أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - تكريس وتنظيم الحق في الإضراب في بعض التشريعات الغربية والعربية المعاصرة















المزيد.....


تكريس وتنظيم الحق في الإضراب في بعض التشريعات الغربية والعربية المعاصرة


سامر أحمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 11:08
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تختلف النظرة إلى الإضراب من بلد لآخر باختلاف الفلسفة السائدة في هذا المجتمع أو ذاك، فأغلب التشريعات ترى في الإضراب وسيلة للحصول على الحقوق المسلوبة ونتيجة لتطور الديمقراطية وقضية حقوق الإنسان بدأ العمال و موظفي المرافق العامة يحصلوا شيئا فشيا على حقوقهم وهذا تدريجيا حتى حصلوا على أقدس حق كانوا محرومين منه منذ قرون طويلة وهو حق الإضراب، لهذا أخذت معظم الدول تنظم هذا الجانب بسن قوانين وتنظيمات سعيا لأحاطته بمجموعة من القواعد التي تنظم ممارسته في بعض الأنشطة والقطاعات، وتحد منه في قطاعات أخرى ومنعه وتحريمه في ميادين الأنشطة الأساسية ذات الطابع الحيوي للمجتمع، إذ نجد دول تعتنق حق الإضراب خاصة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وأسبانيا وإيطاليا وفيما يخص الدول العربية فالأمر يختلف من بلد لآخر كمصر والمغرب ولبنان...
أما عن الدول التي ترفض اعتناقه – الإضراب كبعض دول أوربا الشرقية خاصة ذات النظام الاشتراكي كروسيا، فلم يكن هناك مجال لحق الإضراب في دولة العمال لأنه لا يمكن للعامل أن يقوم بإضراب ضد نفسه وفيما يلي تفصيل لذلك.
الجزء الأول : الإضراب في بعـض التشريعات الغربية
إن اغلب دول العالم خاصة المتقدمة منها تعترف بالإضراب كحق من الحقوق الإنسانية السامية وهذا الاعتراف عادة ما يكون في نص قانوني، غالبا ما يتضمنه الدستور وتأتي النصوص التنظيمية التكميلية لتحديد كيفية ممارسته، والملاحظ في هذا المجال هو أن الاعتراف بحق الإضراب جاء في الكثير من هذه الدول متأخرا.
ففي ألمانيا الاتحادية – سابقا – فالأمر يختلف من مقاطعة لأخرى، حيث يتفاوت اعتراف هذه المقاطعات بحق الائـتلاف فقط، نظرا لعدم الاعتراف الرسمي بالإضراب في الدستور الفيدرالي فعلى سبيل المثال نجد المادة التاسعة من القانون الأساسي لمنطقة بون(Bon) لا تعترف بحق الإضراب وإنما تقر بحرية التحالف، وإنما في بعض المحافظات للجمهورية الفدرالية الألمانية تعترف بحق الإضراب بدون أي تحديد أما باقي المحافظات فهي تعترف بة في الإطار الحقوق الأساسية كما هو منصوص عليه في القانون الأساسي لمنطقة Bon، وما يمتاز به حق الإضراب في الجمهورية الفدرالية الألمانية هو أن حق الإضراب لا يسمح بة إلا إذا كان مصدره النقابة، ونجد كذلك أن القانون الصادر بتاريخ 29 /مايو/ 1949 في المادة الرابعة فقرة 33 تقضي على أن: " الإضراب يعد عنصر لا يتماشى والعلاقات الودية للقانون العام "، ومن ثمة فالموظفين والعمال الذين يعملون في المصالح المختلفة للدولة يمنع عليهم ممارسة الإضراب، وأي مخالفة لهذا الأمر يعرض صاحبه – العامل أو الموظف المضرب – لعقوبات تأديبية من طرد أو إقالة العمل.
