مناسبة الذكرى ال98 لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني 23-10-22


حنا غريب
الحوار المتمدن - العدد: 7436 - 2022 / 11 / 18 - 00:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب بمناسبة الذكرى ال98 لتأسيس الحزب 23-10-22

أيتها اللبنانيات ، ايها اللبنانيون ، الرفيقات والرفاق، 24 تشرين الأول عام 1924 ، يوم مجيد في تاريخ شعبنا اللبناني ونضاله ضد الاستعمار والفتن الطائفية والاستغلال الاجتماعي الممتدة جذوره الى ثورة طانيوس شاهين، وعاميات انطلياس ولحفد ومقاومي السلطنة العثمانية الذين علّقوا على أعواد المشانق في ساحة الشهداء عام 1916...هو يوم بلغ فيه - على وهج انتصار ثورة اوكتوبر الاشتراكية العظمى عام 1917- نضج الحالة الثورية في لبنان ذروته مع اعلان خمسة مناضلين من شعبنا هم يوسف إبراهيم يزبك وفؤاد الشمالي والياس قشعمي وفريد طعمة وبطرس حشيمي تأسيس حزب الشعب اللبناني في اجتماع لهم في بلدة الحدث، والذي اصبح عام 1927 الحزب الشيوعي اللبناني بعد انضمام كوكبة من المناضلين الآخرين منهم ارتين مادايان وسعد الدين مومنة ومصطفى العريس وغيرهم.

ومن روح التأسيس الخالدة ولدت جذور السنديانة الحمراء التي أزهرت وردا متجددا روتها دماء الشهداء وتضحيات المناضلين على امتداد ثمانية وتسعين عاما . روتها مسيرة كفاح ضد القمع وشتى اشكال التعذيب والخطف والاغتيالات والملاحقات والاعتقالات داخل سجون أنظمة الاستبداد والغرف السوداء، روتها دماء فرج الله الحلو وجورج حاوي وحسين مروة ومهدي عامل واحمد المير الأيوبي وخليل نعوس واللائحة تطول مع قوافل الشهداء وبطولات المقاومين والأسرى والمناضلين الأوائل في العمليات العسكرية ضد قوات حكومة فيشي والانتداب الفرنسي ومعارك الاستقلال والجلاء، وضد المشروع الصهيوني في فلسطين، وضد الاحلاف العسكرية في ثورة 1958 ، وفي قوات الأنصار مع الأحزاب الشيوعية العربية والحرس الشعبي وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمّول ضد الاحتلال الصهيوني على درب التحرير والتغيير، وفي مواجهة مشاريع التقسيم والكانتونات ابان الحرب الاهلية مع الحركة الوطنية اللبنانية وبرنامجها الاصلاحي، وفي التظاهرات والمعارك النقابية من اجل حقوق الطبقة العاملة في معمل الغندور وشركة الريجي ومزارعي التبغ في الجنوب والحركة الطلابية من اجل تعزيز الجامعة اللبنانية ودعم التعليم الرسمي وفي مقاومة العدوان الصهيوني عام 2006 وفي تحركات اسقاط النظام الطائفي وهيئة التنسيق النقابية وحراك حماية البيئة وصولا الى انتفاضة 17 تشرين عام 2019 التي لم يشهد لبنان مثيلا لها في تاريخه. فشهداء هذه المعارك الوطنية والقومية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية هم هوية حزبنا ،واستمراره حزبا ثوريا للتحرر الوطني والاجتماعي، ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية وضد نظامها السياسي الطائفي الراسمالي التابع لها وحماته في تحالف الأحزاب الطائفية وحيتان الطغمة المالية والتوقف عند هذه الانجازات وهذا التاريخ بمحطاته النضالية كافة، هو واجب وضرورة، ليس لنوجّه تحية اجلال واكبار لأرواح الشهداء والجرحى والمناضلين فحسب، بل لندين محاولات السلطات السياسية المتعاقبة التي عملت طوال هذه المسيرة ولا تزال تعمل على تغييب هذه الانجازات وطمسها وتزويرها، لكنها تبقى حقيقة واضحة عصية على الالغاء وراسخة في ما تحقق لشعبنا ووطننا لاسيما في مجال تحرير ثلاثة ارباع الاراضي اللبنانية المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني وفي مجال تحقيق المكاسب الاجتماعية وانتزاع الحقوق والدفاع عن الحريات العامة والدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، هي انجازات نفخر بها ونبني عليها لنتابع المسيرة حتى تحقيق اهدافها في بناء وطن حر وشعب سعيد.
