الجزائر بلد مريض على فوهة بركان


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 14:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في لقاء مع أسبوعية ماريان الفرنسية (عدد من 21 إلى 27 فبراير 2014) وصف الكاتب الجزائري ياسمينة خضرة الأوضاع في الجزائر بالكئيبة جدا و انتقد بشدة نظام الحكم الذي أوصل الجزائر إلى الهاوية. و يتساءل عن أسباب الفشل الذريع و الجزائر تملك كل المقدرات المادية و البشرية الضرورية لتكون بلدا مستقرا ومزدهرا وطموحا. و أمام هذا الوضع الكارثي لا يجب على الكاتب أن يبقى مكتوف الأيدي فهو قبل كل شيء إنسان و مواطن. بلد بدون ثقافة يقول الكاتب هو بلد آيل إلى الحيوانية و من المنطقي إذن أن أدخل المعركة كمثقف من أجل علاجه. و لئن هزمت الاصولية عسكريا في الجزائر ، فتبدو أنها كسبت المعركة مجتمعيا و سلوكيا ، فكيف يمكن إلحاق هزيمة حاسمة بهذا العدو الذي يسمى الظلامية و الذي حاربه الكاتب في الميدان مدة 7سنوات حيث كان ضابطا في الجيش الجزائري؟ يرى صاحب محاولة اغتيال أن أصل الانحراف يعود إلى عوامل كثيرة من بينها إهمال الشباب و اغتيال كل أحلامهم و انعدام مشروع مجتمعي حقيقي. و إذا أردنا أن نقضي على الاصوليين علينا بإعادة الامل إلى الجزائريين و البرهنة لهم أن الجنة هي بين يدي الإنسان في دنياه و ليس في نهاية حياته. و يرسم ياسمينة خضرة لوحة داكنة عن بلده : أنا عائد من رحلة طويلة في ربوع الجزائر قطعت فيها 10.000 كلم ، و قد رأيت إهمالا و عدم اكتراث لا يخطران على بال. وجدت الجزائر مريضة و الناس فيها مصدومين منخورين. و من المفارقات أن تجد علامات ذلك الانسحاب بادية أكثر على وجوه المثقفين ووجهاء القوم. أما الطبقات الشعبية فلا تزال تنتظر شيئا ما و لكن لا تعرف كنهه! في كل مكان، في و هران و تيزي وزو و بشار و باتنة و سطيف و قسطنطينية ، من شرق البلاد إلى غربها، هناك مناطق منكوبة تماما. قرى مغبرة لا حياة فيها و أناس هائمون على وجوههم. كل شيء مهمل مهجور . لنأخذ الطريق السيار شرق غرب الذي أسال كثيرا من الحبر: الجزء الشرقي منه كارثي ، كدت أن أجد فيه حتفي. في مكان ما موضع كان الجدار العازل بين الاتجاهين مخربا و لم يكن هناك أدنى إشارة و اختلط الحابل بالنابل و لا أحد بات يعرف طريق الغرب و لا الشرق فكادت شاحنة سريعة أن تجعل من السيارة التي كنت على متنها حطاما. و يبقى هذا الطريق من أهم الفضائح المالية التي عرفها البلد في السنوات القليلة الماضية. هذا البلد محتاج إلى مشاريع ملموسة و دائمة عكس تلك المشاريع المتعملقة الموجودة في في كل مكان و التي سرعان ما تتحول إلى خراب بعد تدشينها . يجب تجاوز تدشين المستشفيات غير المجهزة . لقد شاهدت بأم عيني انعدام الروح الانسانية الصارخ: استقبال مقزز، ندرة أدوية حيوية تتسبب في وفيات يومية. أما الجامعات فلا تكوّن إطارات الغد حسب الكاتب المترشح كما يرى أن المدرسة منكوبة تماما . و يلاحظ أن الشباب الجزائري يتهالك و هو يتكئ على الجدران. و بشكل عام يشعر الجزائري أنه يعيش في أرض ليست أرضه إذ لا يجد لا الأذن الصاغية و لا القلب الرحيم .
و هذا الشعب الرائع المتعدد الأعراق يحتاج إلى رجل يضع الجزائر فوق رأسه لا تحت قدميه. و عن دور الجيش في الجزائر يقول الضابط السابق أن مكان العسكر الطبيعي هو في الثكنات و مهمته الاساسية هي حماية التراب الوطني. و بالإضافة إلى ذلك فدوره يمكن أن يكون أيضا الدفاع عن الدستور . فلو كان للجيش الجزائري القدرة الحقيقية لما كان سمح أبدا لبوتفليقة خرق الدستور ليتسنى له حكم الجزائر لعهدة ثالثة.