نساء داعش.. أمهات الأيديولوجيا المتطرفة


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 6760 - 2020 / 12 / 14 - 04:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في كتابهما “الجهاد والنساء” يخرج علينا عالم الاجتماع من أصل إيراني فرهاد خسروخافار والمحلل النفساني من أصل تونسي فتحي بن سلامة بنظرية طريفة تقول إن الفتيات لا يتوجهن إلى سوريا والعراق من أجل المشاركة في الجهاد، وإنما بحثا عن الزواج، لتكون زوجة لذلك الزوج الفحل، المقاتل المستعد للتضحية من أجل قضيته. فالرجال الغربيون غير أوفياء ولا يعوّل عليهم في تحقيق تطلعهن للإنجاب بينما يجدن ذلك لدى الدواعش وهن في سن المراهقة.

أحيانا. فالالتحاق بداعش هو في نظر الباحثين هروب للفتيات من مدة المراهقة الطويلة في الغرب!

وقد تنطبق هذه النظرية على بعض الملتحقات بداعش كحالات خاصة، أما القول إن أغلبيتهن ذهبن من أجل البحث عن الحب والإنجاب وهروبا من برودة الرجل الغربي وأنهن لا يشاركن هذا الزوج المثالي أفكاره التهديمية الإجرامية، فهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة كي لا نقول إنه تحليل مضحك ومضلل.

وتتحدث التقارير عن وجود المئات من النساء الموقوفات، تتراوح أعمارهن من 25 إلى 50 سنة، كنّ من مناصرات ومجاهدات داعش قبل الإطاحة به وطرده من مدينة الموصل بلغ عددهن 509 أجنبية من بينهن 300 تركية ومعهن 813 من الأطفال.

وبعيدا عن الحب والإنجاب المبكر والتمتع بفحولة الأزواج الدواعش كما يعتقد الباحثان المذكوران سابقا، وبغض النظر عن عدم المشاركة الكثيفة المباشرة في القتال، قدمت الداعشيات الفرنسيات والأجنبيات بشكل عام خدمات كبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بوضع خبراتهن في مجالات عديدة تحت تصرف الإرهابيين كالغسيل والطهي والخياطة والتعليم والإعلام الإلكتروني والدعاية.

ويكفي لإدانتهن أخلاقيا وقانونيا أنهن عشن من مدخول واحد هو السرقة. أكلن من عرق العائلات العراقية والسورية التي استحوذ أزواجهن بالقوة على محاصيلها، ومن بيع البترول المسروق، ومن تفكيك المصانع وبيعها في سوريا، ومن نهب التحف وبيعها.. ولكن الأمرّ والأدهى أنهن عشن من بيع النساء غير المسلمات في الأسواق.

في الحقيقة لا فرق بين من حمل السلاح ومن أمنّت له القواعد الخلفية. وداعش نفسه يعتبر كل المدنيين مجاهدين. فأن ترفع المرأة ملعقة لإطعام جريح داعشي أو كلاشنيكوف لقتل بريء فالأمر سيان ما دام الهدف خدمة تنظيم إجرامي. فهي تقوم بدورها في العملية التدميرية الإجرامية تحت مسمى الجهاد. وحتى وإن لم تقتل أحدا مباشرة فقد قتلت بشكل غير مباشر عن طريق زوجها أو غيره من الإرهابيين. وقانونيا تصنف كمساندة لوجستية ومساعدة لمنظمة إرهابية.

وفي شهادتها “في ليل داعش” المنشور تحت اسم مستعار، تسرد صوفي كازيكي حكاية اعتناقها للإسلام وكيف سافرت وابنها، ابن الأربع سنوات، لتشتغل في مستشفى مدينة الرقة، حينما كانت عاصمة للدولة الاسلامية.

عاشت قرابة الشهرين في جهنم كما تقول قبل أن تتمكن من الفرار بجلدها هي وابنها. لقد سجنت 24 ساعة في مركز النساء أو المقر كما يقول الدواعش وهو نقطة عبور إجباري تمر عليه كل الجهاديات الأجنبيات عند وصولهن ولا يخرجن منه إلا إذا تزوجن، ولكن ما صدمها فيه هو بربرية الأمهات الجهاديات اللواتي يعلمن البربرية لأولادهن الصغار.

تكتب صوفي كازيكي مفندة ادعاءات الإعلام الفرنسي والمثقفين “المقر هو إقامة، نوع من دار حضانة للنساء، مع بعض أطفال، جميع أبوابها مغلقة عليهم بإحكام، مفاتيحها في يد شبه مديرة ماخور مسلحة. أعتقد أنها فرنسية إذ تتحدث فرنسية جيدة. توجد قاعة تلفزيون وأشرطة فيديو دعائية، مليئة بصور الذبح وجميع الفظائع التي يرتكبها الدواعش والتي اعتاد الأطفال على مشاهدتها قرب أمهاتهم وغيرهن من النساء اللواتي يصفقن أو يضحكن من مشاهد الرعب. كان عمر الأطفال الذين رأيت من 2 إلى 6 سنوات ويبدو أنهم معتادون على العنف فهم ذاتهم يتصرفون كالوحوش الصغيرة”.

وفي هاتف جهادية عائدة من سوريا، عثر المحققون على رسائل قصيرة وتسجيلات وصور لمشاهد رعب مروعة ووحشية. تقول دنيا بوزار وهي مسؤولة عن مركز الوقاية من أخطار الانحرافات الطائفية المتعلقة بالإسلام والتي اطلعت على تلك الوثائق “مثل الذكور يتبادلن صورا يظهرن فيها وهن يحملن رأسا مقطوعة وأخريات يظهرن وهن يعلمن الأطفال لعب كرة القدم برؤوس مقطوعة. وهن صبيات لم يكنّ قبل ذلك بسنة سوى تلميذات في السنة الثانية ثانوي بالريف الفرنسي”.

لقد تميزت نساء داعش بقسوة كبيرة كما ظهر من تصرفات عناصر كتائب الخنساء التي أسسها داعش بالرقة سنة 2014 لمراقبة سلوك السوريات ونشر النموذج الذي يجب أن تكون عليه المرأة في دولة الخلافة. لقد زرعن الذعر من أجل تطبيق صارم لتعاليم ما يسمينه شريعة إسلامية فقمعن المخالفات لتلك الشريعة المزعومة واستعملن السوط ضد أخواتهن النساء.