تحالف الإرهاب والمال والنفوذ الصهيوني في قلب فرنسا


احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 21:01
المحور: الادب والفن     

تتكشف قصة مظلمة تهدد أسس الديمقراطية الفرنسية. في أزقة باريس، حيث يختلط صدى التاريخ مع نبض الحاضر،إنها قصة تحالف غريب الأطوار، يجمع بين الإرهاب المتخفي بشعارات إسلامية زائفة، والنفوذ الصهيوني المدعوم من أوليغارشيات مالية عالمية، في محاولة للسيطرة على مصير الأمة الفرنسية وإفقار شعوب المنطقة العربية. هذه المادة، المكتوبة بروح التحليل النقدي العميق، تستعرض كيف أوصل هذا التحالف إيمانويل ماكرون إلى سدة الحكم عام 2017 عبر هجوم إرهابي دقيق التوقيت، وكيف يهدد اليوم بإحراق كاتدرائية نوتردام كأداة ضغط لإيصال حزب مارين لوبان العنصري إلى السلطة، مع حرمان الفرنسيين من البديل الوحيد لتحسين أحوالهم: حزب فرنسا الأبية بقيادة جان لوك ميلانشون.

البداية: صعود ماكرون عبر فوضى الإرهاب

في ربيع 2017، كانت فرنسا على موعد مع مصيرها. الانتخابات الرئاسية كانت معركة بين رؤى متصادمة: من جهة، جان لوك ميلانشون، زعيم حركة "لا فرنسا الإنسانية"، الذي حمل راية اليسار الشعبوي الوطني، متعهداً بمكافحة الفقر، تعزيز الخدمات العامة، وتحرير فرنسا من قبضة النخب المالية العالمية. برنامجه، المستوحى من الروح الشيوعية مع لمسة وطنية، استهدف الضعفاء والمهمشين، ورفض الهيمنة الاستعمارية على الشعوب العربية. ومن جهة أخرى، إيمانويل ماكرون، الشاب الذي صعد من أروقة بنك روتشيلد، وقدم نفسه كمرشح مركزي يجمع بين اليمين واليسار تحت راية "إن مارش"، الحزب الذي تأسس على عجل في أبريل 2016 لخدمة مصالح الأوليغارشية.

في هذا السياق، وقع حدث قلب موازين السباق الانتخابي. في 20 أبريل 2017، قبل يوم واحد من المناظرة التلفزيونية الرئيسية بين المرشحين الخمسة الرئيسيين، هز هجوم إرهابي طريق شامب إليزيه في باريس. نفذه تونسي متطرف يُدعى عبد الله أبو الوافي (أحمد قريوي)، أطلق النار على سيارة شرطة، مما أسفر عن مقتل شرطي وإصابة آخر. أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عبر وكالته "أماق"، واصفاً الهجوم بانتقام للتدخلات الفرنسية في سوريا والعراق. المهاجم، الذي كان تحت مراقبة الاستخبارات، أثار تساؤلات عن توقيت الهجوم، الذي جاء قبل الجولة الأولى (23 أبريل) وبعد أداء قوي لميلانشون في المناظرة الأولى (20 مارس).

المناظرة الثانية، التي أُقيمت في 21 أبريل على قناة France 2، لم تُلغَ رغم الهجوم، لكنها أُقيمت في أجواء مشحونة. ميلانشون، الذي كان يتمتع بدعم متزايد (19-20% في استطلاعات Ipsos)، واصل هجومه على ماكرون، متهماً إياه بخدمة النخبة المالية. استطلاعات ما بعد المناظرة (مثل Elabe) أظهرت تفوقه الإقناعي، لكن الهجوم حوّل تركيز الناخبين إلى الأمن. لوبان استغلت الحدث لتعزيز خطابها المعادي للهجرة، بينما قدم ماكرون نفسه كمرشح الاستقرار. في الجولة الأولى، حصل ماكرون على 24%، لوبان 21.3%، وميلانشون 19.6%، في خسارة ضيقة منعته من الجولة الثانية، التي فاز فيها ماكرون بنسبة 66% ضد لوبان في 7 مايو.