فاذا كان ما اوردناه ونحن من خارج السلطة - بسبب من قوانينكم الانتخابية الطائفية والمزورة لصحة التمثيل - يشكل بعضا مما قدمناه لشعبنا من تضحيات ومن انجازات، فما هي "انجازاتكم" انتم تحالف الأحزاب الطائفية السلطوية وحيتان المال المتربعين على كراسي السلطة منذ سنوات وسنوات ؟ ماذا قدمتم لشعبكم ووطنكم سوى سلسلة من جرائم العصر التي يندى لها الجبين، والتي تستوجب محاسبتكم ومحاكمتكم عليها .
- أوقعتم لبنان في انهيار سياسي اقتصادي مالي ونقدي لم يشهد العالم مثيلا له في اي بلد من البلدان. نهبتم المال العام والأملاك العامة ، وسطوتم على اموال المودعين وادخاراتهم الصغيرة ومعها تبخرت القوة الشرائية للأجور والمداخيل مع الانهيار المريع لقيمة العملة الوطنية . حرمتم اللبنانيين من أبسط حقوقهم الانسانية من المياه النظيفة والكهرباء والنقل العام والتعليم النوعي المجاني والسكن اللائق ومن سائرنظم التأمينات الاجتماعية والخدمات العامة. نهبتم اموال صناديق التقاعد للمهن الحرة، واموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يشكل الضمانة الوحيدة الفعّالة لحماية العمّال والأجراء والمستخدمين صحيًا وعائليًا.وفوق ذلك فرضتم زيادات اضافية على الرسوم والضرائب غير مباشرة في الموازنة ومنها الدولار الجمركي وتستعدون لزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11% االى 15% وخصخصة المرافق العامة في المرفأ والمطار والاتصالات والكهرباء والميدل ايست وبيع الذهب والتسليم بشروط صندوق النقد الدولي تحت مسمى الاصلاحات وخطة "التعافي الاقتصادي"، وتسارعون الى اقرار مشروع الكابيتال كونترول من اجل تشريع نهب اموال المودعين ومنع التحقيق الجنائي لمنع محاكمة المرتكبين كما يحصل في تعطيل التحقيق في جريمة تفجير المرفأ. لقد جعلتم من لبنان بلدا يستحيل العيش فيه، عشرات الآلاف من عائلات لبنان وكوادره المهنية الشابة هاجرته، اما فقراؤه المعدمون الذين مارستم بحقهم ابشع ألوان واشكال الأذلال بلقمة عيشهم وبفرصة العمل وحبة الدواء وقسط المدرسة وفاتورة المستشفى وجرعة من مياه الشرب النظيفة فليس امامهم - طالما هم مستكينون ولا يطالبون بحقوقهم - سوى الموت البطيء فقرا وجوعا وبطالة ومرضا بالكوليرا ، أو الموت السريع غرقا في عرض البحر.
- ما كان كل ذلك ليحصل لولا أم الجرائم التي ارتكبتموها وما زلتم وهي حمايتكم للنظام السياسي الطائفي ونمط اقتصاده الريعي التابع المولد للأزمات والفتن والحروب الأهلية والتدخلات الخارجية التي تمنع لبنان من التطور والتقدم . فانتم تتمسكون بنظام سقط في القضية الاقتصادية الاجتماعية وساقط في القضية الوطنية من حيث هي قضية تحرّر من الإستعمار وأدواته الإقليمية، ومن حيث هي أيضاً تصد للكيان الصهيوني وطموحاته التوسعية، التي غالبا ما تنكّر هذا النظام لهذه القضية في ملف الهوية والإنتماء والعروبة والتحرّر من التبعية، تحمون نظاما لم ينتج في تاريخه سوى دولة المزارع الطائفية والمذهبية، دولة المحاصصة والفساد والزبائنية ، اعتدتم استخدام الطائفيه أداة وظيفية للافقار والتهجير والاستتباع وتمزيق النسيج الإجتماعي لشعبنا وتحويله الى طوائف متعايشة ساعة تريدون استغلال جماهيرها، وتعبئونها على أن تكون متصادمة متقاتلة، وساعة تعجزون عن تحقيق مطالبها وطموحاتها. وساعة يسقط بين ايديكم سلاح الطائفية ويفشل في تأدية وظيفته السياسية كما حصل في العديد من المواجهات وآخرها في انتفاضة 17 تشرين التي مزّقت "الغشاء" الطائفي الذي حجب الرؤية الحقيقية لدى الجماهير الشعبية، تتوحدون جميعا قمعا واحتواء ترغيبا وترهيبا وتصادما لمنع هذه الجماهير من الانفكاك والتفلت من استتباعها لكم، ويتهافت أوصياء الخارج ويسرعون لانقاذ نظامهم المتهالك بعد فشل وكلائهم في حماية مصالحهم، فتتحلقون من حولهم في سفاراتهم على مشهدية علاقة الوصي بالوكيل ودوما لحماية النظام.