أما في إيطاليا فلم يعترف للعمال بحق الإضراب إلا بمقتضى دستور 01 /يناير/ 1984، وذلك ما قضت به المادة 40 منه بقولها: "حق الإضراب يمارس في حدود القوانين المنظمة له."، ووفقا لهذا النص فالإضراب لا يؤدي إلى قطع علاقة العمل أو الحكم بالتعويضات على اثر القيام به، و إنما يؤدي فقط إلى توقف علاقة العمل مدة الإضراب.
ولقد نصت المادة 330 من القانون الجنائي الإيطالي في هذا المجال على أن ترك العمل من جماعة العمال يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، إذا كان هؤلاء العمال أمام واجب عام (سواء كان مصلحة عامة أو خدمة عامة)، فـفي بداية الأمر طبق هذا القانون على عمال الخدمات العامة وعمال القطاع الخاص الذين يعملون في مؤسسات ملتزمة بأداء خدمات عامة إلا انه في سنة 1950 اعترف المجلس الدستوري الإيطالي بمشروعية إضراب عمال الدولة وبصدور القرار رقم 123 الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 1962، لم يعد يعمل بنص المادة 330 المذكور أعلاه و إنما نص على أنها تطبق في بعض الحالات التي ترى ضرورة في ذلك أي عند وجود المصالح العامة المقررة من طرف الدولة في خطر، ومنذ ذلك زاد دور المحكمة العليا في مراقبة كل حالة تطرح أمامها،وبذلك توصلت إلى تحديد الشروط الواجب توافرها من اجل القيام بالإضراب.
وبعد ذلك أصدرت إيطاليا قانون رقم 90-146 المؤرخ في12 /يونيو/1990 المتعلق بالإضراب في القطاع العام وحاول تنظيم هذا الحق – الإضراب- فقد نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن الخدمات العامة الخاصة أو الضرورية هي التي تكون الغرض منها الانتفاع بالحقوق الشخصية المحمية دستوريا، وان تكون هذه الخدمات تؤدي سواء عن طريق الامتياز أو العقد، كما أوجب هذا القانون الإشعار بوقوع الإضراب بخمسة عشر يوما على الأقل من قبل، وبالمقابل وضع وقرر عقوبات لكل من يخالف هذه الشروط، وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون المذكور أعلاه.
فإضراب الموظف العام في إيطاليا يرون فيه عدم اتفاقه مع متطلبات المرافق العامة، وفي هذا المجال وضعت طرق متعددة لحل جميع متطلبات الموظفين ومثال ذلك المؤسسات التحكمية والمفاوضات المباشرة دون اللجوء إلى الإضراب الذي يعتبرونه وسيلة من وسائل العنف التي لا تنسجم والمواطن الإيطالي.
بينما في أسبانيا والبرتغال لم يصبح حق الإضراب مشروعا إلا في سنة 1977 وقبل هذا العام كان يتم إخفاء كل خلاف يقع بين العمال وأصحاب العمل تحت شعار الدفاع عن الوطنية، إلا انه بعد ذلك تم تنظيم حق الإضراب بنصوص قانونية واعترف بة دستوريا، ففي أسبانيا وبعد انتهاء نظام فرانكو وبصدور المرسوم الملكي رقم 17 الصادر في 04 مارس1977 والخاص بعلاقات العمل والذي اعترف بحق الإضراب وحق غلق المصنع من طرف رب العمل، كما نص دستور27ديسمبر1978 في المادة الثانية الفقرة 28 بقولها:" القانون الذي ينظم استعمال حق الإضراب سيؤسس الضمانات الضرورية لاستمرار أداء الخدمات" .
ومن بين تشريعات الدول الأوروبية التي احتوت على أطور قواعد قانونية لحق الإضراب نجد الدستور المكسيكي في جزئه المتضمن الإعلان بالحقوق الاجتماعية في الفرع23 المادة الأولى والتي تقضي بأن: " الإضراب والوقف عن العمل قد يعترف بهما كحق للعمال وأرباب العمل وفقا للقانون." والفقرة الموالية تنص في مضمونها: " أن الإضرابات تكون قانونية حيث الهدف منها وضع توازن بين عوامل الإنتاج بالتوفيق بين حقوق العمال وحقوق أصحاب العمل ."
