الشركاء. ويعني هذا عدم التدخل بالشان الداخلي للدول الاعضاء في المنظمة او حقها بالتعامل مع شركاء من خارج المنظمة.
واختتم اجتماع قمة شنغهاي بالتوقيع على معاهد الصداقة والتعاون طويلة الاجل وبيان مشترك. واشير في المعاهدة الى ان المنظمة تعمل على اقامة نظام دولي عادل وديمقراطي، وتشكيل بناء معاصر للامن الدولي. وحددت اولويات توجهات انشطة منظمة شنغهاي في المرحلة القادمة. وناقشت القمة ايضا قضايا التعاون الاقتصادي وسبل تعميق التفاعل في مجالات الطاقة بما في ذلك تشكيل " نادي الطاقة لدول منظمة شنغهاي للتعاون". كما ناقش الاجتماع تنفيذ برامج التعاون لمكافحة الارهاب والنزعات الانفصالية والتطرف للاعوام من 2007 الى 2009. وتطوير اجهزة مكافحة الارهاب على مستوى اقليمي. ووقع زعماء دول المنظمة خطة عمل لضمان امن المعلومات.
ويعكس الاهتمام الذي اولته مناقشات القمة للوضع الناشب في افغانستان، الى ان دول المنظمة بصدد تفعيل ادوارها بمختلف الاشكال للمساعدة على تطبيع الوضع وانهاء احتكار الغرب لتسوية الوضع بطرق عسكرية وحسب . وناقشت بيشكيك قضية المساعدات الممكنة لتطبيع الوضع. واكد الرئيس فلاديمير بوتين " ان كافة دول منظمة معنية بالاستقرار في افغانستان" ودعا الى عقد مؤتمر يكرس لمناقشة الوضع في افغانستان واقامة " حزام حول افغاستان للدول المعنية بمكافحة تهريب المخدرات".
ان مستقبل منظمة شنغهاي وتوجهاتها لاحقا وخاصة ما يتعلق بتعزيز التوجهات العسكرية والامنية فيها، سيعتمد على التطورات في السنوات اللاحقة، وعلى مدى شعور روسيا والصين من وجود خطط لدى الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما لاحتوائهما كقوتين صاعدتين في الساحة الدولية والحيلولة دون تحولهما من جديد الى قوى منافسة على الاصعدة الجيو/سياسة والاقتصادية.

#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات