أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين القيسي - الجواهري















المزيد.....

الجواهري


علي حسين القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 05:20
المحور: الادب والفن
    



عشرات الكتب ومئات البحوث والمقالات كتبت بلاشك، عن شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري (1901-1997) ومن المؤكد سوف لن يكون كتاب (الجواهري فارس حلبة الادب) الصادر حديثا عن مؤسسة المدى بـ 279 صفحة للاديب المخضرم محمد جواد الغيان، اخرها.. لما يشكله الجواهري من قيمة عليا في المشهد الادبي العربي والعالمي كونه (ظاهرة كونية)... ولكن ماجدوى الكتاب بعد/ الجواهري شاعر العربية -عبد الكريم الدجيلي 1972 والجواهري ونقد جوهرته-د. عبد الله الجبوري 1968وما كتبه هادي العلوي.
والجواهري شامخا في حياته ومماته -فاروق سعد 1997. والجواهري صّناجة الشعر العربي -د. زاهد محمد زهدي 1999. والجواهري دراسة ووثائق - ومحمد حسين الاعرجي...
وهل تركت هذه الكتب المعتبرة شيئا لم تذكره عن الجواهري؟... فلكل كتاب من هذه الكتب الممتازة خاصية تميزه عن غيره.. ولكن خاصية كتاب الغبان هذا تنطوي على ميزة فريدة تفتقدها تلك الكتب السالفة، تتمثل اولا في معايشة صاحبه للجواهري عقودا طويلة، ومرافقته إياه في مرحلة مهمة من تاريخ العراق الحديث عند تاسيس إتحاد الأدباء العراقيين ونقابة الصحفيين فضلا عن انه والجواهري من بيئة واحدة، هي بيئة النجف الاشرف موئل الشعر وكعبته.
وبذلك يكون معنى قول ميشيل فوكو الفيلسوف الفرنسي المعروف: (ان تاليف كتاب ما يعني من زاوية معينة الغاء كتاب سابق) قد تحقق!!..
يزيح الغبان في كتابه الستار عن وجه القصائد الجواهرية ويفك اسرارها اذ هو واحد من أفراد معدودين يملكون مفتاح ذلك. ففي كل قصيدة تقرؤها للجواهري تجد نفسك أمام بناء هندسي فخم، متكامل البناء على احسن ما يكون ان يبدعه المهندسون الحاذقون، وترى نفسك أيضا ان ذلك البناء الشامخ مسكون بالاحاسيس، عامر بالمشاعر التي تلتهب وتتوهج في حنايا نفس ذلك الشاعر. ولا تستغرب من نفسك حين تستمع الى قصائد الجواهري اذا كنت تسمع في كل بيت من ابياتها الى نبض الجواهري، والى خفقات قلبه، ورعشات احساسهكما انك ستحس في ما بين تلك الابيات من القصيدة الى أنفاسه اللاهبة وهي تتوهج ضرما مشحونا بالقلق والضجر والتوتر الذي يطغي على تلك الانفاس. وذلك من اكبر واعمق ما يتميز به شعر الجواهري... بهذه الكلمات الساخنة المشحونة بالحب والاعجاب يسطر محمد جواد الغبان صفحات كتابه (الجواهري فارس حلبة الادب) وقبل ان نغوص في سطورها ينبغي ان نعرف سبب التسمية التي يقول الغبان عنها: ليست من عندياتي ولا من مبتكراتي، انما هو لقب منحه اياه خالنا المغفور له الشيخ محمد علي اليعقوبي عميد (جمعية الرابطة الادبية) في النجف في العشرينات من القرن العشرين، وبالتحديد عام 1926 يوم كان الجواهري في حوالي الخامسة والعشرين من عمره، وقد نظم تقريظا لديوان خالنا الشيخ اليعقوبي (المقصورة العلية في السيرة العلوية) المطبوع في النجف عام 1926 فنشر الشيخ اليعقوبي ذلك التقريظ بين التقاريظ الاخرى في اخر الديوان واطلق في مقدمته التقريظ لقب (فارس حلبة الادب) على الاستاذ الجواهري. والشيخ اليعقوبي نفسه استوحى واستلهم ذلك اللقب من اسم ديوان صدر للجواهري عن مطبعة (دار السلام) في بغداد عام 1923 وهو ديوان (حلبة الادب). وهو ديوان تحدى به الجواهري كبار الشعراء وذلك في معارضات شعرية جمع بين القصيدة الاصلية ومعارضته لها وهو في اوائل العشرينات من عمره.