أما عن بلغاريا التي اعترفت باللجوء إلى الإضراب بصدور القانون المؤرخ في 06 مارس 1990 والمتعلق بتنظيم المنازعات الجماعية حيث ينص في المادة 10 منه على انه: " إذا لم يؤخذ بطلبات العمال بعين الاعتبار ولم توجد لها آذانا صاغية تستجب لها، فإنهم يقومون بإضراب رمزي"، حيث توضع لافتات معبرة عن الرفض أو بطاقات أو إشارات أخرى رمزية ملائمة دون التوقف عن العمل.
واللجوء إلى الإضراب في بلغاريا يستوجب شروط وهي ضرورية لشرعيته ومن بينها المفاوضات المباشرة بين العمال ورب العمل والمنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون المذكور.
وفي حالة فشل المفاوضات في حل النزاع فعلى أحد الطرفين أن يتوجه أما إلى الوزارة المعنية أو المجلس الشعبي البلدي أو الاتحاد التعاوني المختص، و إما إلى المديرية المركزية للتنظيم الاجتماعي كما نص القانون عن ضرورة إبقاء العمال داخل المؤسسة خلال الإضراب مدة العمل وان لا يعرقلوا سير العمل وهـذا ما نصت عليه المادة 12 بـقولها: " يجب على العمال خلال الإضراب أن يبقوا بالمؤسسة خلال ساعات العمل، ولا يمكن للعمال المضربين أن يقوموا بأي عمل يعرقل السير العادي للنشاط الذي لا يدخل في إطار واجبهم المهني".
وفي الولايات المتحدة الأمريكية سمح لأول مرة بممارسة الإضراب في عام 1914 مع خضوعه لبعض الشروط .
ولقد لعب القضاء رغم هذه النصوص دورا هاما في الولايات المتحدة الأمريكية حين أعطى للإضراب القواعد التطبيقية الخاصة به، وعن عمال المرافق العامة فقد اعتبر التشريع الأمريكي إضراب أي موظف أو عامل من عمال المرافق العامة تنازلا فعليا عن عمله فلا يلاحق أمام المحاكم الجزائية ولا حتى أمام مجالس تأديبية، بل يعتبر مفصولا من وظيفته بشكل آلي، لأنه اخذ على عاتقه مسؤولية ترك العمل الوظيفي وتعطيل سير المرفق العام.
ووفقا لقانون تافت هرتليTafthartley) (الصادر في 23 /يونيو/ 1947 ومن خلال المادة 305 منه نجد انه منع كل شخص عامل مستخدم من طرف السلطات العامة أو من طرف إحدى أجهزتها أن يقوم بإضراب كما منع كذلك هذا القانون الشخصيات المعنوية والتي تعتبر ملك للدولة وهي جزء لا يتجزأ منها، وكل عامل أو موظف شارك أو قام بإضراب يفقد صفته كموظف لمدة ثلاثة سنوات.
وقد يكون النزاع الجماعي ممنوع مؤقتا بمعنى أن يمنع من أي خلاف أو أي نزاع بين العمال و أصحاب العمل بصفة مؤقتة، كما وقع بالأرجنتين خلال عام 1976 وفقا للقانون رقم 21263، بموجب هذا القانون أوقف استعمال حق الإضراب مؤقتا، ومنع بذلك استعمال أي أسلوب للدفاع من طرف العامل.
وهناك من الدول التي لا تعترف بالإضراب مطلقا ورأت في ذلك عدم تطابقه والإيديولوجية السياسية للبلاد ومن بين هاته الدول روسيا وذلك في دستورها الصادر بتاريخ 07 أكتوبر1977 والذي استمد نصوصه من الدستور الروسي السابق لسنة 1936 وخاصة ما جاءت بة المادة 60 منه، ويتضح من نص هذه المادة بأن على العمال احترام قواعد العمل لان الإخلال أو التعدي على العمل يتنافى ومبادئ المجتمع الاشتراكي وكل خلاف أو نزاع عمالي يجب عرضه على المحاكم والتي أطلق عليـها تسـمية محـاكـم الرفـاق ،ومن المهام التي أوكلت لهذه المحاكم الحفاظ على تهذيب العامل داخل إطار اشتراكي واحتراما لمبادئ الحياة الاشتراكية .
