أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلياس سعادة - نبيل الهلالي قديس اليسار














المزيد.....

نبيل الهلالي قديس اليسار


إلياس سعادة

الحوار المتمدن-العدد: 8317 - 2025 / 4 / 19 - 18:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في صيف عام 1922 وُلد نبيل نجيب الهلالي، الابن الوحيد لرئيس الوزراء المصري الأسبق نجيب باشا الهلالي، وأحد أبرز أعلام القانون والسياسة في النصف الأول من القرن العشرين. نشأ نبيل في بيت أرستقراطي، إلا أن خط حياته اختار مسارًا مختلفًا تمامًا، فصار نموذجًا نادرًا لليساري الزاهد الذي حمل قضايا المقهورين طوال حياته.

من مقاعد القصر إلى مدرجات الجامعة

رغم مكانة الأسرة، أصر نجيب باشا حين كان وزيرًا للمعارف أن يُلحق ابنه بالتعليم الحكومي، فابتعد عن المدارس الأجنبية ليتشرب نبيل منذ صغره الحياة المصرية الحقيقية. وفي كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا) سنة 1944، التقطته أفكار الاشتراكية، وانضم مبكرًا إلى تنظيم "إسكرا" قبل اندماجه في حركة "حدتو" (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني).

كان والده من أشد معارضي الشيوعية، ما جعل نبيل يخفي نشاطه لفترة، لكن الصحفي مصطفى أمين كشف أمره، مما اضطره إلى ترك بيت العائلة، ومكتب والده للمحاماة، وبدء قطيعته الكبرى مع الطبقة التي وُلد فيها.

الحب خلف القضبان

ارتبط نبيل بالمناضلة فاطمة زكي، طالبة كلية العلوم، وتزوجا في يوليو 1958، قبل أن تداهمهما حملة اعتقالات واسعة مطلع 1959. أُودع نبيل في معتقل أبي زعبل، ثم لحقت به زوجته إلى سجن القناطر. وتروي فاطمة كيف تلقت "أجمل رسالة حب" على شكل زلطة نُقش عليها اسماهما، ألقاها أحد الحراس داخل العنبر.

قضى نبيل سبع سنوات في المعتقل، سلوكًا ومبدأ، لا شكوى ولا تذمر. ووفق شهادة عبد العال البسطويسي، أحد العمال المعتقلين معه: "الأستاذ كان يرفض أن يعفي نفسه من أي مهام، ويقوم بتنظيف دورة المياه كأي سجين آخر."

الحقوقي الذي صار ضميرًا

أُفرج عنه عام 1964، ليعود إلى مكتبه الذي أسسه مع المحامي بولس لطف الله عام 1954. وانطلق في مسيرة حافلة بالدفاع عن قضايا العمال والحريات، فكان حضوره القانوني لافتًا في قضايا بارزة مثل:

قضية انتفاضة يناير 1977

قضايا التنظيمات اليسارية

إضراب عمال السكك الحديدية

قضايا تنظيم الجهاد واغتيال الدكتور رفعت المحجوب


كما شارك في تأسيس "لجنة الدفاع عن الحريات" بنقابة المحامين، مع زكي مراد ومحمد فهيم أمين، مما رسّخ مكانته كرمز في النضال الحقوقي.

من حلم الحزب إلى خيبة الخلاف

في 1975، انضم مع رفاقه من "حدتو" إلى الحزب الشيوعي المصري، لكنه انسحب لاحقًا على خلفية صراعات فكرية وتنظيمية. وفي 1987 أسس مع مجموعة من المفصولين "حزب الشعب الاشتراكي". لم يتوقف حلم توحيد اليسار، فطرح في 2006 ورقة دعوية لتأسيس "اتحاد اليسار" لتجميع الشتات.

الزاهد الذي لم يركب سيارة

على المستوى الإنساني، كان الهلالي مثالا نادرًا لما يمكن أن نسميه "الزاهد الاشتراكي". لم يمتلك يومًا شقة تمليك أو سيارة، وظل يستخدم المواصلات العامة حتى آخر أيامه. عاش في شقة متواضعة بالإيجار، ورفض الميراث، وفاءً لوصية والده، بل لم يفكر فيه أصلًا.

في جنازته التي خرجت من مسجد عمر مكرم، هتف رفاقه والمحبون:
"الوداع يا هلالي، يا حبيب الملايين... عاش كفاح الطبقة العاملة، عاش كفاح الشيوعيين."

توفي نبيل الهلالي في 2006 عن عمر ناهز 84 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا من النضال، والإنسانية، والنزاهة.


---

مصادر ومراجع:

1. عبد الغفار شكر – مذكرات اليسار المصري، دار العين للنشر


2. فاطمة زكي – شهادتها في حوار منشور بصحيفة "الأهالي"، عدد 2007


3. "اليسار المصري بعد 1952" – دراسة للدكتور رفعت السعيد، المجلس الأعلى للثقافة


4. أرشيف نقابة المحامين المصرية – لجنة الدفاع عن الحريات


5. حوارات مصطفى أمين – الأهرام، أرشيف ديسمبر 1958


6. شهادة عبد العال البسطويسي – حوار مع جريدة "البديل"، عدد خاص عن المعتقلين السياسيين، 2006



#إلياس_سعادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات اشتراكية -علاء عبد الفتاح، والثورة المستمرة-
- شخصيات اشتراكية٥--- -ليلى سويف المعركة الأخيرة-
- شخصيات اشتراكية -٤
- شخصيات اشتراكية ٣
- شخصيات اشتراكية 2
- شخصيات اشتراكية


المزيد.....




- -رسالة جريئة-.. وزير الدفاع الهندي يعلق على هجوم بلاده ضد با ...
- غضب أم مفجوعة: فيلة تهاجم شاحنة قتلت صغيرها في حادث مروع بما ...
- جولة رابعة -أكثر جدية- من المحادثات النووية الإيرانية في عُم ...
- بغداد.. استعدادات لاحتضان القمة العربية
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا بالإخلاء لـ3 موانئ في اليمن
- الجزائر.. الروس يحتفلون بعيد النصر
- دميترييف: ترامب محق بأنه يتوجب على أوكرانيا أن توافق على الم ...
- زاخاروفا: بيان بوتين بشأن محادثات إسطنبول يحمل جميع شروط بدء ...
- خبير بولندي: اقتراح بوتين مفاوضات إسطنبول هو الفرصة الأخيرة ...
- مصرف سوريا المركزي يعلن السماح بسحب غير محدود من الحسابات وا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلياس سعادة - نبيل الهلالي قديس اليسار