قطاعات الكفاح الثوري والشعبي الثلاث في سوريا


غياث نعيسة
الحوار المتمدن - العدد: 5563 - 2017 / 6 / 26 - 03:57
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

أود أن أكتب باختصار شديد عن اطروحة أعمل عليها وادعوا لها منذ فترة، تنطلق من تحليل ملموس للواقع الملموس في سوريا في اللحظة الراهنة .متلمسا الديناميات التحررية الراهنة وتفاوت مستوياتها وتفتتها وخصوصياتها. وكيف يمكن العمل على توحيدها ودفعها الى الامام.
بعد ان كان عام 2012 يتميز بتقاسم للسيطرة على الأرض بين المقاومة والشعبية والنظام. جاء عام 2013 ليرسم انعطافة كبيرة في سياق انحسار الثورة وتقدم الثورة المضادة. حيث تقلصت مساحة سيطرة الثوار على الأرض لصالح قوى الثورة المضادة الرجعية والنظام. وهكذا انحسر الحراك الثوري والشعبي الى حدوده الدنيا.
ويبدو الواقع الراهن لخرائط السيطرة والنفوذ اليوم في سوريا. وهنا لا نتحدث عن تدخلات القوى الامبريالية والاقليمية مثل الاحتلال التركي. فهي قوى غريبة عن البلاد ومحتلة. ولكن نود ان نتحدث عن تلك المحلية . فانها تعكس واقع نتائج سنوات من الحرب والدمار والتغييرات الديمغرافية والاجتماعية والسياسية العميقة التي جرت خلالها.
فقد جرى كما هو معروف تهجير نصف سكان سوريا داخليا وخارجيا. واصاب الخراب بلدات واحياء ومدن كثيرة في سوريا.
ولعل صحيحا القول بان الحراك الشعبي والقوى الثورية قد اصابها انحسار وتراجع متفاوت في اهميته حسب توزع مناطق النفوذ والسيطرة. ولم تعد قطاعات مهمة من السكان تعيش في نفس شروط السيطرة السياسية والاجتماعية.
بمعنى أوضح. يمكننا اليوم ان نلاحظ بان سوريا تنقسم الى ثلاث مناطق للنفوذ والسيطرة السياسية والاجتماعية٬ الأولى هي تلك المنطقة .وهي منطقة غنية بثرواتها وبناها التحتية وكثافة السكان فيها . الخاضعة لسيطرة نظام الطغمة لآل الأسد. وفي هذه المنطقة يوجد حراك شعبي ما يزال خافتا ولكنه ينذر بالتفجر وله دينامياته وخصوصيته وقواه الشعبية والسياسية. وهو ما يمكن ان نصفه بالقطاع الاول للحراك الثوري و الشعبي. والمنطقة الثانية. هي تلك المناطق التي تسيطر عليها القوى الرجعية الاسلامية المتعددة الاسماء. والسكان فيها يتعرضون الى قمع متعدد الاشكال من قبل القوى الرجعية. ومن قصف متكرر عليها من النظام وقوى امبريالية. ويبرز فيها حراك شعبي. ضد القوى الرجعية والنظام في آن معا. له دينامياته وخصوصيته وقواه الاجتماعية والسياسية هو الاخر. وهو ما يمكن ان نصفه بالقطاع الثاني للحراك الشعبي. وفي شمال سوريا تدور تجربة الادارة الذاتية التي تنمو وتتمدد منذ عام 2012. وفيها ينمو نمط جديد وتحرري لسلطة سياسية واجتماعية جديدة. ولكنها ما تزال تنحصر بشكل اساسي في مناطق التواجد الكردي. وان بدأت مؤخرا في التمدد خارجه. وهو ما يمكن ان نصفه بالقطاع الثالث للحراك الثوري والشعبي في سوريا بقواه السياسية والاجتماعية.
هذه القطاعات الثلاث. تتعرض لسيطرات وضغوط مختلفة ومتنوعة ولها دينامياتها الخاصة والمتفاوتة . وتبدو منفصلة عن بعضها البعض. وهي في الواقع وللاسف كذلك حتى الآن. ولهذا السبب فان ارادة رسم مستقبل اكثر تقدمية لبلادنا وايضا الحاجة لبناء قيادة ثورية بديلة عن الاشكال البرجوازية المهترئة القائمة وارساء بديل تقدمي له صدقية وجدية عن نظام الاستبداد والقوى الرجعية . وهما حاجتان متلازمتان. يتطلبان توحيد ودمج الحراك الثوري والشعبي في القطاعات الثلاث المذكورة. ممثلة بقواها التقدمية والشعبية الثورية. ولأن تجربة الادارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية في الشمال السوري يمتلكان هذه الامكانية الواقعية والدينامية الداخلية لتحقيق ذلك . فانه يمكن اعتبارهما نقطة ارتكاز لالتقاء القوى الثورية والتقدمية في القطاعات الثلاث. لكن ذلك يتطلب .من وجهة نظرنا. ان يقوم مجلس سوريا الديمقراطية بتحقيق اعادة هيكلة مكوناته لتعبر عن هذه الارادة وبحيث تكون قادرة على حمل هذا البرنامج الكبير والموحد والبديل. وبذلك يستطيع مجلس سوريا الديمقراطية ان يتحول الى تلك القيادة المنشودة .انه رهان يستحق ان نخوض تجربته بكل حماس واخلاص من اجل تحرر شعبنا في كل قطاعاته الثلاث التي سيعاد توحيد كفاحها وربط مصيرها المشترك وتخليصها من كل استغلال او استبداد اواحتلال او وصاية. وفتح افاق مستقبل تقدمي واكثر انسانية لشعبنا وبلادنا.