وفي بريطانيا وخلال عام 1562 تم منع أي تحالف، ولقد نص القانون البريطاني على أن يعاقب كل تحالف دائم أو وقتي للعمال، وفي سنة 1824 صدر قانون الغي المنع المتعلق بتكوين تجمع يسمح بتأسيس تكتل مهني من اجل الدفاع عن المصالح المشتركة.
وعلى إثر إضراب وقع في سنة 1926 ظهر قانون29 /يوليو/1927 هذا الأخير صدر لتحديد حرية الإضراب بشكل ضيق ومشدد ومنع كل إضراب وكل غلق لأي مصنع بسبب التضامن مع الجماعة المضربة وهذا القانون الغي قي سنة 1945، وأصبح حق الإضراب مشروع قانونا، واستثنى المشرع حالة استعمال العنف.
الجزء الثاني :الإضراب في بعـض التشريعات العربية
من الدول العربية التي اهتمت بفكرة الإضراب نجد الجمهورية المصرية العربية، فـقد ورد حكـمه – الإضراب- في القانون رقم 24 لسنة 1951 بصورة رادعة حيث كان الإضراب في السابق لا تطالة أي عقوبات وان وجدت فلا تعتبر مشددة، الشيء الذي أدى إلى نشوب موجات الإضراب شملت جميع طوائف الموظفين تقريبا مما استلزم وجوب استصدار قانون جديد ليشدد بة العقوبات على الإضراب الغير الشرعي،إذا نصت المادة التاسعة من القانون رقم 02 لسنة 1977 الصادر في أعـقاب أحداث يومـي 18 و19 يناير 1977 على معاقبة العاملين الذين يضربون عن عملهم عمدا متفقين في ذلك، أو لتحقيق غرض مشترك بالأشغال الشاقة المؤبدة، إذا كان من شأن هذا الإضراب تهديد الاقتصاد القومي، وقرر المشرع كذلك توقيع العقاب على المحرضين على الإضراب.
فبالنظر إلى القانون رقم 24 الصادر سنة 1951 يتبين أن المشرع المصري قسم عمال المرافق العامة إلى فئتين، فئة الموظفين العموميين (عمال المرافق العامة الني تدار بطريق الريجي ).
فقد شدد المشرع المصري العقوبة على الإضراب الذي يقع من ثلاثة فأكثر أو من موظف بمفرده فقد عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن مائة جنيه، وإذا كان ترك العمل أو الامتناع عن القيام بة من شأنه أن يحدث اضطرابا أو فتنة بين الناس أو إذا اضر بمصلحة عامة وقصد بذلك عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه.
فيعاقب فاعله بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها، أما عن المحرضين فقد وضعهم المشرع في مركز خاص نظرا لخطورتهم البالغة فقرر لهم عقوبات خاصة تليق بخطورتهم وذلك ما قضت به المادة 124 من القانون السالف الذكر، ولقد أضاف هذا القانون جميع الأجراء الذين يشتغلون بأية صفة كانت في خدمة حكومة أو في خدمة سلطة من السلطات الإقليمية أو البلدية أو القروية والأشخاص الذين يندبون لتأدية عمل معين من أعمال الحكومة أو السلطات المذكورة، أما الفئة الثانية لعمال المرافق العامة فقد سوى قانون سنة 1951 بين جميع عمال المرافق العامة في تحريم الإضراب حيث لم يميز بين عمال مرافق الامتياز وغيرهم من الموظفين في تحريم الإضراب ولم يقتصر على ذلك بل شمل عمال المرافق العامة والمدارة بأي طريقة كانت وامتد هذا القانون إلى المستخدمين والأجراء الذين يقومون بخدمات عامة أو بعمل يسد حاجة عامة ولو لم يكن موضوعا لها نظام خاص وبذلك فهي تشمل عمال المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تؤدي خدمات هامة للجمهور، وان كانت لا ترقى إلى مرتبة المرافق العامة ، كعمال شركات الصناعات الكبرى والمستشفيات الخاصة...