يسترسل الغبان في كتابه الذي سيكون له شأن كبير سواء حين يذكر الجواهري او يذكر شعره.. فقد قسم الكتاب الى ثلاثة فصول بعد تمهيد أضافي جعل فصله بعنوان (ملامح من شخصية الجواهري وشعره) اتسم بالسلاسة وعمق الدرس الادبي الرفيع وهو يتنقل بين قصائد الجواهري وحكاياتها الجميلة مع ما عرف عن الجواهري من فحولة وشموخ حيث يقول الغبان: لا احسب ان هناك شاعرا اخر غير الجواهري -مهما كبر شأنه وعلا قدره، معاصرا او غير معاصر- يرتقي في شعره الى مستوى شعر المتنبي في شموخه وعنفه وعنفوانه وتمرده وطغيان الـ (أنا) على شعره، فالزهر والعجب بالنفس والتعاظم والطموح وعلو الهمة صفات لم تظهر جلية واضحة في شعر شاعر عربي اخر -على امتداد مساحة الشعر العربي- كما تجلت واتضحت في شعر ابي الطيب المتنبي الذي بقي يتفرد شعره بتلك الصفات من القرن الرابع الهجري -العاشر الميلادي الى القرن الرابع الهجري -العشرين الميلادي. حيث تجلت ظاهرة الجواهري الذي كان بمستوى المتنبي: شعرا، وشخصية، وطموحا،وتمردا، وعنفا، وصخبا لانه كان صنو المتنبي في كل هذه الصفات التي امتاز بها شعرهما معا مما لم يشاركهما فيه شاعر عربي اخر على كثرة وعظمة ما تجلت العربية على مدى اجيالها من شعراء عظام تتلألأ اسماؤهم على صفحات الابداع والخلود...
بمثل هذا الحب والاعجاب بشعر الجواهري يغوص بنا الغبان بين لآليء القصائد والمعاني في بيئة النجف حيث المدرسة الاحيائية النجفية والمقارنة فيها وبين الاحيائية المصرية ثم يحدثنا ايضا بين دفتي كتابه عن شعراء النجف في مطلع القرن القشرين وتفوق الجواهري على شعراء جيله بشهادة الرصافي، والمقارنة بينه وبين المتنبي ومنازلة الجواهري لشوقي ولأيليا ابي ماضي وغيرهما.
ويتسلسل الغبان بعدها في كشف اللثام عن اسرار قصيدة الجواهري (كما يستكلب الذيب) وقصيدة يا ابن الفراتين وغيرها. والغبان من المؤمنين بان الجواهري؛ ظاهرة كونية مدهشة وقد يمر الف عام حتى يظهر (جواهري) جديد...
اما القسم الثاني فقد ضم حكايات عبقة من التاريخ الذي لم يسجله تاريخ!! منذ ان تعرف على الجواهري في اول لقاء وذلك في احتفالية تأبين الوطني الغيور جعفر ابو التمن عام 1946. حتى وفاته مرحلة طويلة مزدحمة بالوقائع والاحداث وفيها صور لن تتكرر ابدا “في عصر يوم من ايام ذلك الصيف التموزي في بغداد كنت في زيارة خاصة للاستاذ الجواهري، وبينما كنا نتجاذب اطراف الحديث فوجئنا بسماع تصفيق حاد في الشارع مصحوب بزغاريد النساء وهتافات الرجال ممن كانوا في الشارع في تلك اللحظات، وقد ملأت اصداء تلك الاهازيج والهتافات اجواء البيت.
وتساءلت عيوننا قبل افواهنا عن ذلك الذي يحدث بالقرب منا في الشارع وبادر الجواهري يساءل من الحاضرين قائلا (هاي شكو بالشارع.. خير ان شاء الله) وقبل ان ينتهي من سؤاله دخل علينا مسرعا من ينادي بأعلى صوته وبفرح غامر قائلا: (هذا الزعيم عبد الكريم قاسم جاء يزور الاستاذ الجواهري). وقمنا مسرعين نحن والجواهري لنستقبل الزائر الكريم، ونحن مذهولون من تلك المفاجأة السارة، وقبل ان نصل عتبة الباب الخارجية للمنزل فاجأنا الزعيم داخلا، وابناء الشعب من سكنة المحلة، رجالا ونساءا واطفالا -كانوا محدقين به وهم يحيونه ويهتفون له بالنصر المؤزر. والتقى الجواهري بعبد الكريم قاسم في الباب فكان عناق حار وعبارات ترحيب تطفح عليها العفوية والصدق، فالبنسبة لي فقد كنت اول مرة ارى الزعيم... وكان مما قاله الزعيم في تلك الجلسة: ان هذه الزيارة للاستاذ الجواهري لايهدف منها الا ان تكون تعبيرا صادقا عن اهتمام الثورة بالادب والادباء وتقريرها لهما... هذه واحد من عشرات الحكايات التي ضمها الفصل الشيق وكان فيه ايضا اسرار تاسيس اتحاد الادباء ونقابة الصحفيين ايضا، كأني بهذا الفصل كتب للمؤرخ والاديب والسياسي والمثقف ولكل باحث عن الدهشة.
اما الفصل الاخير فقد ضم القصيدة المئوية في رثاء الجواهري التي كتبها الغبان بمداد الوفاء ومطلعها:
أترى لواء الشعر بعدك يخفق
ويجيء من يسمو به ويحلقُ
أترى الرياض المقفرات ستزدهي وتعود
تنفع بالاريج، وتعبقُ
الكتاب بما فيه؛ صفحات ادبية شيقة لن تدع المتلقي ياخذ نفسه ويرتاح حتى ياتي عليها الواحدة بعد الاخرى.
اعتقد ان مثل هذه الكتب ستعيش طويلا لتروي للاجيال القادمة حكايات بليغة عن الشاعر الظاهرة محمد مهدي الجواهري الذي قارع الطغاة ودفن في المنفى...



#علي_حسين_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ضحايا المنافي.. العلامة نوري جعفر غيبه الطغاة وقضى عليه س ...
- ماسينيون في بغداد


المزيد.....




- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين القيسي - الجواهري