- اما آخر تلك الجرائم فهي التنازل عن سيادة لبنان وحقوقه الوطنية ووضعه على مسار التطبيع في مفاوضات ترسيم الحدود ، التي شكلت فعل تطبيع سياسي واقتصادي مدان ارتكبته السلطة اللبنانية برؤسائها الثلاثة وسط صمت وتواطؤ من قبل اطرافها، بدءا من اتفاق الاطار المعلن "كأتفاق بين دولة لبنان ودولة اسرائيل"، والقبول بالولايات المتحدة الاميركية ووساطة هوكشتين " الأسرائيلي" الذي خدم في جيش الاحتلال، وعبر الشراكة الضمنية مع الكيان الصهيوني في حقل قانا وتنفيذا لوعد بايدن في زيارته الأخيرة للكيان الصهيوني بدمجه مع دول المنطقة، فجاء هذا الاتفاق ليضمن أمن الطاقة للكيان الصهيوني ودمجه مع دول المنطقة انطلاقا من لبنان وعبر انابيب جر الغاز والممرات . كما شكل هذا الاتفاق تفريطا بسيادة لبنان وحقوقه الوطنية وثروته النفطية والغازية لمصلحة العدو الصهيوني بالتنازل عن الخط 29 وعدم تعديل المرسوم 6433 وارساله الى الامم المتحدة حفاظا على حدود لبنان المائية حسب القانون الدولي ،اضافة الى اعطاء الشركات المنقبة بموافقة راعي الاتفاق، أي الولايات المتحدة الأميركية، اليد الطولى في إدارة ملف الغاز والنفط على امتداد الشاطئ الشرقي للمتوسط، وهو ما يشكل امتيازاً للأميركيين وامتداداً لنفوذهم في المنطقة، بمباركة من السلطة اللبنانية مع وضع مفتاح استخراج الغاز والنفط اللبناني بيد الكيان الصهيوني الى حين موافقته على التعويضات المالية التي تنازلت عنها السلطة اللبنانية من حقوق لبنان في حقل قانا. وفوق كل ذلك وقبل استخراج النفط والغاز أنشأت هذه السلطة عشرات الشركات الوهمية محاصصة في ما بين اطرافها لنهب عائداتها قبل استخراجها بحجة دفع الديون التي يجب ان تسدد من خلال إعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة، وعبر تحميل الذين استفادوا من سياسة التثبيت النقدي، وأيضاً من زيادة الضرائب التصاعدية على الشركات المالية إلى 30 % ، في الوقت الذي يجب أن توظف عائدات النفط والغاز للتنمية وللخدمات العامة والبنية التحتية من ماء وكهرباء ونقل وصحة وتعليم.
- هكذا يجري تكريس الممارسة التاريخية الموروثة والقائمة بين أطراف السلطة التي تصادر "الدولة" وتتعاطى معها كمزرعة، وتحوّل النظام عملياً إلى نظام فدرالي ومذهبي يتولى بشكل دوري توزيع الحصص وبناء التوافقات بين أطرافه ومن ثمّ الاطاحة بها. وهذا ما تجلّى في فشل كل التسويات التي بدأت، منذ الاستقلال مع دستور عام 1943 وبعده إتفاق الطائف وما تلاه من إتفاقات عُقدت تحت سقفه، مثل الدوحة والتحالف الرباعي والإتفاق الرئاسي الأخير وغيرها، تحت بدعة "الديمقراطية التوافقية" بين "المذاهب الكبرى"، وهو مفهوم يضرب مفهوم الديمقراطية والمواطنة من جهة، ويرسي من جهة أخرى "الإطار الدستوري" للفدرالية والتقسيم والهيمنة. وهذا ما نشهده اليوم من دخول أطراف التحالف الحاكم في أزمة سياسية هي أزمة الهيمنة الطائفية التي تتقاطع عبرها كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والوطنية، محوّلة الصراع