فهؤلاء و أمثالهم يقومون "بعمل يسد حاجة عامة "ولم يوضع له نظام خاص كما هو الشـأن في المرافق العامة.
أما عن التشريع الأردني فلم يتعرض المشرع فيه لتنظيم الإضراب، وبيان معالمه، واكتفى بالنص على خطر إضراب الموظفين في نظام الخدمة المدنية، ولقد اعتبر المشرع الأردني الإضراب غير مشروع نظرا لخطورة نتائجه وما يترتب عنه من أضرار وتعطيل لسير المرافق العامة باطراد،وعن العمال العاديين فلقد النص القانون الأردني على انه : " لا يجوز لأي عامل أن يضرب دون أن يعطي صاحب العمل إشعار بالإضراب حسب الصورة المعنية بالأنظمة المختصة قبل مدة لا تقل عن أربعة عشرة يوما من تاريخ الإضراب، أما إذا كان العامل مستخدما في إحدى خدمات المصالح العامة ، فيكون إرسال الإشعار قبل مدة لا تقل عن ثمانية وعشرين يوما ".
ونعتقد أن منح المشرع الأردني لمدة الإشعار المسبق اعتبر بمثابة عرقلة للإضراب وخاصة في المصالح العامة.
أما في القانون العراقي فقد منع ممارسة الإضراب بنص المادة 346 من قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 والتي تقضي على انه: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ترك عمله ولو بالاستقالة أو امتنع عمدا عن واجب من واجبات وظيفته أو عمله متى كان من شان الترك أو الامتناع أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر، وكان من شان ذلك أن يحدث إضرابا أو فتنة بين الناس أو إذا عطل مرفق عاما ويعد ظرفا متـشددا إذا وقع الفعل من ثلاثة أشخاص أو أكثر وكانوا متفـقين على ذلك أو متيقنين من تحقيق غرض مشتـرك، أما عن نص المادة 365 من القانون المذكور أعلاه فقد قضت على معاقبة من يتعدى أو يشرع في الاعتداء على حق الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة في العمل باستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة.
وعن الإضراب في لبنان فقد اعتبر في ممارسته جريمة يستحق فاعلها عقوبة جزائية ويصل هذا العقاب ليشمل أيضا أرباب الأعمال الخاصة والمستخدمين في القطاع الخاص في أحوال معينة، فقد نص القانون الجزائي اللبناني على عقوبة التجريد المدني للموظفين الذين يربطهم بالدولة عقد عام وذلك إذا اتفقوا على وقف أعمالهم أو على تقديم استقالتهم خاصة إذا أدى ذلك إلى عرقلة سير إحدى المصالح العام.
إلى جانب ذلك تطبيق عقوبة الحبس أو بالإقامة الجبرية مدة ثلاثة أشهر على الأقل في حالة توقف أحد أرباب العمل أو رؤساء المشاريع أو المستخدمين أو العمال بالتوقف عن العمل بقصد الضغط على السلطات العامة أو احتجاجا على قرار أو تدبير صادر عنها.
ونشير إلى أن المشرع اللبناني سعى لحماية انتظام سير المرافق العامة ذات الأهمية المتميزة لحياة الأفراد اليومية كمرافق النقل والمواصلات البريدية والتليفونية ومرافق المياه والكهرباء، فنص في هذا الصدد على معاقبة كل اغتصاب يقوم بة أكثر من عشرين شخصا بقصد توقيف وسائل النقل بين أنحاء لبنان أو بينه وبين البلدان الأخرى، والمواصلات البريدية والبرقية والتليفونية أو إحدى المصالح العامة المختصة بتوزيع المياه والكهرباء بالحبس وبالغرامة.
