الفلسفة السورية المصرية و الكوسمولوجي الإسماعيلي -نشأة الكون-


أمجد سيجري
الحوار المتمدن - العدد: 6214 - 2019 / 4 / 28 - 00:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الأفلاطونية المحدثة هي مجموعة من العقائد الفلسفية التي نتجت من تزاوج فلسفة أفلاطون مع الروحانية الشرقية كما تأثرت بأفكار المدرسة الفيثاغورثية الحديثة وخصوصاً بأفكار السوري نومينيوس الأفامي.

بدأت الأفكار الأفلاطونية المحدثة في الإسكندرية في عام 230 ميلادي على يد الفيلسوف الإسكندراني أمونيوس ساكاس " السقاص" الذي كان أستاذاً لأشهر أعمدة هذه المدرسة والذي يعتبر مؤسسها الفعلي الذي ساهم بإنتشارها وهو الفيلسوف أفلوطين إبن مدينة ليكوبوليس المصرية "أسيوط " تميزت هذه العقائد الفلسفية بمدارسها و فلاسفتها الذين شكلوا العماد الذي قامت عليه هذه المدارس واشهرها :

- مدرسة روما ومن أشهر وجوهها كان أمونيوس ساكاس "السقاص" حيث أنشأها تلميذه أفلوطين في العام 244 ميﻼدية فكان من أهم تﻼمذته السوري فورفيريوس الصوري و الأخير تتلمذ على يده السوري يامبليخوس الأفامي لكن في النهاية حدث تضارب فكري بين يامبليخوس وفرفوريوس الصوري لذلك عاد يامبليخوس إلى سوريا سنة 304 م ليؤسس مدرسته الخاصة في مدينة أفاميا .

- مدرسة أفاميا السورية:
تم تأسيس هذه المدرسة على يد يامبليخوس السوري بعد، انشقاقه عن مدرسة روما بسبب خلافات ثيوروجية " السحر الأبيض والطقوس المرتبطة به " بينه وبين فورفوريوس الصوري وألف كتاب الاسرار المصرية رداً عليه.
عُرفت مدينة أفاميا بإزدهار الفلسفة اﻷفﻼطونية المحدثة فيها و كان من أهم وجوه هذه المدرسة الفيلسوف السوري سوباتروس اﻷفامي.

مدرسة أثينا : تعتبر مدرسة أثينا إمتداداً للمدرسة السورية التي بدأت في أفاميا فقد كانت ذات توجه روحاني قامت على عدد من الفلاسفة السوريون أشهرهم حسب الشاعر والمؤرخ الروماني أغاثياس :
يامبليخوس الأفامي قبل إنشقاقه و هرمياس الفينيقي و ديجانوس الفينيقي و ايذيدور الغزاوي و سيمبليكيوس من كيليكية وكان أخرهم الشهير الدمشقي " داماسكيوس " الذي يلقب بأخر فلاسفة الأفلاطونية المحدثة كون هذه المدرسة إنتهت على يد الإمبراطور القديس جستينيان الأول.

- مدرسة الإسكندرية :
لا يمكن فصل مدرسة الإسكندرية عن مدرسة أثينا من أهم رموزها الشهيدة هيباتيا و أمونيوس بن هرمياس و والده هرمياس الإسكندراني .

