سوريا: انتخابات -على بحر من الدماء-


غياث نعيسة
الحوار المتمدن - العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 16:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

سوريا:
انتخابات "على بحر من الدماء"

غياث نعيسة

جرت الانتخابات الرئاسية في سوريا في 3 حزيران بمشاركة مرشحين "غير معروفين" الى جانب الدكتاتور، مرشحان افتقدا الجرأة على الكتابة بأنهما مرشحان للرئاسة على لافتاتهما الانتخابية.
ما هو بعد أسوأ من ذلك ، ان الانتخابات اقتصرت على المناطق التي يسيطر عليها الجيش النظامي، انتخابات يطغى عليها طابع الاستفتاء المعهود أعطت للدكتاتور الحالي 88،7 ٪-;- من الأصوات . في الوقت الذي لم تتوقف فيه البراميل ، خلال الفترة الانتخابية، عن السقوط على المناطق "المحررة " ، ولم يعد النظام يجد حرجا في قصف سكانه بالغاز، ولكن هذه المرات بغاز الكلور، وكان اخر استخدام له ضد مدينة عربين في ريف دمشق في الرابع من حزيران الجاري.
في حين باتت فيه القوى العظمى تتصرف و كأن الدكتاتور أصبح يشكل جزءا من أي حل "سياسي"، طبعا مع استمرارها باللغو بأن لا مكان له في "مستقبل" سوريا. وتأتي ، في هذا السياق، التصريحات الاخيرة، في 4 حزيران، للسفير الامريكي السابق في دمشق روبرت فورد ، والذي يجدر بالإشارة انه كان مسؤولا عن ملف المعارضة، ليقول بأن إدارته لم تقدم دعما" يسمح بان يكون مؤثرا على الأرض" ، مشيرا الى انه لم مطروحا رحيل الأسد بل " التهديدات المتزايدة للمتشددين".
وعلى هذا الصعيد، تشهد الحلبة الدبلوماسية الإقليمية والدولية تنشيطا واضحا ؛ لقاءات أمريكية - إيرانية و إيرانية - سعودية ... الخ، الهدف منها هو التوصل الى تفاهمات بين القوى الإقليمية والدولية الكبرى بما يسمح بإخماد اللهيب الثوري في المنطقة والمحافظة على بقاء أنظمة الحكم القائمة ومن بينها النظام السوري، مع اقتصار طلبهم من الطاغية على تشكيل حكومة موسعة تضم "معارضين".

الثورة والثورة المضادة والمقاومة الشعبية

تتكون الثورة المضادة من أطراف عدة، فعلاوة على النظام وميليشياته المتعددة، هنالك العديد من المجموعات الجهادية التي تقمع الجماهير الشعبية والثورية في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، كما انها تتقاتل فيما بينها على الثروات ولا سيما آبار النفط.
في الوقت الذي يشهد فيه الحراك الشعبي، ان كان سلميا ام مسلحا، تراجعا واضحا منذ نهاية العام الفائت. وهذا الحراك الثوري يجد نفسه وحيدا في مواجهة العديد من الأعداء ، بغياب لحركة تضامن معه فعلية وناجعة.
ما يعني، أنتا نعيش في مرحلة تتسم بتقدم للثورة المضادة وانحسار للحركة الثورية، وهذا الأمر لا يقتصر على سوريا وحدها. وبالرغم من ذلك، فانه سيكون متهورا الآن الحديث عن هزيمة للثورة، فالجماهير السورية أخذت تستعيد الشعارات الأصيلة للثورة الشعبية وتتخلص ، بشكل واسع ، من أية أوهام لديها حول الحركات "الاسلامية" ، من أجل سوريا حرة وديمقراطية لكل السوريين ومن أجل المساواة والعدل الاجتماعي. وما تزال المظاهرات وأشكال اخرى للاحتجاجات مستمرة ، كما يجري في مدينة الرقة ، وخاصة في شهر نيسان الماضي، ضد تواجد داعش. او الإضراب العام في مدينة منبج في شهر آيار الفائت. وأيضاً ، لم تتوقف الاحتجاجات في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام ؛ فقد قامت عدد من التنسيقيات بإجراء انتخابات بديلة في 3 حزيران يكون المرشحين فيها هم شهداء الثورة الشعبية ، ولا سيما غياث مطر الناشط السلمي من مدينة داريا الذي أعتقل في 6 أيلول 2011 واستشهد تحت التعذيب. لقد حظت هذه الانتخابات البديلة بنجاح كبير، لكن وسائل الاعلام المهيمنة تجاهلتها تماماً .
وفي رد على مهزلة انتخابات النظام، شهدت البلاد أيضاً العديد من المظاهرات في 6 حزيران تحت شعار : هذه ليست انتخابات انها "مسرحية على بحر من الدماء".
اليسار الثوري في سوريا منخرط بشكل نشط، وان كان في شروط شديدة الصعوبة وفي مواجهة العديد من الأعداء ، في كل أشكال النضالات الشعبية ، تلك التي تجري في المناطق "المحررة" او في تلك التي تجري في المناطق التي تقبع تحت سيطرة النظام.

الثورة المضادة تحرز تقدما
ولكن الثورة تقاوم وتستمر !