الى حالة من الفوضى المتنقّلة والفراغ : شغور في موقع الرئاسة، تأجيل متكرّر للإنتخابات النيابية، تأخر غير مسبوق في تشكيل الحكومات، تمديد في عمر حكومات تصريف الأعمال، تكليف رؤساء حكومة وعدم تأليف، تفاقم في شغور المراكز الإدارية القيادية في إدارات الدولة ومؤسساتها. وبين كل استحقاق واستحقاق دستوري تندلع الازمات منذ الاستقلال وحتى تاريخه من ثورة عام 1958 الى الحرب الاهلية عام 1975 الى احداث 5-7 ايار 2008 وصولا الى ما نحن عليه من انهيار ومخاطر تهدد وجود لبنان ومصيره وكيانه ، فكل الاتفاقات والتسويات التي بنيت على رمال الطائفية المتحركة لم تنفع ولن تنفع في انقاذ نظامكم، فماذا فعلتم؟ لقد انتخبتم 14 رئيسا للجمهورية وشكلتم 64 حكومة وانتخبتم 18 مجلسا نيابيا منذ الاستقلال وحتى اليوم ، فضلا عن رؤساء الطوائف الثمانية عشرة، لم تتركوا صيغة طائفية الا وطبقتموها وجعلتم من لبنان وشعبه حقلا للتجارب لكل الطامعين من كل حدب وصوب فماذا كانت النتيجة سوى وصول البلد الى قعر الانهيار، وما زلتم تجاهرون اليوم في كل جلسة نيابية فولكلورية ان الازمة الراهنة هي ازمة انتخاب رئيس وازمة تشكيل حكومة في حين انها ازمة نظامكم السياسي الطائفي ونمط اقتصاده الريعي التابع الذي لن تؤدي الحوارات التي تحضرون لها في الخارج الا الى ما ادت اليه ما سبقها من تسويات طائفية فاشلة ومأزومة سلفا سواء عقدت في سويسرا أو في الطائف او في الدوحة أو باريس أو في اي بلد في الخارج . فكفى استتباعا وارتهانا لهذا الوصي او ذاك، فلكل منهم مصالحه، فمن أوصل البلد الى الانهيار لايمكن ان يكون هو الحل والأنقاذ، فالأنقاذ يبدأ من الداخل بهدف بناء البديل الوطني الديمقراطي، انطلاقا من الشارع والقطاعات وسائر مجالات المواجهة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، من اجل تحرير اللبنانيين من قبضة هذه السلطة الطبقية الطائفية الزبائنية المتحالفة مع رأس المال المصرفي والمالي، التي كلما بقيت في السلطة كلما انتقل البلد من أزمة الى أزمة اشد وأخطر مما سبقها، داعين الشعب اللبناني الى ان يمسك قضيته بنفسه ويتحرك بشكل منظم دفاعا عن حقوقه المشروعة في بناء دولة علمانية ديمقراطية ، دولة للعدالة الاجتماعية ، ونحن معه ، منه وله في تحركنا لترجمة هذا المشروع الوطني السياسي الذي يقدّم نفسه بديلا عن مشروع المنظومة الحاكمة، ويتولّى مسؤولية قيادة الصراع معها، وخلق موازين قوى جديدة تفرض حضور القضية التي من أجلها انتفض اللبنانيون في 17 تشرين، بدء من مواجهة ورفض كل الصيغ والتسويات الطائفية التي تسعى أطراف السلطة اليوم للتوافق عليها بهدف إعادةِ إنتاجِ نظامها السياسي ودويلاتِها وتبعياتِها المختلفة التي لا هدفَ لها منها سوى اعادة ترسيخِ تحكّمِها بجماهيرِ الطوائفِ وافقارها لإبقائِها تحت سيطرتِها. ويبقى الحوار الداخلي من اجل التغيير الديمقراطي واجب ومطلوب، اذ له دلالاته الوطنية لناحية تحديد آلية الخروج من الأنهيار التي تبدأ من الداخل ... لا من أوصياء الخارج.