أُغلقت مدارس اﻷفﻼطونية المحدثة في سنة 529 م على يد اﻷمبراطور البيزنطي " جستنيان اﻷول " الذي يعتبر قديساً بالنسبة للكنيسة اﻷرثوذكسية بعيد وفاة داماسكيوس في العام 544 م وإنتهت معه المدارس أفﻼطونية الحديثة لكن أثر هذا التيار الفلسفي الهام لم ينقطع في موطنه كونها فلسفة تعتبر إبنة بيئتها فقد برزت في التعاليم المسيحية اليهودية المبكرة تحديداً الغنوصية والتي ظهرت جلية بعد ظهور مخطوطات نجع حمادي حيث مكنت الباحثبن من فهم جانب كبير من فلسفة وعقائد الغنوصية السرية وطرقهم في تأويل نصوص العهدين القديم والجديد بصورة تناسب مفهومهم عن العالم والكون والخلق لكن في فترات متأخرة قبل دخول المسلمين بزمن قريب ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية قد ضَعُفَ هذا التيار الفلسفي السوري المصري و إنهزم أمام الأرثوذكس المسيحي المدعوم من قبل الإمبراطورية البيزنطية و على العكس تماماً ضمن حدود الدولة الساسانية فقد إزدهرت الكنيسة النسطورية التي تستند تعاليمها على لاهوت يستند على الأفكار الأفلاطونية المحدثة وخصوصاً في الرها فكانت الترجمات السريانية هي حجر الأساس للمراحل اللاحقة.
ومع دخول المسلمين لم يكن وضع الفكر الغنوصي أفضل حالاً فتم قمع الفكر الغنوصي وإتهام أتباعه بالزندقة والكفر وبقي هذا الحال حتى قرنين من الزمن لكن مع إنتشار الإسلام بين الشعوب المختلفة لم يكن بالقوة الكافية ليمنع هذه التأثيرات الخارجية بالتالي برزت معتقدات توفيقية بين الفكر الفلسفي القديم والفكر الإسلامي وكانت البداية لهذه المزاوجة في العراق لكنها لاقت معارضة من الارثوذكس الاسلامي الرسمي مما دفعها للجوء إلى أساليب التقية واللجوء الى مناطق نائية للإستمرار .
على كل حال الموضوع المطروح شائك تجنباً للإطالة للمزيد حول الموضوع يمكنكم مراجعة كتاب هاينس هالم الغنوصية في الإسلام .
مراحل تطور الفهم الكوسمولوجي الإسماعيلي :

يمكن تقسيم مراحل تطور علم الكونيات الإسماعيلي إلى أربع مراحل رئيسية وهي :

المرحلة الاولى :
عقيدة ما قبل الفاطميين والتي التي يعود تاريخها إلى النصف الثاني من القرن التاسع ميلادي حيث تم نشرها شفهياً بشكل أساسي ولم يتم التعرف عليها إلا بشكل موجز وبسيط وذلك من خلال الإقتباسات الواردة في النصوص اللاحقة فنجد إنها تعكس الأسطورة الكونية ذات الطابع الغنوصي و المبينة بشكل أكثر شمولية في رسالة أبي عيسى المرشد حيث يذكر أن الله خلق النور من خلال فعل ناتج ارادته ومشيئته والتي عبر عنها بكلمة " كُن " الإبداعية الخلاقة والتي هي عبارة عن تزاوج " الكاف والنون " والتي شكلت كوني والتي تشكل " مؤنثاً يأخذ من الله لله ومذكراً معطي بالنسبة للخلق.

اذا ومن ضوء "كوني" كانت " قدر " فكان " كوني" ، " قدر " هما أول مبدأين للخلق كما يسميان أيضاً " السابق والتالي " و " قرآنياً " يتم تعريفهما بالقلم واللوح .

و حروف كوني قدر ( ك و ن ي ق د ر ) تسمى الحروف العليا وهي الحروف الخاصة بالنطقاء
( ادم ، نوح ، ابراهيم ، موسى ، عيسى ، محمد، القائم ) حسب السجستاني و حروف الخاصة بالايام السبع للأسبوع حسب النسفي.

وبنفس الوقت خلق " كوني " سبعة " كروبيم " مخلوقات نورانية باسماء باطنية من نوره بينه وبين " قدر" ثم خلق "قدر" بأمره ومن نوره أنشئ وأسمى إثني عشر كائناً روحياً وهم الوسطاء بين القدر والانبياء من النطقاء السبعة.

وأشهر هؤلاء الكائنات الروحية هم الجد والفتح والخيال والمعروفون ب " جبريل " و " اسرافيل " و " ميكائيل " والذين يشكلون مع "كوني" و " قدر " أو كما سيتم تعريفهم لاحقاً " بالعقل و النفس " سيتم تعريفهم بالحدود الخمسة العلوية.

تم خلق العالم المادي من خلال " كوني " وأول ما تم خلقه هو الهواء والماء والذي تم تسميته بالعرش والكرسي .

