ظاهرة القتل العشوائي في العراق


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 16:43
المحور: المجتمع المدني     

يشهد المجتمع العراقي تنامي ظاهرة القتل العشوائي الغير مبرر، فبرغم الوضع الامني المُستتب نسبياً قياساً بسنوات امنية عجاف مضت على العراق الا ان حالات القتل اخذت تتصاعد بالاونة الاخيرة ولم تسلم منها شريحة مجتمعية دونما اخرى، فطالت صيادلة واطباء وموظفين حكوميون واصحاب مشاريع وكذلك الكسبة من الناس!.
وقد تختلف المُسببات والدوافع بحسب طبيعة الحادث او المنطقة التي وقع فيها الا انها جميعاً تخرج بنتيجة واحدة الا وهي القتل الغير مبرر، ولابد من الوقوف على مُسببات تنامي هذه الظاهرة الخطيرة والتي من أبرزها غياب الوعي الانساني وضغط الكثافة السكانية (عشوائية السكن الانفجارية) وخاصة بعد 2003 في عموم العراق، كذلك الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع إلى الجريمة.
ولابد من الوقوف على أبرز العوامل التي تساهم في وقوع جرائم القتل في العراق وهي:
1- غياب الردع القانوني: عدم وجود ردع حقيقي للمجرمين وعدم تنفيذ العقوبات المفروضة بما يتناسب مع الواقع.
2- إنتشار السلاح المُنفلت : لا يزال السلاح المنفلت والغير مرخص وسهولة الحصول عليه وثقافة إهدائه تشكل تحدياً كبيراً، بالاضافة الى وجود جماعات مسلحة تحت مُسميات دينية او عرقية.
3- الخلافات الشخصية والثأر العشائري: تلعب العداوات الشخصية والثأر العشائري دوراً في بعض جرائم القتل.
4- المخدرات: تزايد تعاطي المخدرات وتجارتها، مما يؤثر على سلوك الأفراد ويزيد من عدوانيتهم.
5- الوضع الاجتماعي والاقتصادي: الفقر والبطالة والظروف الاقتصادية الصعبة تزيد من الضغوط على الأفراد وتساهم في ارتفاع معدلات الجريمة.
6- العنف الأسري: تزايد معدلات العنف الأسري الذي يصل أحياناً إلى جرائم قتل بشعة بين الأزواج أو الأشقاء أو حتى بين الآباء والأبناء.
7- تأثير النزاعات المسلحة والإرهاب: ما مر به المجتمع العراقي من حروب وإرهاب على مدى العقدين الماضيين أثر على البنية المجتمعي والنفسية.
8- المقاومة المجتمعية : ان انعدام الثقة في القوات الأمنية يؤدي إلى عدم التعاون معهم، فقد يتخوف الأفراد من الإبلاغ عن الأنشطة الإجرامية بسبب الخوف من الانتقام منهم لاحقاً.
ان مواجهة ظاهرة القتل العشوائي في العراق تتطلب تبني استراتيجيات شاملة تعالج الأسباب الجذرية وتضمن تحقيق الأمن والاستقرار، حيث تتطلب جهوداً متكاملة من جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الحكومة، المجتمع المدني، والأفراد. فمن خلال العمل المشترك والتنمية يمكن تحقيق تحسينات في الوضع الأمني والحد من معدلات العنف وخلق بيئة أكثر أماناً واستقراراً.
لان آثار تجاهل المعالجة المبكرة سيؤدي الى تفاقم العنف مما يؤثر سلباً على جميع جوانب الحياة، وزعزعة الاستقرار وتاّكل الثقة في الحكومة وزيادة عدد الأشخاص الذين سيهاجرون بسبب شعورهم بعدم الأمان مما يؤدي إلى فقدان الكفاءات، وكذلك ستتجذر ثقافة العنف وتصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي، مما يصعب تغييره في المستقبل.
لذا لابد من وضع حلول ومقترحات عملية للحد من هذه الظاهرة وكما يلي:
1- تنفيذ قوانين صارمة ضد الجرائم لتكون رادعاً للمجرمين، بالاضافة الى ضرورة تطوير القضاء وتحديث المدونة التشريعية الجزائية وتطوير آليات التحقيق بما يتناسب مع الواقع.
2- مكافحة الفساد في الأجهزة الأمنية والقضائية وتفعيل دور الرقابة من خلال إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة أداء الأجهزة الأمنية وتحقيق الشفافية.
3- تعزيز وجود القوات الأمنية في المناطق وتدريبهم على التعامل مع الأزمات والجرائم بشكل فعال.
4- التوعية المجتمعية وتنظيم حملات توعية حول مخاطر العنف وأهمية التعايش السلمي وإقامة ورش عمل لتعزيز الحوار بين المكونات المختلفة.
5- معالجة الأسباب الاقتصادية من خلال توفير فرص العمل وإنشاء برامج تدريبية وتوظيفية للشباب، والاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الاجتماعية لتحسين الظروف المعيشية ولتقليل البطالة والفقر.
6- تقديم الدعم النفسي من خلال إنشاء مراكز دعم نفسي للأفراد المتأثرين بالعنف وتقديم برامج إعادة التأهيل لإعادة دمجهم في المجتمع.
7- توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل كاميرات المراقبة لتحسين الأمن، واستخدام البيانات لتحليل أنماط الجرائم وتوجيه الجهود الأمنية.
8- الاستفادة من الخبرات الدولية في مكافحة الجريمة وتبادل المعلومات.
9- التعاون مع منظمات المجتمع المدني ودعمها في تعزيز وتنفيذ البرامج التوعوية وأعمال الإغاثة لنشر ثقافة السلام لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتعايش السلمي.
ان العمل المبكر على معالجة هذه الظاهرة ضروري لضمان استقرار المجتمع وأمانه من خلال اتخاذ خطوات فعّالة يمكن تقليل معدلات العنف وتحقيق بيئة أكثر أماناً للجميع.