فبالرجوع إلى المرسوم التشريعي رقم112الصادرفي12 يونيو1959 المتعلق بنظام الموظفين فقد قضى على منع الموظفين القيام بالإضراب أو التحريض عنه، كما منح هذا المرسوم للإدارة سلطة اعتبار الموظف المضرب عن العمل مستقيلا من الوظيفة وله حق إحالته إلى المجلس التأديبي مع ما يستتبع تلك الاستقالة أو الإحالة من نتائج على أوضاع الموظف المالية.
أما عن الإضراب في المغرب فقد اعترف بحق الإضراب في الدستور المغربي الصادر عام 1962 في المادة 14 منه، واعتبرته وسيلة من الوسائل المشروعة للدفاع عن الحقوق النقابية وتحسين الأوضاع الاجتماعية للعمال وقد نصت المادة 13 منه على هذا الحق كذلك، ورغم دستورية حق الإضراب إلا انه في الميدان العملي كان هناك اعتداء من طرف السلطة على هذا الحق في الكثير من الأحيان بحجة عرقلة حرية العمل والإخلال بالنظام الداخلي للعمل وهذا الإجراء يقع ضمن العقاب الجنحي.
من الدول العربية نجد كذلك ليبيا التي تصت في القانون رقم 297058 الصادر في 01 مايو1970 حيث نصت المادة 150 منه على منع اللجوء إلى الامتناع عن العمل سواء من طرف العمال أو أصحاب العمل إلا باستنفاذ إجراءات التوقف مع سبقها باللجوء للتحكيم، ولقد نصت المادة 151 من نفس القانون على أن حق الإضراب في ليبيا لم يعترف بة كليا إذ انه للعامل أو صاحب العمل الحق في الإضراب إذا صدر لصالح الطرفين حكم نهائي أو قرار من هيئة التحكيم أو كان محضر مجلس التوقف منهيا للنزاع وامتنع الطرف الآخر عن تنفيذه خلال أسبوع من تاريخ إغلاقه ، فيجب أن يخطر أحد الطرفين كل من الطرف الآخر ومدير العام للعمل بالعزم على الإضراب أو وقف العمل بكتاب مسجل قبل الموعد المحدد لبدء الإضراب أو وقف العمل بأسبوعين على الأقل ، وعليه فالإضراب في التشريع الليبي معترف به لكن هذا الاعتراف مقيد مما ينقص من فعاليته في المجال العملي وبالتالي تنقص من وجوده ووجود نتائجه .
وعن التشريع السوداني فقد جاء في بعض النصوص القانونية على انه يحظر على العمال والموظفين التوقف عن العمل كليا أو جزئيا، ويحظر على المستخدم قفل مكان العمل كليا أو جزئيا بسبب نزاع عمالي إلا في الحالات التالية:
- قبل الدخول في المفاوضات.
- بعد تقديم أي طرف طلب للتوقف مباشرة.
- أثناء إجراءات التوقف.
- بعد قرار الوزير أو المدير بإحالة النزاع إلى التحكيم مباشرة.
- أثناء إجراءات التحكيم.
إما عن موقف القانون البحريني من الإضراب فقد نظم المشرع البحريني أحكام الإضراب بالنسبة للعاملين الخاضعين لقانون العمل أو أنظمة الخدمة المدنية بموجب المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بإصدار قانون النقابات العمالية، فقد اعتبرت المادة (21) من ذلك المرسوم بقانون أن الإضراب وسيلة مشروعة للدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم، وقد وضعت عدة ضوابط لذلك هي:
- موافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الذين تتألف منهم الجمعية العمومية للنقابة من خلال الاقتراع السري.
- منح صاحب العمل مهلة لا تقل عن أسبوعين قبل الشروع في الإضراب، وإخطار الوزارة بذلك.
- أن يكون الهدف من الإضراب تحقيق مطالب اقتصادية واجتماعية خاصة بالعمال.
