سوريا : وحدة النضالات من أجل الحرية والديمقراطية


غياث نعيسة
الحوار المتمدن - العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 21:45
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

تستمر مدينة كوباني الكردية, التي تقع في شمال سوريا, في مقاومة الهجوم الوحشي الذي يشنه التنظيم الرجعي المسمى بداعش, وذلك منذ أكثر من شهر. وانتقل فيها المقاتلون, الكرد في وحدات حماية الشعب اضافة الى عدد من كتائب الجيش الحر, من وضع دفاعي الى وضع هجومي, مما سمح لهم بطرد قوات داعش من بعض الاحياء التي كانت قد سيطرت عليها الاخيرة خلال معارك الاسبوع الفائت.
واعلنت كلا من قيادة وحدات حماية الشعب الكردية وايضا الادارة الامريكية, قبل يومين , عن القاء اسلحة وذخائر للمقاتلين الكرد في المدينة.

مدينة رمز للمقاومة

لا تمتلك كوباني, هذه المدينة الكردية الصغيرة, اهمية استراتيجية فعلية, لكنها تحولت بفضل شجاعة مقاتليها الى رمز للمقاومة في مواجهة همجية قوات داعش. واصبحت , وقبل اي شيء اخر, مثالا . لانها المدينة الاولى التي لم تسقط وتنهار امام هجوم وارهاب الجهاديين. كما انها تلك المدينة التي تدافع عنها جماهيرها. و تعطي مقاومة كوباني نموذجا حيا عن مدى قدرات الجماهير المسلحة والمنظمة في الدفاع عن حريتها وكرامتها, وتعيد , بالتالي, على جدول اعمال السيرورة الثورية , برنامج الثورة الشعبية الاصيل : ضد النظام الدكتاتوري وضد القوى الرجعية للثورة المضادة.
لقد جاء بيان القيادة العامة لوحدات حماية الشعب الكردية في 19ت1 - اكتوبر ليؤكد هذا الانعطاف والتحول, مؤكدا ان «  كوباني تشكل نقطة انعطاف تاريخية والنتيجة سترسم ملامح سوريا المستقبل والنضال الديمقراطي لاجل الحرية والسلام » كما اعاد هذا البيان التشديد على ان هذه «  المقاومة ( في كوباني) التي تبديها وحداتنا YPG وفصائل الجيش السوري الحر كفيلة بدحر ارهاب داعش … وبناء سورية ديمقراطية حرة… كان اساسا للاتفاقيات المبرمة مع فصائل الجيش الحر. كما نرى بان نجاح الثورة مرهونة بتطوير هذه العلاقة بين كل الفصائل والقوى الخيرة في هذا الوطن » .

مصير كل من الشعب الكردي والسوري مرتبطان

انها المرة الاولى التي تقر فيها, وبهذا الوضوح, وحدات حماية الشعب الكردية بكفاحها المشترك مع الفصائل الديمقراطية من الجيش الحر, التي لا يجب الاستهانة بحجم الاخيرة في المقاومة الشعبية المسلحة.
والحال, فان التجربة قد اثبتت ايضا ان تحرر الشعب الكردي مرتبط بشكل وثيق بتحرر الشعب السوري باكمله من الدكتاتورية ومن الثورة المضادة ومن الهيمنة الامبريالية.
ورغم كل الضجيج الاعلامي والادعاءات , لم تقدم الامبريالية الامريكية وحلفائها للفصائل الديمقراطية في الجيش الحر الا القليل من السلاح, الذي بالكاد قد يسمح بعدم سحقهم تماما من قبل قوات النظام. وبقيت كل طلباتها بالتسلح ولاسيما بمضادات الدبابات والطائرات,تقريبا حرفا ميتا, وبلا جدوى. في المقابل, فان هذه الدول الامبريالية وحلفائها الاقليميين يعملون على بناء جيش جديد من خمسة الاف مقاتل خاضع لها ولأوامرها, مما يسمح لها, عندما يحين الوقت « للانتقال المنظم » مع نظام الاسد, بتحسين شروط مفاوضاتها لزيادة نفوذها في البلاد.

السيرورة الثورية مستمرة

منذ قرابة ثلاثة اسابيع والعيون تحدق على كوباني, في الوقت الذي يتابع فيه النظام السوري حربه التي تزداد وحشيتها ضد السكان ومقاتلي الجيش الحر في المناطق الثائرة : فحصاره لحلب يوشك ان يكتمل, كما ان قواته حققت تقدما واضحا في ريف دمشق ( الغوطة) , وتقوم قوات النظام بقصف وحشي ومجرم ضد حي الوعر في حمص منذ اسبوعين مستخدمة فيها مختلف انواع الاسلحة ومن بينها صواريخ ارض - ارض في ظل صمت اعلامي مطبق.
في مثل هذه الظروف الشديدة القسوة , تتابع الجماهير السورية نضالاتها من أجل تحررها, فقد رفعت في مظاهرات يوم 17 ت1 - اكتوبر , ولا سيما في حلب , شعارا رائعا في تعبيرة عن طبيعة الثورة هو «  ثورتنا ثورة شعبية » . وتشهد النقاشات والحوارات التي تجري بين العديد من التنسيقيات الثورية القاعدية تقدما ملحوظا حول برنامج ديمقراطي ومناهض للطائفية, ومن أجل توحيد ومركزة نشاطاتها على الصعيد الوطني.
نشهد . اذن, اعادة اصطفاف جديدة للقوى السياسية والاجتماعية في هذه المرحلة من السيرورة الثورية الجارية, تستند على اهم خبرات ودروس السنوات الاربع الماضية للثورة, ومن اهمها حقيقة ان وحدة نضالات القوى الديمقراطية والتقدمية شرط لازم من أجل انتصار الثورة الشعبية.

21 ت1 - اكتوبر 2014
———
المقال نشر بالفرنسية بتاريخ 22 اكتوبر في جريدة انتي كابتاليست, للحزب الجديد المناهض للرأسمالية الفرنسي.