في نقد الإقتصاد السياسي للبزوغ
أحمد زوبدي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 02:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
في نقد الإقتصاد السياسي للبزوغ.
الحديث عن الإقتصاد السياسي للبزوغ أو للصعود ( l émergence) موضوع يستدعي الكثير من التفكير لتفادي الأفكار السهلة والسائدة لأنه موضوع جديد يفتقر للجانب النظري ليس بمعنى الاقتصاد الصرف(économie pure) أي الإقتصاد المهيمن أو الاقتصاد المبتذل، كما يقول ماركس، لكن بمفهوم الاقتصاد السياسي النقدي. البزوغ الاقتصادي يقتصر في نظر الاقتصاد النيوليبرالي أو الاقتصاد الصرف على تحقيق معدلات نمو( taux de croissance) بشكل مستمر والاندماج في الإقتصاد الدولي دون شروط من منظور اللحاق ( rattrapage) بالدول الغربية. وهي الأطروحة التي سادت منذ حصول دول العالم الثالث سابقا ودول الجنوب اليوم على الاستقلال الشكلي أو ما يطلق عليه اليوم في ظل ظاهرة البزوغ بالتقارب ( convergence). هذا هو البزوغ بشكل عام، كما يسوق له الاقتصاديون البورجوازيون.
عكس هذا الاعتقاد السائد، فالدول التي صعدت حافظت على استقلاليتها وسيادتها، أما دول الجنوب التي بقيت مندمجة في الإقتصاد العالمي إلى أقصى حد، مثل المغرب، فإنها لم تتمكن من تحقيق الإقلاع الاقتصادي وبقيت تابعة للمركز الرأسمالي والكثير منها ازداد تخلفا وفقرا.
من جهة أخرى، الإقتصاد السياسي للبزوغ لا يقتصر على التحليل المعياري ( analyse critèriologique) من خلال مؤشرات كمعدل النمو وحجم المبادلات والاستثمار الخارجي ومستوى الدخل القومي الخام وغيرها والتي إن كانت تعطي فكرة عن التحول الكمي الذي تعرفه الدول التي شقت طريق البزوغ، فإنها لا تفسر جوهر المناخ أو البنيات والتحولات الجارية في هذه البلدان. التحليل المعياري لا يطرح و يناقش مفهوم التنمية الذي تم تذويبه بل استقطابه من طرف التيار الاقتصادي المهيمن أي النيوليبرالي ومنه بالخصوص اقتصاديي النمو وبالتالي لم يعد هناك اهتمام بمسألة التنمية بل أصبح الهاجس هو تحقيق معدلات نمو مرتفعة وتحقيق حجم صادرات مهم فضلا عن الرفع من حجم الاستثمارات الخارجية عبر تطوير آليات جاذبية الاستثمار ( attractivité d investissement). من زاوية أخرى، البزوغ يحيل إلى الانتقال من البحث عن طرق للخروج من التخلف إلى البحث لوضع آليات لتحقيق النمو. يتم إذن اختصار المسافة بين التخلف والتنمية في البزوغ عبر تحقيق معدلات نمو بشكل مستمر. نظريا وعمليا، تعتبر هذه الرؤية قفزة إلى الوراء.
الدول البازغة اليوم، رغم النقلات النوعية التي تعرفها، فإنها مازالت تعرف الكثير من المشاكل البنيوية منها الاجتماعية كالفقر والتهميش والبطالة والافتقار إلى الدولة الاجتماعية، والكثير منها عرفت تنمية رثة ( Lumpen-développement)، كما يرى سمير أمين، فضلا على أن البزوغ يستدعي بناء جبهة أممية في مواجهة الثالوث ( أمريكا، أوربا، اليابان) تقوم بوضع مؤسسات اقتصادية وسياسية منها التكتلات الاقتصادية، السوق المشتركة، البنك المركزي، العملة الموحدة، إلخ، ترتبط بمشروع فك الارتباط عن الغرب الامبريالي وتحقيق البزوغ السيادي.
( أحمد زوبدي)