- عدم المساس بأموال الدولة وممتلكات الأفراد وأمنهم وسلامتهم. وكما استثنت الفقرة هـ من المادة 21 المذكورة بعض القطاعات الهامة والحساسة من الإضراب حيث جاء في تلك الفقرة (عدم جواز الإضراب في المرافق الحيوية الهامة وهي: الأمن – الدفاع المدني – المطارات – الموانئ- المستشفيات – المواصلات – الاتصالات السلكية واللاسلكية – الكهرباء – الماء)، كما تضمنت الفقرة ز من المادة 21 - عدم جواز اللجوء للإضراب إلا بعد تعذر الحل الودي بين العمال وصاحب العمل.
من خلال ما سبق توصلنا إلى أن اغلب تشريعات الدول الرأسمالية تعتبر الإضراب حقا مشروعا باعتباره من الوسائل الفعالة التي يلجأ إليها العمال للدفاع عن حقوقهم وذلك نتيجة لوجود طبقة كبيرة من أصحاب العمل مسيطرة على اليد العاملة بما تمتلكه من رأسمال قوي، وخوفا من تستغل هذه الفئة من العمال وتسخرهم لخدمة مصالحها – طبقة أصحاب العمل- حرص المشرع على أن يكفل للعمال حق الإضراب كسلاح للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم.
أما عن تشريعات الدول الاشتراكية ففكرة الإضراب فيها غير مجسدة نظرا لان هذه الفكرة ترتبط أصلا بالمجتمع الطبقي لان الإضراب هو السلاح الفعال الذي يستخدم في صراع الطبقات، وبما أن المجتمعات الاشتراكية قد وضعت حدا لهذا الصراع، فإذا تم القيام بالإضراب من الناحية الفعلية فإنه سيقمع لاعتباره اعتداء صارخ على سلامة و أمن الدولة نفسها، وما يجب تأكيده هو انه لا يمكن أن ننفي عدم وجود نزاعات أو خلافات عمالية جماعية في الدول ذات التوجه الاشتراكي، كالذي وقع في بولونيا سنة 1980 فحق الإضراب معترف بة بصفة مطلقة في القطاع الخاص، لان الاعتراف بة –الإضراب– في هذا القطاع ليس فيه مساس بالمصالح العليا للاقتصاد وبحسن سير المرافق الضرورية، وإذا تم الاعتراف بة في بعض ميادين وقطاعات النشاط العام وجب تقييده ببعض الشروط لتجنب اللجوء إليه كأن يسبق مثلا بإخطار مسبق يمكن ممثلي المضربين والسلطة الوصية من اتخاذ كافة الاحتياطيات الوقائية وتعجيل الحلول الملائمة لتجنب وقوعه،لان زيادة الاختلافات بين العمال و أصحاب العمل يؤدي إلى سخط العمال .
عليه يمكن القول انه بصدور أي تشريع يجيز ممارسة الإضراب يجب أن يتم تنظيمه حتى لا يكون عند ممارسة تعارض مع المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة مما تؤدي بالمساس بمصالح المجتمع الأساسية.

ملاحظة : للمقال مجموعه من المراجع التى استند عليها.



#سامر_أحمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقترح جديد لمشروع :قانون الجريدة الرسمية للسلطة الوطنية الفل ...
- اللجنة المعنية بحقوق الإنسان..اختصاصها بالنظر فى تقارير الدو ...
- الإسلام وقواعد القانون الدولي الإنساني
- مبدأ سيادة القانون
- حماية المعوّقين في المواثيق الدولية والتشريع الفلسطيني
- جان زيغلر: الأمم المتحدة ومكافحة الجوع *** تعليق على المقال
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- أوجه الالتقاء والاختلاف بين القانون الدولي الإنساني وحقوق ال ...
- مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني المحلية في مخيمات لبنان
- تعريف الإضراب في القطاع العام والخاص وأشكالة
- التطور التاريخي للإضراب في فلسطين


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - تكريس وتنظيم الحق في الإضراب في بعض التشريعات الغربية والعربية المعاصرة