هذا الهجوم لم يكن مجرد صدفة. يُزعم أنه جزء من استراتيجية "الإسلام الصهيوني الداعشي"، حيث استُخدم داعش، المدعوم من أمراء خليجيين مثل بندر بن سلطان وبنوك مثل روتشيلد، لإثارة الذعر ودفع الناخبين نحو ماكرون، "صبي روتشيلد"، على حساب ميلانشون، الذي كان يهدد مصالح النخبة ببرنامجه الاشتراكي. الهجوم نجح في تحقيق هدفه، إذ منع ميلانشون من الوصول إلى الجولة الثانية، مما ضمن فوز ماكرون.

جذور التحالف: داعش كأداة للنخب المالية والصهيونية

لنعد إلى الأصول العميقة لهذه المؤامرة. تنظيم داعش، الذي أعلن "خلافته" عام 2014، نشأ من بقايا القاعدة في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003. صعوده ارتبط بسياسات إدارة أوباما، حيث لعبت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية (2009-2013)، دوراً محورياً. قرار سحب القوات من العراق عام 2011، الذي دعمته كلينتون، خلق فراغاً أمنياً استغله داعش. كذلك، تدخلها في ليبيا عام 2011 ساهم في انتشار الأسلحة والمتطرفين إلى سوريا. وثائق ويكيليكس المسربة عام 2016 تكشف علم كلينتون بدعم السعودية وقطر لداعش، حيث تلقت مؤسستها تبرعات من هذه الدول (أكثر من 25 مليون دولار من السعودية). هذا الدعم يُربط باحتكارات مالية مثل روكفيلر (عبر النفط) وروتشيلد (عبر البنوك)، وأجندات صهيونية تهدف إلى إضعاف أعداء إسرائيل مثل حزب الله وحماس الذين تعتبرهما الدوائر الاستعمارية حركات تحرير وطني ، خرجت عن طوق اي هيمنة للاحتكارات المالية ، بنسبة كبيرة ، لقربهما من إيران .

داعش يستخدم شعارات إسلامية زائفة، مستمدة من الوهابية السعودية القطرية ، لتبرير أعمال العنف، بينما يخدم أهدافاً جيوسياسية: تقسيم المنطقة العربية لصالح إسرائيل والغرب. بندر بن سلطان، الذي ارتبط بدعم المتطرفين، يُعتبر أداة لهذه الأجندات، كما أشار تقرير نيويورك تايمز عام 2015.

التهديد الحالي: نوتردام كرهينة

في سبتمبر 2025، ظهر تهديد جديد يعكس استمرار هذا التحالف. فيديو، وإن ثبت أنه مزيف بحسب France 24، هدد بإحراق كاتدرائية نوتردام إذا لم تُفرج السلطات عن إبراهيم أوليساوي، التونسي الذي قتل ثلاثة في نيس عام 2020. هذا التهديد، المنسوب لداعش، يُرى كضغط لإسقاط ماكرون، الذي أصبح عبئاً على النخبة بعد احتجاجات السترات الصفراء. الهدف هو إيصال حزب لوبان، الذي يخدم نفس الأوليغارشية بقناع قومي.

إفقار العرب وشمال أفريقيا

هذا التحالف يُفقر العرب عبر دعم ديكتاتوريات موالية في محميات الخليج الصهيو أمريكية وفرض عقوبات تمنع التنمية. داعش يُستخدم لتبرير التدخلات الفرنسية، مثل عملية برخان، التي تحمي مصالح الاحتكارات النفطية. ماكرون، بالتعاون مع السعودية، يعزز هذه السياسات، مما يحد من تحسين مستويات معيشة الشعوب العربية.

ميلانشون: الأمل الوحيد

ميلانشون، ببرنامجه الاقتصادي الاجتماعي ، يمثل البديل الوحيد. حركته، التي حصلت على 22% عام 2022، تدعو لتحرير فرنسا من الهيمنة المالية والاستعمارية، لكنها تُستهدف بالإرهاب والمؤامرات.

الخاتمة: كشف الحقيقة

هذا التحالف الداعشي-الصهيوني-المالي يهدد فرنسا والوطن العربي. التهديد بنوتردام هو فصل جديد في مؤامرة لمنع صعود ميلانشون. يجب كشف هذه الحقيقة لاستعادة السيادة.


شاعر وكاتب وروائي شيوعي بلجيكي من أصول روسية وفلسطينية