أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة / في حضرة حمورابي















المزيد.....

قصة قصيرة / في حضرة حمورابي


حسين سليم
(Hussain Saleem)


الحوار المتمدن-العدد: 1983 - 2007 / 7 / 21 - 05:35
المحور: الادب والفن
    


" لأقضي على الخبيث والشر
لكي لا يستعبد القوي الضعيف
ولكي يعلو(العدل) كالشمس فوق ذوي الرؤوس السود
ولكي ينير البلاد من اجل خير البشر"

[ حمورابي ]


.. في المرة الاولى تراءى لي حمورابي، نفسه بانفه الكبيرولحيته الطويلة ، ومن حوله الكهان والوزراء ، الذين لايعرفوا الا ان يقولوا نعم . وكان يقف امامي مذكرا اياي بقوانينه ،... كان ذلك في عشية راس السنة الجديدة ، امسكت قطعة الليمون ، التي وضعتها على حافة الكاس امامي ، وعصرتها بأطراف اصابعي ورميتها في قعر الكأس ، واخذت احركها مع الفودكا والثلج بالقصبة البلاستكية ، وحين وضعت الكاس ، كان ضوء الشمعة المتماوج امامي ، ينعكس على خدها العريض ، فيظهر كقرص شمس ساعة الغروب على نهر دجلة ، كما تغدو كأسي ذات لون اصفر محمر ، مع الوقت لم اعد اذكر ، هل جاء لون كأسي من اثر ضوء الشمع ام من اضافة البيرة الى مزيج الفودكا والثلج ،... حينها تعددت رؤية الصورة امامي ، اذ تراءى لي باشكال مختلفة،... وكانت الموسيقى صاخبة قي بار( مكارفس) ، كنت منتشيا ، في هذا المكان الجميل، ارشدني اليه ، عامل امريكي، قبل يوم من تسريحي من العمل ، رواده ، كانوا كاولاد محلة واحدة ، صور كثيرة معلقة لهم، تجمعهم سوية في مناسبات مختلفة، صالة البليارد واسعة ، تقع عند اطراف البار ، واجهاته مطلة على الشارع الرئيسي لمدينة( مانشستر) ، مدينة جميلة وهادئة ، نهر(مريماك) ، كدجلة ، يقسم المدينة الى جانبين ،.. وادارت الخمرة مع موسيقى الروك رأسي ، وبقي جسدي يتماوج مع تقاسيم الانغام الجميلة في مكانه ، ولم اعد اذكر هل كان الكرسي يحرك عضلات جسمي ام انا الذي كنت اراقصه،على طرفيه الخلفين ،...
.. كانت هناك مسافات زمنية تمتد لآلاف السنين بين الرؤية الاولى والثانية والاف اخرى بينهما وبين الرؤية الثالثة ،.. فيما كانت هي تظهر لي باشكال مختلفة ايضا ، في اماكن متفرقة ، لقد جعلها الله حاسة للعقل ، منذ ان خلفتها هناك ، حيث الاهل ،وكان لنصفهاالثاني خاصية الالتصاق معي هنا ايضا ، .. وكنت عاريا حين قال لي: لو اعفاك الرئيس فسوف انفذ االقانون ! وكان علي ان اناديه سيدي ، كيف لا ، والعبد عقوبته قطع الاذن ان لم يقل سيدي لسيده! .. كانت الالواح كثيرة ومتناثرة في القاعة التي اقف فيها خاضعا ذليلا امام حضرته ، في المعبد الذي بناه لحبيبه الاله( شاماش) ، إله الشمش والعدالة، كانت هناك حزمتان من اشعة الشمس تنير المكان ، تبرزان من كتفي الاله فتسقط على موجودات القاعة ، الواح من حجر الديوريت، تمثل القوانين المختلفة في شؤون الحياة ، واخرى توصيات لمن يحكم بعده ، وعقوبات لمن يخالف نصوصه ، وهناك دعوات للآلهة لمعاقبة الملوك الذين يخالفونها من بعده ،... كما تراى لي في المرة الثانية ضابط برتبة عقيد ، وحوله ثلة من الجنود ، بعضهم بلحى طويلة ، كان محاطا برجال قد تحولوا الى كائنات حجرية، كاكية مطعية ،... وكنت عاريا ايضا امامه، بعد الآف السنين ، قلت : مولاي ! لقد جردني احفادؤك من ملابسي ، كانوا ثمانية ، وكنت كرة بينهم، فيما هم يصرخون: اخلع... اخلع وقبل ان اجيب يلكمني احدهم الى الآخر ، وهذا يركلني الى التالي ،... قلت له حينها: يا رفيق ! كما ينادونه ، فاتتني صفعة قوية على وجهي/حمار ، قل سيدي/ الدنيا صغيرة وقد نلتقي يوما ما/ هاج وعربد كمن لدغه ثعبان. انت تهددني/ وصفعة اخرى على اذني/ سيدي ! لا ولله اقصد بها قد يحتاج احدنا للأخر/ واردف مرة اخرى ، صاعقا لو اعفاك الرئيس فسوف انفذ القانون ! ،... كانت كرات البليارد تتدحرج ، تتصادم ، وكانت العصا الواحدة تلد اخرى وهذه اخريات ، تضرب راسي ، ظهري ، بطني ، واحيانا اراها اياد ثقيلة ترفعني في سماء الغرفة / قل من معك ؟ والله لااحد / كيف اختفيت كل هذه المدة الطويلة ؟ من ساعدك؟ / والله انه مجرد هروب من العسكرية؟ وجدنا اسم البير كامو في محفظتك ؟ قل من هو البير كامو ؟ ... / وكان عليّ ان اصرف نصف ساعة، كل يوم امام المرآة اجاهد للصقها بالنصف الطبيعي بمادة طبية خاصة،... وكنت اسكر ولا اسكر ، فكلما ازدحمت الذاكرة ، صار الخمر ماءً ، والدمع مدرارا ينساب على الكاس ، اشرب مولاي ولااسكر ! يا سيد البلاد ، بعد الالاف السنين ، اتعرى امامك كماعروني ، لقد قطعوا اذني ! تنساب الدمعات ورأسي نحو الارض ، شعرت بالمهانة نفسها يوم وقفت امام الطبيب ، وهو يقول ما بك؟ ورفعت يدي الى اذني اليمنى، رافعا الشعر الذي كان يغطيها ، ادرت راسي محاولا ان لاارى عينيه، كما اشحت بوجهي عنه هنا .. كان صامتا ، جامدا، لايجيب / هاانا مولاي انفد بجلدي من بلاد اللاعودة ،الى بلد تعلم منك الكثير ، واضاف الجديد، لم احمل معي الا جراحات الزمن الغابر ، وقلب مدمى ، تشظى مزقا ، مابين مخالب ليل كافر ، اطعمني العلقم ، ونهار يتعقبني فيه جلا ّّ، عفاريت حجرية ، لاتفقه شيئا. وسالني الحكيم ، الذي لم يعتمر قرني الآلهة،ولم يمسك بيده صولجان الاعوجاج، وماذا حل بالناس ؟ لقد تحققت دعواك مولاي / كيف؟/ بعد ان عصى احفادوك نصوصك ، حل بالبلاد الدمار والخراب / وكيف حدث هذا/ لقد التزمت الآلهة بمعاقبة من عصي من احفادك ، وقامت الدنيا واقعدتها ،( أنوان) نزع عنا المجد ،( انليل) زرع الفوضى ،( هدد) اغرق البلاد بالطوفان مرات، و(عشتار) كسرت شكيمة جنودنا ،( نرجال) احرق شعبنا وجعله نصفين ،... اهتز مرتعشا ، كانه وليد يخرج اللحظة من بطن امه صارخا ، من فترة جموده ، يهتز، راسه يحدث شقوقا صغيرة في الحجر المحنط به ، يهتز كل شيء في القاعة ، كما يرتج البار بزبائنه من الخمرة ،.. بعد كل هذه السنوات و منذ لوحنا الاول، تقطع اذنك! كانت اولى الكلمات هنا ، وكان اول قانون هنا ، وكانت اول شجرة هنا ، واول الانبياء هنا ، وتقطع اذنك؟! نعم مولاي ، والادهى ، تقطع الاخرى ، في حالة التكرار، ومنا من وشمت جبهته ، ويعاقب بالمثل ، كل من تستر علينا، كما يعاقب كل من حاول تجميل الاذن ، او ازال الوشم! وحالنا لا تسر، نهران وليس لدينا ماء ، ارضنا جدباء ، نطوف في بلدان ، اجسادنا فيها ، لا ارواحنا، والموت يحصدنا متواصلا، معلما بارزا في حياتنا ، كأننا خلقنا نولد لنموت بعد عذاب متناسل مولاي! ... كان الجميع لحظتها ، يترقب دقات الساعة ، لدخول سنة جديدة لعالم جديد. كان الرقص والغناء في اوجه ، الاحلام والامنيات المتبادلة، تتناثر بالبار ، حينها تراءى لي هو، ومن خلف وجهها الجميل ، في المرة الثالثة على حقيقته،.../ سألت هي : هل ترغب بكأس اخرى؟ وكأنها حبيبتي البعيدة ، القريبة تقول أترغب باستكان شاي اخر / ارجوك/ .. اذ كان ( سناتا) بملابسه الحمراء الجميلة ولحيته البيضاء ، الصافية ، كلون الطفولة، يحيطه اثنان من مساعديه، يهم بتوزيع الهدايا والاماني ، بعالم جميل. وحين دقت الساعة معلنة بداية العام الجديد، تعالت الاصوات مبتهجة، تتبادل القبل، تكسرت الالواح امامي ، كما تهشم رأسه ، وتناثرت كلمات شريعته ، في فضاء القاعة ، بينما وضعت يدي على اذني الاخرى ، مخافة ان تقضمها حجرة حادة اخرى من شظايا لوحته المتطايرة.
وكان ذلك عشية رأس السنة الجديدة ، امسكت قطعة الليمون ،التي وضعتها على حافة الكأس امامي ، وعصرتها باطراف اصابعي ورميتها في قعرالكأس، و .... فيما اخرجت بعض قصاصات ورق ،لأكتب ؛ في المرة الاولى تراءى لي حمورابي،...

أمريكا/ تموز2007



#حسين_سليم (هاشتاغ)       Hussain_Saleem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة جدا
- ! ملعون ذاك الذي يطرب سجانه
- يعيش الحزب ... يموت الشعب
- قصص قصيرة جدا
- انفلاونزا الطائفية
- إلى من يهمه الأمر " موت معلن " بلا وقائع


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة / في حضرة حمورابي