فلا خيار امامنا جميعا الا المزيد من المواجهة وتنظيم الصفوف وتحمل المسؤولية واطلاق فعل مقاومة شعبية للتغيير الديمقراطي، من اجل قانون إنتخابي خارج القيد الطائفي وتطبيق النسبية في الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة؛ قانون نسبي للحكم البلدي يحدّ من إستمرار حصر معظم الموارد والثروات في قبضة الحكم المركزي؛ قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية والغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة ، وتكريس قوانين وطنية للأحزاب والنقابات والجمعيات ولمفهوم الإقامة والجنسية؛ وتشريعات تكفل حماية الحريات العامة وتطويرها، وإعادة توزيع الثروة عبر تأمين حقوق المواطنين في الأجر الإجتماعي وهو ما يعني: تصحيح الرواتب والاجور وتأمين التغطية الصحية الشاملة والتعليم الرسمي النوعي والمجاني وتأمين الكهرباء والمياه وحق العمل والسكن والنقل العام؛ والقضاء المستقل. انه مسار التغيير الحقيقي ، مسار تغيير النظام السياسي الطائفي والانتقال بلبنان من دولة المحاصصة الطائفية وصيغتها المنهارة، الى الدولة العلمانية الديمقراطية. انها معركة مفتوحة بين من مع الابقاء على النظام الطائفي ونمط اقتصاده الريعي التبعي ومن ضده ؟
انها معركة مرتبطة بنتائجها ايضا ، بكل المعارك المفتوحة في الاقليم وعلى الصعيد الدولي في ظل فشل الولايات المتحدة الأميركية في ادارة أزمة نظامها الآحادي القطبية، فالمجرى العام لمجمل التطورات يعبّر عن طبيعة المرحلة الإنتقالية الراهنة التي تنحو بإتجاه قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب لم تكتمل معالمه بعد. فالصراع الدولي مفتوح ومتصاعد مع لجوء الامبريالية الاميركية الى توسيع حروبها العدوانية المتنقلة وضغوطاتها وعقوباتها على غير صعيد من حربها العدوانية مع امبريالياتها على الأرض في أوكرانية لضرب التحالف الروسي – الصيني وتوسيع حلف الناتو لتأبيد نظام هيمنتها ونهبها لثروات الشعوب ومنعها من تحقيق تحررها الوطني والاجتماعي ، وهو ما يستوجب حشد كل طاقات قوى التحرر الوطني في الساحتين اللبنانية والعربية، لخوض معركة المصير الوطني المفتوحة في سبيل اسقاط نهجي، الهيمنة التي يمارسها الغرب الرأسمالي، والتبعية التي تنتهجها أكثرية الأنظمة الرسمية العربية. على طريق قيام حركة تحرر وطني عربية بقيادة يسارية لانجاز مهامها في التحرير والتغيير الديمقراطي، تولد من رحم مقاومة عربية شاملة، لتصويب الهدف نحو فلسطين ، كقضية مركزية – محورية في الصراع العربي - الصهيوني مع ما يتطلب ذلك من تقديم كل الدعم لمقاومة الشعب الفلسطيني في نضاله اليومي ضد المحتل الصهيوني، وفي تعزيز وحدتة الوطنية عبر ترجمة وثيقة الجزائر لضمان حقوق الشعب الفلسطيني كاملة في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس. وبما يقوي من عزيمة صمود الاسرى الفلسطينيين الذين يقاومون باللحم الحي جرائم العدو في السجون والمعتقلات وممارساته التعسفية اللانسانية. فتحية كل التحية لابطال المقاومة الفلسطينية وللشهيد عدي التميمي والشهيد تامر الكيلاني ، وكل شهداء القضية من أجل فلسطين. وكل الدعم لبطولات الاسرى الذين نوجّه لهم تحية الصمود والاعتزاز مطالبين بالحرية لهم ولجميع الأسرى والمعتقلين ومعهم الحرية للمناضل جورج ابراهيم عبدالله المعتقل قسرا وعدوانا داخل السجون الفرنسية.
انها معركة التغيير بكل مندرجاتها في ترابطها الوطني والطبقي وفي مسؤولية كل من قواها ودوره على كل الصعد، فعلى هذه الدرب، درب كل العمال والمزارعين والكادحين..... درب كل الثائرين، درب الشهداء. درب استرجاع جثامين شهداء حزبنا لدى العدو الصهيوني، درب الاسرى، درب المقاومين والمناضلين، درب الثورة والثوار الحقيقيين، تعالوا الى معركة التغيير، وبالتغيير ايضا نقاوم، ونحفظ انجازات التحرير المهددة، ونمنع تحالف قوى رأس المال والأحزاب الطائفية السلطوية التي أوقعت لبنان في قعر الانهيار من أخذه الى التطبيع والاستسلام . ونحاسبها على كل ما ارتكبته من جرائم ولم تزل ، وسنمضي سنمضي الى ما نريد وطن حر وشعب سعيد. الف تحية لكم ايتها الرفيقات والرفاق المستمرون في النضال على هذه الدرب حتى تحقيق الأهداف التي ناضل من اجلها الرواد الأوائل، عهدا ووفاء لمن سقطوا على درب الشهادة . ولتكن احتفالات هذه الذكرى مناسبة لاطلاق ورشة التحضير لاحتفالات الذكرى المئوية لتاسيس الحزب.
عاشت الذكرى الثامنة والتسعون لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني والمجد والخلود للشهداء الأبرار.