في اللغة الباطنية تتوافق الكروبيم السموات السبعة و الكائنات الروحية الإثني عشر تشكل علامات البروج الإنثي عشر .

قبل خلق " قدر " لم يكن "كوني" يرى شيئاً بجانبه ويعتقد انت وحيد وبقوة الله وبمشئته انبثق من "كوني"ستة حدود روحية ثلاثة من فوقه وثلاثة من تحته فعقل وجود الله وقال " لا إله الا الله " من الناحية الغنوصية " كوني " يمثل الديمورجي ( خالق العالم المادي ) و قدر المخلوق يشكل " أدم السماوي " .

على الرغم من أن العديد من الموضوعات الأسطورية والمفاهيم والأرقام الرمزية وتكهنات الحروف الهجائية للكوسمولوجيا الإسماعيلية تشبه تلك الموجودة في النظم الغنوصية المختلفة فإن المصطلحات غالباً ما تكون مشتقة من مصادر إسلامية وهذا يقودنا إلى أن ادعاءات "الأرثوذكس الإسلامي" بأن العقيدة الإسماعيلية مستمدة من الديانات الفارسية المزدوجة يجب النظر إليها بحذر لانها صحيح تعتمد على ثنوية لكن هذه الثنائية المكونة من " كوني " و " قدر " ليست إزدواجية بين الخير والشر والنور والظلام انما كما رأينا هي علاقة تابعية تكاملية تولد وجود من دون صراع.

المرحلة الثانية :

- تم تغير الكوسمولوجي (علم الكونيات) الإسماعيلي المبكر بشكل تدريجي وتم واستبدله بإدخال الفلسفة الافلاطونية المُحدثة ونجد أقدم النصوص التي تصف هذا التغير عند محمد بن أحمد النسفي في كتابه المفقود " كتاب المحصول " المكتوب سنة 913 م حيث تم الحصول على الافكار التالية من خلال الكتب اللاحقة التي إقتبست منه أهمها كتابات داعي الدعاة أحمد حميد الدين الكرماني ويظهر أن أحد أهم المصادر الرئيسية التي إعتمد عليها النسفي هو كتاب " أثولوجيا ارسطو " والذي نُسب بالخطأ لارسطو وهو في الحقيقة كتاب " التاسوعات " ل " افلوطين " حيث يعلق عبد الرحمن بدوي على هذا الكتاب فيقول في كتابه تاريخ التصوف الاسلامي :
" إن كتاب‏ أثولوجيا أرسطو طاليس ‏ وهو كما نعلم فصول ومقتطفات، منتزعة من التاسوعات اﻷفﻼطونية وفيه نظريات الفيض والواحد التي ستلعب دورا خطيرا في التصوف اﻹسﻼمي، خصوصا عند السهروردي الشهيد المقتول وابن عربي ، وفيه نظرية ‏" الكلمة ‏" أو اللوغوس .
وﻻ شك في تأثر الصوفية المسلمين ابتداء من القرن الخامس الهجري بما في ‏( أثولوجيا ‏) من آراء وإنما الخﻼف هنا هو في هل وصل تأثيره إلى التصوف اﻹسﻼمي مباشرة أو عن طريق كتب اﻹسماعيلية وكلها حافلة بالتأثر به " انتهى.

عموماً إعتبر النسفي أن الله يتجاوز الفهم والادراك هو وراء الوجود والعدم وراء أي سمة أو إسم .
فاستبدل بعض مصطلحات المرحلة الأولى المتمثلة ب " كوني" "قدر " بالسابق والتالي المعرفين بالعقل الكلي والنفس الكلية فكان العقل أول كائن نشأ عن الله بالإبداع فكان اسمه " المُبدع الأول" وذلك من خلال الكلمة حيث يتم تعريف الكلمة أنها الوسيط بين الله والعقل الكلي الذي يعتبر أبدي أزلي مثالي ساكن لا يتحرك تنبعث منه " النفس " وهي ناقصة بالنسبة للعقل تسعى للكمال الموجود في العقل الكلي وهذا السعي للكمال هو سبب نشاطها بالتالي يولد حركتها ونتيجةً لهذه الحركة تنبثق عنها المادة ( الأولى ) الهيولى الكلية وهي التي ينبثق عنها مجالات الكواكب السبعة وكواكبها .

