ما هو انعكاس تجربة انفصال أرض الصومال على السودان؟
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن
-
العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 08:15
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
١
أشرنا سابقا الى خطر التصعيد والاستمرار في حرب السودان كما في تصريحات الفريق البرهان الأخيرة في تركيا حول الحل العسكري وعدم الموافقة على الهدنة ووقف الحرب والحكم المدني الديمقراطي. مما يقود لتفتيت وحدة البلاد ولانفصال دار فور مثلما أدى التصعيد العسكري بعد انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ بعد الوصول لاتفاق السلام السوداني (اتفاق الميرغني - قرنق ) إلى انفصال الجنوب. والآن يتكرر المشهد نفسه مع تطور إقليمي كما في اعتراف إسرائيل بدولة إقليم الصومال.
٢
هدف إسرائيل كما أشار المراقبون من الاعتراف بإقليم أرض الصومال تحقيق مصالحها بالتواجد في القرن الأفريقي باطلالته الواسعة على خليج عدن. الأمر الذي أدى لاستنكار وإدانات دولية وعربية، من دول ومنظمات بينها منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، وإيغاد، والاتحاد الأفريقي ودول عربية وأفريقية عدة مثل مصر والصومال وجيبوتي.إضافة إلى تركيا الحليفة القوية للصومال، والتي لعبت كذلك دورا مهما في تهدئة التوترات المتعلقة بذات الإقليم "ارض الصومال "عندما سعت إثيوبيا للاعتراف به دولة مستقلة مقابل الحصول على منفذ بحري وقاعدة عسكرية. علما بأن إسرائيل لا تتوانى في مساعيها لتصدع أركان الدول العربية وتفتيتها ضمن مخططاتها وأحلامها الواسعة في المنطقة،
حدّد بيان الحكومة الصومالية بشأن الأزمة بوصلة العمل الرسمي الذي يعتمد على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية والعمل على المسارات الدبلوماسية والقانونية، واصفا الخطوة بتجاوز للخط الأحمر.ألمح بيان الحكومة الصومالية إلى هدف اسرائيل من هذا الخطوة التي لخّصها في:
تهجير الفلسطينيين وجعلهم بلا دولة.
البحث عن وجود عسكري في المنطقة يمنح تل أبيب موطئ قدم في الممرات الدولية.
٣
إضافة لسعي إسرائيل الى إيجاد موضع موطئ قدم عسكري في مضيق باب المندب وخليج عدن، وإقامة قواعد عسكرية للسيطرة على “بحر العرب” والبحر الأحمر، وعلى الجزر المقابلة، سواء في سوقطرة او المهجورة في الجانب الغربي المواجهة لليمن التي أصبحت جبهة مقاومة مفتوحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفشلت كل الغارات الإسرائيلية في وقف الصواريخ اليمنية الفرط صوتية او الانشطارية الرؤوس التي أغلقت مطاري اللد (بن غوريون) في يافا، او “رامون” في النقب، وارسلت ملايين المستوطنين الى الملاجئ بصورة شبه يومية على مدى عامين.
تهدف إسرائيل ايضا إلى تأمين خطوط تجارتها البحرية الى أسيا وشرق افريقيا، التي تمثل 85 بالمئة، من صادراتها، وهي الملاحة التي توقفت كليا بسبب اغلاق البحر الأحمر في وجه السفن الإسرائيلية تجارية كانت او عسكرية من قبل القوات والصواريخ اليمنية تضامنا مع المجاهدين في غزة.
من الأهداف أيضا التحكم الإسرائيلي في قناة السويس وابتزاز السلطات المصرية، وتوفير الحماية لسد النهضة الاثيوبي من خلال وجودها العسكري في قلب القرن الافريقي، أي في قواعد عسكرية جرى الاتفاق على اقامتها مقابل الاعتراف.