وخلال ثورتها عبر الزمن نشأن العناصر الاربعة " المفردات " وهي (الرطوبة، الجفاف، البرودة، الدفء ) والتي امتزجت لتكون المركبات الاربعة ( الأرض، الماء، الهواء، الاثير ) ومن مزيج المركبات الأربعة كانت النباتية " النفس النامية " ومن النباتات كانت الحيوانات " النفس الحسية " ومن الحيوانات خرج الإنسان العاقل من خلال " النفس العاقلة أو الناطقة " وهذه النفس كونها عاقلة مرتبطة بالنفس الكلية وتسعى سعيها للوصول الى كمال العقل الكلي والعودة اليه .

- انتقد الداعي الإسماعيلي ابو حاتم الرازي النسفي وهو المعاصر له في بعض النقاط وذلك في كتابه الأصلاح فقد إعتبر أبو حاتم أن النفس الكلية مثالية في جوهرها مثل العقل الكلي لكن أفعالها قاصرة بالنسبة للعقل فلا ينشأ عنها كمال في الجوهر .

كما رسم حدوداً بين عالم المُثل والفضيلة والنورانية وبين عالم المادة والظلام والرزيلة كما إعتبر أن المادة لايمكن أن تصدر عن النفس الكلية لان النفس الكلية تنبعث من العقل الكلي وتوافق جوهره الكلي المثالي بالتالي إعتبر أن ما تم إعتباره عند النسفي أنفس جزئية تنبثق عن النفس هو في الحقيقة آثار النفس الكلية وليست أجزائها اي بمعنى آخر النفس البشرية هي آثار النفس الكلية وليست جزءاً منها أي أن جسد الإنسان هو ثمار العالم المادي وليس جزءاً من العالم الروحي المسجون في داخله.

رفض إنتقاد أبي حاتم الرازي للنسفي تلميذ النسفي الداعي الإسماعيلي أبو يعقوب السجستاني 976 م وخصوصاً أنه الممثل الرئيسي للفكر السماعيلي ضمن المدرسة الأفلاطونية المحدثة في كتابه " النُصرة " فقد دافع طيلة أربعين عاماً عن أفكار النسفي لكنه في النهاية إتخذ منحى مغاير لتعاليم استاذه في دعمه فكرة التناسخ metempsychosis وهي الموجودة في الغنوص فقد اعتبر أن الأنفس تمر عبر سلسلة من الولادات وتبقى أسيرة العالم المادي حتى حتى ظهور القائم الذي سيخلص هذه الأنفس من هذه الدورات ويحررها لتعود إلى منشأها العالم الروحي لكن أبو يعقوب قد تخلى عن هذا الجزء الذي يقول بالتناسخ لتعارض هذا الأخير مع الإعتقاد الإسماعيلي الرسمي للدولة الفاطمية الرافض للتناسخ.

- المرحلة الثالثة :
تم إحداث تحول جديد في علم الكونيات الإسماعيلي من قِبل الداعي أحمد حميد الدين الكرماني المتوفى حوالي 1020 م .
حيث تم تحديد علم الكونيات الإسماعيلي بشكل منهجي في كتابه الخالد راحة العقل استندت جزئياً إلى النظرة الفلسفية لمدرسة الفارابي وأخذ في الاعتبار بعض اعتراضات أبو حاتم الرازي على تعليمات النسفي كما إستبدل ازدواجية العقل والروح في العالم الروحي بسلسلة من عشرة عقول.

فكان الكائن الأول الذي نشأ من الله هو العقل الأول عن طريق الإبداع فكان معبراً عن الوحدة والواحد كما إعتبر أن العقل الأول ليس أزلياً لكنه أبدي ساكن بلا حراك لكنه محرك بالتالي هو سبب "علّة" كل الكائنات وكل الافكار والمفاهيم والتي هي " معلولات " .

كما يصفه بأنه حي وقوي ومثالي في جوهره عاقل ذاته لكنه غير عاقل لعلّته التي أوجدته ينبعث منه عقل " العقل الثاني " يسمى المنبعث الأول والمنبعث الثاني " العقل الثالث " على التوالي والإنبعاث هو شعاع ضوء من جوهر العقل بدون نية أساسية من العقل ينبعث عنه والعقل الثاني هو يساوي العقل الأول بالجوهر ما أسماه قائم بالفعل والعقل الثالث هو قائم بالقوة ومن العقل الأول والثاني كان سبعة عقول تمثل الحروف العلوية السبعة أما العقل الثالث كان منه الطبيعة والعالم المادي وهو في الحقيقة من ناحية الجوهر واحد ومن ناحية الفعل والاعمال أشياء عديدة تتكون من اتجاهان يحددان علاقاتان او نسبتان الأولى بإتجاه الكائن من الأول الذي نشأ من خلاله وهي علاقة غير مستقلة أي تعاني تبعية للكائن الأول والأخر نحو الأشياء المتعددة التي نشأت منه وهنا يكون العقل محركاً لجميع الاجسام المادية والطبيعية التي نشأت منه .
اذا يتكون العالم المادي الأعلى من 9 اجرام سماوية تتكون تكون حركتها دائرية في مجالات أو افلاك لا يخضعون للتغير والفساد لا يقبلون أشكالاً غير الأشكال الخاصة بهم ويرتبط كل فلك بالعقول التسعة إبتداءً من الثاني وفق الترتيب :

1 ـ العقل اﻻَوّل لا يرتبط بفلك
2 ـ العقل الثاني = الفلك اﻻَقصى
3 ـ العقل الثالث = فلك الثوابت
4 ـ العقل الرابع = فلك زحل
5 ـ العقل الخامس = فلك المشتري
6 ـ العقل السادس = فلك المريخ
7 ـ العقل السابع = فلك الشمس
8 ـ العقل الثامن = فلك زهرة
9 ـ العقل التاسع = فلك عطارد
10 ـ العقل العاشر = فلك القمر

وكل عقل من هذه العقول حسب التعاليم الباطنية يرتبط بأحد الملائكة ويؤثر على العالم السفلي وعاشر هذه العقول هو القمر العقل الفعال وهو جبريل وهو المسؤول عن عالم المادة والاجسام السفلية.

فالعقل اﻻَوّل حسب الكرماني مركز لعالم العقول إلى العقل الفعّال والعقل الفعّال عاقل للكل وهو مركز لعالم الجسم من اﻻَجسام العالية الثابتة ‏ اﻻَفﻼك ‏ إلى اﻻَجسام المستحيلة المسمّاة عالم الكون والفساد ‏ العناصر اﻻَربعة ".

اذا تتكون المادة الأولى من العالم المادي تحت القمر من العناصر الأربعة وتختلط هذه العناصر تحت تأثير العالم الأعلى وتنشأ من اختلاطها المادة الثانية وهي المعادن والنباتات والحيوانات فالمعادن التي تنتشر في الطبيعية فيها شيء كالنفس فهي تحافظ على جوهرها وفي النباتات تكون الأنفس النباتية " النامية " وفي الحيوانات تكون النفس النامية والنفس الحسية .

الإنسان يمثل " الكون الأصغر " فجسده وروحه تنشأن من الطبيعة لكن روحه تأخذ اتجاهان في الحالة الأولى تختفي وتتوه إن تم فصلها عن الجسد والحالة الثانية مكتفية بذاتها ترجع الى العقل الثالث " المنبعث الثاني " وترقى الى جنتها وهذا يتم من خلال المعرفة الروحية وهذه المعرفة الروحية يستقبلها الإنسان عن طريق الثالوث الجد والفتح والخيال الذين يأخذون معارفهم من اللوح والقلم .
رفض كرماني التناسخ فأنكر أن الروح ترتبط بجسم آخر واعتبر أن النفوس لن تصل إلى وجهتها النهائية في الجنة إلا بعد ظهور القائم وإعلان القيامة والجنة بالنسبة للفهم الإسماعيلي تقع بالقرب من العقل الأول و الجحيم وهو أبعد مكان عن العقل الأول .