إضافة لتهديد جميع الصادرات النفطية العربية، سواء تلك القادمة عبر مضيق هرمز، او في الموانئ الإماراتية والسعودية، والعُمانية، واليمنية المطلة على بحر العرب، او حتى تلك السعودية القادمة عبر خطوط الانابيب التي بنتها الرياض وتمتد من الابار النفطية في شواطئ الخليج الى ميناء ينبع على شاطئ البحر الأحمر لتجنب المرور في مضيقي “هرمز” الذي تتحكم فيه ايران، او مضيق باب المندب، الذي تسيطر عليه السلطات اليمنية في صنعاء.مما يهدد أمن مصر والسعودية.
كما تواصل إسرائيل مع حليفتها الإمارات المخططات لتفتيت السودان ونهب ثرواته مثل فصل غرب السودان وتكرار انفصال أرض الصومالَ علما بأن تفتيت الصومال بعد تفتيت السودان، وسورية في الطريق، يأتي في اطار مخطط إسرائيلي امريكي محكم الاعداد، لتفتيت دوال المنطقة كما في
دولة جنوب اليمن وعاصمتها عدن التي تطل برأسها بقوة هذه الأيام،
إقليم «أرض الصومال» يقع في القرن الأفريقي، ويجاور دولاً مثل إثيوبيا وجيبوتي، و مضيق باب المندب، يُعدّ نقطة عبور اقتصادية حيوية للملاحة المتجهة من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي، وبالتالي يُنظر إليه بوصفه منطقةً تجاريةً بالغة الأهمية عالمياً، بالإضافة إلى وجود قوات بحرية متعددة.
كما نشير لهجمات الحوثيين على السفن التي أظهرت أنه يمكن تهديد الملاحة البحرية باستخدام طائرات مسيَّرة وصواريخ بسيطة ورخيصة نسبياً، وكذلك اعتاد القراصنة الصوماليون على اختطاف القوارب باستخدام زوارق صغيرة وبنادق كلاشينكوف
وفي ظل هذه الأزمة، كما تتوجه الأنظار أيضا إلى أديس أبابا من جديد، التي لا تخفي أطماعها بالحصول على منفذ بحري عبر سواحل أرض الصومال.
وهو تطور خطير يهدد منطقة القرن الإفريقي المضطربة بالفعل، أعترف إسرائيل بأرض الصومال، وهو إقليم انفصالي يحتل موقعا استراتيجيا للغاية على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن وهو موقع إستراتيجي ، يشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب، مما سيسمح لتل أبيب التجسس على جماعة الحوثيين في اليمن ومراقبة الملاحة في تلك المنطقة.
٤
الجديد في تجربة إعلان انفصال صومال لاند التي استمرت حوالي ٣٥ عاما بعد سقوط نظام سباد بري عام ١٩٩١.الا انها حظيت باعتراف غير رسمي كما الاتفاقيات الاقتصادية مع الامارات وتايوان وإثيوبيا التي منحت الاستفادة من ميناء بربرة.
فضلا عن خطر الاعتراف الإسرائيلي في تصعيد حدة الصراع الاقليمي والدولي حول الوجود في البحر الأحمر والقرن الأفريقي واشتداد الاستقطاب كما في رفض مصر وتركيا و إيران للوجود الإسرائيلي وتدخل إيران لصالح دولة الصومال لحماية الحوثي في اليمن عبر باب المندب الخ. واعتراف إثيوبيا بأرض الصومال.
٥
خطورة ذلك في حالة إطالة أمد الحرب في السودان قد يقود لانفصال دارفور وتكرار تجربة إقليم الصومال التي رغم عدم الاعتراف الرسمي بها إلا أن الدولة استمرت حتى جاء الاعتراف الرسمي الإسرائيلي الذي قد يشجع المزيد من الدول التي لها مصالح في الوجود في المنطقة ومواردها مما يزيد من اشتداد حدة الصراع الدولي والإقليمي والحروب حول الموارد في القرن الأفريقي والبحر الأحمر وجنوب اليمن التي اصلا ملتهبة كما في نشاط الحوثي.
مما يتطلب اوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي والدفاع عن سيادة ووحدة البلاد شعبا وارضا وعن وثرواتها وسيادتها الوطنية.